عون: أزمة الحكومة كبرت ونبحث عن «أم الصبي»

الرئيس ميشال عون يلقي كلمة أمام وفد زاره في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون يلقي كلمة أمام وفد زاره في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
TT

عون: أزمة الحكومة كبرت ونبحث عن «أم الصبي»

الرئيس ميشال عون يلقي كلمة أمام وفد زاره في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون يلقي كلمة أمام وفد زاره في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)

اعتبر الرئيس اللبناني ميشال عون أن أزمة الحكومة لم تعد صغيرة لأنها كبرت، في وقت تتراوح فيه المواقف حيال تأليفها وتحديدا تلك المتعلقة بالعقدة السنية في مكانها مع تمسّك «حزب الله» بمطلب تمثيل «نواب سنّة 8 آذار»، ورفض رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
وقال عون خلال استقباله المشاركين في سباق البدل السنوي لعيد الاستقلال والوفد الإداري والتنظيمي «نجتاز اليوم أزمة تأليف الحكومة التي لم تعد أزمة صغيرة لأنها كبرت. وهي أزمة يحضرني فيها حكم سليمان الحكيم يوم أتت إليه امرأتان مع طفل وكل منهما تدّعي أنّها أمه. وبعد جهد جهيد، قال إنه سيحكم بالعدل بينهما بأن يتم تقطيع الطفل إلى قطعتين لكل واحدة قطعة. فصرخت إحداهن: لا تقتله بل اعطه كلّه إلى الأخرى، فعرف سليمان عندها من هي الأم الحقيقية. ونحن اليوم نريد أن نعرف من هي أم لبنان لكي نعطيها لبنان. وسأكتفي بهذه الكلمة الموجزة».
وجدّد «حزب الله» على لسان رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد، تمسّكه بتمثيل النواب السنّة. وقال: «اتفق 6 من 10 نواب من الذين انتخبهم الناس من أبناء الطائفة السنية ومثلوا شريحة واسعة منها أن يتمثلوا في الحكومة، وهذا حق لهم وتمثيلهم ليس منة من أحد، ولم يقدر أحد أن يتجاوزهم».
وأمل رعد في «أن تتشكل الحكومة في أسرع وقت، والمسألة مرتبطة بحسن النية وليست مسألة حسابات، لأنه إذا أردنا أن نفعل حسابات بحسب حق الناس بالتمثيل فتكون الحسابات خاسرة لجهة الطرف الذي لا يرضى بالتمثيل، دعونا نعمل حسابات النيات، فحسنوا نياتكم تصلون للحلول».
في المقابل، اعتبر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في حديث إذاعي أنه لا إمكانية لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وعن اقتراح «الكتائب» للخروج من الأزمة الحاصلة على صعيد تأليف الحكومة، قال: «كررنا ونكرر للمرة الألف، بالنسبة إلينا هناك عدم إمكانية لتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها كل الأحزاب السياسية بكل تناقضاتها، من هنا طرحنا عدم تأجيل التشكيل وتأليف حكومة اختصاصيين، وفي هذا الوقت يحل الأطراف المتخاصمون مشكلاتهم بهدوء ويتفقون على النقاط الخلافية من خلال حوار في مجلس النواب، إنما هذا يجب ألا يوقف تشكيل الحكومة لأن لبنان يحتاج إلى حكومة تقوم بدورها وتعالج مشكلاته وتنقذ الناس من الكارثة الاقتصادية والاجتماعية التي نتعرض لها اليوم».
من جهته، قال أكرم شهيب، النائب في «الحزب التقدمي الاشتراكي» إن أزمة تشكيل الحكومة دخلت شهرها السابع، فيصبح التساؤل عما إذا كانت هذه الحكومة ستولد سباعية بعملية قيصرية أو بولادة طبيعية أم علينا الانتظار حتى الشهر التاسع وما بعده، كل ذلك والشروط والمعايير والتجمعات المصطنعة التي تحولت إلى عقد ساهمت ولا تزال في تأخير التشكيل وتعطيل عمل المؤسسات، مع التأكيد بأنه حتى لو تشكلت فإن أمامها مهام صعبة، إن لم أقل أكثر».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.