«المنطقة الخضراء» تستقبل البغداديين بالتقسيط

السلطات تعيد فتح بعض مداخلها اليوم

TT

«المنطقة الخضراء» تستقبل البغداديين بالتقسيط

على مدى الأعوام الخمسة عشر الماضية، شكلت «المنطقة الخضراء» شديدة التحصين في جانب الكرخ من العاصمة العراقية بغداد عقدة لعامة العراقيين لسببين رئيسيين؛ الأول هو تحصينها الشديد كون ساكنيها هم من كبار المسؤولين، بالإضافة إلى ما تضمه من مقرات رسمية (القصر الحكومي الذي يضم مكاتب رئيس الوزراء) والبرلمان وعدد آخر من الدوائر والمؤسسات المهمة. أما السبب الثاني فهو إغلاق طرق رئيسية تربط جانبي الكرخ والرصافة؛ الأمر الذي كان له تأثيره البالغ على ما تشهده العاصمة بغداد من زحامات مرورية.
الدخول إلى المنطقة الخضراء ليس متاحاً لعامة المواطنين، إلا لمن يحمل بطاقة خاصة، وهو لا يشمل إلا فئة قليلة من المسؤولين أو الكوادر في بعض المؤسسات المهمة.
في عام 2014 وفي بداية تسلمه منصبه رئيساً للوزراء، حاول حيدر العبادي «التحرش» بالمنطقة الخضراء لجهة فتحها أمام المواطنين. وبالفعل افتتح إحدى طرقها، واستقبل بنفسه العشرات من سيارات الأجرة والخصوصي التي صدّق سائقوها أن «الخضراء» لم تعد خضراء. ولم تمر سوى ساعات حتى صدرت الأوامر بغلق هذه الطريق اليتيمة.
وفي تبرير ذلك قيل إن السفارة الأميركية ضغطت على العبادي لأنها تخشى وضع العاملين فيها بسبب هشاشة الوضع الأمني، على الرغم من أن للسفارة الأميركية منطقة خضراء خاصة بها داخل المنطقة الخضراء.
أعيد غلق المنطقة، وظلت كذلك حتى عاود رئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي «التحرش» ثانية بها حتى قبل نيل حكومته الثقة. وكانت أول دعوة له هي فتح المنطقة الخضراء أمام كل العراقيين. ولكي يبدأ بنفسه قرر نقل مكاتبه رئيساً للوزراء إلى خارج المنطقة، إلى مبنى حكومي قديم بني كالعادة في عهد صدام حسين، وكان مقراً للمجلس الوطني القديم.
الإجراءات الخاصة بفتح «الخضراء»، التي يفترض أن تكون جاهزة لاستقبال المواطنين بدءاً من اليوم، مستمرة منذ أيام، طبقاً لما يقوله حكيم عبد الزهرة، مدير عام العلاقات والإعلام في أمانة بغداد، لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف أن «كوادر الأمانة أنجزت إكمال فتح الطرق التي ستفتح حتى الآن، وهي طريق التشريع الرابطة بين جسر المثنى ومنطقة علاوي الحلة وصولاً إلى الجسر المعلق، وكذلك الطريق التي تمر من شارع الزيتون»، مبيناً أن «العمل جارٍ لإعادة تأهيل بوابات الطرق التي كانت مغلقة طوال 15 عاماً، ورفع الصبات الكونكريتية وصبغ الأرصفة وغيرها من المستلزمات». وحول ما إذا كان الموعد النهائي للافتتاح هو اليوم، قال عبد الزهرة إن «كوادرنا أنجزت العمل والطرق باتت جاهزة لكن القرار بيد الحكومة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».