المطاعم في مواجهة حساسيات الطعام القاتلة

وفاة فتاة على متن طائرة يعيد فتح الملف

المطاعم في مواجهة حساسيات الطعام القاتلة
TT

المطاعم في مواجهة حساسيات الطعام القاتلة

المطاعم في مواجهة حساسيات الطعام القاتلة

تناولت الفتاة ناتاشا عدنان - لابروس (15 سنة) سندويتشاً بعد قراءة محتوياته جيداً من محل مشهور في الصالة الخامسة لمطار هيثرو في لندن ثم صعدت إلى طائرة الخطوط البريطانية في رحلة مع والدها نديم عدنان إلى مدينة نيس الفرنسية يوم 17 يوليو (تموز) 2016. ولكنها أصيبت خلال الرحلة بنوبة حساسية انهارت على إثرها. وفي المستشفى في نيس لفظت ناتاشا أنفاسها الأخيرة إثر سكتة قلبية. والسبب كان احتواء السندويتش القاتل على حبات سمسم لم تكن مذكورة ضمن المحتويات. وكانت ناتاشا تعاني من حساسية مفرطة من السمسم.
وفي التحقيقات التي جرت بعد ذلك تبين أن المحل نفسه ارتكب 21 قضية حساسية طعام في العام السابق لموت ناتاشا، تسع حالات منها كانت لحبوب السمسم. ولكن الحالات السابقة تم علاجها في المستشفيات وإنقاذ أصحابها، ولكن حظ ناتاشا التعيس أن وجودها داخل طائرة لم يتح لها فرصة النجاة.
حالة ناتاشا لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، حيث حالات الحساسية من بعض أنواع الأطعمة منتشرة بين كثير من الأشخاص، ولكن عدم الوعي بها يؤدي إلى نوبات إعياء وانهيار وأحياناً إلى الوفاة إذا لم يتم تحديد نوع الحساسية وعلاجها في الوقت المناسب.
الحساسية من بعض أنواع الطعام ما زالت لا تعامل بالجدية اللازمة، رغم خطورتها. فمنها من يسبب تورم العينين والوجه ومنها ما قد يسد القصبة الهوائية من التورم ويؤدي إلى الاختناق. وتقول إدارة خدمات الصحة البريطانية في تعريف الحساسية من الطعام إنها تحدث عندما «يتعامل نظام المناعة في الجسم بأسلوب دفاعي غير عادي مع أطعمة بعينها». ورغم أن رد الفعل يكون معتدلا في معظم الاحيان فإنه يمكن أن يكون خطرا على الحياة في حالات أخرى.
وفي معظم حالات الحساسية، وفقا لإدارة خدمات الصحة البريطانية، تبدأ الأعراض بشعور غريب في الفم واحمرار في المنطقة المحيطة يعقبه ورم في العينين والوجه والشفاه واللسان وسقف الحلق ثم شعور بالغثيان والتقيوء. وفي الحالات الخطرة التي تسمى (anaphylaxis) يشعر المصاب بضيق في التنفس وإغماء ويتطلب نقله إلى المستشفى فورا.
وتضيف الإدارة البريطانية أن نظام المناعة في الجسم يهاجم أحياناُ بروتينات موجودة في بعض الأطعمة على أنها خطر يجب حماية الجسم منه. ومن الممكن أن يتسبب أي نوع من الطعام في رد فعل مماثل ولكن بعض الأطعمة تتسبب في معظم حالات الحساسية.
وفي حالة احتواء الأطعمة على أحد 14 نوعا من الأغذية التي تتسبب في معظم حالات الحساسية لا بد لمنافذ بيع الأطعمة الإعلان عنها في المحتويات. وتشمل هذه المحتويات كلاً من الحليب والأحياء البحرية والترمس والأسماك والبيض والصويا والفول السوداني والقمح والمكسرات والسمسم والمسطردة والأصداف البحرية ومادة السلفات (ثاني أكسيد الكبريت).
وفي الأطفال تتسبب في معظم أنواع الحساسية بعض أنواع الاطعمة مثل الحليب والبيض والفول السوداني والسمك. وترى إدارة الصحة البريطانية ارتباطا قويا بين الحساسية من الطعام في الأطفال وبين إصابتهم بمرض الإكزيما في طفولتهم.
أما في الكبار فإن حالات الحساسية الأكثر شيوعا هي من الفول السوداني والمكسرات والفواكه مثل التفاح أو الخوخ ومن السمك والأحياء المائية مثل الجمبري واللوبستر والكابوريا. وتعتبر بعض الحالات مثل الربو وأعراض الحمى من حبوب اللقاح في الربيع من حالات الحساسية أيضا. وفي أميركا وحدها يوجد نحو 15 مليون نسمة ممن يعانون من حساسيات الطعام بأنواعها. ويذهب عدة آلاف من هؤلاء إلى المستشفيات من آثار هذه الحساسية بينما تصل حالات الوفاة من حساسيات الطعام في أميركا سنويا إلى ما بين 150 و200 حالة.
- مسؤولية المطاعم
أكثر من نصف حالات الحساسية القاتلة في أميركا تحدث في المطاعم كما أن واحدا من كل ثلاثة من الذين يعانون من حساسية الطعام واجهوا مشكلات صحية في المطاعم. ويقول المركز الأميركي لمنع الأمراض والتحكم فيها إن معظم المطاعم الأميركية تعلن عن محتويات الوجبات التي تقدمها ولكن عليها أن تقوم بالمزيد في هذا المجال من أجل خفض مخاطر حساسيات الطعام.
من الإجراءات المطلوبة من المطاعم تدريب العاملين فيها على كيفية التعامل مع حساسية الطعام، واستخدام أدوات وأماكن خاصة تقتصر على إعداد الطعام لذوي الحساسيات من الطعام، وأن تحتوي قوائم الطعام على المكونات مع التحذير من وجود عناصر معينة قد تكون ضارة بذوي الحساسية من بعض أنواع الأطعمة.
وتوفر عيادة متخصصة في لندن اسمها «لندن أليرجي كلينيك» الكثير من أنواع العلاج لحالات الإصابة بالحساسية منها تناول منشطات «ستيرويدز» أو الحقن بها، ويشرف أخصائيون في العيادة على تشخيص كل حالة على حدة ووصف العلاج المناسب لها. ويمكن للعيادة إجراء الاختبارات التي تحدد أنواع الحساسية في كل مصاب قبل وصف طرق الوقاية والعلاج اللازمين.
وتشمل الاختبارات فحصاً للدم وتعريض الجلد لمواد الحساسية للتعرف عليها والتعامل معها.
وتقوم العيادة أيضاً بتدريب المرضى على حقن أنفسهم بمواد مضادة للحساسية في حالات الطوارئ التي قد تهدد حياتهم. وتحتوي بعض الحقن على مادة الأدرينالين المنشطة للقلب.
وتشترط وزارة الصحة في بريطانيا أن تحذر منافذ الأطعمة من وجود مواد معينة في الوجبات أو السندويتشات التي تبيعها سواء كان تناول هذه الأطعمة داخل الموقع أو «تيك أواي».
ويتم هذا التحذير بأي من عبارتي «هذه الوجبة قد تحتوي على...» أو «هذه الوجبة غير مناسبة لهؤلاء الذين يعانون من...». والنصيحة العامة لمن يعاني من حساسيات الطعام ويريد تناول وجبة في مطعم معين هي فحص قوائم الطعام جيداً على الإنترنت قبل الذهاب وسؤال المطعم عن سياسة الإفصاح عن الأطعمة المسببة للحساسية أو عن إمكانية تحضير وجبة خاصة. ويشترط على المطاعم الإفصاح عن محتويات الوجبات ولكن لا يتعين عليها تحضير وجبات خاصة لزبائن يعانون من حساسيات معينة.
أما منافذ بيع الأطعمة «تيك أواي» فعليها الإعلان عن محتويات هذه الأطعمة داخل المنافذ أو كتابة على الوجبات نفسها، وعلى المشتري أن يتأكد من خلوها من المواد الضارة به بالاطلاع على المحتويات أو سؤال البائع. وحتى في الوجبات التي يتم إعدادها في البيوت عند استضافة أصدقاء لا بد من سؤالهم عما إذا كان أحدهم يعاني من حساسية معينة حتى يمكن تجنب استخدام المكونات المسببة لها. وعند تحضير الوجبات يجب الحرص في الاطلاع على المحتويات في الأغذية الجاهزة مع تجنب إضافات غير ضرورية مثل ديكورات الأطباق التي قد تحتوي على مواد تسبب الحساسية.
ويرى مراقبون أن نسبة الحساسية من أنواع الأطعمة المختلفة زادت في السنوات الأخيرة، بينما يفسر الخبراء هذه الظاهرة بأنها تعود إلى زيادة الوعي بالمشكلة لا أكثر. ويرى البعض وجود عوامل ساهمت في زيادة حالات الحساسية منها التلوث البيئي وأسلوب الحياة العصرية. ويتم التركيز على تجنب حالات الحساسية لعدم وجود أي علاج لها في الوقت الحاضر.
- اعتقادات شائعة وخاطئة عن حساسيات الطعام
- بعضها يعرض حياة المصابين إلى الخطر
> هناك كثير من الاعتقادات الشائعة حول حساسيات الطعام لا تعبر عن الواقع وقد تكون خطرا على حياة المصابين بالحساسية إذا صدقوها. من هذه الاعتقادات:
- إن حساسيات الطعام ليست خطيرة: هناك بعض الحساسيات تهدد حياة المصاب. وتوضح الحالات التي ظهرت إعلاميا مؤخرا أن الحساسية قد تسبب الوفاة إذا لم تعالج في الوقت المناسب.
- إن تناول القليل من الطعام ليس مضرا: المصابون بالحساسية يعرفون جيداً أن مجرد وجود آثار بسيطة في طعام معين للمادة المثيرة للحساسية قد يكون لها عواقب وخيمة.
- إن أنواع الطعام التي تسبب رد فعل بسيطا يمكن اعتبارها قليلة الأضرار: يتغير رد فعل الجسم بين مرة وأخرى في التعامل مع الأطعمة المسببة للحساسية. وقد يكون رد الفعل بسيطا في مرة وعنيفا في مرة أخرى.
- الحساسية من الفول السوداني هي الأكثر شيوعا: الحساسية الأكثر شيوعا في الأطفال هي ضد الألبان والبيض، ولكن الحساسية من الفول السوداني تجذب الانتباه أكثر لأن رد الفعل فيها يكون شديدا.
- لابد من الإعلان عن كل المحتويات التي تسبب الحساسية على الأغذية: لا توجد شروط أوروبية أو أميركية للإعلان عن كل المحتويات التي تسبب الحساسية ويتم التركيز فقط على ثمانية أنواع من الطعام هي الأكثر إصابة بالحساسية. وتجري جهود حاليا لإضافة مواد أخرى إلى اللائحة من بينها السمسم.
- الحساسية تصيب الأطفال ثم تبقى مدى الحياة: الإصابة بحساسية ضد أنواع من الأطعمة يمكن أن تحدث في أي عمر حتى لأنواع أغذية تم تناولها بسلام من قبل. وفي كثير من الحالات يتخلص الأطفال من حالات الحساسية مع التقدم في العمر، خصوصاً في حالات الحليب والبيض والصويا. أما الحساسيات التي من الصعب التخلص منها فهي تشمل الفول السوداني والمكسرات والأغذية البحرية.


مقالات ذات صلة

زيادة خطواتك اليومية تقلل الاكتئاب

صحتك المشي قد يسهم في تحسين الصحة النفسية (جامعة ليدز)

زيادة خطواتك اليومية تقلل الاكتئاب

ربطت دراسة إسبانية بين زيادة عدد الخطوات اليومية وتقليل أعراض الاكتئاب لدى البالغين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك يضطر البعض إلى عدم الدخول إلى المرحاض وحبس البول أحياناً بسبب وجودهم خارج المنزل أو انشغالهم (رويترز)

خبراء يحذِّرون: حبس البول قد تكون له أضرار صحية خطيرة

قد يشكل حبس البول تهديداً لصحتك؛ خصوصاً إذا كان سلوكاً منتظماً ومكتسباً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أبقار من قطيع غير مشتبه به في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويورك (أ.ف.ب)

الحليب الخام أم المبستر... أيهما أكثر صحة؟

لا يتوقف الجدل حول صحة الحليب الخام في مقابل الحليب المبستر. فماذا يقول الخبراء؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مريضة بالسرطان (رويترز)

علماء يستعينون بـ«الغراء» في تطوير علاج جديد للسرطان

طوَّر علماء يابانيون علاجاً جديداً للسرطان باستخدام مركَّب موجود في الغراء يسمى «أسيتات البولي فينيل PVA».

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».