مرحبا بـ2014.. مرحبا بالمخمل والبروكار والصوف

الموضة تستقبل العام الجديد بأقمشة دافئة وغنية

الدانتيل من الأقمشة التي لا تغيب وتنجح دائما في إضفاء لمسة رومانسية (فستان من الدانتيل الأسود المبطن بالأخضر من كاورلينا هيريرا Carolina Herrera)
الدانتيل من الأقمشة التي لا تغيب وتنجح دائما في إضفاء لمسة رومانسية (فستان من الدانتيل الأسود المبطن بالأخضر من كاورلينا هيريرا Carolina Herrera)
TT

مرحبا بـ2014.. مرحبا بالمخمل والبروكار والصوف

الدانتيل من الأقمشة التي لا تغيب وتنجح دائما في إضفاء لمسة رومانسية (فستان من الدانتيل الأسود المبطن بالأخضر من كاورلينا هيريرا Carolina Herrera)
الدانتيل من الأقمشة التي لا تغيب وتنجح دائما في إضفاء لمسة رومانسية (فستان من الدانتيل الأسود المبطن بالأخضر من كاورلينا هيريرا Carolina Herrera)

حلول عام جديد مناسبة تنجح دائما في إدخال نوع من السعادة، المشوبة بالترقب والتفاؤل، على النفوس. فهي ترمز إلى فصل انتهت كتابته، بكل أفراحه وأحزانه، وبداية فصل جديد بكل ما تتضمنه هذه البداية من تفادي أخطاء العام الماضي والاستفادة منها لتحقيق المزيد من الإنجازات. لا شعوريا، تتحول هذه الحالة من الترقب إلى رغبة عارمة في الاحتفال بما يمكن تسميته حفلات الوداع والاستقبال. وإذا سألت أي امرأة عن الطريقة التي تريد الاحتفال بها بالمناسبة، سيأتيك جوابها ومن دون تردد: بأجمل حلة وأحلى مظهر. بالنسبة لها، هذا يتطلب إما أزياء تحملها من النهار إلى المساء بسهولة، أو أزياء سهرة غير عادية تلمع مع كل حركة أو إيماءة. والحقيقة، إن هذه ربما تكون من المناسبات القليلة التي يمكنها فيها أن تطلق العنان لخياراتها، سواء كانت البريق الذي يشع من الترتر وأحجار الكريستال أو من أقمشة اللاميه أو من البروكار. وعلى ذكر الخيارات، فهي كثيرة ومتنوعة، لأن أجمل ما في الموضة حاليا، أنها تعانق كل الأساليب والتوجهات، فكل شيء مقبول وجائز طالما يخضع لمعايير الذوق الخاص أو الرفيع. من هذا المنطلق، ليس من الضروري، أن تنجرف المرأة الموالية للموضة الهادئة، وراء موضة البريق، بل يمكنها الحفاظ على أسلوبها الكلاسيكي العملي من دون أن يؤثر هذا على صورتها، ما دامت هذه الصورة تتقيد بمعايير الأناقة العالمية. في المقابل، يمكنها تطويع التفاصيل واستعمالها كوسيلة للحفاظ على التميز. والمقصود بهذه التفاصيل، ليس فقط الإكسسوارات أو التطريزات وما شابهها، بل نوعية الأقمشة، التي تلعب هذا العام دورا بارزا في تحديد مظهرك. أكبر مثال على هذا، الصوف، فإلى عهد قريب، لم يكن يعد مناسبا للسهرات، وهذا مفهوم إلى حد كبير في بلداننا العربية حيث تكون درجات الحرارة غير محتملة، لكنها في هذا الوقت من السنة وفي الأوقات التي تنخفض فيها درجات الحرارة إلى تحت الصفر، فإن الدفء يصبح حاجة ملحة. وهنا، لا بد من ذكر ميزات الصوف، فبالإضافة إلى أنه يأتي بعدة أنواع، بعضها بملمس الحرير وخفته، فإنه لا يحتاج سوى إلى بعض الإكسسوارات أو الجواهر، لكي يرتقي إلى مستوى أي مناسبة، أيا كانت فخامتها وأهميتها، سواء كانت القطعة على شكل فستان أو كنزة سوداء مثلما برهنت لنا المصممة كارولينا هيريرا في عرضها لخريف وشتاء 2014. فكنزة من الصوف برقبة عالية مع بنطلون واسع أو مستقيم أو مع تنورة مستديرة - تبدو رائعة في أي مناسبة، وكل ما عليك القيام به هو تزيينها ببروش أو قلادة لتتحول من قطعة عملية إلى قطعة سهرة تنافس باقي القطع. وليس ببعيد أن تتفوقي عليها إذا كنت من النساء اللاتي يفضلن الدفء والراحة على تعذيب النفس بسبب الخوف من تكسير بعض الكليشيهات المترسخة في الذهن، مثل أن أزياء السهرة يجب أن تكون من الحرير أو الموسلين أو الساتان وتكشف الصدر والأذرع. المؤكد، إن مظهر امرأة مرتاحة مع نفسها يعكس الثقة والأناقة أكثر من مظهر امرأة تلبس قطعة شفافة ومثيرة، لكن تجعلها ترتعش من البرد طوال الوقت عوض التركيز على الأحاديث والاستمتاع بها. ثم لا تنسي أن الأناقة لها عدة وجوه، والوجه البسيط في الغالب هو الأكثر أناقة مقارنة بالوجه المتكلف والمبالغ فيه. إذا كانت فكرة كنزة من الصوف لا تناسبك أو لا ترين أنها تناسب أجواء سهرتك، فإن جاكيت توكسيدو يمكن أن يفي بالمطلوب وأكثر، لأنه يمنح الدفء والتميز في الوقت ذاته. فهذا الجاكيت موجه أساسا لمناسبات المساء، وبالتالي يمكنك ارتداؤه مع بنطلون أو مع فستان طويل مرصع بالأحجار، كما يمكنك ارتداؤه مع قميص أبيض أو فقط وضعه على كتفيك بلا مبالاة بدل شال الباشمينا الذي أصبح موضة قديمة.
في هذا الوقت من السنة، تبرز أيضا أهمية أقمشة أخرى تجمع عمق الألوان بفخامة الملمس ودفئه، مثل البروكار والمخمل. ورغم أن هذه الأقمشة تتنافس بعضها مع بعض لجذب المرأة، فإن كل واحدة منها تتميز بخصائص وميزات معينة.
البروكار، مثلا، درامي يتميز بمظهر سميك وألوان متداخلة إلى حد ما، لهذا يجب أن تضعي بعين الاعتبار أن القليل منه كثير. صحيح أن بعض المصممين يتعاملون معه بحيطة وطرحوه بدرجة لون واحدة، مثل كارولينا هيريرا، وصحيح أنه إذا كان بجرعات بسيطة فهو عنوان الترف والفخامة، خصوصا أنه يتميز بأشكال ثلاثية الأبعاد تمنحه حيوية لا تتوافر في باقي الأقمشة، إلا أنه عندما يأتي مطرزا بشكل غني ومبالغ فيه، فإنه قد يعطي الانطباع بأن مكانه الأنسب هو الستائر أو الكنبات. وهذا ما انتبهت له ميوتشا برادا وطوعته منذ عدة مواسم في قطع أقبلت عليها المرأة بنهم، سواء كانت بنطلونات للنهار أو فساتين للكوكتيل. وما إن اكتشفت المصممة أنها وضعت يديها على منجم ذهب، حتى سارعت بطرح مجموعة لا تقل إبهارا في خطها الأصغر (ميوميو) من خلال تشكيلة، تبدو للوهلة الأولى كأنها مستلهمة من الفينتاج بالنظر إلى نقوشاتها وألوانها المعدنية. سارة بيرتون، مصممة دار «ألكسندر ماكوين»، بدورها قدمت فستانا باللونين الأحمر والأسود هذا الموسم، كما حذت حذوها كل من ستيلا ماكارتني، والثنائي دولتشي آند غابانا و«مارني»، إضافة إلى سرب من محلات الموضة مثل «توب شوب»، و«زارا» و«إتش آند إم» حتى لا تشعر المرأة ذات الإمكانات المحدودة بأنها مهمشة وخارج لعبة الموضة. واللافت هذا العام، أن معظم المصممين أجمعوا على جمال البروكار، فالأميركية ترايسي ريس، مثلا، صرحت بأنها تعشق هذا القماش لأنه مثير للنظر، مما يجعلها تستعمله في معظم تشكيلاتها. وأضافت أن جانبا آخر من جاذبيته بالنسبة لها، أنه لا يحتاج إلى أي إكسسوارات أخرى. فهو يكفي لكي يسرق الأضواء. المأخذ الرئيس فيه، أنه لا يناسب كل النساء، لأنه قد يضفي عليهن بعض الوزن كما لا يخفي بعض العيوب التي تحب المرأة التمويه عليها عموما. بعبارة أصح، فهو لا يناسب المرأة التي تميل إلى الامتلاء أو السمنة، كما لا يناسب المرأة الهادئة أو الخجول، وإن كانت بعض الأشكال الصغيرة والألوان غير المتضاربة، أو قطعة واحدة على شكل بنطلون مثلا أو جاكيت، مناسبة للكل.
أما بالنسبة للمخمل، فلا يختلف اثنان في أنه يعيش نهضة جديدة منذ بضع سنوات، سواء تعلق الأمر بأزياء الرجل أو المرأة. بالنسبة لهذه الأخيرة، كانت دار «غوتشي» هي التي أعادت فتح عيونها على جمالياته عندما قدمته لها منذ عامين تقريبا من خلال فستان سهرة باللون الأخضر الزمردي. أثار الفستان الانتباه والرغبة فيه، مما شجع الكثير من المحلات الشعبية على استنساخه. ما نجحت فيه الدار الإيطالية حينها، أنها نفضت عنه غبار الزمن وخلصته من إيحاءاته القديمة، التي ارتبطت بموضة الثمانينات، وهي حقبة تريد الكثير من النساء نسيانها، لتسوقه لنا في صورة عصرية أضفت على الحفلات الكثير من الدفء والبريق. فقد اكتشف المصممون أنه، بألوانه العميقة التي تتراقص في الضوء، رائع يعوضهم عن استعمال التطريزات التي أصابت المرأة بالتخمة بعد عشر سنوات تقريبا من التركيز عليها. كما أنه يعد قماش مناسبات المساء والسهرة بلا منازع، حين تنخفض درجات الحرارة خصوصا.
بالنسبة للرجل، فإن هذا القماش الذي ارتبط بالحقبة الجميلة يتوجه إليه بسخاء أكبر، لأنه يأتي في قطع للنهار والمساء على حد سواء. وبعد أن كان يخاطب شرائح معينة من الرجال أغلبهم من الطبقات المخملية، كما يشير اسمه، ثم المفكرين ونجوم الروك آند رول فيما بعد، أصبح قماش كل الرجال والأوقات والأماكن ما دامت النية هي التميز. وعلى عكس الاعتقاد السائد لدى البعض، أنه جريء يناسب الرجل الاستعراضي فقط، فإنه يضج بالكلاسيكية مع لمسة حنين إلى الماضي الجميل، حسب طريقة تنسيقه. توني غلينفيل، المدير الفني في «كوليدج أوف فاشن» بلندن، يقول إنه «يتمتع بلمسة حسية مثيرة ومتلونة حسب الزمان والمكان. فهو يبدو حميما في مناسبات النهار، كما يبدو لافتا في المساء، وما علينا إلا أن نتخيل صورة جيمس بوند بتوكسيدو من المخمل». ويضيف أن هذا القماش ليس صرعة موسمية تعود إليها الموضة بين الفينة والأخرى، بل من الأساسيات التي تتشكل بوجوه مختلفة في كل موسم، ومن هنا على كل رجل أنيق أن يمتلك على الأقل سترة واحدة منه. ويوافقه الرأي ريتشارد فرومبورغ، صاحب محلات «غري فلانل»، بقوله إن المخمل خضع لعملية تجميل ناجحة محت صورته الداندية إلى حد ما وجعلته يعيش نهضة جديدة وشبابية في السنوات الأخيرة.
ومع ذلك، لا ننصحك بارتداء بدلة متكاملة من المخمل، بل الاكتفاء بسترة مع قميص أبيض مثلا ورابطة «بابيون» على أن يكون البنطلون من قماش مختلف والعكس.

* همسة
- بينما الأسود أو الأزرق النيلي من الألوان الكلاسيكية التي لا يؤثر فيها الزمن، مما يجعل المرأة تقبل عليها، خصوصا إذا كانت الفكرة ارتداؤها في مناسبات كثيرة وعلى مدى سنوات - فإن الأمر يختلف بالنسبة للبروكار. فهو خاص بامرأة مرفهة، لا يهمها إن كانت ستلبس فستانها في مناسبة واحدة ثم تنساه لعقد من الزمن أو أكثر.
- الذهبي من أسهل الخيارات في هذه المناسبة، سواء جاء في فستان من اللاميه لحفلة كبيرة، أو في إكسسوارات على شكل ساعة يد أو حذاء أو حقيبة يد. وطبعا، جواهر من الذهب هي أفضل ما يمكن أن تنسقيه مع قطعة باللون الأسود حتى تنعشه وتضفي عليه البريق.
- رغم أن الأناقة لا تعني التكلف والبهرجة ولا الاستعراض، فإنها لا تعني أن تحرمي نفسك من متعة استعمال قطع جواهر لا يمكنك استعمالها في الأيام العادية. سواء كانت من «كارتييه» أو «تيفاني» أو «بولغاري» وغيرها من بيوت الجواهر الراقية، فإن هناك مناسبات تتطلبها وهذه واحدة منها، لأنها ستضفي البريق على وجهك وعلى أي قطعة تقررين ارتداءها.
- مهما تغيرت الموضة والتوجهات، يبقى الدانتيل حاضرا ولو في تفاصيل صغيرة تزين الجوانب والحواشي. في السنوات الأخيرة، أرسلت عواصم الموضة العالمية رسالة قوية، مفادها أنه قماش الأنوثة والرومانسية بلا منازع. وبالفعل، أكد أنه كذلك، وإن كان القليل منه كثيرا مثل البروكار، إذ يفضل الاكتفاء به في الأكمام أو الياقة أو حواشي فستان لتأثير قوي وعصري.

* عندما تعرفين الفكرة التي ألهمت مجموعة «سوبرستيشين» Superstition من «شانيل» ستسحرك أكثر من ألوانها التي تتحدى رمادية السماء وبرودة الطقس وأكثر من تركيبتها التي تتوزع على البشرة بسهولة لتتجانس معها مباشرة. الفكرة أن الآنسة غابرييل شانيل كانت تؤمن بالخرافات بشكل كبير.. تتفاءل ببعض الأشياء وتتشاءم من أخرى.. الأمر الذي ترجمته الدار في كثير من تشكيلات الأزياء والجواهر وأخيرا في هذه المستحضرات الساحرة. الجميل فيها أنها تثير الإحساس بالتفاؤل بعام جديد بحكم أن ألوانها مستوحاة من ألوان الربيع مثل الوردي والمرجاني والبني الناعم وغيرها. فظلال الجفون قد تكون الوحيدة التي جاءت داكنة لخلق إطلالة مدخنة تلعب على سحر الغموض وجاذبية العيون، ومع ذلك، فهي الأخرى تتخللها ذرات معدنية خفيفة الغرض منها زيادة إضفاء البريق عليها وبعض الاتساع. كل المجموعة تقريبا مصنوعة بتركيبة من الكريم تجف بمجرد وضعها على البشرة لتضفي عليها نضارة سريعة تبدو فيها المرأة كما لو أنها خضعت لحقن بوتوكس، خصوصا فيما يتعلق بأحمر الخدود وأحمر الشفاه.



الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.