السيسي يكسب شعبية إضافية بـ«البطاقات الذكية»

نظام دعم جديد تستفيد منه 12 مليون أسرة

وزير التموين المصري خالد حنفي يتفقد النظام الجديد لتوزيع الخبز بنظام البطاقات الذكية
وزير التموين المصري خالد حنفي يتفقد النظام الجديد لتوزيع الخبز بنظام البطاقات الذكية
TT

السيسي يكسب شعبية إضافية بـ«البطاقات الذكية»

وزير التموين المصري خالد حنفي يتفقد النظام الجديد لتوزيع الخبز بنظام البطاقات الذكية
وزير التموين المصري خالد حنفي يتفقد النظام الجديد لتوزيع الخبز بنظام البطاقات الذكية

«نوال»، ربة منزل مصرية، تبلغ من العمر 57 سنة، ولديها بنتان وولدان يعملون في وظائف متواضعة. أما زوجها، فعامل متقاعد. ولأنهم من محدودي الدخل، فإنهم يحصلون على سلع مدعمة من الدولة، لكن صرف هذه السلع، المخصصة لملايين الفقراء، تأخر في عدة محافظات، منها القاهرة. و«هذا حدث جلل»، حاول خصوم الرئيس عبد الفتاح السيسي استغلاله لإطلاق مظاهرات منتصف الشهر المقبل، خاصة أن تأخير مستحقات الفقراء تواكب مع شهر الصيام، ومع قرارات بتقليص دعم الطاقة.
لكن غالبية مستحقي الدعم، ومن بينهم «نوال»، فوجئوا خلال الأيام الماضية، بتخصيص الحكومة «بطاقات ذكية» يحصلون من خلالها على سلع مدعمة بجودة أعلى وبأسعار زهيدة، من بينها الخبز الذي يعد من عناصر الوجبات الرئيسة على المائدة المصرية. ووفقا لمصادر الرئاسة، أعطت هذه الخطوة شعبية إضافية للسيسي، قبل نحو أسبوعين من استعدادات جماعة الإخوان المسلمين للتظاهر ضد الرئيس الجديد، في ذكرى فض اعتصامين للموالين للرئيس الأسبق محمد مرسي في ساحتي «النهضة» و«رابعة العدوية» في 14 أغسطس (آب) الماضي.
وبينما أثنى النائب البرلماني السابق، عبد الحميد كمال، على تجربة بطاقات الدعم التي واكبها من بدايتها، أعرب النائب في البرلمان المنحل، سعد عبود، المنسق العام لحركة «حماية»، عن مخاوفه من أن تكون منظومة الكروت مقدمة لتخلي الدولة عن الفقراء.
ويقول السيسي إن تقنين الدعم سيؤدي لتوفير مليارات الدولارات، والتغلب على مصاعب اقتصادية في بلد شحيح الموارد يبلغ عدد سكانه أكثر من 85 مليون نسمة. وجاء تقليص الدعم وتقنينه ضمن سياسات شاملة في برنامجه الذي يشمل إجراءات لبسط الأمن وإعادة هيبة الدولة وإنعاش الاقتصاد.
وفي مطلع الشهر الحالي، وقفت السيدة «نوال» في شارع «الجسر»، بضاحية «دار السلام والبساتين» المكتظة بالسكان، بجنوب العاصمة، أمام البدال ليصرف لها السلع المدعمة، إلا أنها عادت لبيتها، مثل مئات آخرين من جيرانها، دون أن تحصل على أي شيء، ولم تكن تعلم أن نظام البطاقات لم يفعل من جانب الحكومة بعد.
في ذلك اليوم، بدأ معارضون للسيسي، غالبيتهم متشددون إسلاميون واشتراكيون ثوريون، ينشطون لاستقطاب الفقراء للخروج في مظاهرات كتلك التي انفجرت في وجه الرئيس الراحل أنور السادات فيما عرف بـ«انتفاضة الخبز» عام 1977. لكن السيدة «نوال» التي تصرف حصصها التموينية المدعمة من محل تديره سيدة أيضا تدعى «منى»، لم تلتفت، لا هي ولا غيرها، إلى «دعاوى المحرضين»، كما تقول.
وتضيف أنها شعرت بإحباط حين أخبرتها مديرة المحل بأن الحصص ستتأخر دون أن تبلغها بالأسباب التقنية وراء ذلك. وبدأت «نوال» تفكر فيما قامت به، مثل ملايين السيدات، خلال سنة كاملة، من تأييد لخطوات السيسي، بداية من وقوفه ضد جماعة الإخوان المسلمين، وانتهاء بقراراته بترشيد الدعم. وتقول: «كنا في الأيام الأولى من شهر رمضان، ونحتاج لأرز وزيت وسكر.. رجعت للبيت مكسورة الجناح. ابني استغل الفرصة وأخذ يؤنبني على مشاركتي في مظاهرات ميدان التحرير المؤيدة للسيسي، لكنني كنت أثق بالرئيس، وبعد أسبوع صدق إحساسي، حين جاءت الشاحنة إلى المحل بكراتين السلع، لكن، وهذا أمر أسعدني، كانت سلعا أكثر جودة وأكثر تنوعا، وأقل سعرا من السابق».
وتعد قضية الدعم واحدة من الثقافات المترسخة لدى الطبقات الدنيا والمتوسطة منذ عقود طويلة. وتجذرت مع حكم جمال عبد الناصر، وحين حاول السادات تقليص الدعم، أجبرته المظاهرات الغاضبة على التراجع. وأظهرت إحصاءات شبه رسمية، تذبذب سياسات الدعم خلال حكم حسني مبارك، واتجاهها للتحسن، إلا أنها لم تكن مرضية، «لأن الفقراء لم يشعروا بها»، وفقا لـ«كمال» الذي كان نائبا عن محافظة السويس. وأوضح النائب كمال، الذي راقب من قرب تجارب تشغيل البطاقات، التي جرت للمرة الأولى قبل أسابيع في محافظته، إنها «أوجدت ارتياحا لدى غالبية الفقراء»
وبينما تقول الإحصاءات الرسمية إن نسبة الفقر في البلاد تبلغ 26 في المائة، أي نحو 24 مليون مواطن، أكد مصدر حكومي مسؤول أن مستحقي الدعم «يزيدون على ذلك بكثير»، مؤكدا أن «12 مليون أسرة، أو ما يقدر بـ63 مليون مواطن، أصبح يحق لهم صرف حصص تموينية بالبطاقات الذكية»، مشيرا إلى أن «تأخير الصرف عدة أيام في بعض المناطق كان بسبب إحلال البطاقات الجديدة محل القديمة».
ويظهر من بيانات بطاقة السيدة «نوال» أنها تضم ستة أفراد، وأن إجمالي حصتها التموينية شهريا عشرة كيلوغرامات من السكر، وثمانية كيلوغراما من الأرز، وسبع زجاجات من زيت الطعام سعة لتر للزجاجة. ويبلغ الثمن المدعم لهذه السلع نحو سبعة دولارات، لكن الحكومة قررت أن يسدد مستحقو الدعم لهذا الشهر نصف المبلغ فقط. ويبلغ السعر الحقيقي لهذه الحصة في المتوسط ما لا يقل عن خمسة أضعاف السعر المدعم.
ولا تخلو جلسات الدردشة من ذكر البطاقة الجديدة التي انتشرت فجأة في أيدي مستحقي الدعم. وبالنسبة لحصص الخبز، أصبح لكل فرد خمسة أرغفة يوميا، بوزن مائة غرام لـ«رغيف أكثر جودة من المعتاد». ويوجد في «دار السلام والبساتين» 179 مخبزا للبيع بالكارت الذكي. ودخلت القاهرة بالكامل في المنظومة مع افتتاح وزير التموين، خالد حنفي، المرحلة الأخيرة بمنطقة المرج شمال العاصمة قبل أيام، وتشمل 256 مخبزا. وأكد أنه سينتهي من تعميم النظام في عموم البلاد خلال شهرين، داعيا المواطنين المستحقين للتقدم لاستخراج البطاقات الذكية.
ويقول النائب كمال، إن الأرز أيضا لم يعد رديئا، كما كان في السابق. والسلع تعددت، وهذا أمر لم يكن معهودا.. وفي الإمكان أن تنتقي من بين أكثر من سلعة، أو تستبدل باقي حصتك من الخبز بسلع أخرى مجانا. لكن النائب عبود، ينظر بحذر لنظام البطاقات. ويقول: «لو جرى تنفيذ النظام بشكل جيد، فيمكن أن يؤدي لوصول الدعم لمستحقيه الحقيقيين.. مشكلة البطاقة الجديدة أنها تطبق على شريحة ضخمة جدا، بينما البعض لا يستحق، إلا أنها في النهاية خطوة في طريق ترشيد الدعم». ويعرب عبود عن مخاوفه من أن تكون منظومة البطاقة فيما يخص السلع الأخرى مقدمة لتقليص الدعم بشكل عام، ويقول: «منظومة السلع الأخرى، بعيدا عن الخبز، ليست بنفس الدقة وهي تحتاج لمراجعة، لأن فيها ثغرات، فالمواطن قد يضطر للقبول بسلع رديئة».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.