إخلاء جماعي للبعثات الدبلوماسية والأجانب من ليبيا

المتطرفون يصعدون هجماتهم ضد مواقع عسكرية للجيش وهدوء حذر بمطار طرابلس

دخان يتصاعد في بنغازي أمس بعد مواجهات بين القوات الليبية وعناصر ميليشيات متشددة (رويترز)
دخان يتصاعد في بنغازي أمس بعد مواجهات بين القوات الليبية وعناصر ميليشيات متشددة (رويترز)
TT

إخلاء جماعي للبعثات الدبلوماسية والأجانب من ليبيا

دخان يتصاعد في بنغازي أمس بعد مواجهات بين القوات الليبية وعناصر ميليشيات متشددة (رويترز)
دخان يتصاعد في بنغازي أمس بعد مواجهات بين القوات الليبية وعناصر ميليشيات متشددة (رويترز)

فيما تمنت الحكومة الانتقالية في ليبيا أن يكون عيد الفطر المبارك فرصة للتصالح والتسامح بين كافة أبناء الشعب الليبي، قال مسؤولون أمنيون وحكوميون لـ«الشرق الأوسط» بأن الاشتباكات التي دخلت يومها الرابع عشر على التوالي في العاصمة طرابلس قد دفعت معظم البعثات الدبلوماسية إلى إنهاء أو تجميد عملها.
ورصد تقرير حكومي اطلعت «الشرق الأوسط» على فحواه ما وصفه بـ«النزوح والرحيل الجماعي» للأجانب والبعثات الدبلوماسية الغربية والعربية من ليبيا، مرجحا أن يكون هذا مرتبطا بالمخاوف من تصاعد حدة الاشتباكات في العاصمة وانتقالها من محيط مطار طرابلس الدولي إلى مناطق أخرى.
ولا يزال مقر وزارة الخارجية الليبية في طرابلس مغلقا للشهر الثاني على التوالي، بسبب إقدام مجموعات مسلحة على احتلاله اعتراضا على إقالة مسؤول بالوزارة محسوب على التيار الإسلامي.
واضطرت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني إلى تخصيص بعض المكاتب في ديوان رئاسة الوزراء لوزير الخارجية محمد عبد العزيز ووكلائه لممارسة أعمالهم، علما بأن مسلحين من الثوار هددوا باغتيال عبد العزيز أو خطفه على خلفية تصريحات صحافية له مثيرة للجدل رأى فيها أن النظام الملكي السابق يجب أن يعود إلى السلطة في ليبيا.
وفى أول تعليق رسمي له بعد إخلاء الولايات المتحدة لكامل أعضاء بعثتها الدبلوماسية من طرابلس أول من أمس، أعرب رئيس الوزراء المؤقت عبد الله الثني عن أسفه للقرار الأميركي، لكنه أكد في المقابل في تصريحات لإذاعة سوا الأميركية أن العملية جرت بالتنسيق الكامل مع حكومته.
وأضاف أن الولايات المتحدة تستمر في دعم ليبيا، مؤكدا أنها الدولة الوحيدة التي قررت سحب بعثتها بشكل مؤقت، مرجحا أن تعود البعثة الدبلوماسية الأميركية بعد القمة الأفريقية المقررة في واشنطن مطلع الشهر المقبل، لكنه لفت أن المسألة تتوقف على الوضع الأمني وعلى إيجاد مقر بعيد عن المناطق المضطربة في العاصمة.
وناشد الثني المجتمع الدولي تقديم الدعم الذي تحتاجه ليبيا من أجل إخراجها من أزمتها الأمنية، وذلك بعد نحو أسبوعين من تقديم وزير الخارجية الليبي إلى مجلس الأمن الدولي خطة لبناء المؤسسات وجمع الأسلحة. وخفت أمس حدة الاشتباكات ببين الميلشيات المسلحة التي تتقاتل للأسبوع الثاني على التوالي ودون توقف للسيطرة على مطار العاصمة طرابلس والمنطقة المحيطة به.
وقتل 23 عاملا مصريا إثر سقوط صاروخ على مسكنهم أمس بمزرعة بمنطقة الكريمية أثناء هذه الاشتباكات بين ميليشيات تتنازع للسيطرة على الميناء الرئيسي في المدينة. وكان مقررا وفقا لما أبلغه رامي كعال الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية الليبية لـ«الشرق الأوسط» أن تعلن السلطات الليبية في بيان رسمي سيصدر لاحقا كافة التفاصيل حول هذا الحادث.
في المقابل حثت عدة دول أوروبية بينها بريطانيا وألمانيا رعاياها إلى مغادرة ليبيا بالتزامن مع تعرض موكب للسفارة البريطانية لهجوم بغرض السرقة لكنه لم يسفر عن سقوط أي ضحايا.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بوب فيليبسون المتحدث باسم السفارة البريطانية «تعرض موكب للسفارة البريطانية لمحاولة سرقة سيارة. وأطلقت عيارات نارية على سياراتنا (...) إن كل العاملين في السفارة سالمون ولم يصب أي شخص بجروح». وأضاف فيليبسون أن «السفارة البريطانية ستبقي أبوابها مفتوحة، لكن بالنظر إلى القيود على التنقل في طرابلس ومحيطها، فإننا قلصنا عدد الموظفين في السفارة».
وقال شهود عيان إن الحادث وقع في الضاحية الغربية من العاصمة الليبية، ويقيم ما بين 100 و300 بريطاني في ليبيا.
وسرقة السيارات بقوة السلاح منتشرة جدا في لبيبا حيث لا تتردد مجموعات مسلحة إجرامية في مهاجمة السيارات المدرعة للبعثات الدبلوماسية. وكانت برلين دعت أيضا كل رعاياها إلى مغادرة ليبيا، حيث قالت وزارة الخارجية الألمانية بأن «الوضع بالغ الغموض وغير مستقر»، وأضافت أن «الرعايا الألمان يواجهون خطر التعرض المتزايد للخطف والاعتداءات».
وكانت بلجيكا أوصت اعتبارا من منتصف الشهر الجاري رعاياها بمغادرة ليبيا، كما أصدرت كل من تركيا وإسبانيا ومالطا التوصيات نفسها. كما نصحت عدة دول أوروبية رعاياها بتجنب السفر إلى ليبيا مثل البرتغال والنمسا ورومانيا وسويسرا وهولندا والسويد والنرويج والدنمارك وفنلندا.
من جهتها لم تصدر فرنسا توصية مماثلة لكنها دعت المسافرين إلى ليبيا إلى «توخي أقصى درجات الحذر» وعدم التوجه إلى عدة مناطق في البلاد وخصوصا بنغازي (شرق) حيث قتل فرنسي في شهر مارس (آذار) الماضي. كما دعت إيطاليا رعاياها إلى «الحد من تنقلاتهم على الأراضي الليبية إلى أقصى الدرجات وحتى في المدن وأن يكونوا على اطلاع دائم على الوضع الأمني».
من جهة أخرى، عقد أمس أول اجتماع تشاوري لعدد من أعضاء مجلس النواب للترتيب لعقد الجلسة الأولى في مدينة بنغازي المقرر انعقادها في الرابع من شهر أغسطس (آب) القادم. ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن أحد النواب قوله: إن الاجتماع ضم أعضاء من المنطقة الغربية والوسطى والجنوبية وتم تشكيل لجنة مصغرة تحدد آلية الوصول إلى مدينة بنغازي لعقد الجلسة الأولى.
وقال نائب آخر بأن النقاش تطرق أيضا حول الوضع الراهن في مدينة بنغازي وطرابلس وكيفية الخروج من الأزمة الراهنة.
إلى ذلك، قالت حكومة الثني بأنها تأمل أن يكون عيد الفطر المبارك فرصة للتصالح والتصافح والتسامح والتحابب بين كافة أبناء الشعب الليبي وحقن دمائهم.
وطالبت الحكومة في بيان بثته عبر موقعها الإلكتروني الرسمي على شبكة الإنترنيت، من كل الأطراف التجاوب مع الجهود التي تبذلها على مدار الساعة لرأب الصدع وحقن دماء الليبيين وصيانة مقدراتهم ووقف الاقتتال والاحتكام للغة العقل وطاولة الحوار، منوهة إلى ضرورة ارتقاء كافة الأطراف إلى مستوى المسؤولية والتجاوب مع المساعي التي تهدف إلى وقف إطلاق النار وتحقيق التهدئة.
إلى ذلك، نفت مصلحة الطيران المدني في ليبيا ما تردد بهبوط إحدى الطائرات في مطار غدامس محملة بالأسلحة.
وأكدت المصلحة في بيان أنها لم تسمح بهبوط أي طائرة وأن ما تردد ببعض مواقع التواصل الاجتماعي حول هبوط طائرة تحمل أسلحة وذخائر غير صحيح، ودعت وسائل الإعلام إلى تحري الدقة في هذه الظروف المأساوية التي تمر بها البلاد.
عسكريا، وفي بنغازي بشرق تجددت الاشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين قوات الصاعقة وقوات «مجلس شوري بنغازي» الذي يضم خليطا من الجماعات الإسلامية المتشددة بمنطقة بوعطني غرب المدينة.
وقال مصدر بأن الاشتباكات اندلعت في محيط المعسكر الرئيسي للقوات الخاصة بالجيش الليبي والتي يقودها العقيد ونس بوخمادة، مشيرا إلى أن المعسكر تعرض لقصف عنيف بالصواريخ وقذائف الهاون، مما تسبب في اندلاع النيران في مخزن المظلات بالكامل، نافيا سيطرة المجموعات المسلحة على المعسكر.
ونفذت طائرات عسكرية تابعة للجيش الوطني بقيادة اللواء خليفة حفتر عدة غارات استهدفت المعسكرات والمواقع التي تتواجد بها المجموعات المسلحة الإسلامية بعدة مناطق فيما قال مسؤول عسكري بأن الطيران الحربي يساند قوات الجيش والصاعقة لدحر هذه المجموعات المسلحة وإخراجها من ثكنات الجيش، فيما تحدثت مصادر عسكرية أخرى عن أن «عددا من القتلى والجرحى في صفوف العسكريين سقطوا خلال دفاعهم عن المعسكر الذي يعد خط الدفاع الأخير عن مدينة بنغازي» ولفتوا أن «سقوطه يعد سقوطا للمدينة في أيدي متشددين على حد وصفه».
وقال مسؤول عسكري «لقد تمكن هؤلاء الثوار السابقون والذين معظمهم ينتمون للتيار الإسلامي من الاستيلاء على مقرات تابعة للجيش وللقوات الخاصة والصاعقة منذ أسبوع، ولم تتوقف هجماتهم منذ ذلك الحين». وتحدث مصدر بمركز بنغازي الطبي عن وصول 27 جثة و40 جريحا إلى المركز جراء هذه الاشتباكات ما دفع السكان إلى النزوح خاصة مع تصاعد القصف العشوائي المتبادل بالصواريخ والقذائف بين الأطراف المتقاتلة.
وطالب المجلس البلدي لمدينة بنغازي في بيان تلاه رئيسه، بضرورة الإسراع لتشكيل لجان مراقبة لتنظيم عمليات تأمين الأحياء والمساهمة في بسط الأمن فيها.
وسقطت ليبيا خلال الأسبوعين الماضيين فريسة لأسوأ أعمال عنف فيها منذ انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي مما دفع الولايات المتحدة والأمم المتحدة وتركيا إلى إجلاء دبلوماسييهم.
وفي ظل عجز الحكومة المركزية عن فرض النظام يدور قتال بين اثنين من الميليشيات المتناحرة في ليبيا بينما يحاول الجيش طرد إسلاميين متشددين أقاموا معسكرات على مشارف بنغازي. ويخشى حلفاء ليبيا الغربيون من أن تنقسم الدولة بين فصيلين رئيسيين من كتائب الميليشيا وحلفائهم السياسيين والذين يشكل الصراع بينهما عملية التحول في البلاد. وعبر مندوبون من الجامعة العربية والولايات المتحدة ودول أوروبية عن قلقهم من الوضع في ليبيا وقالوا: إنها بلغت «مرحلة حرجة» ودعوا إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وجاء في بيان بعد اجتماع في بروكسل «ينبغي أن تلعب الأمم المتحدة دورا بارزا في التوصل لوقف إطلاق نار بالتنسيق مع الحكومة الليبية وغيرها من الأطراف الداخلية وبدعم كامل من المبعوثين الدوليين».
وانتخب برلماني ليبي جديد في يونيو (حزيران) الماضي وتأمل الحكومات الغربية أن تتوصل الأطراف المتحاربة إلى اتفاق سياسي عندما يجتمع المشرعون في أغسطس في أول جلسة لهم.
لكن بعد ثلاثة أعوام من سقوط القذافي تعثرت عملية تحول ليبيا إلى الديمقراطية بسبب الاقتتال السياسي وعنف الميليشيات، كما تستهدف جماعات مسلحة قطاع النفط للضغط على الدولة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.