جوبا والآلية الأفريقية تتفقان على تحقيق السلام في السودان

يشمل إنهاء النزاع في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وإقليم دارفور

TT

جوبا والآلية الأفريقية تتفقان على تحقيق السلام في السودان

أعلنت رئاسة جنوب السودان أنها أجرت في جوبا، أول من أمس، مشاورات مع رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، التي تقوم بالوساطة بين الحكومة السودانية وفصائل المعارضة المسلحة، التي تقاتل حكومة الرئيس عمر البشير في مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور، وأكدت تنسيق جهودهما في الوساطة، والعمل معاً لتحقيق السلام في السودان.
وأبلغ مصدر مطلع «الشرق الأوسط» أن رئيس جنوب السودان عقد لقاءً مع رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة ثامبو مبيكي في جوبا للتشاور حول تنسيق الجهود بين حكومته والوساطة الأفريقية لتحقيق السلام في السودان، التي كان كير قد أعلن عنها بداية الشهر الحالي. وقال إن مبيكي بحث مبادرة كير حول توحيد فصيلي الحركة الشعبية - شمال، والمشاورات مع الحكومة السودانية قصد إنهاء النزاع في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وإقليم دارفور، مبرزاً أن النقاش تناول ما اعتمدته الآلية الأفريقية في المفاوضات، وما يمكن أن تقوده جهود الرئيس سلفا كير لتحقيق السلام الشامل في السودان.
وقالت الرئاسة في جنوب السودان في بيان مقتضب، اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، إن الاجتماع التشاوري بين الرئيسين سلفا كير وثامبو مبيكي تناول بالخصوص محادثات السلام بين الحكومة السودانية وفصائل المعارضة المسلحة، مشيراً إلى أن جوبا ستستضيف اجتماعات أطراف النزاع السوداني، داعياً مبيكي للمشاركة في هذه المحادثات.
من جهته، قال مبيكي، عقب لقائه الرئيس سلفا كير في جوبا، إنه أطلع كير على تطورات مفاوضات تحقيق السلام بين الحكومة السودانية والجماعات المتمردة في مناطق النيل الأزرق وجبال النوبة ودارفور، مشدداً على أهمية التعايش السلمي بين دولتي السودان.
من جانبه، قال دينق داو دينق، نائب وزير خارجية جنوب السودان، إن الرئيس سلفا كير ومبيكي ناقشا القضايا المتعلقة بمفاوضات السلام بين حكومة السودان والحركة الشعبية قطاع الشمال، مشيراً إلى أن حكومة جوبا ستقدم الدعم اللازم لعملية السلام بين الأطراف المتحاربة في السودان.
وكان الرئيس سلفا كير قد أعلن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي استعداده للتوسط بين الخرطوم والمتمردين السودانيين، بعد أن فشل كثير من جولات التفاوض بين الحكومة السودانية والحركات المتمردة في التوصل إلى اتفاق سلام.
بدوره، قال بشارة جمعة آرو، وزير الإعلام السوداني المتحدث باسم الحكومة، للمركز السوداني للخدمات الصحافية، إن حكومته أجرت مشاورات مع الآلية الأفريقية الرفيعة لاستئناف محادثات السلام مع فصائل التمرد داخل مناطق الحروب في أقرب وقت ممكن، موضحاً أن الاجتماعات التي جرت أخيراً بين الحكومة والوساطة الأفريقية وحركات التمرد جاءت في إطار الترتيبات الجارية لدفع عملية السلام، وأنها حققت نتائج إيجابية في تعزيز الثقة المتبادلة وتلاقي آراء الأطراف، وشدد على أن «الحكومة مصممة على تحقيق سلام شامل مع جميع الأطراف بنهاية العام».
وأضاف آرو أن القيادة العليا لحكومته أبدت إرادة سياسية قوية لتحقيق السلام في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، مبرزاً أن استمرار تمديد وقف إطلاق النار من جانب واحد في جميع مناطق الحرب يؤكد جدية الحكومة في توجهها نحو السلام.
وكانت الخرطوم قد رحبت بمبادرة رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، وبعثت بمساعد الرئيس السوداني فيصل حسن إبراهيم لإطلاع الرئيس سلفا كير على فحوى اللقاء الذي جرى بينه ورئيس فصيل الحركة الشعبية - شمال عبد العزيز آدم الحلو بجنوب أفريقيا.
من جهتها، أعلنت الحركة الشعبية - شمال، بقيادة مالك عقار، عن لقائها بالرئيس سلفا كير بعد ترحيبها بمبادرته الخاصة بتوحيد فصيلها مع الفصيل الآخر، بقيادة عبد العزيز آدم الحلو. لكن هذا الأخير لم يصدر تعليقاً بشأن المبادرة، وطلب إجراء مشاورات مع مجلس التحرير في جبال النوبة.
ويقاتل الجيش السوداني متمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، المعروفتين أيضاً باسم المنطقتين منذ عام 2011، ومجموعة من الحركات المسلحة في دارفور منذ عام 2003.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».