إلغاء زيارة مفتشين أجانب لموقع تحطم الطائرة الماليزية مع تفاقم المعارك قربه

تزايد الجهود لنشر بعثة متعددة الجنسيات في المنطقة.. وانتظار موافقة برلمان كييف

أوكرانية تمر مع طفلها بالقرب من جنديين يحميان ميناء أوديسا المطل على البحر الأسود  في إحياء اليوم الوطني للبحرية بأوكرانيا أمس (أ.ف.ب)
أوكرانية تمر مع طفلها بالقرب من جنديين يحميان ميناء أوديسا المطل على البحر الأسود في إحياء اليوم الوطني للبحرية بأوكرانيا أمس (أ.ف.ب)
TT

إلغاء زيارة مفتشين أجانب لموقع تحطم الطائرة الماليزية مع تفاقم المعارك قربه

أوكرانية تمر مع طفلها بالقرب من جنديين يحميان ميناء أوديسا المطل على البحر الأسود  في إحياء اليوم الوطني للبحرية بأوكرانيا أمس (أ.ف.ب)
أوكرانية تمر مع طفلها بالقرب من جنديين يحميان ميناء أوديسا المطل على البحر الأسود في إحياء اليوم الوطني للبحرية بأوكرانيا أمس (أ.ف.ب)

احتدمت المعارك أمس بالقرب من موقع تحطم الطائرة الماليزية شرق أوكرانيا، مما أرغم رجال الشرطة الهولنديين والأستراليين على عدم التوجه إلى هذه المنطقة الخاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا.
وتردد دوي قصف مدفعي على بعد كيلومتر من الموقع، وشوهدت أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد منه، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. وجرى إخلاء نقطة تفتيش للمتمردين بالقرب من المكان.
وبعد عشرة أيام من تحطم الطائرة الماليزية «بوينغ 777»، التي كانت تقوم برحلة بين أمستردام وكوالالمبور وعليها 298 راكبا، لا تزال أشلاء الضحايا وحطام الطائرة مبعثرة في الموقع. وكان 30 خبير طب شرعي هولنديا ورجال شرطة غير مسلحين من هولندا وأستراليا يستعدون للتوجه إلى الموقع صباح أمس إلا أنهم عدلوا عن ذلك لأسباب أمنية. وقال الكسندر هاغ، مسؤول بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في المكان «المعارك مستمرة. لا نستطيع المجازفة». وأشار إلى أن «الوضع الأمني على الطريق إلى الموقع غير مقبول بالنسبة لبعثة مراقبة غير مسلحة»، موضحا أنه يمكن أن تحاول البعثة التوجه إلى المكان اليوم.
من جانبها، أكدت وزارة العدل الهولندية عدم وجود «طرق وصول مأمونة» لخبراء الطب الشرعي الثلاثين الذين لن يتحركوا في الوقت الراهن من دونيتسك، كبرى مدن المنطقة. وقالت الوزارة في بيان إن «الوضع غير مستقر على الإطلاق للعمل في الموقع». وقبيل عودة التوتر، أعلنت الحكومة الماليزية اتفاقا مع الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا على نشر بعثة للشرطة الدولية لتأمين الموقع حتى يمكن إجراء تحقيق مستقل. وتضم هذه البعثة 68 شرطيا ماليزيا سيتوجهون بعد غد من كوالالمبور إلى الموقع، إضافة إلى قوات من أستراليا. وتوجد القوات الهولندية والأسترالية منذ أيام في حالة استعداد للتوجه إلى أوكرانيا. وتتولى هولندا مهمة التحقق من هوية الضحايا وتجري تحقيقا في أسباب تحطم طائرة الخطوط الجوية الماليزية «بوينغ 777» التي يعتقد أنها أصيبت بصاروخ. إلا أن مارك روته، رئيس الوزراء الهولندي، أعلن في وقت لاحق أمس أن حكومته لن ترسل قوة حماية مسلحة إلى منطقة سقوط طائرة الركاب الماليزية. وأوضح روته أن تجدد الاشتباكات شرق أوكرانيا بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا سيجعل من مثل هذه المهمة غير ممكنة في الوقت الراهن. وأضاف روته أنه حتى الاستعانة بمهمة عسكرية محدودة بغرض إتاحة أعمال الانتشال والبحث في منطقة سقوط الطائرة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد. ودفعت سلسلة عناصر كييف والدول الغربية إلى اتهام الانفصاليين الموالين لروسيا بالوقوف وراء الحادث. وسبق أن توجه فريق من الأطباء الشرعيين الهولنديين إلى المكان لكن ليس من الشرطة الجنائية المكلفة بالتحقيق، وذلك لأسباب أمنية. وأعيدت عدة جثث إلى هولندا حيث تم التعرف على أول ضحية السبت، لكن لا تزال هناك 71 جثة ناقصة. وتواجه المهمة عقبات كبيرة بسبب المعارك المحتدمة بين القوات الأوكرانية والانفصاليين في المنطقة رغم وقف إطلاق نار هش على حدود الموقع. وفي هذا السياق فإن تأمين الموقع يعتبر أمرا حيويا، إلا أن مهمة البعثة تتسم بحساسية شديدة مع تحفظ روسيا والانفصاليين على وجود أجانب مسلحين في منطقة النزاع.
وشددت أستراليا، أمس، على الطابع «غير المهدد» لهذه القوة. وبشأن انتشار بعثة شرطة مسلحة تم التفاوض عليه بين كييف ولاهاي وكانبيرا فإن هذا الانتشار ما زال يتطلب مصادقة البرلمان الأوكراني الذي سيعقد جلسة مغلقة غير عادية في هذا الصدد الخميس المقبل.
وميدانيا، قتل 13 مدنيا بينهم طفلان أمس في معارك في غورليفكا، أحد معاقل الانفصاليين، على بعد 45 كيلومترا شمال دونيتسك (شرق)، كما أعلنت الإدارة الإقليمية في بيان. وقال البيان «بحسب المعلومات الأولية، قتل 13 شخصا بينهم طفل عمره سنة وآخر خمس سنوات». وكان متحدث عسكري أوكراني أشار في وقت سابق إلى إطلاق قذائف من صواريخ «غراد» على الأحياء السكنية في غورليفكا ونسبها إلى الانفصاليين.
ومن جهته، فإن الجيش الأوكراني، الذي استعاد هذا الأسبوع عدة مدن، يتقدم حاليا باتجاه دونيتسك معقل الانفصاليين.



ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
TT

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)

تقف خمس شابات في وسط العاصمة الأوكرانية، رغم البرد القارس، دقيقة صمت إحياء لذكرى ضحايا الغزو الروسي، في مبادرة أطلقها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مارس (آذار) 2022 على أن تكون جزءا من الحياة اليومية، لكن بعد حوالى ثلاث سنوات من الحرب أصبحت مشهدا نادر الحدوث.

حملت الفتيات لافتات تدعو المارة إلى التوقف للمشاركة في دقيقة صمت عند التاسعة صباحا، وهو جزء من هذه المبادرة الرسمية التي أطلقها زيلينسكي بعد أسابيع قليلة من بدء الحرب. لكن معظم الحشود الخارجة من محطة مترو غولدن غايت المركزية في كييف، كانت تمر بمحاذاتهن من دون التوقف.

وبعد انتهاء الدقيقة، طوت طالبة الصحافة أوليا كوزيل (17 عاما) اللافتات المصنوعة من ورق الكرتون المقوى في حقيبة.

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشعر بالغضب من الأشخاص الذين لا يتوقفون، الذين ينظرون ويقرأون، وأستطيع أن أرى في عيونهم أنهم يقرأون لافتاتنا لكنهم يواصلون طريقهم».

كوزيل هي جزء من مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يحاولون إعادة الزخم لمبادرة زيلينسكي.

عندما لا يكون هناك تحذير من غارات جوية، يجتمع هؤلاء مرة في الأسبوع في مكان مزدحم لتشجيع سكان كييف على التوقف لمدة 60 ثانية.

وتقول كوزيل إن دقيقة الصمت هي وسيلة لمعالجة الحزن الجماعي والفردي الذي يخيم على الأوكرانيين أكانوا يعيشون قرب الجبهة أو بعيدا منها.

ويبدو أن حملة الشابات بدأت تثمر. فقد وافقت بلدية كييف هذا الأسبوع على القراءة الأولى لمشروع قانون يجعل دقيقة الصمت إلزامية في المدارس وبعض وسائل النقل العام. ويشمل المقترح أيضا عدا تنازليا يتردّد صداه عبر مكبرات الصوت في كل أنحاء المدينة من الساعة 9,00 حتى 9,01 صباح كل يوم.

وتعود الفكرة الأصلية لهذه المبادرة إلى إيرينا تسيبوخ، الصحافية التي أصبحت مقدمة رعاية على الجبهة والمعروفة في أوكرانيا باسمها الحركي «تشيكا». وأثار مقتلها قرب الجبهة في مايو (أيار)، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلادها السادس والعشرين، موجة من الحزن.

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

وقالت صديقتها كاترينا داتسينكو لوكالة الصحافة الفرنسية في أحد مقاهي كييف «عندما علمنا بمقتل إيرا (إيرينا) قلنا لأنفسنا أمرين: أولا، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ أرادت إيرا أن تعيش كثيرا. وثانيا: يجب أن نكمل معركتها. لا يمكننا أن نستسلم».

وكانت تسيبوخ تريد من الأوكرانيين أن يخصّصوا دقيقة لأحبائهم أو الأشخاص الذين يمثلون لهم شيئا ما، على أساس أن التفكير الجماعي في ضحايا الحرب يمكن أن يوحّد الأمة في مواجهة الصدمة الفردية.

* الأكلاف البشرية

قال زيلينسكي أخيرا إن 43 ألف جندي أوكراني قتلوا في الحرب، رغم أن التقديرات المستقلة تشير إلى أن العدد أعلى من ذلك بكثير.

من جهتها، تفيد الأمم المتحدة بأن العدد المؤكد للقتلى المدنيين البالغ 11743 هو أقل من الواقع إلى حد كبير.

ومع ارتفاع هذه الحصيلة بشكل يومي، يحاول الناشطون غرس معنى جديد لطريقة تخليد ضحايا الحرب.

وقالت الناشطة داتسينكو (26 عاما) التي شاركت في تأسيس المنظمة غير الحكومية «فشانوي» أي «الشرف»، «لا أعرف كيف يمكن لدولة بهذا الحجم أن تخلّد ذكرى كل شخص، لكنّ ذلك ممكن على مستوى المجتمع».

من جهته، رأى أنتون دروبوفيتش، المدير السابق لمعهد الذاكرة الوطنية في أوكرانيا، أن دقيقة الصمت «لا تتعلق بالحرب، بل بالأشخاص. أولئك الذين كانوا معنا بالأمس، والذين شعرنا بدفئهم لكنهم لم يعودوا هنا... الأمر يتعلق بالحب والكلمات التي لم يكن لديك الوقت لتقولها للأشخاص الذين تحبهم».

لكن بعض معارضي الفكرة يقولون إن التذكير اليومي بالخسارة يجعل الناس عالقين في الماضي.