إدارة «نيسان» تعزل غصن بـ«الإجماع»

ترقب واسع لمصير التحالف الفرنسي ـ الياباني

كارلوس غصن (أ.ف.ب)
كارلوس غصن (أ.ف.ب)
TT

إدارة «نيسان» تعزل غصن بـ«الإجماع»

كارلوس غصن (أ.ف.ب)
كارلوس غصن (أ.ف.ب)

أقال مجلس إدارة مجموعة «نيسان» لصناعة السيارات، أمس (الخميس)، رئيسه كارلوس غصن الموقوف في طوكيو بتهمة التهرب الضريبي، في خطوة لم يكن من الممكن تصوُّرُها للرجل الذي أنقذ هذه المجموعة اليابانية العملاقة.
وقبل اجتماع مجلس إدارة «نيسان»، الذي ضم ستة رجال وسيدة واحدة، أمس، صرَّح مصدر قريب من الإدارة بأنه «ليس هناك أي سيناريو آخر مرجَّح غير عزل غصن»، وقال إن «الاقتراح ما كان سيُطرح للتصويت عليه لو كان هناك حد أدنى من الشكوك».
وأكدت المجموعة التي بنى فيها غصن سمعته كمؤسس إمبراطوريات في عالم صناعة السيارات في 1999، أنها اتخذت هذا القرار «بالإجماع». وقالت في بيان إنه «بعد مراجعة تقرير مفصَّل لتحقيق داخلي، صوت مجلس الإدارة بالإجماع على إقالة غصن من منصب رئيس مجلس الإدارة». كما قرر مجلس الإدارة أيضاً عزل المدير التمثيلي غريغ كيلي، الذي جرى إلقاء القبض عليه أيضاً مطلع هذا الأسبوع.
ويُفترض أن يتم تعيين رئيس لمجلس الإدارة خلفاً لغصن، وسيكون على الأرجح الرئيس التنفيذي للمجموعة «هيروتو سايكاوا» مساعده السابق الذي شنَّ هجوماً عنيفاً، مساء الاثنين، على «مرشده السابق».
ومن شأن عزل غصن أن يجعل الضبابية تكتنف اتجاه تحالف «رينو - نيسان»، الذي أشرف شخصياً على تشكيله وتعهد بتعزيزه عبر تعميق الروابط على الرغم من تحفظات في «نيسان». ويشغل غصن منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «رينو» أيضاً.
لكن «نيسان» أشارت، أمس، إلى أن التحالف مع «رينو» الفرنسية «يبقى دون تغيير»، موضحة في بيانها أن «مجلس الإدارة أدرك أهمية المسألة، وأكد على استمرار التحالف مع شركة (رينو)».
ومن جهتها، تنوي «ميتسوبيشي موتورز» أحد أطراف التحالف القوي لصناعة السيارات، «إقالة» غصن رئيسها، «بسرعة». وقال ناطق باسم المجموعة إن مجلس إدارتها سيجتمع، الأسبوع المقبل، لهذا الهدف.
أما مجموعة «رينو» فتلتزم الحذر. وقد طلب مجلس إدارتها من «نيسان»... «تسليمه كل المعلومات التي بحوزتها، في إطار التحقيقات الداخلية بشأن غصن».
لكن «رينو» قالت إنها تقف إلى جانب مديرها التنفيذي، رغم إعلانها عن تكليف مدير العمليات تييري بولوريه «مؤقتاً» الإدارةَ التنفيذية للمجموعة «بالصلاحيات نفسها» التي يتمتع بها رئيس مجلس الإدارة.
وأعلن وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، أول من أمس (الأربعاء)، أن «هذه القيادة تضمن حسن سير العمل لدى شركة (رينو)». وأضاف أن «قيادة (رينو) متينة لكنها مؤقتة»، مؤكداً أنه سيلتقي نظيره الياباني لمناقشة «تمديد» التحالف.
وتحدثت الصحافة المحلية اليابانية نقلاً عن مسؤولين في «نيسان» عن أن المجموعة تريد إعادة النظر في هيكلة التحالف، وهو «شرط أساسي لكي تستمر» بحسب قول أحدهم. وقالوا إن الهدف قد يكون إعادة النظر في توزيع الأسهم، إذ إن «رينو» تمتلك 43 في المائة من «نيسان»، لكن الشركة اليابانية التي تتقدم على حليفتها في مجال رقم الأعمال لا تملك سوى 15 في المائة من أسهم «رينو»، وهو وضع يثير منذ فترة طويلة استياء في الأرخبيل.
وذكرت الصحيفة الاقتصادية «نيكاي» نقلاً عن مسؤول في «نيسان» أن كارلوس غصن كان يسعى إلى دمج المجموعتين «ومن المحتمل أن تكون هناك خطة ملموسة جاهزة في الربيع المقبل». لكن عملية الدمج هذه مرفوضة كما هو واضح من قبل سايكاوا.
وقد انقلبت حياة غصن الذي ينسب إليه النجاح في تغيير مصير تحالف «نيسان - رينو - ميتسوبيشي»، فجأة عند توقيفه، الثلاثاء، فور هبوط طائرته الخاصة في طوكيو. والتزم غصن (64 عاماً) الصمت منذ توقيفه.
ويتهم غصن الفرنسي اللبناني البرازيلي رسمياً بأنه قام مع شركاء بتقديم كشوفات تقل عن دخله الحقيقي «بخمس مرات بين يونيو (حزيران) 2011 ويونيو 2015»، معلناً عن مبلغ إجمالي بقيمة 4.9 مليار ين (نحو 44 مليون دولار) بدلاً من عشرة مليارات ين. لكن يُشتبه أيضاً بأنه استخدم ممتلكات الشركة لحسابه الخاص حسب نتائج تحقيق داخلي أجرته «نيسان» في الأشهر الأخيرة.
وتسبب توقيف غصن المفاجئ في صدمة واسعة في قطاع صناعة السيارات في اليابان وخارجها. وكان أسلوب حياته الباذخ يثير انتقادات في اليابان. فقد أفاد التلفزيون الياباني الرسمي «إن إتش كي» بأن «نيسان» دفعت «أموالاً هائلة» لتزويد غصن بمنازل فخمة في ريو دي جانيرو وبيروت وباريس وأمستردام دون «وجود أي مبرر مشروع يتعلق بالأعمال».



ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)

يُرجئ دونالد ترمب فرض التعريفات الجمركية خلال يومه الأول ويراهن بشكل كبير على أن إجراءاته التنفيذية يمكن أن تخفض أسعار الطاقة وتروض التضخم. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت أوامره ستكون كافية لتحريك الاقتصاد الأميركي كما وعد.

فقد قال ترمب في خطاب تنصيبه إن «أزمة التضخم ناجمة عن الإفراط في الإنفاق الهائل»، كما أشار إلى أن زيادة إنتاج النفط ستؤدي إلى خفض الأسعار.

وتهدف الأوامر التي يصدرها يوم الاثنين، بما في ذلك أمر مرتبط بألاسكا، إلى تخفيف الأعباء التنظيمية على إنتاج النفط والغاز الطبيعي. كما أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة على أمل إطلاق المزيد من إنتاج الكهرباء في إطار المنافسة مع الصين لبناء تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على مراكز البيانات التي تستخدم كميات هائلة من الطاقة.

ويعتزم ترمب التوقيع على مذكرة رئاسية تسعى إلى اتباع نهج حكومي واسع النطاق لخفض التضخم.

كل هذه التفاصيل وفقاً لمسؤول قادم من البيت الأبيض أصر على عدم الكشف عن هويته أثناء توضيحه لخطط ترمب خلال مكالمة مع الصحافيين، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وقال المسؤول إن الإدارة الجديدة، في أول يوم له في منصبه، ستنهي ما يسميه ترمب بشكل غير صحيح «تفويضاً» للسيارات الكهربائية. على الرغم من عدم وجود تفويض من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته لفرض شراء السيارات الكهربائية، فإن سياساته سعت إلى تشجيع الأميركيين على شراء السيارات الكهربائية وشركات السيارات على التحول من السيارات التي تعمل بالوقود إلى السيارات الكهربائية.

هدّد ترمب، خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، بفرض رسوم جمركية على الصين والمكسيك وكندا ودول أخرى. ولكن يبدو أنه يتراجع حتى الآن عن فرض ضرائب أعلى على الواردات. وأشار المسؤول إلى تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يقول إن ترمب سيوقع فقط على مذكرة تطلب من الوكالات الفيدرالية دراسة القضايا التجارية.

ومع ذلك، تعهد ترمب في خطاب تنصيبه بأن التعريفات الجمركية قادمة، وقال إن الدول الأجنبية ستدفع العقوبات التجارية، على الرغم من أن هذه الضرائب يدفعها المستوردون المحليون حالياً وغالباً ما يتم تمريرها إلى المستهلكين.

لقد كان قرار التوقف ودراسة التعريفات الجمركية إشارة إلى الحكومة الكندية بأنه يجب أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات تقريباً بشأن اتجاه التجارة مع الولايات المتحدة.

«ربما يكون قد اتخذ قراراً بتعليق التهديد بالتعريفات الجمركية نوعاً ما على قائمة كاملة من الدول. سننتظر ونرى»، وفق ما قال وزير المالية الكندي دومينيك لوبلانك. أضاف: «لقد كان السيد ترمب في ولايته السابقة غير قابل للتنبؤ، لذا فإن مهمتنا هي التأكد من أننا مستعدون لأي سيناريو».

وبشكل عام، يواجه الرئيس الجمهوري مجموعة من التحديات في تحقيق طموحاته في خفض الأسعار. فقد نجح بايدن في خفض معدل التضخم على مدار عامين، إلا أنه سيغادر منصبه مع استمرار نمو الأسعار الذي فاق نمو الأجور على مدار السنوات الأربع الماضية.

ومن بين الدوافع الكبيرة للتضخم استمرار نقص المساكن، كما أن إنتاج النفط الأميركي وصل بالفعل إلى مستويات قياسية، حيث يواجه المنتجون حالة من عدم اليقين بشأن الطلب العالمي هذا العام.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو من الناحية الفنية الهيئة الحكومية المكلفة الحفاظ على التضخم عند هدف سنوي يبلغ 2 في المائة تقريباً. وتتمثل أدواته المعتادة في تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل لإقراض البنوك لبعضها البعض، بالإضافة إلى مشتريات السندات والاتصالات العامة.

وقال ترمب إن إنتاج الموارد الطبيعية هو المفتاح لخفض التكاليف بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، سواء في المضخة أو في فواتير الخدمات العامة.

تتخلل أسعار الطاقة كل جزء من الاقتصاد، لذا فإن زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى أمر بالغ الأهمية للأمن القومي. وقد اشتكى ترمب، الذي تعهد باستعادة «هيمنة الولايات المتحدة في مجال الطاقة»، من أن إدارة بايدن حدّت من إنتاج النفط والغاز في ألاسكا.

ومع ذلك، ووفقاً للأوزان الترجيحية لمؤشر أسعار المستهلك، فإن الإنفاق على الطاقة يمثل في المتوسط 6 في المائة فقط من النفقات، أي أقل بكثير من الغذاء (13 في المائة) أو المأوى (37 في المائة).

عاد التضخم، الذي كان خامداً لعقود، إلى الظهور من جديد في أوائل عام 2021 مع تعافي الاقتصاد بقوة غير متوقعة من عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19. طغت الطفرة في طلبات العملاء على سلاسل التوريد في أميركا، ما تسبب في حدوث تأخيرات ونقص وارتفاع الأسعار. وكافحت مصانع رقائق الحاسوب والأثاث وغيرها من المنتجات في جميع أنحاء العالم للانتعاش.

وقد سارع المشرعون الجمهوريون إلى إلقاء اللوم على إدارة بايدن في إغاثة إدارة بايدن من الجائحة البالغة 1.9 تريليون دولار، على الرغم من أن التضخم كان ظاهرة عالمية تشير إلى عوامل تتجاوز السياسة الأميركية. وازداد التضخم سوءاً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

ورداً على ذلك، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. انخفض التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود عند 9.1 في المائة في منتصف عام 2022. لكن التضخم ارتفع منذ سبتمبر (أيلول) إلى معدل سنوي بلغ 2.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).

من المحتمل أن تحتاج العديد من الخطوات التي يتخذها ترمب إلى موافقة الكونغرس. تنتهي أجزاء من تخفيضاته الضريبية لعام 2017 بعد هذا العام، ويعتزم ترمب تمديدها وتوسيعها بتكلفة قد تتجاوز 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات. ويرى ترمب أن التخلص من الدعم المالي للطاقة المتجددة في عهد بايدن هو وسيلة محتملة لتمويل تخفيضاته الضريبية.