دمشق تلغي شرط موافقة الأمن على عقود الإيجار

TT

دمشق تلغي شرط موافقة الأمن على عقود الإيجار

ألغت السلطات السورية شرط الموافقة الأمنية المسبقة على إبرام عقود الإيجار الذي فرض عام 2014، الذي كانت بموجبه تمنع المعارضين والمشتبه بمعارضتهم للنظام وأبناء المناطق المعارضة، من السكن قريباً من المراكز الأمنية التابعة للنظام والمؤسسات المهمة.
وأصدرت وزارة الداخلية قراراً رقم «2744» تم بموجبه إجراء تعديلات على عقود الإيجارات عموماً. وتتداول وسائل إعلام محلية غير رسمية صورة عن القرار الصادر مؤخراً، ونص وجوب تسجيل «كل من يؤجر عقاراً للسكن أو مزاولة أي مهنة تجارية كانت أم صناعية، عقد الإيجار من قبل طرفي العقد في الوحدة الإدارية المختصة، أو مركز خدمة المواطن المخول بعقود الإيجار، والتي بدورها تقوم بإبلاغ مركز الشرطة المعني في مكان عقد الإيجار، والذي بدوره يحوله إلى فرع الأمن السياسي بهدف إجراء الدراسة الأمنية».
كما نصت المادة الأولى من القرار على «قيام فرع الأمن السياسي في المحافظة بتدقيق الوضع الأمني للمستأجر، دون أن يتوقف سريان عقد الإيجار، وفي حال تبين أن المستأجر عليه ملاحقة قانونية يتم اعتقاله، أو وضعه تحت المراقبة» بعد أن أصبح مكانه معلوماً لدى أمن النظام.
وكان النظام قد فرض عام 2014 شرط الحصول على موافقة أمنية لإبرام عقد الإيجار السكني والتجاري، وأيضاً عمليات البيع والشراء. فيتم بعد إجراء تسجيله في البلدية تحويله إلى قسم الشرطة في المنطقة، ومن قسم الشرطة إلى الجهة الأمنية المسؤولة عن المنطقة، في حال كان المستأجر من الجنسية السورية، أما إذا كان عربياً (فلسطينياً) فالإجراءات أكثر تعقيداً، إذ تتطلب موافقة أكثر من جهة أمنية، وتستغرق الموافقة من عشرة أيام إلى شهرين، فإذا عاد العقد مع عدم الموافقة يعتبر العقد مُلغى، ولا تتم عملية الإيجار.
وخلال أربع سنوات شهدت أسعار إيجار العقارات ارتفاعاً كبيراً، مع تراجع في حركة الإيجار بسبب التشديد الأمني، الذي تحول إلى وسيلة للابتزاز وتلقي الرشاوى مقابل تأمين الموافقات.
وقالت مصادر في مكتب عقارات بدمشق، إن قرار التعديل صدر منتصف الشهر الجاري، إلا أنه لم ينفذ بعد، معتبرة أنه قرار جيد، إذ يوفر الوقت كما يحد من حالات التهرب من تسجيل العقارات المستأجرة. وأملت المصادر أن يتبع ذلك تعديل مماثل فيما يخص عمليات بيع وشراء العقارات، التي تخضع لإجراءات معقدة تهدف إلى انتقاء الراغبين في التملك في كل منطقة، فيسمح لأشخاص معينين بما لا يسمح به لغيرهم.
ولفتت المصادر إلى أن إيجار البيوت والعقارات يلزم المستأجر وصاحب العقار بمراجعة الجهات الأمنية للحصول على موافقة خطيّة، قبل إبرام العقد.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.