سلامة: ليبيا انفجرت كقنبلة... والانتخابات هي الحل

حقوقيون يدافعون عن حق السلطات في إخلاء مهاجري سفينة «نيفين»

TT

سلامة: ليبيا انفجرت كقنبلة... والانتخابات هي الحل

رسم الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا، صورة للأوضاع في هذا البلد، وقال إن الانتخابات هي «الحل للخروج من الخلاف الدائر على الشرعية بين الأطراف المتنازعة، لكنها تحتاج إلى شروط». كما تطرق إلى مسألة إجبار مهاجرين غير شرعيين على إخلاء سفينة كانت تقلهم أمام ساحل مدينة مصراتة، موضحا أنه «ليس مع استخدام القوة، لكن الوضع كان مختلفاً بسبب انقسام المهاجرين أنفسهم».
ورأى سلامة في حوار مع قناة «فرانس 24»، مساء أول من أمس، أن «ليبيا تفجرت بعد عام 2011، وانقسمت لشظايا كقنبلة انفجرت»، لكنه أعرب عن أمله في التحاور بين مختلف الأطياف الليبية، والتعبير عن نفسها بطرق سلمية، من خلال الملتقى الوطني الذي ترعاه الأمم المتحدة.
وحول انقسام ليبيا بين شرق وغرب، قال سلامة إنه «ليس هناك انقسام بين شرق وغرب ليبيا، بل هناك آراء مختلفة في الشرق، وآراء أكثر اختلافاً في الغرب، وهذا أمر حسن، ويعكس وجود تعددية سياسية قائمة في البلاد».
ودافع سلامة عن نفسه بخصوص ما أنجزه خلال فترة عمله مبعوثا أمميا في ليبيا في وقف الاقتتال بين الميليشيات المسلحة، وقال بهذا الخصوص: «أنا ساعي خير ولست صاحب معجزات... ومن الصعب أن تجد بلداً يضم أكثر من 15 مليون قطعة سلاح، ولا تسمع فيه صوت الرصاص»، مشددا على أن «البعثة الأممية ساهمت في حل مشكلة الأمن، والاشتباكات في العاصمة طرابلس، ودفعت باتجاه الإصلاحات الاقتصادية، ونحن نعمل الآن بكل جهدنا على جمع الليبيين في ملتقى وطني، فضلاً عن نقل مقر البعثة إلى طرابلس، وقريباً سيتم فتح مقر لها في بنغازي». وبخصوص الانتخابات في ليبيا، أكد سلامة أن إجراءها يحتاج إلى شروط أمنية وقانونية، ليست متوفرة اليوم، لكنه استدرك بالقول: «إذا عملنا بصورة كافية، وعمل معنا الليبيون خلال الأشهر المقبلة، فإننا نعتقد أنه باستطاعتنا أن نجري هذه الانتخابات، لأن الخلاف على الشرعية لا تحله إلا الإرادة الشعبية الليبية».
وفي معرض حديثه عن المهاجرين غير الشرعيين، لفت سلامة إلى أن «هناك تقدما كبيرا في هذه القضية»، مبرزا أنه يوجد 34 ألف مهاجر فقط داخل مراكز الاعتقال (الإيواء) في ليبيا، مقارنة بـ740 ألف مهاجر في عموم البلاد. وقال بهذا الخصوص: «ليبيا كانت خلال السنة الماضية معبراً للمهاجرين وبأرقام عالية جداً. لكن هذه الأعداد انخفضت بصورة كبيرة منذ نحو أربعة أشهر، خصوصاً بالنسبة للقادمين من غرب أفريقيا، مقارنة بمن يأتون من شرقها. لكن هذا لا يعني أن المشكلة انتهت... أعتقد أنها مجرد هدنة»، ورأى أن ليبيا تشهد تقدماً كبيراً في ملف الهجرة غير الشرعية، وذلك بسبب تراجع حدة الضغط الدولي عليها.
في سياق ذلك، تحدث سلامة عن المهاجرين غير الشرعيين، الذين كانون معتصمين على سفينة «نيفين» قبالة ساحل مدينة مصراتة، وقال إن «الموقف المعقد جاء بسبب رغبة فئة من العالقين بالنزول. لكن الفئة الأخرى تمسكت بالمضي نحو أوروبا، فيما طالب مالك السفينة السلطات الليبية بإخلاء من المهاجرين لأسباب تجارية».
وأضاف سلامة موضحا: «أقنعنا وزارة الداخلية بعدم اللجوء إلى القوة، ما دامت المفاوضات سارية، ودخلنا كوسيط في المفاوضات. لكن مع تزايد التوتر بين المهاجرين اضطرت قوات للأمن للتدخل وإخلاء السفينة بالقوة، مستخدمة الرصاص المطاطي فقط، الذي لم يؤذ أحداً بشكل كبير».
في السياق ذاته، رأت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، أن «الدولة الليبية استخدمت سلطتها التقديرية» في التعامل مع المهاجرين غير النظاميين على سفينة (نيفين) بعد محاولات من التفاوض والمساعي، التي لعبها دبلوماسيون من دول المهاجرين.
وطالبت المنظمة، أمس، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إدارة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية داخل حكومة الوفاق الوطني، بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للنظر في الادعاءات، التي جاءت على لسان مهاجر إريتري على قناة «فرانس 24» بشأن تعرضه للتعذيب داخل الأراضي الليبية، ولفتت إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار أن حقوق المهاجرين مصونة، وفقا للقوانين والاتفاقيات الدولية.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.