مغربي مولع بالساعات القديمة يحوّل بيته إلى «متحف»

عبد الكريم بلفرحون في منزله («الشرق الأوسط»)
عبد الكريم بلفرحون في منزله («الشرق الأوسط»)
TT

مغربي مولع بالساعات القديمة يحوّل بيته إلى «متحف»

عبد الكريم بلفرحون في منزله («الشرق الأوسط»)
عبد الكريم بلفرحون في منزله («الشرق الأوسط»)

يستقبلك بيت المتقاعد المغربي عبد الكريم بلفرحون في العاصمة المغربية الرباط بباب بسيط، مصنوع من قضبان حديد وسيقان قصب، لكن بمجرد تجاوز عتبته يجد الزائر نفسه في قلب لوحة فنية بديعة، تتشكل من أثاث بتصاميم فريدة وجدران تغطيها اللوحات الملوّنة المزيّنة بالخرز الخشبي، وساعات قديمة موزعة في أركان البيت بترتيب متقن، فيما تدلت من السقف ثريات مختلفة الأشكال. كل هذه التحف عكف عليها بلفرحون لساعات وأيام ليصنعها في ورشته على سطح المنزل.
يحكي بلفرحون لـ"الشرق الأوسط" أن ولعه بالساعات القديمة انطلقت شرارته الأولى في الخمسينات من القرن الماضي عندما كان تلميذا في إحدى المدارس بضواحي الرباط، وكانت تبهره الساعة التي يضعها معلمه حول معصمه.
ويضيف الرجل البالغ من العمر 67 عاما، أنه صنع ساعته الأولى من غطاء معدني لزجاجة مشروب غازي وقطعة زجاج صغيرة وضع بينهما ورقة بعدما كتب عليها الأرقام ورسم لها عقارب، ثم ربط "الساعة" بخيط على معصمه، وراح يتباهى بها أمام أقرانه.
هذا الولع بالساعات ظل كامنا في نفس بلفرحون إلى حدود عام 1987 عندما اشترى أول ساعة حائطية قديمة، حاول ضبطها لكنها تعطلت، ففكر في البحث عمن يصلحها لكنها سرعان ما عدل عن فكرته. ويقول إن تلك الليلة كانت من أطول الليالي في حياته، إذ انتظر الصباح بنفاذ صبر، وعلى ضوئه صعد إلى ورشته في سطح المنزل وشرع في تفكيك الساعة وإصلاحها، فنجح في ذلك، ليخطو أول خطوة في مضمار إصلاح الساعات القديمة.
ويضيف أنه منذ ذلك التاريخ وهو مولع باقتناء الساعات التي يجلبها له أصدقاؤه من أسواق الخردة، ويعمل بالطبع على إصلاحها. وبيته اليوم يضم 90 ساعة قديمة بأشكال وأحجام مختلفة تُسمع تكتكاتها في كل أرجاء البيت المكوّن من طابقين.

*ساعتان برقّاص واحد
لكل ساعة في بيت بلفرحون حكاية، لكن أحبها إلى قلبه ساعة قديمة ذات رقّاص اشتراها بنحو 220 دولاراً، وصنع لها صندوقاً خشبياً زينه بالخرز الخشبي، وثبتها على الحائط في أحد أركان بيته، لتبدو أكبر ساعة في البيت.
إلى جانب الساعة الكبيرة، ثبت على الحائط صندوقا خشبيا مزخرفا يضم ساعتين متشابهتين، واحدة على اليمين وأخرى على اليسار، ونجح بلفرحون في أن يجعلهما تعملان برقاّص واحد مشترك.
كل ساعات عبد الكريم تحمل لمسته الخاصة، فهذه صنع لها رقاصا وتلك جمعها مع أخرى برقاص مشترك وأخرى صنع لها صندوقا أو زخرفة، لكن أكثرها إبداعا وتعقيدا تلك التي وضعها بركن في بهو البيت، إذ كلما رنّت على رأس الساعة، تدفق الماء من نافورتين صغيرتين على جانبيها، فيما يتحرك طابور من الدمى على شكل جنود جيئة وذهابا على مضمار في أسفل الإطار، وفي الوقت نفسه تتوهج لوحات في الغرفة الأخرى.

*ثلاثة ألوان
يضم بيت بلفرحون أيضا عددا من التصاميم وقطع الأثاث التي عكف على صنعها في ورشته الخاصة، وآخر ما أبدعت يداه طاولة خشبية وأربعة كراسٍ مزينة بالخرز. وهو يقول لـ"الشرق الأوسط" إن عمله يتطلب تركيزا كبيرا، وإنه يحس بفرحة عارمة كلما صنع شيئا جديدا.
تطغى على بيت عبد الكريم ثلاثة ألوان هي الأصفر والأخضر والبرتقالي التي غالبا ما يستعملها في زخرفة كل شيء، في اللوحات على الجدران والطاولات والثريات والساعات، وفي هذا الصدد قال الرجل الستيني إنه يحب هذه الألوان لأنها تثير البهجة في نفسه.
شغف بلفرحون بصنع تحفه الخاصة بدأ عام 2007، إذ كان يغادر عمله كموظف في حديقة الحيوانات بالرباط مسرعا إلى ورشته، وهناك كان يصنع قطعا جميلة بمساعدة إحدى بناته. وبعد إحالته على التقاعد عام 2011 تفرغ للعمل في ورشته حيث يمضي النهار كاملا.
يرفع بلفرحون رأسه وينظر مليا في لوحة مثبتة بأعلى الجدار كتبت عليها آية قرآنية، وقبل أن يحول نظره إلى لوحة أخرى قال إن أكبر حلم يراوده اليوم هو تزيين المساجد في المغرب بمثل الزخرفات والآيات القرآنية التي تنتشر في بيته. ويضيف أن هذا الحلم مرتبط بآخر، هو تعليم عدد من الشبان هذا الفن، أولاً حتى يساعدوه في تحقيق حلمه المرتبط بتزيين المساجد، وثانياً لكي يطمئن إلى أن هذه "الحرفة" يمكنها الاستمرار.

*من «مبادرة المراسل العربي»



الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
TT

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)

كشفت دراسة أميركية عن استراتيجية بديلة تلجأ إليها الخفافيش عندما تفقد قدرتها على السمع، وهي حاسة أساسية تستخدمها للتوجيه عبر تقنية الصدى الصوتي.

وأوضح الباحثون من جامعة جونز هوبكنز أن النتائج تثير تساؤلات في إمكانية وجود استجابات مشابهة لدى البشر أو الحيوانات الأخرى، مما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Current Biology).

وتعتمد الخفافيش بشكل أساسي على حاسة السمع للتنقل والتواصل عبر نظام تحديد المواقع بالصدى (Echolocation)، إذ تُصدر إشارات صوتية عالية التّردد وتستمع إلى صدى ارتدادها عن الأشياء المحيطة لتحديد موقعها واتجاهها. وتعد هذه القدرة إحدى الحواس الأساسية لها.

وشملت الدراسة تدريب الخفافيش على الطيران في مسار محدد للحصول على مكافأة، ومن ثم تكرار التجربة بعد تعطيل مسار سمعي مهمٍّ في الدماغ باستخدام تقنية قابلة للعكس لمدة 90 دقيقة.

وعلى الرغم من تعطيل السمع، تمكنت الخفافيش من إتمام المسار، لكنها واجهت بعض الصعوبات مثل التصادم بالأشياء.

وأوضح الفريق البحثي أن الخفافيش تكيفت بسرعة بتغيير مسار طيرانها وزيادة عدد وطول إشاراتها الصوتية، مما عزّز قوة الإشارات الصدوية التي تعتمد عليها. كما وسّعت الخفافيش نطاق الترددات الصوتية لهذه الإشارات، وهي استجابة عادةً ما تحدث للتعويض عن الضوضاء الخارجية، لكنها في هذه الحالة كانت لمعالجة نقص داخلي في الدماغ.

وأظهرت النتائج أن هذه الاستجابات لم تكن مكتسبة، بل كانت فطرية ومبرمجة في دوائر الدماغ العصبية للخفافيش.

وأشار الباحثون إلى أن هذه المرونة «المذهلة» قد تعكس وجود مسارات غير معروفة مسبقاً تعزّز معالجة السمع في الدماغ.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة، الدكتورة سينثيا موس، من جامعة جونز هوبكنز: «هذا السلوك التكيفي المذهل يعكس مدى مرونة دماغ الخفافيش في مواجهة التحديات».

وأضافت عبر موقع الجامعة، أن النتائج قد تفتح آفاقاً جديدة لفهم استجابات البشر والحيوانات الأخرى لفقدان السمع أو ضعف الإدراك الحسي.

ويخطط الفريق لإجراء مزيد من الأبحاث لمعرفة مدى تطبيق هذه النتائج على الحيوانات الأخرى والبشر، واستكشاف احتمال وجود مسارات سمعية غير معروفة في الدماغ يمكن أن تُستخدم في تطوير علاجات مبتكرة لمشكلات السمع لدى البشر.