خطط «ياهو» لتعويض نقص الإعلانات

كوكبة من المجلات الرقمية تركز على موضوعات الغذاء والتقنية والأفلام والسفر

ماريسا ماير الرئيسة التنفيذية لـ«ياهو» (نيويورك تايمز)
ماريسا ماير الرئيسة التنفيذية لـ«ياهو» (نيويورك تايمز)
TT

خطط «ياهو» لتعويض نقص الإعلانات

ماريسا ماير الرئيسة التنفيذية لـ«ياهو» (نيويورك تايمز)
ماريسا ماير الرئيسة التنفيذية لـ«ياهو» (نيويورك تايمز)

انهمك أربعة من محرري «ياهو» في نقاش أثناء وجودهم في مكتب «ياهو للغذاء» في مانهاتن: «هل ينقر زوار (ياهو) على مميزات تتعلق بالأطعمة من طريق الحرير القديم، أم لعلهم يفضلون دليلا عن البطاطس بالجبن وغيرها من الوجبات الخفيفة التي تتماشى مع تتبيلة المزرعة للنهائي الرباعي في مباريات كرة السلة؟».
تقول راشيل تيبر، المعنية بالتاريخ، إن الناس قد يهتمون بكيفية انتشار القمح وحبوب الدخن في جميع أنحاء العالم منذ آلاف السنين. وتساور جوليا بينبريدج، التي لحقت بفريق «ياهو للغذاء» قادمة من مجلة «بون أبيتي» العام الماضي، الشكوك، حيث قالت: «أنا لا أرى قراءنا ينقرون كثيرا على (ما قصة طريق الحرير؟). مثل تلك الاختيارات: (تتبيلة المزرعة في مقابل تاريخ الغذاء) هي التي يعتمد عليها حاليا مستقبل (ياهو)». ولا تزال شركة الإنترنت الرائدة تجذب جمهورا واسعا، ولكن فيما يخص الإعلانات، وهي المصدر الرئيس للعائدات، فإنها تتناقص باستمرار. وقد قررت ماريسا ماير، الرئيسة التنفيذية، أن أحد السبل المتاحة لعكس ذلك التناقص يكون عن طريق تحويل الشركة إلى إمبراطورية إعلامية مع كوكبة مما وصفته بالمجلات الرقمية التي تركز على موضوعات مثل الغذاء، والتقنية، والأفلام، والسفر. تقول ماير إنها تريد أن تجعل من «ياهو» «عادة يومية» لمستخدميها البالغين 800 مليون زائر. غير أنها لا تريد من الناس زيارة «ياهو» لقراءة رسائل البريد الإلكتروني فقط، أو لنشر الصور على موقع «فليكر» أو معرفة آخر نتائج المباريات الرياضية؛ بل إنها تريد من «ياهو» أن يكون مكانا يجتمعون فيه ويقضون عليه مزيدا من أوقاتهم، سواء كانوا من المهتمين بتصميمات الأزياء، أو الشغوفين بأحدث الأجهزة التقنية، أو من متتبعي الشائعات. وينضم إليهم في ذلك أيضا طائفة من المعلنين.
تجمع المنشورات الجديدة، والمصممة باستخدام التقنية المتحصل عليها العام الماضي بوصفها جزءا من تعاقد الشركة على شراء موقع «Tumblr» لقاء 1.1 مليار دولار، بين المواد الأصلية والمواد المرخص لها من مواقع أخرى، فضلا عن الصور ومقاطع الفيديو الكبيرة، إلى صفحة من المنشورات اللانهائية والهادفة إلى إثناء الناس عن التباطؤ في المشاركة. ويأتي نوع مختلف من الدعاية متماشيا مع التيار ذاته؛ وتسمى الإعلانات المحلية أو المنشورات المدعومة، التي تبدو متماثلة تماما مع جميع المواد ومقاطع الفيديو الأخرى على الموقع باستثناء أنها تحت رعاية علامات تجارية مثل «كنور»، و«أفضل المشتريات»، و«فورد موتور». وتأمل «ياهو»، من وراء تلك الإعلانات، أن تجذب انتباه مزيد من القراء وتجني مزيدا من الأرباح للشركة. في بعض الحالات، يساعد محررو «ياهو» في كتابة محتويات تلك الإعلانات، وهو خلط بين الخطوط التقليدية للصحافيين، وجانب جني الأموال لصالح العمل. وقالت السيدة ماير في مقابلة قبل بضعة أشهر في مقر الشركة في سانيفيل بولاية كاليفورنيا: «نعتقد أن المجلات الرقمية يمكن أن تشكل تقدما رائعا، من حيث إيجاد فئة مختلفة من استهلاك المحتوى، فيمكنك تعديل الفيديو، ويمكنك تغيير المحتوى، ويمكنك إدخال الجانب الاجتماعي، كما يمكنك إخبار الآخرين، وبالمناسبة، سوف يقرأ صديقك هذه المقالة، ويعتقد أنها مثيرة للاهتمام». بلغ عدد العاملين في «ياهو» بنهاية العام الماضي نحو 14 ألف عامل، وذلك بعد سلسلة تخفيضات للعمالة خلال الأعوام الأخيرة.
كانت إيرادات «ياهو»، وأغلبها يأتي من إعلانات الإنترنت، قد تراجعت بشكل مطرد خلال السنوات القليلة الماضية، بعد أن فقدت الشركة جزءا من حصتها في سوق الإنترنت لصالح منافسين جدد مثل «غوغل» و«فيس بوك».



كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
TT

كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)

قبل 861 عاماً، نهضت كاتدرائية «نوتردام دو باريس» في قلب العاصمة الفرنسية. ومع مرور العقود والعصور تحوّلت إلى رمز لباريس، لا بل لفرنسا. ورغم الثورات والحروب بقيت «نوتردام» صامدة حيث هي، في قلب باريس وحارسة نهر السين الذي يغسل قدميها. إلا أن المأساة حلّت في شهر أبريل (نيسان) من عام 2019، عندما اندلع حريق هائل، التهمت نيرانه أقساماً رئيسة من الكاتدرائية التي انهار سقفها وتهاوى «سهمها»، وكان سقوطه مدوياً.

منظر للنافذة الوردية الجنوبية لكاتدرائية نوتردام دو باريس(رويترز)

حريق «نوتردام» كارثة وطنية

وكارثة «نوتردام» تحوّلت إلى مأساة وطنية، إذ كان يكفي النظر إلى آلاف الباريسيين والفرنسيين والسياح الذين تسمّروا على ضفتي نهر السين ليشهدوا المأساة الجارية أمام عيونهم. لكن اللافت كانت السرعة التي قررت فيها السلطات المدنية والكنسية مباشرة عملية الترميم، وسريعاً جدّاً، أطلقت حملة تبرعات.

وفي كلمة متلفزة له، سعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى شد أزر مواطنيه، مؤكداً أن إعادة بناء الكاتدرائية و«إرجاعها أجمل مما كانت» ستبدأ من غير تأخير. وأعلن تأسيس هيئة تشرف عليها، وأوكل المهمة إلى الجنرال جان لويس جورجولين، رئيس أركان القوات المسلحة السابق. وبدأت التبرعات بالوصول.

وإذا احتاجت الكاتدرائية لقرنين لاكتمال بنائها، فإن ترميمها جرى خلال 5 سنوات، الأمر الذي يعد إنجازاً استثنائياً لأنه تحول إلى قضية وطنية، لا بل عالمية بالنظر للتعبئة الشعبية الفرنسية والتعاطف الدولي، بحيث تحوّلت الكاتدرائية إلى رابطة تجمع الشعوب.

وتبين الأرقام التي نشرت حديثاً أن التبرعات تدفقت من 340 ألف شخص، من 150 دولة، قدّموا 846 مليون يورو، إلا أن القسم الأكبر منها جاء من كبار الممولين والشركات الفرنسية، ومن بينهم من أسهم بـ200 مليون يورو. ومن بين الأجانب المتبرعين، هناك 50 ألف أميركي، وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وكان أحد الأسباب التي دفعته للمجيء إلى فرنسا؛ البلد الأول الذي يزوره بعد إعادة انتخابه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

متطوعون يضعون برنامج الحفل على المقاعد قبل الحفل (أ.ف.ب)

منذ ما يزيد على الشهر، تحوّلت الكاتدرائية إلى موضوع إلزامي في كل الوسائل الإعلامية. وخلال الأسبوع الحالي، حفلت الصحف والمجلات وقنوات التلفزة والإذاعات ببرامج خاصة تروي تاريخ الكاتدرائية والأحداث الرئيسة التي عاشتها في تاريخها الطويل.

وللدلالة على الأهمية التي احتلتها في الوعي الفرنسي، فإن رئيس الجمهورية زارها 7 مرات للاطلاع على التقدم الذي حققه المهنيون والحرفيون في إعادة البناء والترميم. وإذا كانت الكاتدرائية تجتذب قبل 2012 ما لا يقل عن 12 مليون زائر كل عام، فإن توقعات المشرفين عليها تشير إلى أن العدد سيصل العام المقبل إلى 15 مليوناً من كل أنحاء العالم.

المواطنون والسياح ينتظرون إفساح المجال للوصول الى ساحة الكاتدرائية (أ.ف.ب)

باريس «عاصمة العالم»

خلال هذين اليومين، تحوّلت باريس إلى «عاصمة العالم»، ليس فقط لأن قصر الإليزيه وجّه دعوات لعشرات من الملوك ورؤساء الدول والحكومات الذين حضر منهم نحو الخمسين، ولكن أيضاً لأن الاحتفالية حظيت بنقل مباشر إلى مئات الملايين عبر العالم.

وقادة الدول الذين قدّموا إلى «عاصمة النور» جاءوا إليها من القارات الخمس. وبسبب هذا الجمع الدولي، فإن شرطة العاصمة ووزارة الداخلية عمدتا إلى تشكيل طوق أمني محكم لتجنب أي إخلال بالأمن، خصوصاً أن سلطاتها دأبت على التحذير من أعمال قد تكون ذات طابع إرهابي. وإذا كان الرئيس الأميركي المنتخب قد حظي بالاهتمام الأكبر، ليس لأنه من المؤمنين المواظبين، بل لأنه يُمثل بلداً له تأثيره على مجريات العالم.

لكن في المقابل، تأسف الفرنسيون لأن البابا فرنسيس اعتذر عن تلبية الدعوة. والمثير للدهشة أنه سيقوم بزيارة جزيرة كورسيكا المتوسطية الواقعة على بُعد رمية حجر من شاطئ مدينة نيس اللازوردية، في 15 الشهر الحالي. والمدهش أيضاً أنه منذ أن أصبح خليفة القديس بطرس في روما، «المدينة الخالدة»، فإنه زار فرنسا مرتين، ثانيها كانت لمدينة مرسيليا الساحلية. بيد أنه لم يأتِ إلى باريس إطلاقاً. ووفق مصادر واسعة الاطلاع، فإن قرار البابا أحدث خيبة على المستويين الديني والرسمي. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى حدث تاريخي رئيس، وهو أن بابا روما بيوس السابع، قدم إلى باريس يوم 2 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1804، لتتويج نابليون الأول إمبراطوراً.

وتمثل لوحة الرسام الفرنسي الشهير لوي دافيد، التي خلد فيها تتويج بونابرت، ما قام به الأخير الذي لم ينتظر أن يضع البابا التاج على رأسه، بل أخذه بيديه ووضعه بنفسه على رأسه، وكذلك فعل مع الإمبراطورة جوزفين.

احتفالية استثنائية

لم يساعد الطقس مساعدي الاحتفالية الذين خططوا لأن تكون من جزأين: الأول رسمي، ويجري في ساحة الكاتدرائية الأمامية؛ حيث يلقي الرئيس ماكرون خطابه المقدر من 15 دقيقة، وبعدها الانتقال إلى الداخل للجزء الديني. وكان مقدراً للمواطنين الـ40 ألفاً، إضافة إلى 1500 مدعو حظوا بالوجود داخل الكاتدرائية، أن يتابعوا الحدث من المنصات التي نصبت على ضفتي نهر السين، إلا أن الأمطار والعواصف التي ضربت باريس ومنطقتها أطاحت بالبرنامج الرئيس، إذ حصلت كل الاحتفالية بالداخل. بيد أن الأمطار لم تقض على شعور استثنائي بالوحدة والسلام غلب على الحاضرين، وسط عالم ينزف جراء تواصل الحروب، سواء أكان في الشرق الأوسط أم في أوكرانيا أم في مطارح أخرى من العالم المعذب. وجاءت لحظة الولوج إلى الكاتدرائية، بوصفها إحدى المحطات الفارقة، إذ تمت وفق بروتوكول يعود إلى مئات السنين. بدءاً من إعادة فتح أولريش لأبواب «نوتردام» الخشبية الكبيرة بشكل رمزي.

كاتدرائية «نوتردام» السبت وسط حراسة أمنية استعداداً لإعادة افتتاحها (إ.ب.ى)

وسيقوم بالنقر عليها 3 مرات بعصا مصنوعة من الخشب المتفحم الذي جرى إنقاذه من سقف الكاتدرائية الذي دمرته النيران، وسيعلن فتح الكاتدرائية للعبادة مرة أخرى. ونقل عن المسؤول عن الكاتدرائية القس أوليفييه ريبادو دوما أن «نوتردام»، التي هي ملك الدولة الفرنسية، ولكن تديرها الكنيسة الكاثوليكية «أكثر من مجرد نصب تذكاري فرنسي وكنز محبوب من التراث الثقافي العالم، لا بل هي أيضاً علامة على الأمل، لأن ما كان يبدو مستحيلاً أصبح ممكناً»، مضيفاً أنها أيضاً «رمز رائع».

الأرغن الضخم يحتوي على 8 آلاف مزمار تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام (أ.ف.ب)

كذلك، فإن تشغيل الأرغن الضخم الذي تم تنظيفه وتحضيره للمناسبة الاستثنائية، تم كذلك وفق آلية دقيقة. ففي حين ترتفع المزامير والصلوات والترانيم، فإنه جرى إحياء الأرغن المدوي، الذي صمت وتدهورت أوضاعه بسبب الحريق. ويحتوي الأرغن على 8 آلاف مزمار، تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام. وقام 4 من العازفين بتقديم مجموعة من الألحان بعضها جاء مرتجلاً.

إلى جانب الشقين الرسمي والديني، حرص المنظمون على وجود شق يعكس الفرح؛ إذ أدت مجموعة من الفنانين الفرنسيين والأجانب لوحات جميلة جديرة بالمكان الذي برز بحلة جديدة بأحجاره المتأرجحة بين الأبيض والأشقر وزجاجه الملون، وإرثه الذي تم إنقاذه من النيران وأعيد إحياؤه.

وبعد عدة أيام، سيُعاد فتح الكاتدرائية أمام الزوار الذي سيتدفقوة بالآلاف على هذا المعلم الاستثنائي.

حقائق

846 مليون يورو

تدفقت التبرعات من 340 ألف شخص من 150 دولة قدموا 846 مليون يورو لإعادة ترميم نوتردام