في وقت تتواصل الانتقادات للحكومة الإسرائيلية، من اليمين ومن اليسار، بسبب إخفاقاتها في المعارك الأخيرة مع التنظيمات الفلسطينية المسلحة، وتترافق معها السخرية من «عضلات نتنياهو الفارغة وتهديداته الكلامية الجوفاء لحركة حماس»، خرج أربعة من وزراء اليمين بتهديدات حربية مباشرة لـ«حماس» وقادتها، بروح أن «المعركة لم تنتهِ بعد»، وأن «إسرائيل ستعيد احتلال قطاع غزة وإسقاط (حماس) حتماً، ولكن في الوقت الذي تختاره هي وليس وفقاً لأجندة الفلسطينيين».
وهدد وزير الإسكان الإسرائيلي الجنرال يوآف غالانت، باغتيال قائد «حماس» في غزة يحيى السنوار. وقال غالانت، العضو في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) في الحكومة الإسرائيلية، خلال مؤتمر عقدته صحيفة «جيروزاليم بوست» الصادرة في إسرائيل باللغة الإنجليزية، أمس (الأربعاء)، إن «أيام يحيى السنوار محدودة. وأنا أعدكم بأنه لن يُنهي حياته في بيت مسنّين». وفي المؤتمر نفسه، تكلم وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان، وهو الآخر عضو في «الكابينت»، بأنه «إذا كان احتلال القطاع سيضمن أمن مواطنيها، فهذا ما ستفعله إسرائيل. وبرأيي إسرائيل أقرب من أي وقت سابق لإعادة احتلال قطاع غزة والسيطرة عليه».
وتلاه وزير المواصلات والاستخبارات يسرائيل كاتس، العضو في «الكابينت» أيضاً، الذي قال: «نحن قريبون من حرب لا مفرّ منها في غزة. وعلينا ضرب (حماس) بشدة من أجل اجتثاث الإرهاب. ولا يوجد أي حل سياسي للوضع في القطاع، ولا يوجد أي احتمال لتسوية مستقرة مع غزة. وعلى إسرائيل توجيه ضربة إلى (حماس) من أجل إعادة الردع المتآكل».
أما وزيرة القضاء والعضوة في «الكابينت» أييليت شاكيد، فقالت إن «وقف إطلاق النار لن يصمد سوى بضعة أشهر، وعندها سينكسر. وإذا لم يكن من خيار أمامنا، فلدينا القدرة على استخدام قوة أكبر ضد (حماس)». واعتبر قادة المعارضة هذه التصريحات «عربدة تافهة وانفلاتاً أجوف». وتوجهت رئيسة كتل المعارضة تسيبي ليفني، من كتلة «المعسكر الصهيوني»، إلى الوزراء قائلة: «إذا أردتم كسر إطلاق النار فأطلقوا، ولا تتحدثوا. أقوال كهذه تمس الردع الإسرائيلي. وإعادة احتلال غزة لا يتلاءم مع المصلحة الإسرائيلية». واضطر حتى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى لجم وزرائه، فطلب علناً أن يكفّوا عن التصريحات غير المسؤولة.
- هنية
وفي مقابل التهديدات الوزارية، بثّت «القناة العاشرة» للتلفزيون الإسرائيلي، مقابلة أجرتها مع مقاول بناء إسرائيلي، يدعى داني مخلوف من مدينة عسقلان (أشكلون)، التي تعرضت مؤخراً لقصف بالصواريخ من قطاع غزة، قال فيها إن زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية كان عاملاً لديه في قطاع البناء قبل نحو 40 عاماً. وأطرى مخلوف على هنية كثيراً وقال إنه كان إنساناً رائعاً وصادقاً وذكياً، وإنه بقي عنده نحو 9 سنوات، علّمه خلالها سرّ المهنة، وبنى معه بيوتاً عديدة في مدينة عسقلان التي «تحاول (حماس) هدمها بالصواريخ اليوم». وقالت ابنة المقاول إن هنية كان يزور بيت العائلة يومياً ويتناول الطعام على مائدتها ويشارك في مناسباتها، والعائلة أيضاً زارته في القطاع أكثر من مرة، «حين كان الإسرائيليون يدخلون قطاع غزة من دون مصاعب».
وروى مخلوف كيف دخل إلى غزة بعد أن سمع أن إسماعيل هنية انخرط في صفوف حركة «حماس»، لكي ينهاه عن هذا الطريق. فاعترض نشطاء «حماس» طريقه و«كادوا يقتلونني لولا تدخل إسماعيل هنية بنفسه في هذه الحادثة، وقال لهم: هذا الشخص مثل والدي». وأضاف المقاول أنه طلب من هنية أن يبتعد عن العنف، وقد تعهد حينها هنية أن يترك العنف و«لكنه اليوم صاحب القرار بشأن استهداف البيوت التي بناها بنفسه في مدينة أشكلون».