«مؤسّسة الفكر العربي» توقّع اتفاقية تعاون مع «معهد العالم العربي» في باريس

وقّعت مؤسّسة الفكر العربي اتفاقية تعاون مع معهد العالم العربي في باريس، بهدف تعزيز العلاقات ودعم أواصر التعاون في المجال الثّقافي والتبادل المعرفي، بناء على اهتمام المؤسّستين المشترك بقضايا الفكر والثّقافة وإبراز التراث العربي والإعلاء من شأن الانفتاح والحوار، وذلك خلال ندوة استضافها المعهد في مقرّه بباريس لمناقشة التقرير العربي العاشر للتّنمية الثّقافية الذي أصدرته مؤسّسة الفكر العربي تحت عنوان «الابتكار أو الاندثار. البحث العلمي العربي: واقعه وتحدّياته وآفاقه»، بحضور الأمير سلطان بن خالد الفيصل ورئيس معهد العالم العربي في باريس جاك لانغ.
وقال المدير العامّ لمؤسّسة الفكر العربي الدكتور هنري العَويط إنّ «الاتفاقية تُؤطّر علاقات التعاون بين المؤسّستين الثقافيتين إيماناً منّا بضرورة التعاون وجدواه بصورة عامّة، خاصّة بين المؤسّسات التي تجمع بينها قيم مشتركة وأهداف واحدة»، مشدّداً على أنّ «معهد العالم العربي يمثّل جسراً نموذجياً للتّواصل والتبادل والتفاعل الفكري والثّقافي والحضاري بين العالم العربي وفرنسا، ومن خلالها، بينه وبين أوروبّا والغرب».
من جهته، قال رئيس معهد العالم العربي في باريس جاك لانغ: «نحن فخورون وسعداء، وشرف لنا أن نوقّع اتفاقية تعاون مع مؤسّسة الفكر العربي، كما نحن متأثّرون باستضافة هذه الندوة»، معرباً عن أمله في أن يستضيف المعهد في المستقبل مزيداً من الفعاليّات المشتركة.
بدوره، قال المدير العامّ للمعهد معجب الزهراني في كلمته الترحيبية إنّ «شراكة معهد العالم العربي مع مؤسّسة الفكر العربي مبادرة طيّبة»، آملاً في أن «يكون هذا الملتقى في قلب مدينة النور والتنوير بداية لخريطة عمل في المستقبل».
وعن التقرير العربي العاشر للتنمية الثقافية، أكدّ المدير العامّ لمؤسّسة الفكر العربي البروفسور هنري العويط في كلمته الافتتاحية إنّ «في تبنّي الدول العربية الاقتراحات والرؤى والتوصيات التي صاغها، وخريطة الطريق التي رسمها، ما سيؤهّلها لمجابهة التحدّيات الكبرى التي تواجهها في مختلف القطاعات»، مشيراً إلى أنّ «هذه الجهود تصبّ في هدف تحقيق ما تحتاج إليه المجتمعات العربية وما تنشده على صعيد التنمية الشاملة والمستدامة».
ودعا رئيس الجامعة الأورو - متوسطية الدكتور عبد الحميد الزهيري إلى «تحفيز العلماء العرب للتّعاون فيما بينهم وإدماج الشباب العربي في البحوث العلمية لمنع هجرة العقول»، لافتاً إلى أنّ «كثيرا من المناطق العربية يعاني من هجرة الأدمغة».
من جهته، ذكر الاستشاري لدى الأمم المتّحدة الدكتور بدوي رهبان في مداخلته أنّ «التقرير يبين كيف تصبّ مقاربة التحدّيات التي تواجهها الدول العربية، بالاستناد إلى العلم والتكنولوجيا والابتكار، في الإطار الذي رسمته خطة التنمية المستدامة لعام 2030، كما يتّسم بتركيزه على نواح تتعلّق بمكوّنات التنمية المستدامة الثلاثة أي البيئة والمجتمع والاقتصاد»، مشدّداً على ضرورة «الرجوع إلى المعرفة العلمية والاستعانة بتطبيقاتها لمواجهة آثار تغيّر المناخ والحدّ من مخاطر الكوارث وتأمين المياه النظيفة والطاقة وجعل المدن مستدامة».
ولفت رئيس جامعة ULCO الدكتور حسّان صادوق إلى أنّ «الابتكار التربوي يعدّ أساساً في تطوير مناهج التعليم العالي في عصرنا الحالي»، داعياً إلى «إجراء تحوّلات جذرية في مسارات البحث العلمي والحاضنات التكنولوجية، إلى جانب الانفتاح على المحيط الاقتصادي والاجتماعي وتعزيز دور براءات الاختراع وعقد المزيد من الشراكات بهدف تطوير البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، خصوصاً بين الجامعات ومراكز البحوث».
وشدّد أستاذ علم الاجتماع السياسي والعلاقات الدولية الدكتور جوزيف مايلا خلال إدارته جلسة العمل الثانية تحت عنوان «التعاون البحثي وآفاق منظومة الابتكار العربية»، على «ضرورة القبول بالنمط التغييري في العالم العربي وترجمة مفهوم الثقافة التنموية إلى الواقع الذهني المعرفي»، داعياً إلى «نقل هذه الرؤية حول البحث العلمي إلى حقيقة لمواكبة التكنولوجيا الحديثة، وتحويل المفاهيم الثقافية والفكرية إلى خطط واستراتيجيات لصياغة سياسة علمية وتكنولوجية».
وعن دور المرأة في العلوم، عبّرت مندوبة لبنان الدائمة لدى اليونيسكو السفيرة سحر بعاصيري عن «إيمانها بحقّ المرأة وقدرتها على خوض العلوم والبحث العلمي»، مشدّدة على أن «بقاءها خارج البحث العلمي هو خسارة متواصلة وخطيرة لمجتمعاتنا».
من جهتها، أكّدت مديرة البرامج في المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتورة تمارا الزين أنّ «الثورة الصناعية الرابعة تتجلّى في طفرات تكنولوجية وابتكارات مزعزعة أو ما يعرف بـdisruptive innovation وهيمنة أنماط محدّدة من الإنتاج والأعمال»، متوقّعة أن «تفرض التحوّلات الجوهرية في عالم التكنولوجيا والاقتصاد توجّهات أكاديمية تحاكي هذه المتغيّرات كافّة».
وتخلّل الندوة إطلاق «مشروع 100 كتاب وكتاب»، وهو مشروع مشترك بين «جائزة الملك فيصل» و«معهد العالم العربي بحضور الأمين العامّ لجائزة الملك فيصل الدكتور عبد العزيز السبيّل، وعرض فيلم وثائقي قصير عن مؤسّسة الفكر العربي وأبرز برامجها وأنشطتها، وآخر عن سلسلة تقارير التنمية الثقافية في الدول العربية التي أصدرتها المؤسّسة سنوياً منذ عام 2008.
يذكر أنّ هذه الندوة تأتي عقب إطلاق التقرير ضمن فعاليّات مؤتمر «فكر16» في دبي، كما تندرج في إطار سلسلة من الندوات التي دعت إليها لجنة الأمم المتّحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) في بيروت، ومؤسّسة عبد الحميد شومان في عمّان، ومنتدى أسبار الدولي في الرياض، وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في القاهرة، وستليها ندوة تعقدها مؤسّسة الكويت للتقدّم العلمي مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل.