«المركزي الروسي»: اقتصادنا بحاجة إلى «وسائد أمان» في وجه العقوبات

«المركزي الروسي»: اقتصادنا بحاجة إلى «وسائد أمان» في وجه العقوبات
TT

«المركزي الروسي»: اقتصادنا بحاجة إلى «وسائد أمان» في وجه العقوبات

«المركزي الروسي»: اقتصادنا بحاجة إلى «وسائد أمان» في وجه العقوبات

وصف البنك المركزي الروسي طبيعة العقوبات التي قد يتبناها أي طرف ضد روسيا بأنها «أمر لا يمكن التنبؤ به»، وشدد على أهمية امتلاكه الأدوات الضرورية للتخفيف من تأثير أي تدابير عقابية جديدة. وتزايدت المخاوف في السوق الروسية أخيراً من طبيعة العقوبات الجديدة التي تتبناها الولايات المتحدة، بعد الانتخابات المرحلية، ومناقشة الكونغرس قانون عقوبات قد يطال الإصدار الجديد من سندات الدين العام الروسي، ونشاط عدد كبير من المصارف في روسيا، وبصورة خاصة تلك المصنفة «حكومية» أو «بمشاركة رأس المال الحكومي».
وكانت العقوبات الأميركية وسبل التخفيف من تأثيرها، موضوعاً رئيسياً تناولته كسينيا يودايفا، نائبة مدير البنك المركزي الروسي، في مداخلة أمام منتدى مالي، استهلتها بالإشارة إلى أن العقوبات قد تسبب حالة تقلبات حادة في السوق الروسية، وقالت: إن مثل تلك التدابير العقابية الاقتصادية «مسألة غير خاضعة للتنبؤ»، و«لا يمكن أبداً فهم طبيعة القيود العقابية التالية التي سيتم اتخاذها»؛ لذلك «لا تقوم مهمة البنك المركزي على تخمين تدابير ما محددة، بل أن يملك مجموعة الأدوات التي من شأنها المساعدة في تخفيف حدة تأثير تلك التدابير، وتساهم من جانب أول في توفير فرصة للاقتصاد إلى أن يتأقلم مع المستجدات، ومن جانب آخر أن تحدّ من إمكانية تنامي المخاطر على الاستقرار المالي؛ كي لا تتزايد تلك المخاطر إلى درجة أن يصبح لها تأثير على الوضع».
وحرصاً على ألا يُفهم كلامها بأنه تعبير عن «حالة ضعف» من جانب «المركزي» في وجه العقوبات، مع ما سيخلفه انطباع كهذا من تأثير سلبي على السوق، سارعت يودايفا إلى التأكيد على أن «البنك المركزي تمكن مع الوقت من صياغة مجموعة من تلك الأدوات» لمواجهة العقوبات، وأشارت بصورة خاصة إلى قيود يتم فرضها على «الأنواع من القروض المحفوفة بالمخاطر»؛ وذلك كي لا تتحول تلك المخاطر إلى «نقطة ضعف» في حال تنفيذ أي من التهديدات بفرض عقوبات ضد روسيا.
وعبّرت عن قناعتها بأن الاقتصاد الروسي بشكل عام في حاجة إلى «وسائد أمان»؛ لضمان حمايته من الصدمات الخارجية، لتؤكد في هذا السياق أن «هذا هو العمل الذي يقوم به (المركزي) حالياً مع المصارف الروسية، وتحديداً في مجال تطوير الرقابة، وشروط تشكيل الاحتياطي في تلك المصارف»، وقالت: إن «هذا العمل يعزز استقرار القطاع المصرفي في وجه مختلف أنواع الصدمات».
تصريحات يودايفا جاءت بالتزامن مع مخاوف متزايدة من احتمال تبني الولايات المتحدة نسخة متشددة من العقوبات ضد روسيا، تشمل حظر التعامل بسندات الدين العام، والمعاملات مع عدد كبير من المصارف الروسية. وأشارت تقارير اقتصادية إلى أن مثل تلك التدابير، بحال أقرتها الإدارة الأميركية، قد تؤدي إلى دخول الاقتصاد الروسي مرحلة ركود العام المقبل. ويتوقع أن تؤدي إلى انهيار العملة الروسية حتى 83 روبلاً أمام الدولار الأميركي. ولا يزال البعض في روسيا يأملون بتفادي مثل هذا السيناريو، وعززت آمالهم تقارير اقتصادية استبعدت إمكانية تبني نسخة متشددة من العقوبات «لأنها لن تطال روسيا فقط، بل وستؤثر على نشاط المستثمرين الأجانب، والاقتصاد الأوروبي».
إلى ذلك، نشر «المركزي الروسي» يوم أمس «مذكرة تحليلية» أعدّها قسم «الأبحاث والتنبؤ»، ركزت على دراسة زيادة ضريبة القيمة المضافة مطلع عام 2019، وزيادة العجز الأساسي في الميزانية بنسبة 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتأثيرهما على مؤشرات الاقتصاد الكلي.
وانطلق خبراء «المركزي» في صياغة «المذكرة» من حساب «المضاعفات المالية»، المعامل الذي يعكس العلاقة بين زيادة أو تراجع الاستثمارات والتغيرات في حجم الدخل، ويساعد في توقع تأثير تعديلات المنظومة الضريبة على دينامية الناتج المحلي الإجمالي. وبناءً عليه، خلصوا إلى استنتاج بأن إعادة توزيع الضرائب عام 2019، ستسرع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2 إلى 0.3 في المائة، لكن في البداية قد تؤدي إلى تراجع هذا المؤشر.
وأشار الخبراء إلى أن إنفاق الميزانية على فقرات «الشؤون العامة للدولة» خلال السنوات الماضية، خفض بشكل ملموس الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، بينما كان تأثير زيادة الإنفاق الاجتماعي والعسكري على نمو الناتج المحلي الإجمالي، أقل مرتين من تأثير الإنفاق على الاقتصاد.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).