البنوك السودانية تموّل السكن الميسّر لمحدودي الدخل

دعوات من أجل تحقيق الهدف الاستراتيجي للصندوق القومي للإسكان

البنوك السودانية تموّل السكن الميسّر لمحدودي الدخل
TT

البنوك السودانية تموّل السكن الميسّر لمحدودي الدخل

البنوك السودانية تموّل السكن الميسّر لمحدودي الدخل

يعوّل الصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان على البنوك والمصارف في توفير التمويل لمشروعات السكن الميسّر لمحدودي الدخل في البلاد، التي أعد لها رؤية تقوم على توفير أنماط متنوعة من السكن، تستوعب رغبات الجميع وإمكاناتهم.
وجاءت دعوة الصندوق القومي للإسكان، للبنوك السودانية، لتمويل مشروعات إسكان ذوي الدخل المحدود، متزامنة مع تعديلات في تشكيل اللجنة العليا للإسكان والتعمير ومجلس إدارة الصندوق في البلاد، حيث أسندت رئاستها إلى المهندس معتز موسى، رئيس مجلس الوزراء القومي ووزير المالية، في حين أسندت رئاسة مجلس إدارة الصندوق للأمير أحمد سعد عمر، وزير رئاسة مجلس الوزراء، بجانب عضوية آخرين.
واعتبر الدكتور غلام الدين عثمان، الأمين العام للصندوق القومي للإسكان، أن هذه التغييرات جاءت في إطار التغيير الأخير الذي حدث في حكومة الوفاق الوطني؛ وذلك من أجل تضافر لتحقيق الهدف الاستراتيجي للصندوق، وهو توفير المأوى لمن لا مأوى له.
وخلال احتفال الصندوق القومي للإسكان والتعمير بالعيد العاشر لتأسيسه، دعا أحمد سعد عمر، أمام أعمال ملتقى مديري صناديق الإسكان بالولايات، الذي أقيم الأسبوع الماضي في الخرطوم، تحت شعار «نحو سياسة إسكانية لإسكان ميسّر»، والذي حضره مديرو وممثلو الصناديق الإسكانية في البلاد، البنوك والمصارف، إلى توفير التمويل للإسكان، في إطار المسؤولية الاجتماعية.
وفي حين أكد سعد عمر أهمية قيام وزارة المالية وبنك السودان بتوفير الضمانات المالية اللازمة لتمويل مشروعات الصندوق القومي للإسكان، أشار إلى اهتمام الدولة بالإسكان والتوسع في مشروعاته لصالح محدودي الدخل، بجانب الاهتمام بتقانات البناء الحديثة الملائمة للبيئة قليلة التكلفة بتوفير سكن ميسّر للمواطنين.
من جهته، أعلن الدكتور غلام الدين عثمان، الأمين العام للصندوق القومي للإسكان والتعمير، أن هذا الملتقى يأتي في إطار الاحتفال بالعشرية الأولى للصندوق، ويوم الموئل العالمي، مشيراً إلى أهمية هذا الملتقى في الوقوف على تقييم وتقويم الأداء، ووضع رؤى وخطط مستقبلية.
وأكد غلام الدين، عزم وسعي الصندوق لتحقيق إنجازات كبيرة في مجال الإسكان، بحيث يمتلك كل مواطن سكناً ميسّراً، مشيراً إلى أن الصندوق استطاع تنفيذ وبناء 120 ألف قطعة بتمويل وشراكات داخلية خلال العامين الماضيين.
وقال الدكتور غلام الدين، أمين عام الصندوق القومي للإسكان وأمين اتحاد العقاريين العرب، في حديث لـ«الشرق الأوسط» في إطار ملتقى مديري صناديق الإسكان بالولايات بدار الشرطة ببري: إن الصندوق في وضمن الاحتفالات بيوم الموئل العالمي والعشرية للصندوق بحث مع مديري صناديق الولايات المختلفة خطط الصندوق لعام 2019.وأضاف، أن الصندوق قدم تقريراً عن أدائه لعام 2018 لمجلس الولايات، وتمت إجازته والإشادة به، وقدمت فيه مجموعة من الموجهات لصالح الإسكان، مشيراً إلى أن الملتقى، الذي شرّفه وزير رئاسة مجلس الوزراء الأمير أحمد سعد عمر، عرضت فيه تجارب مختلفة عالمية وداخلية في مجال الإسكان، ومعظمها تجارب متميزة، وبخاصة في مجال الحرفيين والسكن الريفي المنتج والسكن الاقتصادي والاستثماري.
وأوصى مجلس الولايات السوداني بعد إجازته تقرير أداء الصندوق القومي للإسكان تبعية الصندوق القومي لرئاسة الجمهورية، بدلاً عن تبعيته الحالية لرئاسة مجلس الوزراء. ويتضمن تقرير الصندوق القومي للإسكان الذي أجازه مجلس الولايات، الخطط والبرامج التي تمت خلال العام في مجالات الإسكان بأنماطه المختلفة، الشعبي والاقتصادي والاستثماري والتعاوني، بالتنسيق والتعاون مع الحكومات الولائية، والجهات ذات الصلة وعبر الصناديق الولائية للإسكان، كما يتضمن الخطط والمشروعات المستقبلية في مجال السكن الريفي المنتج والإسكان الرأسي ورؤية الصندوق لإنجاح المشروع القومي للمأوى. كما أوصى المجلس بالاهتمام أكثر بالإسكان في الولايات المتأخرة في مشروعاته والسكن الريفي المنتج وتوفير التمويل للمشروعات، ودفع اشتراكات السودان في المنظمات الدولية وتنفيذ ورشة مشتركة مع الصندوق لتجاوز التحديات التي تواجه عمله، وبخاصة التي تتعلق بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة.
من جهته، أعلن مدير عام صندوق الإسكان والتعمير بولاية البحر محمود محمد محمودـ عن خطتهم في عام 2019 بالتوجه إلى السكن الرأسي بدلاً عن الأفقي، معلناً أنه حظي بقبول ورضا من المواطنين والمغتربين والعائدين من السعودية.
وأوضح محمود، أن صندوقهم قام أخيراً بتشييد مرحلتين متتاليتين، كل واحدة منهما تشمل 500 وحدة سكنية.
وأضاف قائلاً: «إن شعار صندوق الإسكان والتعمير (مأوى لمن لا مأوى له)، ويستهدف كل شرائح المجتمع، وإن صندوق الولاية بدأ في مراحله المذكورة (2،1) بالسكن المتكامل».
وأضاف، أنه استهدف متوسطي الدخل، إلا أن الشرائح الأقل دخلاً لم تشارك في المرحلتين الأولى والثانية، وهي تشمل أغلب موظفي الدولة ومحدودي الدخل من عامة، توجه الصندوق إلى سكن قليل التكلفة ومع تقليل فترة السداد لأقل فترة ممكنة.
وكشف في تقرير قدمه في الملتقى الدوري لمديري صناديق الإسكان في الولايات بدار الشرطة ببري، عن إشادة النقابات والأفراد بالصندوق، وبالنموذج الذي نفّذ لذوي الدخل المحدود بتكلفة 30 ألف جنيه سوداني (نحو 600 دولار) للوحدة الواحدة، ولفترة 3 سنوات تقسيطاً كأقصى فترة محددة، مشيراً إلى أنه تم التصديق على 1175 وحدة سكنية لعدد من النقابات والمجلس التشريعي في الولاية.
وكان السودان قد طرح بداية الشهر مشروعات إسكانية لمحدودي الدخل بالعاصمة الخرطوم، للاستثمار والتمويل الدولي. وتقدر هذه المشروعات بنحو مليون وحدة سكنية بنظام البناء الرأسي، وتأتي ضمن خطة واسعة لتحريك وتطوير برامج الصندوق في الإسكان، التي تتطلب تمويلاً.
وتقدر مشروعات السكن بولاية الخرطوم بنحو مليون وحدة سكنية بنظام البناء الرأسي، وتأتي ضمن خطة واسعة لتحريك وتطوير برامج الصندوق في الإسكان، التي تتطلب تمويلاً مالياً عالياً.
وتبحث ولاية الخرطوم حالياً عن قروض وفرص للتمويل الخارجي طويل الأجل لتنفيذ مشروعات إسكان الشرائح المختلفة في المجتمع، خصوصاً الفئات الضعيفة، بجانب ذوي الدخل المحدود، فضلاً عن السعي لتفعيل علاقات السودان الخارجية مع المنظمات ذات الصلة لتوفير الدعم الفني والمالي للإسكان في السودان.
ووضعت إدارة الصندوق القومي للإسكان بولاية الخرطوم خطة لمشروعات إسكان لجميع فئات المجتمع في العاصمة الخرطوم وبقية ولايات السودان، إلا أن التمويل وقف ضد الاستمرار؛ لارتفاع تكلفة مواد البناء والعمالة؛ ما تطلب البحث عن شركاء في التمويل من داخل وخارج البلاد.
ويصل سعر المتر في بعض المواقع بالخرطوم، البالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة، إلى نحو 1500 دولار، متجاوزاً سعر المتر في أكبر العواصم العالمية مثل لندن. وتقدر حجم الفجوة السكنية في الخرطوم بنحو مليونين ونصف المليون وحدة سكنية، تعهد الاتحاد التركي للاستثمار العقاري والتجاري «الموصياد»، ببناء 20 ألف وحدة سكنية، لتغطية جانب من هذه الفجوة، وفقاً لاتفاقية.


مقالات ذات صلة

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

الاقتصاد يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب.

أسماء الغابري (جدة)
عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»