جيمس جيفري: لا نتحدى مصالح روسيا في سوريا

المبعوث الأميركي لسوريا السفير جيمس جيفري
المبعوث الأميركي لسوريا السفير جيمس جيفري
TT

جيمس جيفري: لا نتحدى مصالح روسيا في سوريا

المبعوث الأميركي لسوريا السفير جيمس جيفري
المبعوث الأميركي لسوريا السفير جيمس جيفري

طالب المبعوث الأميركي لسوريا السفير جيمس جيفري بخروج القوات الأجنبية وبصفة خاصة الإيرانية من سوريا، لكنه استثنى من ذلك خروج القوات الروسية، مشيرا في مؤتمر صحافي عبر الهاتف أمس إلى أن جميع القوات ستكون جاهزة للرحيل إذا ما غادرت القوات الإيرانية سوريا وما إذا تم التوصل إلى حل سياسي. وقال جيفري للصحافيين: «الوجود العسكري الروسي يضم ميناء بحريا وقاعدة جوية وهو أمر يسبق الحرب الأهلية في سوريا التي اندلعت في عام 2011 ولذا لا تدرجها واشنطن في مطالبها لخروج القوات الأجنبية من سوريا».
وأضاف جيفري أن «روسيا تريد حكومة صديقة لها في دمشق وتريد الاحتفاظ بقواعدها العسكرية في سوريا ونحن لا نتحدى ذلك، لكن نريد من موسكو أن تضغط على نظام الأسد لتغيير سلوكه وقد فقد النظام السوري سيطرته عل نصف الأراضي السورية ونصف السكان يعانون، وروسيا في حاجة إلى الضغط على النظام السوري لتغيير سلوكه». وقال إن الولايات المتحدة تحاول أن توضح لروسيا مصالحها الأساسية بأن تكون هناك حكومة سورية صديقة لها ومواقع عسكرية في سوريا... لمصلحتها أن نكون شركاء لها وأن تكون الحكومة السورية مدعومة من الشعب السوري. وأكد أن المجتمع الدولي لا يمكن أن يدعم حكومة تقوم بالتصرفات السيئة التي يمارسها النظام السوري وأن على روسيا بذل قصارى جهدها لتغيير تصرفات النظام السوري.
وأضاف ردا على سؤال حول الميليشيات الإيرانية في سوريا: «نحاول أن نوضح لروسيا أن هذه القوات (الإيرانية) ليست موجودة فقط لدعم نظام الأسد وإنما لتحقيق أهداف طويلة الأمد في المنطقة وهي فرض الهيمنة الإقليمية لتحقيق منافعها وتحويل السلطة في سوريا كما فعلت في لبنان واليمن وتحاول في دول أخرى».
وأشار إلى أنه منذ تولي الرئيس ترمب منصبه تحول تركيز الولايات المتحدة في سوريا من مصير الرئيس بشار الأسد إلى التركيز على مكافحة دور إيران في سوريا، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لديها ألفا جندي في شمال شرقي سوريا لدعم القوات الكردية. وأكد أن سياسة الرئيس ترمب حول سوريا واضحة، حيث تسعى واشنطن للتخفيف من حدة الصراع، ولذا رحبت بوقف إطلاق النار في إدلب، والدفع قدما لتحقيق عملية سياسية بقيادة الأمم المتحدة بناء على القرار 2254.
وشدد المبعوث الأميركي على أن الدفع نحو عملية سياسية أمر بالغ الأهمية لإنهاء الصراع والحفاظ على الأمن في المنطقة، وأن كل الدول المجاورة معنية بهذا النزاع والمخاوف من تمدده ما لم يتم وضع حد نهائي له وإيجاد حل سياسي.
وشدد المبعوث الأميركي على أن خروج القوات الإيرانية من سوريا هو مطلب لا تراجع عنه وأن تغيير النظام السوري لسلوكه هو شرط لحصول سوريا على مساعدات دولية. وقال: «لا نعتقد أن نظام الأسد يجب أن يحصل على مساعدات دولية لإعادة البناء حتى يقوم بالمشاركة في العملية السياسية التي تدعمها الأمم المتحدة».
في الوقت نفسه، رفض جيفري تحديد إطار زمني للوجود العسكري الأميركي في سوريا، قائلا إن الولايات المتحدة لن تعطي إطارا زمنيا لوجودها في سوريا لأنها لو فعلت ذلك فسينتظر الآخرون خروج القوات الأميركية فقط. وقال: «وجودنا يؤكد التزامنا بأمن سوريا سواء كان ذلك لمواجهة قوات (داعش) أو لمواجهة النفوذ الإيراني الذي تسبب وساهم في صعود (داعش) في كل من سوريا والعراق».
وقال المبعوث الأميركي إن الولايات المتحدة في نقاشات مع تركيا وفرنسا وألمانيا وروسيا لضمان أن تؤدي قمة إسطنبول إلى تشكيل لجنة دستورية بحلول نهاية العام الحالي.
ونفى جيفري أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش» في سوريا قد نفذ غارات أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين في سوريا، وقال إن التحالف قام بشن ضربات مشروعة في المنطق التي يسيطر عليها «داعش» وأوضح أن الولايات المتحدة تقوم بالتنسيق حول هذه الضربات مع روسيا فقط، حتى لا يكون هناك تضارب أو تصعيد للأعمال العسكرية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.