مصر تستأنف جهود المصالحة كمدخل لتهدئة طويلة

تعدّ ورقة مقاربات جديدة تقوم على جدول زمني وتأجيل موضوع السلاح

TT

مصر تستأنف جهود المصالحة كمدخل لتهدئة طويلة

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن مصر بصدد استضافة وفد من حركة حماس خلال أيام، يسبق وفدا آخر من حركة فتح، في محاولة جديدة للتوفيق بين الطرفين وعقد مصالحة في القطاع.
وبحسب المصادر، فإن مصر تركز جهدها الآن، على إتمام مصالحة، باعتبارها الخطوة الضرورية التالية، بعد تثبيت تهدئة في القطاع، وباعتبار المصالحة مدخلا لتوقيع تهدئة طويلة في غزة، عبر منظمة التحرير، على غرار الاتفاق الذي أنهى حرب 2014.
وتعمل مصر على طرح ورقة مقاربات جديدة، تقوم على تلبية مطالب الطرفين خطوة بعد خطوة.
وقالت المصادر، إن مصر ستطرح تسليم قطاع غزة بشكل كامل للحكومة الحالية، وفق جدول زمني متفق عليه، على أن تبدأ لاحقا، مشاورات تشكيل حكومة وحدة وطنية، على أن لا يأخذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس أي إجراءات في غزة، ويتراجع عن إجراءاته السابقة بعد تسليم القطاع.
وكانت فتح أصرت، سابقا، على تسليم شامل لغزة بلا شروط، وأصرت حماس في المقابل، على رفع العقوبات عن قطاع غزة مقابل تسليم الحكومة، قبل أن تقبل تأجيل تشكيل حكومة وحدة وطنية، على أن يتفق على تشكيلها لاحقا بعد تسلم الحكومة وليس فورا.
وتعتقد مصر أن دفع رواتب موظفي حماس، من خلال قطر، خلال الأشهر الستة المقبلة، أزاح عقبة كبيرة أمام الطرفين، بعدما كانت حماس قد طلبت الاتفاق على دفعات محددة لموظفيها، وليس من خلال دمج فوري أو رواتب كاملة، ورفضت فتح الأمر، باعتباره في عهدة لجنة متخصصة.
وبحسب المصادر، ستطلب الورقة الجديدة إرجاء مناقشة مسألة السلاح العائد لفصائل المقاومة في غزة، إلى حين «إصلاح» منظمة التحرير الفلسطينية وإجراء انتخابات تشارك فيها حماس.
وستضع حماس جدولا متفقا عليه، قد يستمر شهرين أو أكثر، من أجل تسلم السلطة الأمن والمعابر والجباية المالية والقضاء وسلطة الأراضي تباعا.
وسيقترح المصريون إسناد بعض الملفات إلى لجان مشتركة ومتخصصة، ويمكن أن تشارك فيها مصر، مثل الأراضي والقضاء والأمن.
وتأمل القاهرة في إقناع الطرفين باتفاق مصالحة، ليكون مفتاحا لاتفاق تهدئة في غزة. وستطلب من حماس وفتح إبداء مرونة لتجاوز المشكلة الحالية.
والتحرك المصري الجديد جاء بعدما نجح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في إقناع عباس إعطاء فرصة لجهود إنقاذ المصالحة وعدم اتخاذ أي إجراءات جديدة ضد قطاع غزة.
وطمأن السيسي عباس في آخر لقاء بينهما قبل أسابيع أن ما حدث في غزة مجرد تفاهمات ميدانية لنزع فتيل أزمة، لكن اتفاق التهدئة لن يوقع إلا عبر السلطة الفلسطينية بعد التوصل إلى اتفاق مصالحة.
وكان عباس أصر على أن تسلم حماس قطاع غزة للسلطة بشكل كامل، رافضا اتفاق التهدئة الذي تضمن إدخال أموال قطرية إلى القطاع.
وكانت إسرائيل توصلت إلى اتفاق مع حماس برعاية مصرية، على تفاهمات تستند إلى اتفاق 2014 الذي وقع في مصر، بين إسرائيل وفصائل فلسطينية، منهيا 51 يوما من الحرب الأطول والأعنف على القطاع خلال فترة حكم حماس.
واتهم عباس، حركة حماس بتنفيذ مؤامرة لتعطيل إقامة الدولة الفلسطينية، متعهدا باتخاذ قرارات حاسمة وشديدة، قائلا: إنه يوجد «هناك مؤامرة أميركية تتمثل بصفقة العصر. وهناك مؤامرة إسرائيلية لتنفيذ هذه الصفقة. ومع الأسف، هناك مؤامرة أخرى من حماس لتعطيل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة».
وجاءت تهديدات عباس بعد أيام من دخول اتفاق تهدئة في قطاع غزة حيز التنفيذ، اشتمل على إدخال قطر أموالا نقدية للقطاع، عبر إسرائيل، دفعت كجزء من الرواتب لموظفي حركة حماس.
واتهم مسؤولون فلسطينيون قطر، بدعم خطط لانفصال قطاع غزة، عبر تقديم الدعم المالي لحركة حماس.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.