جيل كيبل {أكبر مثقف عربي}!

المفكر الفرنسي ومشكلة القرن الحادي والعشرين الخارجة من أعماق التاريخ

جيل كيبل  -  غلاف كتاب «الخروج من الفوضى في الشرق الأوسط وحوض المتوسط» لكيبل
جيل كيبل - غلاف كتاب «الخروج من الفوضى في الشرق الأوسط وحوض المتوسط» لكيبل
TT

جيل كيبل {أكبر مثقف عربي}!

جيل كيبل  -  غلاف كتاب «الخروج من الفوضى في الشرق الأوسط وحوض المتوسط» لكيبل
جيل كيبل - غلاف كتاب «الخروج من الفوضى في الشرق الأوسط وحوض المتوسط» لكيبل

لو طرحوا عليّ هذا السؤال: من هو أكبر مثقف عربي في الوقت الراهن؟ لأجبت على الفور ودون أدنى تردد: إنه جيل كيبل. أعرف أنهم سيقولون إني ألقي بالكلام على عواهنه، وإني مولع بمقولة: خالف تعرف. أعرف أني سوف أصدم الكثيرين وأدوخهم، وربما اتهموني بالخيانة العظمى إذ أقول ما أقول. فكيف يمكن لمثقف أجنبي - فرنسي تحديداً - أن يكون أكبر مثقف عربي؟ ما هذا الهراء؟ ما هذه المغالطات السفسطائية؟ كنا نتوقع أنك أكثر ذكاءً وفهماً وبصيرة. عد إلى رشدك، أيها الإنسان المغرور المتغطرس الضال المضل. متى ستعقل، وتتفوه بكلام متوازن مفهوم مهضوم؟ ولكن الأنكى من ذلك هو أني مصر على هذا الكلام، ولم أتفوه به إلا بعد طول تأمل وتردد وتمحيص. وإذا لم يستطع هذا المقال الدفاع عن هذه الأطروحة المتهورة، فلن يكون له أي معنى. وبإمكانكم أن ترموه في سلة المهملات بعد قراءته مباشرة، أو حتى دون قراءة.
كان هيغل يقول إن الفلسفة تعني القبض على الواقع من خلال الفكر؛ بمعنى أنها تشرح الواقع الراهن وتضيئه. وكان يقول أيضاً - إذا لم تخني الذاكرة - إن الفيلسوف الكبير هو مفكر المشكلة الواحدة: أي مشكلة العصر التي استعصت على الجميع دون أن يتمكنوا من حلها؛ إنها تشبه الحلقة المفرغة أو الضائعة التي لم يعثر عليها أحد بعد. وحده المفكر الكبير يستطيع إيجادها والقبض عليها. والآن، أطرح عليكم هذا السؤال: ما المشكلة الأساسية للعصر العربي الراهن، بل وللعصر الإسلامي كله، أي العصر التركي والإيراني والباكستاني والأفغاني... إلخ؟ إنها المشكلة الأصولية، أو مشكلة الظلامية الدينية. ومن الذي كرس حياته كلها للتركيز عليها والبحث فيها والنبش والحفر أكثر من جيل كيبل؟ منذ أربعين سنة وهو يشتغل عليها. منذ أربعين سنة وهي شغله الشاغل. وحسناً فعل، لأنه ثبت بالدليل القاطع أنها مشكلة العصر كله، وليس فقط العصر العربي أو الإسلامي. وإذا كانت الشيوعية التوتاليتارية هي مشكلة القرن العشرين، فإن الأصولية التوتاليتارية الإخونجية هي مشكلة القرن الحادي والعشرين.
- وهم المثقفين
منذ أن أصدر كتابه الكبير الأول «النبي والفرعون»، عام 1984، عن الحركات الأصولية المصرية، حتى كتابه الأخير الذي صدر قبل أسابيع قليلة في العاصمة الفرنسية، تحت عنوان «الخروج من الفوضى في الشرق الأوسط وحوض المتوسط»، مروراً بكتاب «الجهاد» عام 2000، وكتاب «فتنة: حرب في قلب الإسلام» عام 2004، ثم «رعب في قلب فرنسا: نشأة الجهاد الفرنسي» عام 2015... إلخ، ما انفك جيل كيبل يلف حول المسألة الأصولية ويدور. ما انفك يقلبها على جوانبها كافة لفهم سرها وسبر كنهها. لهذا السبب أقول إنه أكبر مثقف عربي.
أين يكمن نقص كثير من المثقفين العرب والفرنسيين؟ وهو النقص الذي تحاشاه كيبل. إنه يكمن في توهمهم أن الأصولية الدموية الجهادية هي عبارة عن حركة مؤقتة سطحية عابرة. أما هو، فقد عرف فوراً بحدسه الثاقب أنها حركة بنيوية مفصلية خارجة من أعماق التاريخ العربي الإسلامي. وبالتالي، فهي ليست مزحة على الإطلاق، وإنما تستحق التركيز الشديد. إنها حركة متفجرة من أعماق الأعماق التراثية. وهذا ما دعوته أنا شخصياً بالبراكين التراثية.
وللتدليل على أن رهانات جيل كيبل المعرفية كانت صائبة، سوف أروي النادرة التالية: يقول عبد الوهاب المؤدب إنه صدم عندما قرأ كتاب كيبل الأول «النبي والفرعون». لقد شعر بانزعاج شديد لأنه ما كان يتوقع أن صورة الإسلام يمكن أن تكون سلبية إلى هذا الحد. نقول ذلك، خصوصاً أنه مولود في عائلة تونسية عريقة، بل وكان أبوه أحد مشايخ الزيتونة الشهيرة. وبالتالي، يصعب عليه أن يتحدث أحدهم عن الإسلام أو الحركات الإسلامية بهذا الشكل، ولكنه فيما بعد أصبح متفهماً تماماً لتحليلات جيل كيبل، بل وتحول هو ذاته إلى أكبر ناقد للأصولية الإسلاموية. بمعنى أنه تجاوز جيل كيبل في الحملة عليها ونقدها وتفكيكها. والدليل على ذلك أنه أصدر كتاباً مشهوراً بعنوان «مرض الإسلام». كل هذا دليل على أن جيل كيبل كان سابقاً لأوانه. ولهذا السبب، نال كل هذه الشهرة في الساحة الفرنسية والعربية والعالمية. لقد اكتشف المشكلة الأساسية للعصر، وجعلها مشكلته الشخصية على مدار أربعين سنة متواصلة.
لا ريب في أن عدوه اللدود أولفييه روى له أهميته أيضاً. فكتابه عن الجهل المقدس والتدين بلا ثقافة يستحق الاحترام، ولكنه وقع في الخطأ نفسه الذي وقع فيه المثقفون العرب اليساريون، ألا وهو التهوين من مشكلة الأصولية، واعتبارها مجرد مشكلة اقتصادية اجتماعية عابرة، وما إن تسوى مشاكل المغتربين اقتصادياً حتى تنحل الأصولية من تلقاء ذاتها، وتتبخر وتذوب. جيل كيبل لا ينكر إطلاقاً أهمية العوامل الاقتصادية والاجتماعية في بروز ظاهرة الأصولية وتضخمها إلى مثل هذا الحد، ولكنه يعرف أن لهذه المشكلة خصوصيتها الذاتية التي لا ينبغي اختزالها كلياً إلى العوامل المادية والفقر المدقع. من هذه الناحية، فإن جيل كيبل وريث حقيقي لكبار فلاسفة الأنوار، من أمثال فولتير وديدرو وجان جاك روسو وكانط ورينان وفيكتور هيغو... إلخ. فكما أن مشكلة الأصولية المسيحية، وبالأخص الكاثوليكية، كانت شغلهم الشاغل في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فإن مشكلة الأصولية الإسلامية هي شغله الشاغل حالياً. وذلك لأن الأصولية المسيحية لم يعد لها وجود في أوروبا، وإنما أصبحت نسياً منسياً. فهل تحارب طواحين الهواء؟ أما الأصولية الإسلامية، فهي في عز عنفوانها، ومقدرتها على الضرب والتفجير. وبالتالي، فشيء موضوعي ومنطقي أن تكون الشغل الشاغل للمثقفين العرب. والواقع أن كثيراً منهم لم يهملوها. نذكر على سبيل المثال لا الحصر العفيف الأخضر وجورج طرابيشي وآخرين.
- الخروج من الفوضى
أعترف بأن كتاب جيل كيبل الأخير أثلج صدري، وأعاد بريق الأمل إلى قلبي. كنت قد أصبحت يائساً محطماً، أخبط خبط عشواء وأمشي في الظلماء. فبعد كل هذه السنوات السبع العجاف التي دمرت سوريا، والمشرق العربي عموماً، ما كنت أتوقع أنه توجد نهاية لهذا النفق المظلم الذي دخلنا فيه. كنت أتوقع أن الليل العربي طويل.. طويل. فإذا به يصدر كتاباً كاملاً، بأكثر من خمسمائة صفحة، وعن «غاليمار»، بعنوان «الخروج من الفوضى الشرق أوسطية!». هل هذا معقول؟ هل هذا ممكن يا ترى أم أنه متفائل أكثر من اللزوم؟ بصراحة، كنت أتوقع أن «البراكين التراثية» الإخونجية الداعشية لن تنضب قبل خمسين سنة مقبلة! ولكن بما أني من أكبر المتشائمين في التاريخ، فربما أكون مخطئاً، بل أرجو من كل قلبي أن أكون مخطئاً! وأرجو في الوقت ذاته أن يكون جيل كيبل على صواب. ماذا؟ إذن الفرج على الأبواب؟ ماذا؟ إذن حالة الفوضى العارمة سوف تنتهي قريباً من منطقتنا العزيزة الغالية؟ ماذا؟ إذن «داعش» أصبحت في خبر كان وأخواتها؟ للحق والإنصاف، فإن المفكر الفرنسي الشهير لا يقول ذلك؛ إنه يعرف أن «داعش» قد تعيد تنظيم صفوفها مرة أخرى بطريقة أخرى، ويعرف أيضاً حقيقة أخطر بكثير، وهي أن مواعظ الظلاميين وفتاواهم الرهيبة، سواء في الجوامع أو على الأنترنت، سوف تغذيها بجحافل جديدة لا تنضب. تضاف إلى ذلك عوامل الفقر المدقع، والبؤس الاجتماعي الذي لا يرحم، والذي يصيب شرائح كبيرة من شعوبنا، سواء في العالم العربي أو حتى في فرنسا ذاتها. كل هذا يعرفه جيداً جيل كيبل، ولكنه يعرف أيضاً أن الجميع أنهكوا وتعبوا. كما يعرف أن دولة «داعش» قد سقطت في الرقة والموصل، وهذا حدث عظيم لا يستهان به على الإطلاق. لقد تنفسنا الصعداء!
أين تكمن عبقرية فلاديمير بوتين قياساً إلى شخص نزيه محترم كفرنسوا هولاند، ولكنه يعتقد بوجود «جهاديين» معتدلين؟! لحسن الحظ، فإن الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون ليس ساذجاً مثله، وإنما أكثر عمقاً وثقافة. ألم يكن تلميذاً، بل ومساعداً شخصياً، للفيلسوف الكبير بول ريكور؟ لعله لهذا السبب يتحاشى نواقص سياسة سلفه فيما يخص الشؤون الخارجية والعربية. لكن لنعد إلى بوتين: لقد ضرب ضربة معلم كبرى، ونجح نجاحاً باهراً في استعادة الأمجاد الروسية. والسبب في رأي كيبل هو أن المستشرقين الروس من أكبر العارفين بشؤون الشرق الأوسط. ثم، وهذا هو الأهم، فإن القيادة الروسية تستمع إليهم جيداً قبل أن تحسم قراراتها. من أكبر الأخطاء التي وقع فيها القادة الغربيون أنهم اعتقدوا أن الربيع العربي يشبه الربيع الأوروبي في القرن التاسع عشر، ولهذا دعموه بتسرع شديد وغباء أشد. لقد فاتهم أن ربيع الشعوب الأوروبية جاء بعد الاستنارة الدينية لا قبلها. لقد جاء بعد سحق الظلامية المسيحية على يد فلاسفة الأنوار والثورة الفرنسية، ولذلك نجح. لا ريب في أن ما يدعى خطأ بـ«الربيع العربي» كان يحمل نسمة الريح في جوانحه وبداياته، ولكنه سرعان ما استولت عليه حركات الإسلام السياسي، وبالأخص الإخوان المسلمين، فكان أن فشل فشلاً ذريعاً.
أخيراً، إذا كان المثقفون العرب يريدون أن يفهموا واقعهم الحالي، وماذا حصل منذ سبع سنوات في المشرق العربي خصوصاً، فليقرأوا هذا الكتاب الضخم؛ إنه يلقي على بلداننا أضواء ساطعة لم يسبق لها مثيل.


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.