صراع النفوذ.. داخل مجلس الأمن

صراع النفوذ.. داخل مجلس الأمن
TT

صراع النفوذ.. داخل مجلس الأمن

صراع النفوذ.. داخل مجلس الأمن

فرح العالم العربي بفوز الأردن بمقعد عضو غير دائم بمجلس الأمن، بعد حصوله على موافقة ثلثي الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتعهد وزير الخارجية الأردني ناصر جودة بأن يعمل الأردن للدفاع عن المصالح العربية داخل المنظمة الدولية، ووعد بالعمل على الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية بما يضمن وحدة الأراضي السورية ووقف معاناة اللاجئين السوريين في دول الجوار.
في الوقت نفسه، وقف العالم احتراما للمملكة العربية السعودية بعد اعتذارها عن عدم شغل هذا المقعد بمجلس الأمن لازدواجية المعايير التي تحول دون قيام المجلس بواجباته. وقد أبلغ السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ببيان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل وأسباب رفض السعودية للمقعد، والذي أشار فيه إلى إخفاق المجلس في معالجة الوضع في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وهي القضية التي يناقشها مجلس الأمن منذ أكثر من 60 عاما، وإخفاق المجلس في التعامل مع الأزمة السورية، واستمرار الرئيس السوري بشار الأسد في قمع إرادة شعبه وقتل وتعذيب وتشريد الملايين «تحت بصر مجلس أصابه سوء استخدام نظام الفيتو بالشلل».
وطوال تاريخ مجلس الأمن لم يشهد خطوات إصلاحية سوى مرات قليلة، كانت الخطوة الأولي في الإصلاح عام 1965 بعد تصديق ثلثي أعضاء الأمم المتحدة بما في ذلك الدول دائمة العضوية على زيادة عضوية الدول غير الدائمة من ستة أعضاء إلى عشرة أعضاء. وكان إصلاح مجلس الأمن قضية مدرجة بشكل دائم على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 1979، لكنها لم تحظ باهتمام كبير. ومنذ انتخاب بطرس بطرس غالي أمينا عاما للأمم المتحدة عام 1992 انطلقت مناقشات موسعة حول إصلاح مجلس الأمن وتوسعة أعضائه، وطالبت كل من اليابان وألمانيا بمقاعد دائمة بمجلس الأمن باعتبارهما ثاني وثالث أكبر مساهمين في الأمم المتحدة، كما طلبت البرازيل مقعدا دائما باعتبارها خامس أكبر بلد من حيث المساحة.
وطالبت الهند بمقعد دائم باعتبارها ثاني أكبر بلد من حيث السكان، وتسهم بشكل ثابت ومنتظم في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وطالبت الدول الأفريقية بمقعدين دائمين لدول القارة الأفريقية على أساس الظلم التاريخي للقارة. كما طلبت مجموعة تدعى «نادي القهوة»، ثم جماعة «متحدون من أجل التوافق» التي تضم إيطاليا وإسبانيا والأرجنتين وكندا والمكسيك وكوريا الجنوبية وباكستان، بتوسعة عضوية مجلس الأمن وانتخاب أعضائه على أساس إقليمي، بما يحقق التوازن. واقترحت سويسرا مع 19 دولة تعرف بمجوعة «أكت» (ACT) بتقديم اقتراحات تتعلق بالمساءلة والشفافية في عمل مجلس الأمن. وتعددت المؤتمرات المطالبة بالإصلاح، لكن بقيت كل الأفكار والخطط ومحاولات الإصلاح محل التجميد رغم الاعتراف بأهمية وضرورة إصلاح مجلس الأمن.
وخلال الدورة الـ68 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، أقر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأن «جميع الدول تقريبا متفقة على أن مجلس الأمن يجب إصلاحه، لكن كيفية الإصلاح وأسلوبه فإن الدول الأعضاء غير قادرة على الاتفاق حولها»، معترفا بأن المنظمة الدولية تواجه تحديات جسيمة في إثبات مصداقيتها والعمل لمعالجة القضايا الدولية الملحة وتحقيق الأمن والسلم في العالم. وقد برهن مجلس الأمن بنفسه على عدم مصداقيته وفشله في تحقيق السلام والأمن الدوليين، ووقف المجتمع الدولي عاجزا عن التحرك لإنقاذ الشعب السوري من براثن ووحشية نظام الأسد بعد قيام الروس والصينيين باستخدام الفيتو عدة مرات لمنع إدانة النظام السوري، رغم تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بارتكاب الأسد لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ورغم التحركات الأميركية التي قادتها مندوبة الولايات المتحدة السابقة سوزان رايس لاستصدار قرار من مجلس الأمن ضد النظام السوري.
يقول المحللون إن الأسباب الرئيسة لإخفاقات مجلس الأمن تعود إلى أمرين، الأول هو نظام العضوية، والثاني هو نظام حق الاعتراض أو الفيتو. فمنذ بداية إنشاء مجلس الأمن عام 1945 أسس قواعد بتخصيص خمسة مقاعد دائمة العضوية لخمس دول هي «الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين» بعد انتصارها على ألمانيا واليابان في الحرب العالمية الثانية. ولم تتغير تلك القواعد رغم التغييرات الجيوسياسية الكبيرة التي حدثت منذ ذلك التاريخ، وتغير موازين القوى اقتصاديا وعسكريا. فالاقتصادان الألماني والياباني أصبحا أكثر قوة من الاقتصاد البريطاني أو الفرنسي، ودخلت دول مثل الهند وباكستان نادي الدول النووية ولم تحظ بمقعد دائم في مجلس الأمن. وقد أثار هذا الجمود في هيكل وتشكيل المجلس جدلا كبيرا في المجتمع الدولي حول فاعلية وشرعية المجلس في قضايا الأمن الدولي مثلما حدث في تعامله مع الأزمة السورية. لذا فإن مطالبة المملكة العربية السعودية بتخصيص مقعد دائم للدول العربية في مجلس الأمن لها وجاهتها السياسية، فلا يعقل أن يستمر احتكار تلك الدول الخمس للمقاعد دائمة العضوية وتستمر في التحكم في مصير بقية دول العالم بينما تتغير موازين القوى العالمية.
يقول المحلل المخضرم جيفري لورنتي بمؤسسة «سنشري» بواشنطن - والذي عمل بمنظمة الأمم المتحدة في عهد الأمين العام كوفي أنان وكتب عدة مقالات حول إصلاح الأمم المتحدة والنظام العالمي «هناك انتقادات عديدة لهيكل مجلس الأمن الدولي، فقد تم توسيع عضوية المجلس من ستة أعضاء منتخبين إلى عشرة عام 1965، ومنذ ذلك الحين ظلت تركيبة مجلس الأمن على حالها من دون تغيير، وقد سعت قوى من الدول المتقدمة والدول النامية مثل اليابان وألمانيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا ونيجيريا للتصويت لصالح توسيع عضوية المجلس والحصول على مقعد دائم لها، ودعا آخرون للحصول على مقعد أوروبي مشترك واستبدال المقاعد الدائمة لبريطانيا وفرنسا، لكن النقاشات حول توسيع عضوية المجلس تظل دائما محكومة بالجدل حول المفاضلة بين الشرعية والفاعلية».
ويوضح لورنتي «ظهر مصطلح مسؤولية الحماية (R2P) في بداية الألفية لتبرير استخدام القوة خارج تفويض المجلس اعتمادا على مبدأ اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005 ينص على أن الدول تتحمل مسؤولية حماية سكانها من الجرائم ضد الإنسانية، وأنه على المجتمع الدولي مسؤولية استخدام الوسائل السلمية لحماية حياة السكان المهددة إذا فشلت الدولة بشكل واضح في تحمل مسؤوليتها.. لذا ينبغي اتخاذ تدابير بموجب الفصل السابع».
ويقول «دعاة هذا المبدأ ينتقدون المجلس ويقولون إن الفيتو يعطي حقا لا مبرر له لخدمة المصالح السياسية للدول الخمس دائمة العضوية، مما يؤدي إلى التراخي في مواجهة الفظائع الجماعية، كما أن الدول الساعية لعضوية دائمة في المجلس (مثل البرازيل والهند وألمانيا) لديها وجهات نظر مختلفة حول التدخل وتسعى لخدمة مصالحها الخاصة». ويشير لورنتي إلى تجارب لفشل مجلس الأمن في اتخاذ قرارات في الأزمات مثل رواندا عام 1994، حيث كانت الولايات المتحدة من بين القوى التي حالت دون أن تقوم الأمم المتحدة باستجابة فورية في رواندا، مما أدى إلى مقتل 800 ألف شخص في الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد قبائل التوتسي، كما لحقت بالأمم المتحدة هزائم «مذلة» في منطقة البلقان حيث استخدمت قوات حفظ السلام كدروع بشرية في حصار سراييفو، وفشل مجلس الأمن في حماية المدنيين. لكن لورنتي يؤكد رغم تلك الإخفاقات أن سجل الأمم المتحدة في مجال بعثات حفظ السلام لا يزال قويا نسبيا.
ويشدد المحللون على أن السبب الثاني وراء إخفاق مجلس الأمن الدولي هو نظام حق النقض أو ما يعرف بحق الفيتو باعتباره أمرا يتعارض تماما مع مبدأ الديمقراطية، حيث تستطيع أي دولة من الدول الخمس دائمة العضوية الاعتراض على أي قرار دون إبداء أسباب، حتى لو كانت جميع دول العالم تؤيد هذا القرار. أما الدول العشر غير دائمة العضوية فواقع الأمر أنها «لا حول لها ولا قوة»، أي أنها لا تستطيع أن تفرض قرارا ولا تستطيع منع أي قرار.
يقول ريتشارد بتلر، المتخصص في الشؤون الدولية بجامعة ولاية بنسلفانيا، إنه منذ بداية عمل مجلس الأمن تم استخدام حق الفيتو 269 مرة، حيث استخدمه الاتحاد السوفياتي - روسيا الاتحادية 128 مرة، واستخدمته الولايات المتحدة 89 مرة، واستخدمته المملكة المتحدة 32 مرة، وفرنسا 18 مرة، والصين 9 مرات. ويضيف بتلر أن استخدام حق الفيتو من قبل روسيا والولايات المتحدة كان كبيرا خلال فترة الحرب الباردة. فالمادة 23 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بتكوين مجلس الأمن، والتي تم تعديلها في 23 أغسطس (آب) 1965، هذا التعديل فيها وسع العضوية إلى 15 عضوا وأعطى صلاحيات فريدة من نوعها للدول دائمة العضوية، حيث يعطي ميثاق الأمم المتحدة سلطة قانونية لمجلس الأمن على حكومات الدول الأعضاء، وتعتبر قراراته ملزمة للدول الأعضاء (المادة الرابعة من الميثاق).
ويواصل «ينص الميثاق على مجموعة متناقضة من المعايير، فهو من ناحية يشير إلى فكرة المساواة بين الدول الأعضاء، والالتزام بالغرض المشترك وهو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وإنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، وضمان حقوق الإنسان. ومن ناحية أخرى، أعطى الميثاق امتيازات مثيرة للدهشة للأعضاء الدائمين بما يمكنهم من لعب دور المهمين».
ولفظ «فيتو» لم يرد في ميثاق الأمم المتحدة، بل ورد لفظ «حق الاعتراض»، وهو في واقع الأمر «حق إجهاض لأي قرار يجتمع عليه معظم الأعضاء في المجلس، إذ يكفي اعتراض أي دولة من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ليتم رفض القرار وعدم تمريره نهائيا حتى وإن كان مقبولا للدول الأربع عشرة الأخرى. ووفقا للمحللين السياسيين، يمثل حق النقض نقطة خلافية حساسة للكثير، لأنه يضع الكثير من السلطة في أيدي عدد قليل من الدول. وقد أعطت الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف العام مثالا حيا لقدرة «حق النقض» على منع التحرك الدولي لمعالجة مشكلة باتت تشكل جريمة إنسانية.
وتشدد مندوبة أستراليا لدى الأمم المتحدة فيليبا كينغ على أنها تؤيد اقتراح فرنسا لإصلاح حق النقض. وتقول «بالنظر إلى تعامل مجلس الأمن مع الأزمة السورية فإننا نؤيد اقتراح فرنسا بأن يتنازل الأعضاء الدائمون عن حق النقض طواعية في حالات الجرائم والفظائع الجماعية، وهو اقتراح له ما يبرره ويستحق مزيدا من الدراسة». وقد أيدت نيوزيلندا وآيرلندا والمكسيك هذا الاقتراح، لكن البعض دعا إلى إلغاء حق النقض بشكل كامل. ويقول نائب مندوب جنوب أفريقيا لدى الأمم المتحدة الدكتور ماشاباني إن النظام الحالي غير ديمقراطي، ويمثل نوعا من النفاق، لأن المفارقة أن أولئك الذين يعتبرون أنفسهم قادة العالم الحر، وحصون الديمقراطية، هم أنفسهم يجلسون مرتاحين في بيئة غير ديمقراطية داخل مجلس الأمن. والنظام الحالي لا يخدم سوى الأجندات السياسية الخاصة لتلك الدول، ويبقي مواطني العالم رهينة للمصالح السياسية للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن».
ويطرح المنادون بالإصلاح في ما يتعلق بحق الفيتو ثلاثة اتجاهات، الأول يطالب بإلغاء حق الفيتو كلية، والثاني يرى ضرورة الإبقاء عليه للأعضاء الدائمين وعدم منحه للأعضاء الجدد إذا جرت توسعة نطاق العضوية ودخول أعضاء جدد لمجلس الأمن. أما الاتجاه الثالث فيرى ضرورة الإبقاء على حق الفيتو، لكن مع تقييد حق استخدامه وتعديل المعايير ووضع ضوابط وشروط تقنن قدرة أي دولة على استخدامه لتلافي ظاهرة سوء استخدامه أو الإسراف فيه.
في المقابل، كتب ألكسندر ياكوفينكو، السفير الروسي لدى بريطانيا ونائب وزير الخارجية الروسية (من 2005 إلى 2011)، مقالا بموقع «روسيا اليوم» الشهر الماضي، هاجم فيه أي محاولات لتغيير نظام الفيتو داخل مجلس الأمن مطالبا بأفكار تهدف لتعزيز قدرة المجلس على الاستجابة السريعة، وليس أفكارا تؤثر على امتيازات وصلاحيات الأعضاء الدائمين الحاليين في المجلس. وقال ياكوفينكو «أي أفكار تؤثر على امتيازات الدول دائمة العضوية هي أفكار غير مقبولة، لأن هذه الامتيازات هي انعكاس للمساهمة التاريخية التي قدمتها الدول الخمس لتجعل من الأمم المتحدة حقيقة ملموسة. والي جانب ذلك فإن الفيتو هو أحد العوامل المهمة التي تحفز أعضاء مجلس الأمن للسعي لاتخاذ قرارات متوازنة. وسيكون من الخطأ تاريخيا وسياسيا التعدي على هذا الحق الذي تم اعتماده للتغلب على صدور قرارات من جانب واحد، وسيكون ذلك تخريبا للأمم المتحدة». وأضاف ياكوفينكو «مسألة إصلاح مجلس الأمن لا يمكن معالجتها ببساطة عن طريق الرياضيات، وإجراء تصويت على مشروع إصلاح والحصول على أصوات ثلثي الجمعية العامة (عدد الدول الأعضاء بها يبلغ 192 عضوا)، ونحن نؤيد إصلاحا يحظى بأوسع دعم ممكن من الدول بأغلبية أكبر بكثير من الثلثين، أي أننا بحاجة لاتفاق عام، ونحن على استعداد للنظر في كل الخيارات شرط أن تكون أفكارا معقولة تقوم على التوافق ودعم جماعي داخل الأمم المتحدة».
وتقول الباحثة سونيا روثويل إنه رغم الضغوط لإصلاح الطريقة التي يعمل بها مجلس الأمن فإنه من غير المرجح أن يحدث تغيير، فالانتقادات الأساسية كما تقول الباحثة ترتكز في الافتقار لتمثيل من أفريقيا وأميركيا اللاتينية بين مجموعة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهو ما لا يعطي بذلك مجالا لقوى صاعدة وقوية اقتصاديا مثل الهند وألمانيا، وهو ما يعني أن تكوين مجلس الأمن يعكس النظام الاستعماري بعد الحرب العالمية الثانية والذي عفا عليه الزمن لكنه لا يزال قويا.
* خطط كثيرة للإصلاح
* في عام 2004 وبناء على طلب الأمين العام للأمم المتحدة وقتها كوفي أنان، قدم فريق من 16 عضوا خطة لإصلاح مجلس الأمن، وقدم خيارين الأول هو إضافة ستة أعضاء دائمين جدد من دون أن يكون لهم حق الفيتو، مع إضافة ثلاثة مقاعد غير دائمة أخرى. والخيار الثاني هو إضافة ثمانية مقاعد قابلة للتجديد مرة كل أربع سنوات، وأيضا ليس لها حق النقض، وإضافة مقعد واحد غير دائم العضوية. خطة أخرى قدمتها مجموعة «متحدون من أجل التوافق»، والتي تشمل إيطاليا وإسبانيا وتركيا وكوريا الجنوبية والمكسيك والأرجنتين، عام 2005، واقترحت التوسع في العضوية غير الدائمة مع الإبقاء على الدول دائمة العضوية بوضعها الحالي، ويتم انتخاب الأعضاء الإضافيين من قبل الجمعية العامة، ـخذا في الاعتبار معيار مدى مساهمتهم في ميزانية مهمات حفظ الأمن والسلم وأيضا التوزيع الجغرافي العادل.
وتهدف الخطة إلى إتاحة مقاعد لست دول من أفريقيا وخمس من آسيا وأربع من أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وثلاث من أوروبا الغربية واثنتين من أوروبا الشرقية، وانتخاب الدول غير الدائمة لمدة سنتين من قبل مناطقها بما يوفر إمكانية فورية لإعادة انتخابها وبناء الثقة وتوفير توازن عادل إقليميا وعالميا.
ورغم ما قدمته تلك الوثيقة من إصلاح معقول فإن الاتحاد الأفريقي اعترض على مبدأ عدم الحصول على حق النقض، وطالب بمنحه لجمع الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن.
ويستلزم إجراء أي تغيير وجود إرادة سياسية من القوى الكبرى في مجلس الأمن، وهي أكبر عقبة تحول دون تحقيق أي أفكار أو خطط لها علاقة بإصلاح الأمم المتحدة.
وخلال العقود الماضية طرحت عدة سيناريوهات وأفكار لإصلاح مجلس الأمن، تركز معظمها على تغيير تركيبة العضوية وطريقة التصويت، وطرحت أفكار تتعلق بالتمثيل القاري بحيث يكون لكل قارة صوت داخل مجلس الأمن، وأن يتم اتخاذ القرارات بالأغلبية، وأن يتم إلغاء حق النقض أو الفيتو نهائيا.
وخرجت أصوات أخرى تبحث عن حلول أخرى، وتنادي بإنشاء منظمة دولية جديدة تشترك فيها قارات أفريقيا وأستراليا، ودول أميركا اللاتينية والدول الآسيوية والعربية والأوروبية الناقمة على الأوضاع الحالية في منظمة الأمم المتحدة، وأن تكون لتلك المنظمة الجديدة ميزانيتها الخاصة وقوة عسكرية خاصة قادرة على تنفيذ القرارات التي تصدرها بشكل حاسم.
وتنادي أصوات إصلاحية أخرى بتقوية منظمات مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية لتصبح كيانات قوية بما يمكنها من القيام بدور أكبر في مهام حفظ السلام والأمن الذي تقوم به الأمم المتحدة، فإذا رأت دولة أنها لم يتم تناول مظالمها في نيويورك أو جنيف فيمكنها التفكير في الحصول على العدالة من منظمات إقليمية بما يشكل ضغطا على مجلس الأمن.
* إحصاءات وحقائق
* وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة لعام 2013 فإن أكبر 15 دولة من المساهمين في ميزانية الأمم المتحدة هي بالترتيب: الولايات المتحدة التي تسهم بنسبة 22 في المائة من ميزانية المنظمة الدولية، تليها اليابان بنسبة 10.9 في المائة، ثم ألمانيا بنسبة 7.1 في المائة، ثم فرنسا بنسبة 5.5 في المائة، ثم المملكة المتحدة بنسبة 5.2 في المائة، ثم الصين بنسبة 5.1 في المائة، ثم إيطاليا 4.4 في المائة، ثم إسبانيا 2.9 في المائة، ثم البرازيل 2.9 في المائة، ثم روسيا 2.4 في المائة، ثم أستراليا 2.07 في المائة، ثم كوريا الجنوبية 1.9 في المائة، ثم المكسيك بنسبة 1.8 في المائة، وأخيرا هولندا بنسبة 1.6 في المائة. أما بقية الدول الأعضاء بمنظمة الأمم المتحدة فيبلغ إجمالي مساهمتها 20.7 في المائة. وبلغت ميزانية الأمم المتحدة لعام 2013/2012 مبلغ 5.512 مليار دولار.



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.