حرب كلامية بين أنصار الملا عمر والبغدادي

أشعلها تهنئة زعيم طالبان في عيد الفطر ووصف نفسه بأنه «خادم الإسلام أمير المؤمنين»

صورة الملا عمر على المواقع الأصولية  و  أبو بكر البغدادي
صورة الملا عمر على المواقع الأصولية و أبو بكر البغدادي
TT

حرب كلامية بين أنصار الملا عمر والبغدادي

صورة الملا عمر على المواقع الأصولية  و  أبو بكر البغدادي
صورة الملا عمر على المواقع الأصولية و أبو بكر البغدادي

أشعلت تهنئة الملا محمد عمر زعيم حركة طالبان بمناسبة عيد الفطر التي بدأها «إلى إخوتنا المسلمين.. وشعبنا المجاهد» ووقعها بـ«خادم الإسلام أمير المؤمنين»، حربا كلامية وتلاسنا مع جماعة «داعش» وأبو بكر البغدادي الذي نصب نفسه أميرا لـ«الدولة الإسلامية» في الموصل، ودخل على الخط العشرات من الأصوليين على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضهم وقف إلى جانب الملا عمر، وآخرون استهجنوا البغدادي الذي نصب نفسه بالقوة «أميرا للمؤمنين».
من جهته قال شخص يدعى عز الدين المصري معلقا على خطاب الملا عمر: «من أمير المؤمنين هذا؟ ومن نصبه أميرا للمؤمنين؟ ومن بايعه؟ ومن هم أهل الحل والعقد الذين فاضلوا بينه وبين غيره؟ ولا يصح تعميم القول ثم نقول بعد ذلك إنه في بلدة كذا، لأنه حينها يكون أمير بلدة كذا ولا يُطلَقُ عليه أمير المؤمنين». ورد عليه محمد شعيشع بقوله: «الذين بايعوا الملا عمر هم أعظم مجاهدي هذا القرن، هم نخبة المسلمين وقد بايعوه قبل أي بيعة أخرى، وما زالت البيعة في أعناقهم، وكان له دولة حقيقية ولها سيادة كان يمكن أن تكون نواة لدولة الخلافة».
وعلق إبراهيم نصر بقوله: «العثمانيون كانوا خلفاء عظاما ممدوحين من رسول الله ولم يزعموا القرشية أو أعلنوا الخلافة».
وبث موقع «المرصد الإسلامي» وهو هيئة حقوقية تهتم بأخبار الأصوليين حول العالم رسالة الملا عمر كاملة، ومعها ردود وتعليقات من إسلاميين حول العالم. من جهته قال الإسلامي المصري ياسر السري مدير المرصد الإسلامي في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»: «إن هناك فوائد وعبرا في رسالة الملا عمر، فهو يتحدث من موقع المسؤولية». وأضاف السري أن الملا عمر وهو يحكم أفغانستان من 1996 إلى 2001 بعد دخول القوات الأجنبية، كان من الممكن أن يعلن الخلافة في أفغانستان قبلها، وكان له سفراء في عدة دول معترف بهم، ولكنه لم يعلن الخلافة. وعلق السري بقوله أيضا: «الملا لم يطلقها شعارات غير قابلة للتطبيق ليرضي بها هواه ويكثر الأتباع ويخطفهم من فلان أو فلان». وأضاف: «الملا تكلم عن الحكومة الإسلامية والنظام الإسلامي وفي هذه المصطلحات وعي ورشد». وقال السري لـ«الشرق الأوسط»: «الملا عنده أرض، عنده شعب، عنده دين، وعند هدف واضح، واستخدم الأسباب الكونية والشرعية لتحقيقه»، مشيرا إلى أن زعيم طالبان «لم يأبه بالمزايدين وأصحاب الشعارات الجوفاء الخالية من مضمون قابل للتطبيق». وقال عن زعيم الحركة الأصولية المطارد: «الملا عنده بنية رباها في المدارس ودربها في المعسكرات الطويلة ولقنها الدين منهج حياة».
وعلق الملا عمر في رسالته على ما يجري من الحوادث والتطوّرات في منطقة الشرق الأوسط بقوله: «علی القوی العالمية أن تترك شعوب هذه المنطقة لتصل إلی أهدافها المشروعة، ولا يُعقل أن تُتّهم الثورات الشعبية بتهمة الإرهاب الجوفاء لتُمطر بعد ذلك بحمم النيران والقنابل، أو يُزجّ بأهلها في السجون والمعتقلات. لا يمكن لأحد أن يهزم إرادات الشعوب بمثل هذه الأعمال».
وشجب الملا عمر «العدوان المتوحش للكيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين الذي قتل وجرح وشرّد المئات والآلاف منهم في شهر رمضان المبارك. إنّنا ننادي بالعالم وبخاصة بالعالم الإسلامي ألا يسكت تجاه هذه الجرائم، لأنّ السكوت تجاهها جور وخسارة للجميع، ويجب أن تُتخذ إجراءات عملية عاجلة لمنع هذا الظلم والعدوان لكی لا يزداد أمن المنطقة والعالم سوءا». وتحدث الملا عمر في كلمته عن الحرب الدائرة في أفغانستان وتطرق إلى الحرب الإسرائيلية على غزة، واستشهد في رسالته التي بثها موقع «الإمارة الإسلامية»، المتحدث الرسمي باسم الحركة الأصولية، بآيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة منها، «عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلی الله علیه وسلم: (رأس الأمر الإسلامُ، وعَمُوده الصلاة، وذِروة سَنَامه الجهاد). رواه الترمذي». وقال الملا عمر: «إنّ الحرب لن تتوقف في أفغانستان إلا بعد أن تخرج منها جميع القوّات الأجنبية، وتقوم فيها حكومة إسلامية خالصة. وإن بقاء القوات المحتلة المحدودة تحت أي اسم كانت هو بمعنی استمرار القتال، لأنّه لا يتحمّل أي أحد بقاء القوات الغازية في بلده».
وختم الملا عمر رسالته بالقول: «أهنّئكم مرّة أخری بحلول عيد الفطر المبارك، وأسأل الله تعالی أن يوفقكم في أيام الأفراح هذه لمدّ يد العون إلی الفقراء والبائسين من الأسر المسلمة، وأن تضعوا يد العطف والشفقة علی رؤوس الأيتام، وأن تساعدوا ذوي الشهداء والأسری والمهاجرين، وأن تحسنوا إلی الأسری والجرحی المسلمين وتواسوهم بما تستطيعون. وتقبّل الله منا ومنكم صالح الأعمال».



المحققون الأمميون يُحمّلون الحوثيين مسؤولية التدهور في اليمن

الحوثيون استغلوا أحداث غزة لتجنيد الآلاف من الأتباع الجدد (إ.ب.أ)
الحوثيون استغلوا أحداث غزة لتجنيد الآلاف من الأتباع الجدد (إ.ب.أ)
TT

المحققون الأمميون يُحمّلون الحوثيين مسؤولية التدهور في اليمن

الحوثيون استغلوا أحداث غزة لتجنيد الآلاف من الأتباع الجدد (إ.ب.أ)
الحوثيون استغلوا أحداث غزة لتجنيد الآلاف من الأتباع الجدد (إ.ب.أ)

حَمَّلَ التقرير الجديد لفريق خبراء مجلس الأمن الدولي المعني باليمن، الجماعة الحوثية المدعومة من إيران مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن، وعرقلة جهود تحقيق السلام وإنهاء الحرب، واتهم الجماعة بتسخير الموارد الضخمة للأغراض العسكرية.

ووفقاً للتقرير الذي يغطي الفترة الممتدة من 1 سبتمبر (أيلول) 2023 إلى 31 يوليو (تموز) 2024، فإن التهديدات والهجمات المنتظمة التي يشنها الحوثيون على السفن المبحرة عبر البحر الأحمر، منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تسببت في تعطيل التجارة الدولية والاقتصاد اليمني.

مزاعم الحوثيين بنصرة غزة أدت إلى عرقلة جهود السلام في اليمن (إ.ب.أ)

وأدت الهجمات -وفق التقرير- إلى زيادة تكاليف الشحن والتأمين وتأخير وصول البضائع إلى اليمن، وهو ما ترجم بدوره إلى زيادة في أسعار مختلف السلع، ولا سيما السلع الأساسية.

وأوضح الخبراء في تقريرهم المقدم إلى مجلس الأمن أن استمرار الحظر الذي يفرضه الحوثيون على تصدير النفط الخام تسبب في خسارة في الإيرادات بنسبة 43 في المائة؛ ما أدى إلى انخفاض قيمة الريال اليمني، وارتفاع حاد في معدلات التضخم، وأثر على قدرة الحكومة على تزويد الشعب بالخدمات الأساسية مثل دفع الرواتب وتوفير الكهرباء والمياه والتعليم.

وذكر التقرير، أن عبث الحوثيين بالاقتصاد طال المؤسسات الحكومية التي استغلوها لتمويل أغراضهم وأنشطتهم العسكرية، حيث اعتمدوا عدداً من التدابير غير القانونية لخلق موارد كبيرة لأغراضهم العسكرية، واستغلوا سيطرتهم على قطاع الاتصالات والمدارس في مناطق سيطرتهم؛ لطلب الأموال من السكان من أجل تعزيز قوتهم الجوية عبر الطائرات المسيّرة والدفاع الساحلي.

شبكات مختلفة

وتطرق التقرير الأممي إلى العمليات المالية الحوثية الخارجية، وأشار إلى أن تحقيقاً أجراه الفريق كشف عن أن الحوثيين يستخدمون شبكات مختلفة من الأفراد والكيانات التي تعمل في ولايات قضائية متعددة بما في ذلك إيران وتركيا وجيبوتي والعراق واليمن؛ لتمويل أنشطتهم من خلال الاستعانة بعدد من البنوك والشركات الوهمية وشركات الصرافة والشحن والميسرين الماليين، لافتاً إلى تورط قيادات حوثية بارزة وكيانات في تسهيل الدعم المالي للحوثيين وتوفير احتياجاتها من العملة الأجنبية لشراء الواردات.

وعرض التقرير، صوراً من أنشطة الحوثيين المشبوهة في ميناء الحديدة، وأساليب تجنب عمليات التفتيش التي تقوم بها آلية الأمم المتحدة من خلال المناقلة بين السفن أو إيقاف تشغيل النظام الآلي لتحديد هوية السفن للحد من كشف المواني التي تزورها والطرق التي تسلكها.

ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين يعيشون تحت سطوة القمع (أ.ب)

وأكد فريق الخبراء أن ميناء الحديدة كان مركزاً لعمليات تهريب منظمة لمواد غير مشروعة؛ مثل الأسلحة، والمخدرات، ومعدات الاتصالات، والمبيدات، والعقاقير المحظورة، والقطع الأثرية، وقال الفريق إن الهجمات الحوثية على خطوط النقل الأساسية أدت إلى زيادة إعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن.

انتهاكات في كل اتجاه

وأشار المحققون الأمميون إلى تأثير الانتهاكات الحوثية وعمليات الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري التي نفذتها الجماعة بحق العاملين في المجال الإنساني في مناطق سيطرتها، التي أدت بمقدمي الخدمات الإنسانية إلى تجنب مناطق سيطرة الجماعة؛ بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

واتهم التقرير الجماعة باستغلال الأحداث الإقليمية، وتحديداً أحداث غزة، لتعزيز استقرار نظامها واكتساب الشعبية، خصوصاً في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وانتشار السخط في مناطق سيطرتها، وأكد أن ادعاء الجماعة بأنها تستهدف السفن المرتبطة بإسرائيل غير صحيح، وأنها تستهدف بشكل عشوائي السفن المبحرة في البحر الأحمر وخليج عدن.

زعيم الجماعة الحوثية يحصر المناصب على المنتمين إلى سلالته (إ.ب.أ)

وتطرق التقرير إلى المساعي التي قام بها المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن لدفع عملية السلام قدماً من خلال الإعلان عن خريطة الطريق للسلام في اليمن في ديسمبر 2023، مؤكداً أن هذه المحاولة اصطدمت بهذه التطورات الإقليمية.

وأورد المحققون الأمميون أنه لا يمكن توقيع اتفاق خريطة الطريق إلا عند استقرار الوضع الإقليمي وتوقف الحوثيين عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر.

وتناول التقرير انتهاكات الحوثيين للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، التي شملت الهجمات العشوائية على المدنيين، والاحتجازات التعسفية، وحالات الاختفاء القسري، والتعذيب والعنف الجنسي المرتبط بالنزاع والعنف الجنساني، وانتهاكات الحق في المحاكمة العادلة، وتجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع، واضطهاد الأقليات، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.

وجاء في التقرير أن مصادر سرية أبلغت فريق التحقيق عن زيادة في تجنيد الفتيات من قِبَل ما يسمى «الزينبيات» (ذراع الحوثي النسوية) وإدماجهن في صفوف الجماعة عن طريق الاختطاف والتهديد، واستغلال بعض المختطفات في العمل المنزلي القسري، ووقوع أخريات ضحايا للعنف الجنسي.

المحققون الأمميون اتهموا الحوثيين بالتسبب في تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

كما اتهم المحققون الأمميون الجماعة الحوثية باستهداف الكيانات التجارية والأفراد المعارضين من خلال تجميد أصولهم ومصادرتها والاستيلاء عليها بشكل منتظم تحت مسمى نظام «الحارس القضائي».

وأشار التقرير إلى قيام الحوثيين باستغلال منصات التواصل الاجتماعي وانتهاك الجزاءات المفروضة بموجب القرار 2140 لبيع الأسلحة والتماس الدعم المالي والآيديولوجي والدعوة إلى الكراهية القومية أو العرقية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز والعداء والعنف، داعياً كيانات ووسائل التواصل الاجتماعي ذات الصلة إلى اتخاذ تدابير عاجلة ومناسبة لضمان منع هذا الانتهاك.