{الشرق الأوسط} تكشف تفاصيل انتقال اجتماعات غزة من القاهرة إلى باريس

مصادر دبلوماسية: المجموعة المشاركة تمثل الدول الضامنة.. ولا انتقاص لدور مصر

وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس خلال مؤتمر صحافي في باريس أمس وخلفه من اليمين وزراء خارجية إيطاليا فديريكا موغيريني وألمانيا فرانك فالتر شتاينماير وبريطانيا فيليب هاموند والولايات المتحدة جون كيري وتركيا أحمد داود أوغلو وقطر خالد العطية (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس خلال مؤتمر صحافي في باريس أمس وخلفه من اليمين وزراء خارجية إيطاليا فديريكا موغيريني وألمانيا فرانك فالتر شتاينماير وبريطانيا فيليب هاموند والولايات المتحدة جون كيري وتركيا أحمد داود أوغلو وقطر خالد العطية (إ.ب.أ)
TT

{الشرق الأوسط} تكشف تفاصيل انتقال اجتماعات غزة من القاهرة إلى باريس

وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس خلال مؤتمر صحافي في باريس أمس وخلفه من اليمين وزراء خارجية إيطاليا فديريكا موغيريني وألمانيا فرانك فالتر شتاينماير وبريطانيا فيليب هاموند والولايات المتحدة جون كيري وتركيا أحمد داود أوغلو وقطر خالد العطية (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس خلال مؤتمر صحافي في باريس أمس وخلفه من اليمين وزراء خارجية إيطاليا فديريكا موغيريني وألمانيا فرانك فالتر شتاينماير وبريطانيا فيليب هاموند والولايات المتحدة جون كيري وتركيا أحمد داود أوغلو وقطر خالد العطية (إ.ب.أ)

لم يسفر اجتماع وزراء خارجية سبع دول غربية وعربية (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا إضافة إلى تركيا وقطر وممثل عن الاتحاد الأوروبي) نظمته ودعت إليه باريس، عن نتائج «استثنائية» بالنسبة للحرب الدائرة في قطاع غزة، إذ إن النتيجة «العملية» الوحيدة التي خرج بها هي دعوة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، إلى تمديد العمل بهدنة الساعات الـ12 الإنسانية 24 ساعة إضافية قابلة للتمديد.
ورغم ذلك، وصف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي تحدث باسم جميع المشاركين في هذا الاجتماع الدولي؛ الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل قبل 20 يوما، بأنه كان «إيجابيا».
وقال فابيوس في تصريح للصحافة في مقر الخارجية بحضور الوزراء الستة الآخرين، بعد ظهر أمس، إن اللقاء «أتاح المجال لبلورة توجهات مشتركة للعمل الدولي من أجل وقف للنار في غزة»، مضيفا أن «الجميع» يدعون لتمديد اتفاق وقف النار الإنساني 24 ساعة قابلة للتجديد.
من جانبها، قالت مصادر دبلوماسية غربية رافقت الاجتماع في كل مراحله، بما فيها التحضيرية لـ«الشرق الأوسط»، إن المجموعة التي حضرت من الوزراء تمثل «الدول الضامنة» لأي اتفاق يجري التوصل إليه بين الطرفين، وبالتالي فإن غياب مصر «ليس انتقاصا من دورها أو من مبادرتها بل لكون الدعوة اقتصرت على الدول التي يمكن أن تلعب دورا ضامنا في المستقبل لتسهيل التوصل إلى اتفاق وضمان تنفيذه».
وبحسب هذه المصادر، فإن قطر وتركيا تمثلان الضامن من جهة حركة حماس بينما الولايات المتحدة تلعب الدور نفسه من جهة إسرائيل. وسارع الوزير فابيوس عقب الاجتماع بالاتصال بنظيره المصري لوضعه في صورة ما حصل ولإعادة تأكيد الدعم والمساندة للدور المصري «المركزي». كذلك اتصل فابيوس بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وأعلمه بالنتائج. ويبدو واضحا بحسب أكثر من طرف ومصدر أن ثمة رغبة قوية بإعادة وضع السلطة الفلسطينية في قلب الاتصالات الهادفة للتوصل إلى وقف نار دائم في غزة، لسبب جوهري هو أن الحكومة الفلسطينية الجدية هي حكومة «وفاق وطني»، وبالتالي هي مؤهلة لأن تمثل الجميع، سواء حماس ومنظمة التحرير.
أما الوسيلة إلى ذلك فتكمن في التمسك بعودة المراقبين الأوروبيين للعب الدور الذي قاموا به على معبر رفح بين غزة ومصر، على أن يتعاونوا مع القوى الأمنية الفلسطينية، وليس مع حماس. وفي الاجتماع، طرح ممثل الاتحاد الأوروبي بيار فيمون أن يمد دور المراقبين الأوروبيين إلى المعابر بين غزة وإسرائيل لطمأنة الطرف الإسرائيلي، وطرحت الفكرة على إسرائيل. إلا أن الأخيرة لم ترد عليها.
وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية إن الحشد الدولي الذي شهدته باريس، أمس، هو «وسيلة ضغط» على الطرفين المتقاتلين، وللقول إن «المذابح والمجازر الحاصلة لا يمكن أن تستمر، ويتعين أن تتوقف فورا»، فضلا عن إظهار «وحدة» المجتمع الدولي، وإبلاغهما رسالة مفادها أن الهدنة الإنسانية المؤقتة «يجب أن تمدد» حتى تفضي إلى وقف نار متفاوض عليه، وأن «تستجيب لمطالب الطرفين، وليس لطرف واحد»، مما يعني توفير الضمانات الأمنية لإسرائيل خصوصا في موضوع الأنفاق وتهريب السلاح من جهة، ومن جهة ثانية ضمان وضع حد للحصار على غزة، وتوفير شروط العيش والنمو الاقتصادي لسكانها»، مؤكدة أن «الجميع متفقون على ذلك»، وفي أي حال، فإن مجموعة الدول الضامنة «ستكون شاهدة» على أي خرق للهدنة الموعودة.
وكشفت هذه المصادر أن البحث كان جار في الساعات الـ48 الماضية، بحسب الخطة الأميركية، إلى السعي لهدنة إنسانية من سبعة أيام، وبعد الرفض الإسرائيلي جرى تقليصها لـ48 ساعة، لترسو في النهاية على 12 ساعة. بيد أن الوزير الأميركي كيري لم يتخلَّ عن جهود الوساطة بعد خمسة أيام من اللقاءات غير المثمرة في عواصم المنطقة. ورغم فشله في انتزاع اتفاق بسبب رفض الحكومة الإسرائيلية لخطته، قرر، أمس، العودة إليها بدل استكمال طريقه إلى واشنطن. ونقلت مصادر حضرت الاجتماع أن كيري تكلم عن الوضع الإنساني في غزة بـ«تأثر».
تبدو المشكلة الكأداء اليوم متجسدة في «الضمانات» التي يتعين توفيرها للطرفين. فبالنسبة للجانب الفلسطيني، لم يعد يكفي التوقيع على هدنة ليكون مصيرها مصير هدنة عام 2012، حيث يرون أن إسرائيل لم تحترم بنودها. أما إسرائيل فتقول إن أمنها مهدد بسبب الأنفاق والسلاح والصواريخ، وهي بدورها تريد ضمانات، علما بأنها تخلت، كما تنقل مصادر دبلوماسية غربية عن نظرية «الهدوء مقابل الهدوء»، وتبنت مبدأ ضرب مواقع حماس والجهاد الإسلامي ومراكز القيادة والتحكم ومخازن السلاح فضلا عن الأنفاق «لتوفر فترة هدوء طويلة الأجل».
وتقول إسرائيل، بحسب المصادر المشار إليها، إنها «بحاجة لمزيد من الوقت لتدمير الأنفاق، وإنها في حال التوصل إلى هدنة، فإنها تطالب باستمرار العمل لمجموعاتها الهندسية العاملة على تدمير الأنفاق»، الأمر الذي لا يمكن أن تقبله حماس.
أما موضع فتح ممر رفح بين غزة ومصر، فإن الطرف المصري يؤكد أنه مفتوح للحالات الإنسانية لكنه يربط فتحه الكامل بحصول الشيء نفسه بين غزة وإسرائيل، مشددا على «هواجسه» الأمنية وتهريب السلاح ومتمسكا بوجود قوات السلطة الفلسطينية إلى جانب الأوروبيين على المعبر.
ونقلت مصادر شاركت في الاجتماع عن وزيري خارجية قطر وتركيا خالد بن عبد الله العطية وأحمد أوغلو قولهما إن حماس «ليست منظمة مركزية تأتمر بأوامر واحدة، كما أن لديها شركاء ومنظمات رديفة يتعين عليها التفاوض والتنسيق معها».
وشهد مقر إقامة السفير الأميركي في باريس لقاء ثلاثيا ضم وزراء خارجية الولايات المتحدة وقطر وتركيا. ونقل عن وزيري خارجية هذين البلدين «التزامهما» بالتحدث لحماس، من غير تأخر، بصدد دعوة مجموعة الدول الضامنة.
وردا على التساؤلات حول سبب اختيار باريس، وبدء التخطيط للمؤتمر الذي لم يتأكد بصيغته الحالية حتى منتصف ليل أول من أمس، أشارت المصادر الفرنسية إلى أن الفكرة اختمرت بعد عودة فابيوس من المنطقة، نهاية الأسبوع الماضي، حيث توصل إلى قناعة مفادها أن الأسباب التي تعيق التوصل إلى وقف للنار «شائكة ومعقدة»، وأنه يتعين الدعوة لاجتماع دولي تستطيع باريس استضافته «لأنها على علاقة جيدة مع الجميع»، و«لأن الجميع يقبلون الدور الفرنسي». وبعد تعثر مشاريع الحلول المصرية والأميركية، بدت واضحة الحاجة إلى «دفعة جديدة»، الأمر الذي سعى المجتمعون إلى توفيره. لكن هذه المصادر التي سألتها «الشرق الأوسط» عقب الاجتماع عما إذا كانت «تضمن» قبول الطرفين تمديد الهدنة الإنسانية، كان جوابها أن الأمور «مرهونة» بالاتصالات والتزام الأطراف المشاركة بإجرائها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.