ألف قتيل و6000 جريح ضحايا العدوان.. وتل أبيب تمدد الهدنة أربع ساعات أخرى

الجيش الإسرائيلي يعلن العثور على منازل مفخخة والمزيد من الأنفاق

فلسطيني يبكي على أطلال منزله في بيت حانون بينما ما زالت جثث عدد من أفراد أسرته تحت الأنقاض بانتظار انتشالها (إ.ب.أ)
فلسطيني يبكي على أطلال منزله في بيت حانون بينما ما زالت جثث عدد من أفراد أسرته تحت الأنقاض بانتظار انتشالها (إ.ب.أ)
TT

ألف قتيل و6000 جريح ضحايا العدوان.. وتل أبيب تمدد الهدنة أربع ساعات أخرى

فلسطيني يبكي على أطلال منزله في بيت حانون بينما ما زالت جثث عدد من أفراد أسرته تحت الأنقاض بانتظار انتشالها (إ.ب.أ)
فلسطيني يبكي على أطلال منزله في بيت حانون بينما ما زالت جثث عدد من أفراد أسرته تحت الأنقاض بانتظار انتشالها (إ.ب.أ)

ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلى نحو ألف قتيل وستة آلاف جريح في يومه الـ19. بعدما تمكنت طواقم الإنقاذ والدفاع المدني والإسعاف من انتشال نحو 90 جثة على الأقل من تحت أنقاض المنازل المهدمة في القطاع، مستغلة 12 ساعة من الهدنة الإنسانية التي دخلت حيز التنفيذ، أمس، وكانت استبقتها إسرائيل بقتل نحو 30 فلسطينيا، بينهم 20 من عائلة واحدة في خان يونس.
ووافقت الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة، أمس، على تمديد وقف إطلاق النار أربع ساعات إضافية، لينتهي بذلك عند منتصف الليل. وقالت القناة العاشرة الإسرائيلية إن قرار التمديد اتخذ قبل أقل من ساعتين على انتهاء المهلة الأصلية للهدنة الإنسانية، وبعدما دعا وزراء خارجية دول عدة في باريس، من بينهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إلى تمديد الهدنة. وقبل قرار تمديد الهدنة أعلن مسؤول إسرائيلي كبير أن حكومته ستكون على استعداد للنظر بصورة إيجابية في تمديد وقف إطلاق النار، شريطة أن يتسنى للجيش مواصلة نشاطاته ضد الأنفاق في القطاع. وأضاف المسؤول: «مجلس الوزراء المصغر للشؤون السياسية والأمنية يعمل على مسارين في آن واحد، وهما المسار العسكري الذي ينظر في نطاقه في احتمال توسيع نطاق العمليات في قطاع غزة، والمسار السياسي الذي ينظر في المبادرات المختلفة لوقف إطلاق النار».
وفي غضون ذلك، سارعت طواقم الإنقاذ إلى أحياء فلسطينية متعددة خلال الهدنة لانتشال الضحايا. وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن طواقم الإنقاذ انتشلت ما لا يقل عن 85 جثة من تحت أنقاض المنازل المدمرة، في مختلف محافظات القطاع حتى الساعة (14:00) بتوقيت فلسطين أمس.
وأضافت: «معظم الشهداء انتشلوا من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وحي الزيتون المجاور، وفي بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا شمال القطاع، ومن تحت ركام المنازل المدمرة في بلدة خزاعة شرق خان يونس». وأكدت الوزارة أن طواقمها منعت من قبل إسرائيل من دخول بعض المناطق كذلك.
ووجدت كثير من هذه الجثث متحللة، بعد بقائها عدة أيام تحت ركام المنازل. وأظهرت صور من الأحياء الفلسطينية تبث لأول مرة كيف أحالتها إسرائيل إلى أكوام من حجارة، ومسحتها من على وجه الأرض.
واستبقت إسرائيل الهدنة الإنسانية التي انطلقت أمس بقتلها نحو 30 فلسطينيا، بينهم 20 من عائلة واحدة. وقال الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة إن 20 من أفراد عائلة النجار قضوا في قصف على مخيم خان يونس، بما في ذلك 11 طفلا وأربع نساء. وكان أفراد عائلة النجار هربوا قبل أيام من قرية خزاعة القريبة جراء القصف المكثف على القرية. وارتفع عدد الأطفال الذي قتلوا جراء القصف الإسرائيلي إلى أكثر من 200 طفل. وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن نسبة الأطفال الفلسطينيين بلغت 33 في المائة من إجمالي الضحايا المدنيين، وإن أعمار الضحايا تتراوح بين خمسة أشهر و17 عاما ذكورا وإناثا.
وقبل مذبحة العائلة، كانت إسرائيل قتلت نحو عشرة فلسطينيين، بينهم مسعف يُدعى محمد العبادلة.
ودانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بأقسى العبارات، الهجمات التي تعرضت لها الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف في قطاع غزة، مما أدى إلى قتل مسعف وجرح ثلاثة آخرين، أحدهم جروحه خطيرة.
وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي المحتلة جاك دي مايو، في بيان أمس: «سيارات الإسعاف كانت تحمل بوضوح شارة الهلال الأحمر (...) إن استهداف سيارات الإسعاف والمستشفيات والطواقم الطبية يعد انتهاكا خطيرا لقوانين الحرب».
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه خلال 24 ساعة الأخيرة أغار على أكثر من 155 هدفا في قطاع غزة ليصل عدد الأهداف التي ضربت منذ بداية العملية إلى 3670.
ورد فلسطينيون بإطلاق صواريخ على إسرائيل قبل أن تدخل الهدنة حيز التنفيذ، بينما تواصلت الاشتباكات العنيفة داخل المدن الحدودية. وقالت إسرائيل إن جنديين آخرين من جنودها قتلا في معارك في غزة قبل الهدنة وهو ما يرفع عدد قتلى الجنود الإسرائيليين إلى 37.
وحاول مقاتلون من حماس اختطاف جندي إسرائيلي ثان في مواجهات قريبة. وقال بيان للجيش الإسرائيلي إنه «أثناء سلسلة من الاشتباكات المسلحة بين قوات من الجيش والعناصر التخريبية في أنحاء مختلفة من القطاع وقعت محاولة لاختطاف جندي من جانب مسلحين انطلقوا من فتحة أحد الأنفاق. ورد جنود القوة عليهم بإطلاق النار وقتلوا عددا منهم». وأكد الجيش أنه اكتشف كذلك «عددا من البيوت المفخخة وفي داخلها كميات من الأسلحة وأجهزة الاتصال». ويوجد لدى حماس جندي إسرائيلي يدعى شاؤول آرون عده جيشه ميتا ومكان دفنه غير معروف، في مؤشر على نية إسرائيل عدم التفاوض حوله.
ولم تشمل التهدئة، أمس، عمل الجيش الإسرائيلي ضد الأنفاق، كما يبدو، إذ أكد أنه مستمر في البحث عن أنفاق يستخدمها النشطاء الفلسطينيون.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن «قوات الجيش واصلت خلال ساعات الهدنة الإنسانية أعمال تدمير الأنفاق التي اكتشفت. جرى حتى الآن اكتشاف 31 نفقا، دمر منها 15 نفقا».
ووجه الجيش الإسرائيلي نداء إلى سكان المدن الحدودية في قطاع غزة «بعدم العودة إليها خلال فترة الهدنة الإنسانية». وأضاف: «من يوجد في تلك المناطق بعد انتهاء هذه الهدنة الإنسانية يعرض حياته للخطر».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.