تجدد المواجهات في الضفة دعما لغزة

شيعت جثامين الضحايا.. و«الجهاد» تحيي «الهبة»

ارشيفية
ارشيفية
TT

تجدد المواجهات في الضفة دعما لغزة

ارشيفية
ارشيفية

تجددت المواجهات في الضفة الغربية، أمس، على نطاق واسع بعد يوم واحد من قتل إسرائيل تسعة فلسطينيين بالرصاص في أعنف اشتباكات تجري في الضفة منذ سنين.
واشتبك فلسطينيون مع الجنود الإسرائيليين في القدس وبيت لحم ورام الله وجنين والخليل ومناطق أخرى. وأصبحت مثل هذه الاشتباكات منذ هاجم الجيش الإسرائيلي قطاع غزة عادة ليلية في رمضان. ويتجمع مئات من الفلسطينيين قرب نقاط التماس مع إسرائيل حيث توجد معسكرات أو حواجز للجيش الإسرائيلي ويهاجمون الجنود بالحجارة والزجاجات الفارغة وبعض الألعاب النارية، ويرد الجنود بالرصاص الحي وقنابل الغاز ويرشقون المتظاهرين بمياه كريهة الرائحة تعرف برائحة «الظربان» في إشارة إلى حيوان يطلق رائحة كريهة للغاية. وتجلب إسرائيل هذه السوائل التي تشبه في رائحتها المياه العادمة في حاويات مزودة بمدافع لرشها، وتبقى الرائحة عالقة لعدة أيام. ويمكن وصف ما يحدث في الضفة بمواجهات رمضانية، إذ تبدأ المواجهات بعد صلاة المغرب وتنتهي قبل أذان الفجر.
وأدخل الفلسطينيون، خصوصا في القدس التي تشهد أعنف هذه المواجهات، سلاحا جديدا وهو المفرقعات النارية التي أصبح الشبان يطلقونها تجاه الجنود بدل الاحتفال بها. واشتدت المواجهات بعد إعطاء القيادة الفلسطينية الضوء الأخضر لذلك، وامتنع الأمن الفلسطيني عن رد المتظاهرين إلى داخل المدن.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنهى خطابا قبل أيام بآية قرآنية على غير العادة: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ». وفسرت هذه الآية بأنها دعوة من عباس للتحرك في الضفة.
وقادت فتح التي يتزعمها عباس الآلاف أول من أمس في مظاهرات غطت جميع مدن الضفة. وردت إسرائيل بالرصاص الحي على المتظاهرين الذين حاولوا كذلك الوصول إلى القدس.
وتعهد وزير الأمن الداخلي يتسحاق أهارونوفيتش برد شديد الصرامة على المظاهرات الفلسطينية. وقتلت إسرائيل الشبان التسعة، وأدت المواجهات إلى إصابة المئات.
وشيع الفلسطينيون أمس جثامين محمد الأعرج من مخيم قلنديا في رام الله، والطيب أبو شحادة وخالد عزمي من بلدة حوارة في نابلس، وهاشم أبو ماريا وسلطان الزعاقيق وعبد الحميد بريغيث من بلدة بيت أمر في الخليل، وباسم أبو الرب من قباطية في جنين، والفتى نصري طقاطقة من بيت فجار في بيت لحم، وعيد رياح فضيلات من مخيم العروب في الخليل.
وحيت الجهاد الإسلامي هبة الضفة ودعت إلى انتفاضة شاملة، كما زفّت حركة حماس في الضفة «شهداء محافظات الضفة» لقطاع غزة، وعدت الأمر مبايعة للمقاومة الباسلة.
وحيّت الحركة في بيان «جماهير الضفة والقدس والداخل المحتل الذين لبوا نداء الواجب وهبّوا في كلّ المدن والقرى والمخيمات وفاءً لدماء شهداء غزة البررة تأكيدا على وحدة شعبنا واصطفافه خلف المقاومة». وأوضحت الحركة «أن فصائل الشعب وقواه الحية كلها مجمعة على تصعيد الهبّة في الضفة وإطلاق مقاومة حقيقية ضاغطة على الاحتلال»، داعية الجماهير لمواصلة الانتفاض وتوسيع رقعة المواجهات من أجل الضغط على الاحتلال ولإسناد أهلنا في قطاع غزة الحبيب.
وتريد كل من حماس والجهاد إطلاق انتفاضة في الضفة وتدعو إلى ذلك منذ سنوات، لكن السلطة ترفض ذلك وتقول إنها لن تسمح بالانجرار إلى مربع العنف الإسرائيلي.
ومن غير المعروف إذا ما كانت المواجهات ستتحول فعلا إلى انتفاضة أم أنها ستهدأ فور وقف العدوان على القطاع.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».