الكوابيس والانتقام والبحث عن ملاذ في «الوجه العاري داخل الحلم»

مجموعة قصصية للروائي العراقي أحمد سعداوي تتضمن 10 نصوص

أحمد سعداوي
أحمد سعداوي
TT

الكوابيس والانتقام والبحث عن ملاذ في «الوجه العاري داخل الحلم»

أحمد سعداوي
أحمد سعداوي

«الوجه العاري داخل الحلم» مجموعة قصصية للروائي العراقي أحمد سعداوي، تستحيل فيها الأحلام إلى كوابيس لا بد من الفرار منها، إلا أن الاستفاقة منها لا تفضي إلا إلى التورط بالواقع المعاش المفعم بالقلق والتأزم والإخفاقات. نشرت المجموعة القصصية عن «دار الرافدين» عام 2018، ويصل عدد صفحاتها إلى 279 صفحة من القطع المتوسط.
تدور أحداث هذه المجموعة في أحياء مختلقة في العراق. ويأتي هذا الإصدار تالياً لأعمال أدبية أخرى، مثل رواية «فرانكشتاين في بغداد» الحائزة على الجائزة العالمية للرواية العربية في عام 2014، والتي تلتها رواية «باب الطباشير» في عام 2017. ويتمثل «الوجه العاري داخل الحلم» بعشر قصص طويلة أو روايات قصيرة «نوفيلات»، يتفاوت عدد صفحات كل منها بين العشرين وما يتجاوز الأربعين صفحة، وتقل كل قصة منها القارئ إلى عالم أثيري مستقل، يغوص في الرمزية التي تتفاوت تارة بين «الديستوبيا»، وتارة أخرى الجانب «الفانتازي». وإن كانت تنضح بالألم، فهي تحمل أسلوباً فكاهياً ساخراً برشاقة من الواقع المعاش بتصورات مدهشة، تتدرج في توغلها حتى تصل في آخر قصة، معنونة بـ«شاميرام وفضيل»، إلى رحلة مكوكية في عام 2070 بطراز خيال علمي، تطارد فيها شاميرام زوجها بأسلوب خرافي حتى تلتحق بسفينة النجاة العراقية الناجية من هذا العالم بتوجهها إلى المريخ، ليستمر فضيل في تأزمه العاطفي، موله بها مبغض لها، بتناقض غرائبي. ويتجلى إمعان القصص العشر في البحث عن ملاذ آمن، سواء من خلال خلق مكان موازٍ للواقع، مثل السفر الاعتباري أو اختيار دول أخرى عربية أو عابرة للقارات أو حتى نابذة لكوكب الأرض، باختيار كوكب المريخ. الأمر يستحيل محاولة ممعنة للهروب من الوضع المستفحل من الذعر والألم والدمار، وذلك بأسلوب يغوص في العبثية الساخرة، ويحمل هاجساً دائماً بالرغبة بتغييب الحواس أو الفرار، أو حتى الاستسلام للموت، حيث لم يعد لمرور الزمن من قيمة، أو للحياة من معنى، إلا التشفي من الآخرين أو انتظار فنائهم.
وتظهر المجموعة القصصية استمراراً لـ«ثيمة» الروائي العراقي أحمد سعداوي التي تجسد الحالة المتداعية في العراق، وانعكاسات الصراعات الأهلية والطائفية فيها، ويمتد ذلك ليعكس حال تأزّم العالم العربي ككل من خلال أحداث ميتافيزيقية، مثل انعدام القدرة على الإنجاب ما بين العراقي ساهر والسورية نسرين، في قصّة «الشهرزاديون»، حيث لا نجاة من الكوارث العربية التي لا تفضي إلا إلى الفناء، ولا يتبقى من أجل الحفاظ على الوجود الإنساني إلا محاولة الاحتفاظ بالقدرة على سرد الحكايا والموروثات الثقافية، حيث إن هدف الحكي الأصلي هنا هو «أن يدفع الموت بعيداً»، وكأن تخليد الواقع لن يتحقق إلا من خلال الخرافات، فيما تظهر بشكلٍ كبيرٍ قدرة سعداوي في خلق نفسيات قلقة تبغض الآخرين وتشكك في نواياهم حتى يصل بهم الأمر إلى الرغبة في إبادتهم، مثل قصة «عشبة الندم» التي إن لم يتندم متجرعها للمادة العشبية فينفجر بالبكاء، تعرض للموت، وكأن على الجميع التعرض لتأزّم وجودي جماعي، وهنا تظهر شخصية حنّون الساحر الذي يتبرّم حين ينتقده صديقه، ويجيبه بكل بساطة مدافعاً عن جرائمه: «أنا لم أقتلهم. هم قتلوا أنفسهم. لم يكونوا في أعماقهم يرغبون بالنّدم».
«كل شيء يتداعى ويتخرّب في هذه المدينة». تأتي «الثيمات» في المجموعة القصصية الأخيرة امتداداً للتوجه الروائي ذاته لسعداوي، الذي يفرض على الشخوص خياراً خيالياً يغنيهم عن العيش بالواقع المتردي من خلال عالم آخر موازٍ، على نسق روايته الأخيرة «باب الطباشير» التي تتشابه من هذه الناحية مع قصة «سفر فلسفي» في هذه المجموعة، فيما يمتد عبر القصص الأخرى المختلفة استعراض للحالة المزرية للحياة، بآلامها وإرهاصاتها التي لا تخلف إلا الدمار والشعور بالنبذ والجثث والأرواح المعطوبة، الأمر المشابه لرواية سعداوي البوكرية «فرانكشتاين في بغداد».
«الإنكار هو السمة الغالبة على الجميع». تداعيات الأحداث في كل قصة تدفعك للغرق في تفاصيلها المكثفة، وعدم الاكتفاء بالصفحات القليلة المخصصة لكل واحدة منها، بل تستحيل كل واحدة منها إلى رواية مستقلة، تنضح بتفاصيل كل شخصية، مثل هوس إحدى الشخصيات بالتمرين على قتل الآخرين أو محاكمتهم، وهنا يظهر مبلغ قلق الشخوص، ووقوعها بتأنيب ضمير مفرط في كل من «التمرين» و«الرومانسي»، بما هو أشبه بتأزم لشخصية دوستويفسكية تعاني من جلد الذّات، والاستمرار في تقليب الأحداث والاحتمالات، أو احتباس شخصية قصة أخرى في كوابيس مكررة، يتعرض فيها للقتل مراراً، أو تعرض شخص طاعن في السن للاختطاف، ليكتشف مدى تمزق حياته، على شاكلة رواية «عقدة الأفاعي» لفرنسوا مورياك، المتوغلة في النفس الإنسانية والحقد والبخل والجشع واكتشاف ردود فعل المحيطين به.
«الوجه العاري داخل الحلم» تحمل أسلوباً رشيقاً في طرح القصص الطويلة التي لا تعد أدباً شائعاً في العالم العربي في الآونة الأخيرة، وهي بشكلٍ أو بآخر تفرض على القارئ الاستمرار في قراءة الكتاب دون شعور بالملل، فالمشاهد مكثّفة والأحداث قصيرة مفعمة بتوصيف الشخصيات المتأزمة أو المهووسة.



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».