نجح مركز «مسؤولية مواقع التواصل الاجتماعي» في جامعة ميتشغان في التوصل إلى تطبيق إلكتروني يمكنه الكشف عن الأخبار الكاذبة بالقياس إلى مصادرها. ويعمل التطبيق بالبحث في الأخبار المنشورة على وسائل التواصل، والمنسوبة إلى مصادر سبق لها إصدار أخبار كاذبة أو مشكوك فيها. ويعمل التطبيق على الكثير من الوسائط منها «تويتر» و«فيسبوك».
وطبق القائمون على البحث هذا المعيار بنجاح على أخبار يعود تاريخها إلى عام 2016. ولاحظ البحث أن نسبة الأخبار الكاذبة زادت قبل فترات الانتخاب الرئاسي الأميركي، وتضاعفت في الفترة ما بين بداية عام 2016 وحتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه. كما ثبت أن الأخبار الكاذبة تراجعت على «فيسبوك» منذ بداية عام 2016 ولكنها زادت على «تويتر» وبنسبة 50 في المائة.
واستند البحث إلى معلومات جمعتها شركات أخرى مثل شركة «نيوز ويب» التي تبحث في المواقع التي يتم مشاركتها بكثرة على الشبكات الاجتماعية، ثم مقارنة أكبر خمسة آلاف موقع تتم مشاركتها مع قوائم أخرى تقوم شركة «ميديا بايس» بتجميعها وترتيبها للمواقع على حسب موثوقيتها أو انحيازها. ولا تنشر هذه الشركات أبحاثها وتعدها للأبحاث الأكاديمية فقط، ولكن مركز ميتشغان يعتقد أن نشر مدى موثوقية الأخبار وفقاً لمصادرها يمهد لمحاسبة المواقع التي تنشرها، خصوصاً في حالات الأخبار التي تسبب أضراراً لأشخاص أو جهات.
ومن ضمن المواقع التي تتم مشاركتها، فإن النسبة التي تأتي من مصادر مشكوك فيها تصنف على أنها «غير موثوقة». وترحب وسائط التواصل الاجتماعي بهذه الجهود، خصوصاً أنها تقع تحت ضغوط متزايدة من الحكومات وجهات الإشراف لتنقية الأخبار الكاذبة التي تنشر على مواقعها. ومن الحالات الشهيرة في هذا المجال اكتشاف أن روسيا استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي من أجل التأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية في عام 2016.
ومنذ ذلك الوقت قامت كل من «فيسبوك» و«تويتر» بإزالة حسابات تتبع الحكومتين الروسية والإيرانية، وطبقت سياسات تحد من انتشار الأخبار والمعلومات الكاذبة.
كما قامت كل من «غوغل» و«فيسبوك» بإجراءات لمنع نشر أخبار كاذبة، أو الإعلان عنها على مواقع الشركتين. وهي صحوة جاءت متأخرة بعض الشيء، لأن الصحافيين المحترفين طالما عرفوا بالأخبار الكاذبة على الإنترنت التي لا تخضع للتمحيص ومراجعة الحقائق مثلما هي الحال في الأخبار المطبوعة من كتاب محترفين. ولم تكن المشكلة خطيرة لعدم انتشارها على نطاق واسع في الماضي، ولكن التقنيات الحديثة ساهمت في سرعة تفشي هذه الظاهرة بمشاركة الآلاف في نشرها وانتشارها السريع على أكثر من منصة إعلامية.
وتقدم شبكة الصحافة الأخلاقية (Ethical Journalism Network) نصائحها للإعلاميين لكي لا يقعوا ضحية الأخبار الكاذبة ومنها:
> ضرورة فحص مصداقية أي أخبار تصلهم مرتين عبر المواقع التي توفر فحصاً للأخبار الكاذبة مثل «factcheck.org» في أميركا و«fullfact.org» في بريطانيا.
> ضرورة الحرص من مواقع إلكترونية ذات أسماء غريبة تنتهي أحياناً بـ«.com.co»، فهي في الغالب تكون مواقع مزورة لمصادر أخبار حقيقية.
> يجب البحث عن ناشري الموقع عبر مؤشر «About us»، وإذا لم يكن موجوداً فلا بد من إهمال الخبر. ويمكن أيضاً الاستعانة بـ«غوغل» أو «ويكيبيديا» للتعرف على حقيقة المواقع.
> لا بد من الحرص من أخبار لم تنشر في أي موقع آخر، فالأخبار المهمة والصادمة وغير العادية سوف يكون لها أكثر من مصدر. ولا بد من الشك فيها إذا كانت تقتصر على موقع واحد.
> لا بد من الشك في الأخبار التي لا تأتي من مصادر أو أشخاص محددين، وقد يكون ذلك مبرراً في بعض الأحيان، ولكن إذا لم يتم شرح ذلك في الخبر، فلا يمكن الوثوق به.
> التأكد من تاريخ الخبر، حيث إن بعض مزوري الأخبار يلجأون إلى إعادة نشر أخبار قديمة. وقد تكون هذه الأخبار صادقة حين نشرها ولكنها تصبح كاذبة إذا أعيد نشرها بغرض التضليل.
> لا يجب تعميم أن كل الأخبار الكاذبة تأتي بأهداف سلبية أو مضللة، وإنما بعضها يكون بغرض السخرية. فهناك مطبوعة ساخرة في بريطانيا اسمها «برايفت آي» تنشر الأخبار التي تهدف بها إلى السخرية من أشخاص أو قضايا، ولكنها تجد نفسها أحياناً على لوائح مصادر الأخبار الكاذبة.
هناك أيضاً الكثير من المعايير التي يمكن للقارئ أن يستخدمها للتفرقة بين الحقائق والأخبار الكاذبة، منها سمعة الصحافيين أنفسهم، وهوية من يملك الصحف أو المواقع الإلكترونية. على القراء أيضاً القيام ببعض البحث بأنفسهم عن طريق الموارد المتاحة لهم على الإنترنت. فالخبر المنشور غير معصوم من الخطأ. وهذا البحث ضروري إذا كان القارئ يعتزم مشاركة الخبر مع آخرين.
وفي النهاية يجب التعايش مع الأخبار الكاذبة، لأنها ظاهرة لن تنتهي قريباً. وهي تحدث لأسباب متعددة، منها أهداف مالية أو سياسية أو مجرد السهو والخطأ. وهناك الكثير من المواقع التي يمكن منها التحقق من مصداقية الأخبار، أحدها من هيئة الإذاعة البريطانية نفسها، واسمه «Reality Check».
نصائح للصحافيين للتحقق من صحة الأخبار الواردة
نصائح للصحافيين للتحقق من صحة الأخبار الواردة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة