الحزب الحاكم في فنزويلا يعقد أول مؤتمر منذ رحيل شافيز وسط أجواء متوترة

افتتح الحزب الاشتراكي الحاكم في فنزويلا أول من أمس مؤتمرا له منذ رحيل مؤسسه هوغو شافيز، وسط أجواء متوترة. وقالت خبيرة علم النفس الاجتماعي كوليت كابريليس قبل بدء الأشغال «في البداية كان يبدو أن الهدف الاستراتيجي هو تعزيز الرئيس نيكولاس مادورو بصفته قياديا سياسيا، وتوحيد هيئات القيادة، لكن هذا الهدف تغير، وبالتالي بات المؤتمر مسرح مواجهات بين القاعدة وأكبر هيئات الحكم»، ومنذ أبريل الماضي، عندما بدأت النقاشات التحضيرية لهذا المؤتمر الذي دعي إلى عقده تحت شعار «الوحدة»، ظهرت تباينات داخل «التيار التشافي» لا سيما بعد إقصاء أحد أبرز الشخصيات الراديكالية من الحكومة وزير التخطيط ورفيق درب شافيز، خورخي خورداني، وكان الرجل الملقب بـ«الأستاذ» مهندس قرار فرض رقابة صارمة على صرف العملات السارية منذ 2003 في فنزويلا، وهو قرار اتهم بالزيادة في تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها بلاد تزخر بأحد أكبر احتياطي نفط في العالم.
غير أن خورداني بعد تنحيه انتقد الفساد في صفوف «التشافيين» وقال إن مادورو الذي انتخب رئيسا بفارق ضئيل في أبريل 2013 يفتقر إلى حس القيادة ويزيد في حدة الشعور بـ«شغور السلطة»، كما أخذ عليه الرضوخ لضغوط منظمة أرباب العمل التي تريد وضع حد للنموذج الاقتصادي القائم على تدخل كبير من الدولة ومصادرة الشركات ومراقبة الأسعار وصرف العملات. وفي سياق هذا الماركسي المتشدد تحررت مجموعة من «التشافيين» من «القواعد الأخلاقية» المنصوص عليها في «الكتاب الأحمر للحزب الاشتراكي الفنزويلي الموحد»، التي تدعو خصوصا إلى «الامتناع» عن انتقاد الحزب وقيادييه علنا، وقد انتقدهم نيكولا مادورو ووصفهم بأنهم يمثلون «يسارا قديما»، حتى إن بعضهم تعرض لعقوبات من الحزب.
ويتشكل الحزب الاشتراكي الفنزويلي الموحد الذي أسسه هوغو شافيز في 2008 لتوحيد آلة الحرب الانتخابية «التشافية»، من عدة تيارات كانت أصلا موجودة في «حركة الجمهورية الخامسة» السابقة التي تولى بفضلها شافيز المظلي السابق السلطة في 1998، لكن وفاة مؤسسها كشفت التيارات الثلاثة الأساسية الموجودة في هذا الحزب الجماهيري (نحو سبعة ملايين عضو في بلد يعد 30 مليون نسمة، حسب الرئيس).
ففي المقام الأول هناك التيار الوفي إلى مادورو وريث هوغو شافيز الذي يتطلع إلى تولي رئاسة الحزب، ثم التيار الذي يقوده ديوسدادو كابيو رئيس البرلمان الذي يتمتع بدعم العسكر، وأخيرا التيار الذي يتزعمه رافائيل راميريز مدير شركة النفط القوية وكذلك وزير النفط والمناجم ونائب الرئيس للشؤون الاقتصادية.
ويرى محللون أن الاختلافات بين هذه التيارات الثلاثة هي التي تتسبب في تردد وارتجال الحكومة في ساعة اتخاذ القرار في المجال الاقتصادي، ورأت الخبيرة كابريليس أن «غياب شافيز يساهم في ظهور مختلف مجموعات الحكم التي كان هو يتحكم فيها عموديا».
وارتفعت أصوات متناقضة مثل هيبر باريتو من تيار «المد الاشتراكي» الذي تحدث عن «تمرد القاعدة» الذي تجسد «بالاقتراع العقابي عبر الامتناع عن التصويت»، كما جرى خلال انتخاب مندوبي المؤتمر الذي لم يشارك فيه سوى مناضلين فقط، وقال إن «التشافية تتمرد على القياديين المتسلطين من الطبقات المتجمدة للحزب الاشتراكي الفنزويلي الموحد التي باتت لا تصغي إلى الشعب».
ويرى باريتو أن الاستياء ناجم عن إقصاء المناقشات حول الأزمة الاقتصادية من جدول أعمال المؤتمر، في حين بلغ التضخم 60 في المائة في السنة وتضاعفت ندرة المواد الأساسية والأغذية، وحول قرار الحكومة «التوافق» مع «طوائف إنتاجية» من «البورجوازية». وتوقعت كوليت كابريليس أن ينتخب مادورو رئيسا للحزب الاشتراكي الفنزويلي، لكن سيكون أمامه تحد كبير يتمثل في «استعادة ثقة المناضلين».