عشرات الآلاف يحتجون في فرنسا ضد سياسات ماكرون

مظاهرات «السترات الصفراء» شهدت حوادث سير أودت بحياة سيدة

متظاهرون يحتمون من غاز مسيل للدموع غرب فرنسا أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتمون من غاز مسيل للدموع غرب فرنسا أمس (أ.ف.ب)
TT

عشرات الآلاف يحتجون في فرنسا ضد سياسات ماكرون

متظاهرون يحتمون من غاز مسيل للدموع غرب فرنسا أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتمون من غاز مسيل للدموع غرب فرنسا أمس (أ.ف.ب)

حشدت مظاهرات «السترات الصفراء» أكثر من مائة ألف شخص، أمس، في فرنسا، احتجاجاً على فرض ضريبة بيئية على الوقود، وزيادة أسعاره، وكذلك على سياسة الرئيس إيمانويل ماكرون، لكن دون أن تتمكن من «شَلّ» فرنسا.
وتخللت حوادث سير عدة هذه المظاهرات، شهدت إحداها حالة وفاة. وقد ارتفع التوتر مع محاولة بعض السائقين تجاوز تجمعات المحتجين، وتوفيت متظاهرة عندما صدمت امرأة أصيبت بالهلع جمعاً منهم في منطقة الألب، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير. وأوقعت حوادث أخرى 47 جريحاً، ثلاثة منهم حالتهم خطرة وفق مصادر رسمية. ومن بينهم أحد المارة الذي أدخل إلى «العناية الفائقة» بعد أن صدمته سيارة في شمال البلاد. وأوقفت الشرطة 24 شخصاً، واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق التجمعات.
من جانب آخر، جرت صدامات مع قوات الأمن، أو بين متظاهرين وبعض المارة على الطرقات. وقالت وزارة الداخلية إن 124 ألف شخص شاركوا في أكثر من ألفي تجمع، وإن الحركة أعيقت في بعض الطرق لكن لم يتم إغلاق أي محور طرق استراتيجي. وتم الاحتجاج على الأرقام الرسمية لعدد المشاركين.
وندد غيوم بيلتييه، نائب رئيس حزب الجمهوريون (يمين)، بـ«تلاعب بالأرقام» يهدف إلى «التقليل من ضخامة حركة الاحتجاج الشعبية».
وقال جان لوك ميلونشون، زعيم اليسار الراديكالي، إن «الحكومة تعلن عن ألفي تجمع ومشاركة 124 ألف شخص. وإذا تم احتساب هذا المعدل، يكون هناك ما معدله 62 شخصاً في كل تجمع. أدعوكم بالتالي إلى نشر صوركم للتجمعات لإظهار العدد»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وقالت إيفيلن راليير بيني، وهي تعطل الطريق في جورا (شرق)، حيث رفعت لافتة كتب عليها: «أغيثوا أمة في خطر»... «نحن هنا، هذا هو الشعب، نحن صغار العاملين، لم يعد بمقدورنا أن نعيش».
وفي باريس، سار خمسون متظاهراً من قوس النصر إلى جادة الشانزليزيه وهم يهتفون: «ماكرون استقل». وأطلق على مجموعات الاحتجاج هذه «السترات الصفراء»، في إشارة إلى السترة الصفراء المضيئة التي يتعين على كل سائق في فرنسا أن يحتفظ بها في سيارته، وذلك بغرض جعله في موضع رؤية أفضل، في حال حدوث حادث سير.
وهي تحتج على زيادة سعر الوقود وفرض رسوم عليها على شكل ضريبة بيئية، وأيضاً ضد السياسة «الظالمة» للحكومة التي تمس بالقدرة الشرائية. غير أنه لا أحد يعرف مدى اتساع حركة الاحتجاج، إذ إنها تبدو تلقائية إلى حد كبير. وقال كيفن دوجاردين (27 عاماً)، وهو أحد المحتجين، إن «الحركة غير سياسية وغير نقابية. إنها صرخة عامة لشعب فقد طاقته على الاحتمال».
وتراوح رد فعل الحكومة في الأيام الأخيرة بين التهديد والتهدئة، وقال وزير الداخلية إدوار فيليب إنه «بالإمكان التظاهر»، لكن «ليس مقبولاً» إغراق البلد في حالة شلل. وأعلنت الحكومة، الأربعاء، زيادة المساعدات المخصصة للأكثر فقراً حتى يتمكنوا من تغيير سياراتهم أو دفع فواتير المحروقات. وفي اليوم ذاته، اعترف ماكرون بشكل غير مسبوق بأنه لم «ينجح في مصالحة الشعب الفرنسي مع قادته»، الأمر الذي جعل منه أحد شعارات حملته الانتخابية.
وتأتي حركة الاحتجاج هذه بعد سنة صعبة للرئيس الفرنسي مع مظاهرات ضد برنامج «تغيير» فرنسا الذي طرحه، لكن تلك المظاهرات لم تنجح في وقف عجلة الإصلاحات. في المقابل، تراجعت شعبية ماكرون إلى ما دون 30 في المائة، وهو أدنى مستوى لها منذ انتخابه في 2017.
في هذه الأثناء، تلقت حركة «السترات الصفراء» دعم 73 في المائة من الفرنسيين بحسب معهد الاستطلاع إيلابي. وأوضح فنسنت تيبو، مسؤول الدراسات في المعهد، أن «54 في المائة من ناخبي ماكرون يدعمون أو يتعاطفون مع هذه الحركة. وهذا أمر ليس بالقليل».
من جانبه، قال جيروم سانت ماري رئيس معهد بولينغ فوكس للاستطلاعات: «هذا يشكل نجاحاً لدى الرأي العام».
وكتبت صحيفة «لوباريزن»: «سواء كانوا بضعة آلاف أو عدة ملايين، وسواء تمكنوا من شل البلاد أم لا، لقد نجح أصحاب السترات الصفراء (...)، وذكَّروا قادتنا بأن الرسوم البيئية مآلها الفشل إذا تجاهلت الواقع اليومي لمن تخصص لمساعدتهم».
بدورها، عنونت صحيفة «ليبيراسيون» اليسارية: «ضريبة البنزين: القطرة التي جعلت الكيل يطفح». وكتبت أن «اتّساع الحركة يعود لسببين؛ أن ماكرون لم يفشل فقط في مصالحة الشعب مع قادته، بل إنه زاد من الهوة التي تفصلهما».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.