تونس: اتحاد الشغل يحضّر لشل الوظيفة العمومية بإضراب عام

TT

تونس: اتحاد الشغل يحضّر لشل الوظيفة العمومية بإضراب عام

نظم الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) أمس، اجتماعاً نقابياً، خصص لإعداد ترتيبات إضراب موظفي قطاع الوظيفة العمومية، المقرر يوم الخميس المقبل، وهو الإضراب الذي يتوقع أن تتحرك فيه كل قطاعات القطاع العام، دفاعاً عن حقوق أطر الوظيفة العمومية، وفق ما أكده نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال.
ونبه الطبوبي في اجتماعات عمالية سبقت اجتماع أمس إلى إمكانية حدوث ثورة جديدة في تونس، وقال إنها «ثورة الجياع، وثورة البطون الخاوية لتثبيت البوصلة في مكانها الحقيقي» على حد تعبيره.
ويتزامن هذا الإضراب مع عودة الوزارة المكلفة الوظيفة العمومية إلى الوجود، إثر إقالة عبيد البريكي منها سنة 2017، التي أصبح يشرف عليها بعد التعديل الوزاري الأخير كمال مرجان، رئيس حزب «المبادرة الدستورية».
يأتي هذا الاجتماع العمالي إثر فشل جلسة التفاوض، التي جمعت يوسف الشاهد رئيس الحكومة مع رئيس نقابة العمال، في محاولة لتفادي الإضراب العام داخل قطاع الوظيفة العمومية (الوزارات والدواوين الحكومية)، وفروعها في الجهات.
ووفق ما أكده أبو علي المباركي، القيادي النقابي، فإن هذا الإضراب جاء بعد تعثّر المفاوضات الاجتماعية في الوظيفة العمومية، رغم الاتفاق الذي تم مع الحكومة، والقاضي بإنهائها في 15 سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو ما أكده أكثر من مصدر نقابي بأن جلسة التفاوض لم تفض إلى أي نتيجة إيجابية.
وأوضح المصدر ذاته أنّ اتحاد الشغل «مصمم على مطلب الزيادة في أجور عمال الوظيفة العمومية، وماضٍ في قرار الإضراب العام»، وهو ما يجعل انطلاق حكومة الشاهد في نسختها الثالثة حافلة بضغوط اجتماعية عالية.
وحسب بعض المراقبين، فقد صعد نور الدين الطبوبي رئيس نقابة العمال، خلال هذا الاجتماع، من لهجة انتقاده للحكومة الحالية، قائلاً إن الشعب التونسي «لم يسلم صكاً على بياض للحكام الجدد، الذين تنكّروا للشعب»، ومؤكداً في هذا الصدد أن «الاتحاد سيعدل البوصلة في اتجاه خيارات الطبقة العاملة، ولن يسكت عن الباطل... والاتحاد سيدافع عن كل القضايا وعن المهمشين، وعن عمال الحضائر، وعن المهمشين أمنياً وعمال المناولة»، واعتبر الزيادة في الأجور ليست «صدقة أو منة من أي كان، بل استحقاقاً اجتماعياً، ولن يقبل الاتحاد بالفتات، ولا بدّ أن تكون الزيادات مجزية ومنصفة، وتأخذ بعين الاعتبار مكانة قطاع الوظيفة العمومية» على حد قوله.
كما انتقد الطبوبي مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي، بقوله «عار عليكم أن تتحدثوا عن هيبة الدولة، واليوم تنتظرون أن تأتي قراراتكم من وراء البحار، لا وألف لا، فهذا الشعب له كرامة وسيدافع عنها»، وهو ما يوحي بارتفاع مستوى خلاف النقابة مع الحكومة، في انتظار الحصول على أعلى نصيب من المكاسب المادية.
وكانت الحكومة قد تفادت خلال الشهر الماضي إضراباً عاماً مماثلاً في القطاع العام (نحو 142 مؤسسة حكومية كبرى)، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق يقضي بتمكين الموظفين من زيادة في الأجور، تمتد على ثلاث سنوات، وتتراوح ما بين 205 دنانير تونسية (نحو 70 دولاراً)، و270 ديناراً (نحو 93 دولاراً).



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.