نتنياهو يحاول تأجيل حل الحكومة إلى موعد يناسب معركته ضد الفساد

مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في تل أبيب (رويترز)
مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في تل أبيب (رويترز)
TT

نتنياهو يحاول تأجيل حل الحكومة إلى موعد يناسب معركته ضد الفساد

مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في تل أبيب (رويترز)
مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في تل أبيب (رويترز)

على الرغم من وصوله إلى طريق مسدود في معالجة الأزمة الوزارية، يبذل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جهده لإقناع حلفائه في الائتلاف الحكومي، بتأجيل قرار حل الحكومة وتبكير موعد الانتخابات العامة، والانتظار شهرين آخرين لعلهم يرون تطورات ترضيهم وتجعل قراراتهم صائبة أكثر.
وبحسب أجندة نتنياهو، فإنه يريد أن يمدد عمر حكومته عدة شهور على الأقل، لكي يتاح له أن يعيّن رئيساً جديداً لأركان الجيش وقائداً للشرطة. والسبب في ذلك يعود إلى أهمية الجهازين في موضوع التحقيقات الجارية ضده وضد زوجته ونجله في قضايا الفساد.
ورئيس الحكومة معني بقائد للشرطة يكون قريباً منه ورحيماً معه في ملفات الفساد، إلى درجة إغلاقها تماماً أو تخفيف بنود الاتهام فيها، أو إبرام صفقة مع النيابة حولها تمنع الحكم عليه بالسجن.
وأما بالنسبة إلى قيادة الجيش، فسجَّل نتنياهو أمامه أن جنرالاته سربوا إلى الصحافة موقفاً يقول إن «قادة الجيش غير معنيين بخوض حرب، في الوقت الذي يقف فيه على رأس الحكم في إسرائيل رئيس وزراء يتعرض للمحاكمات بتهم الفساد. ففي مثل هذه الحالة تكون قراراته محكومة بحساباته المصلحية الذاتية، ولن يصدر قرارات بدوافع وطنية طاهرة». ونتنياهو حاول أن يعين رئيس أركان مقرباً منه يتفهم هذه الفكرة.
في هذه الحالة، يحتاج نتنياهو لإجراء الانتخابات على الأقل في مايو (أيار) المقبل، أي بعد سبعة شهور، وقد يكون مستعداً لتقديمها حتى مارس (آذار) القادم، رضوخاً لإرادة حلفائه. ولكي يتم هذا فإنه بحاجة لحل الكنيست قبل الموعد بثلاثة شهور. ومن هنا فإنه لا يريد أن يتخذ القرار بتبكير موعد الانتخابات قبل نهاية السنة. فإذا أعلن عن حل الحكومة الآن، فإنه سيضطر إلى إجراء الانتخابات في فبراير (شباط) 2019.
وكانت غالبية حلفائه الذين التقاهم في اليومين الأخيرين قد وافقوه على رأيه؛ لكن رئيس حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، نفتالي بنيت، اعترض، وقال إنه لا توجد حاجة البتة في تبكير موعد الانتخابات. فالحكومة تحظى بأكثرية 61 نائباً (من مجموع 120)، وتستطيع العيش بأمان مدة سنة، إذا نجح نتنياهو في فرض الطاعة والانضباط. ووضع بنيت شرطاً لذلك، هو أن يتم تعيينه وزيراً للأمن مكان أفيغدور ليبرمان المستقيل. إلا أن نتنياهو وجد معارضة واسعة لمثل هذا التعيين، سواء أكان من قيادة الجيش الذين يعتبرونه متطرفاً ومتكبراً ويتوقعون الصدام معه، أم كان من طرف وزراء حزبه «الليكود»، الذين يطمعون في المنصب، وحلفائه في أحزاب اليمين الأخرى. وقد خرج بنيت من اجتماعه مع نتنياهو، صباح أمس، يقول إنه «لم يعد مفر من تبكير موعد الانتخابات. ومن جهتنا مستعدون لذلك من اليوم».
وقالت وزيرة القضاء أييلت شاكيد، وهي أيضاً من «البيت اليهودي»، إن هناك «ضرورة لإجراء الانتخابات المبكرة في غضون ثلاثة أشهر لا أكثر، لتجنب المساس بالاقتصاد والأمن والتلاسن الناري قدر الإمكان». إلا أن نتنياهو أصدر بياناً ينفي فيه «ما روج من شائعات حول تبكير الانتخابات العامة». وأكد «وجوب بذل كل جهد مستطاع للحفاظ على حكومة اليمين، وعدم تكرار الخطأ الذي ارتكب عام 1992، حين أسقطت حكومة يمينية وتولت زمام الحكم حكومة يسارية جلبت على دولة إسرائيل كارثة أوسلو».
وقال نتنياهو إنه قرر تولي حقيبة الدفاع بنفسه، بسبب حساسية المرحلة الراهنة، وإنه أبلغ بنيت بذلك. وأكد أنه سيواصل في مطلع الأسبوع المقبل محادثات مع رؤساء الائتلاف الحكومي.
وكان سكان البلدات اليهودية في محيط قطاع غزة، قد صعدوا من احتجاجهم على اتفاق وقف النار مع حركة «حماس»، معتبرين أنه وقف نار مؤقت لا يريح ولا يطمئن، مطالبين بمواصلة الحرب حتى تشل قوة «حماس» الصاروخية أو التوجه إلى تسوية سلمية شاملة.
وقد شارك أكثر من ألفي شخص منهم في مظاهرة في قلب تل أبيب، وقاموا بإغلاق الشارع المركزي في المدينة، وطالبوا نتنياهو بالاستقالة. واعتدت الشرطة على عدد منهم واعتقلتهم.
من جهته، واصل وزير الدفاع المستقيل، ليبرمان، انتقاداته للحكومة وكيفية اتخاذ القرارات، وبشكل خاص في المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت). وخلال لقائه رؤساء سلطات محلية في جنوب البلاد اليوم، قال ليبرمان إنه لا يعقل أن يتمتع رؤساء «حماس» بحصانة من «الكابينت» الإسرائيلي، بعد أن أمروا بإطلاق نحو خمسمائة قذيفة صاروخية على إسرائيل. كما وجه انتقادات لاذعة إلى قرار نقل الأموال القطرية إلى قطاع غزة، قائلاً إن هذه الأموال التي وصلت إلى خمسة عشر مليون دولار نقداً، تستخدم لتمويل الإرهاب ليس إلا. وقال: «نحن نخصم الأموال من أبو مازن والسلطة الفلسطينية، ونقوم بمنح الأموال إلى (حماس) التي تعطي النقود مباشرة للمقاتلين في صفوفها». وأشار إلى أن أول من تلقاها هي عائلات الإرهابيين المائتين والثلاثين الذين قتلوا في مواجهات مع جيش الدفاع، في منطقة السياج الأمني المحيط بالقطاع. وحذر ليبرمان من أن إسرائيل تقوم بتغذية وحش قد يتحول إلى ما يشبه «حزب الله» في حال لم يتم وقف تعاظمه. وأضاف أنه ضد التوصل إلى أي تسوية مع «حماس»، باعتبارها رضوخاً وخنوعاً للإرهاب.



السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
TT

السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

تعكف الرياض والقاهرة على وضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري»، وفق ما أعلنه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي. وهو ما عدَّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «خطوة على طريق تعميق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية».

وقال عبد العاطي، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس: «نعمل حالياً على وضع الهيكل التنسيقي للمجلس المصري - السعودي»، مؤكداً على «العلاقة الاستراتيجية الوطيدة، والتنسيق المستمر بين البلدين».

وكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد شهدا في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي» برئاسة الرئيس السيسي، وولى العهد السعودي.

ومنتصف الشهر الماضي، وافقت الحكومة المصرية على قرار تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي». وأوضحت الحكومة في إفادة لها، أن «المجلس يهدف إلى تكثيف التواصل وتعزيز التعاون بين مصر والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات التي تهم الجانبين».

وعدَّ الإعلامي السعودي، خالد المجرشي، «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري» بمثابة «خطوة تؤكد إمكانية توسيع تكامل العلاقات بين الرياض والقاهرة، في إطار سلسلة من الخطوات التي بدأت قبل نحو عقد من الزمان».

وقال إن «المجلس يأتي في إطار بناء الآلية المستقبلية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما مع توجيهات رسمية من قادة البلدين لتشجيع الاستثمار والتبادل التجاري». واستشهد المجرشي بما سبق أن قاله وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، عن تكليفه بتشجيع الاستثمار في مصر.

ونهاية عام 2018، قال القصبي، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات «مجلس الأعمال المصري - السعودي»، إنه «تلقى تكليفاً واضحاً من ولي العهد السعودي بأن يعد نفسه وزيراً بالحكومة المصرية سعياً لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «وجود مجلس أعلى للتنسيق بين القاهرة والرياض من شأنه تذليل أي عقبات أمام التعاون الثنائي لا سيما أنه برئاسة الرئيس السيسي وولي العهد»، موضحاً أن «المجلس خطوة لتعميق العلاقات بين السعودية ومصر في مختلف المجالات».

بدر عبد العاطي خلال استقبال الأمير فيصل بن فرحان بالقاهرة في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وأوضح عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية بالبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن «السعودية ومصر هما قبة الميزان في المنطقة، وتعزيز التعاون بينهما ضروري لمواجهة التحديات الإقليمية»، وَعَدَّ سعيد «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «نقطة بداية لمواجهة التحديات، وتحقيق الاستقرار الإقليمي».

وأضاف: «لا تستطيع دولة عربية واحدة مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي»، مشيراً إلى أن «تعميق العلاقات السعودية - المصرية من خلال (مجلس التنسيق الأعلى) من شأنه حماية القاهرة والرياض من الأخطار، وأيضاً التنسيق لمواجهة ما يحيط بالمنطقة من تحديات».

وكان وزير الخارجية المصري أكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في القاهرة، سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «سيكون مظلة شاملة لمزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، والدفع لآفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووفق بيان الحكومة المصرية، الشهر الماضي، «يتألف المجلس من عدد من الوزراء والمسؤولين من البلدين في المجالات ذات الصلة»، كما «يعقد اجتماعات دورية بالتناوب في البلدين، ويحق له عقد اجتماعات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك». والمجلس «سيحل محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المصرية - السعودية المشتركة».