الاستعدادات للاستقلال تعطل السير عند مداخل بيروت لساعات

زحمة السير عند أحد مداخل بيروت أمس (رويترز)
زحمة السير عند أحد مداخل بيروت أمس (رويترز)
TT

الاستعدادات للاستقلال تعطل السير عند مداخل بيروت لساعات

زحمة السير عند أحد مداخل بيروت أمس (رويترز)
زحمة السير عند أحد مداخل بيروت أمس (رويترز)

ضاعفت زحمة السير التي احتجزت عشرات الآلاف من اللبنانيين في سياراتهم على مداخل بيروت وداخل العاصمة، أمس، حالة السخط الشعبي على الإجراءات الحكومية. ولم يساهم بيان الاعتذار الذي أصدرته قيادة الجيش للمواطنين في تخفيف حالة الاحتقان التي تنامت أكثر إثر تبادل معلومات عن أن امرأة حاملاً كادت أن تضع مولودها على الطريق، ولم تتمكن سيارة الصليب الأحمر من الوصول إليها.
وشهدت مداخل وشوارع بيروت، صباح أمس، زحمة سير خانقة، وعلق المواطنون في داخل سياراتهم، بسبب الإجراءات التي اتخذها الجيش استعداداً للاحتفال الذي يقام بمناسبة عيد الاستقلال (يوم الخميس المقبل، في 22 الشهر الجاري) في جادة شفيق الوزان (وسط بيروت)، إضافة إلى تساقط الأمطار بغزارة، حيث غمرت الطرق بالمياه.
وتسببت الزحمة بإشكال وتضارب بالسكاكين أمام مؤسسة كهرباء لبنان، في محلة مار مخايل كورنيش النهر، بسبب تلاسن حصل بين مواطنين عالقين في «العجقة» على أفضلية المرور، مما أدى إلى إصابة أحدهم بجروح بليغة.
ويستعد الجيش اللبناني لإقامة عرض عسكري بمناسبة عيد الاستقلال، في وسط بيروت، يوم الخميس المقبل، وكانت قوى الأمن الداخلي قد أعلنت عن إجراءات لإقفال طرقات ومسارات في بيروت بسبب التدريبات على العرض.
وأعربت قيادة الجيش في بيان «عن اعتذارها من المواطنين بسبب زحمة السير الناتجة عن الإجراءات المتخذة استعداداً للاحتفال المركزي بمناسبة عيد الاستقلال في جادة شفيق الوزان - وسط بيروت»، آملة في «تفهّم المواطنين لهذه الإجراءات».
وازداد الأمر تعقيداً إثر سقوط شاحنة عن جسر انطلياس على الطريق الجانبية، مما أعاق حركة المرور على الأوتوستراد الساحلي من الضبية باتجاه بيروت. وغرد وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، ملحم الرياشي، عبر حسابه على «تويتر»، بالقول: «‏شاحنة انطلياس كارثة ممنوع أن تتكرر، أطلب معاقبة السائق وصاحب الشاحنة بشدة، ليكون عبرة لكل من لا يكشف على شاحنته».
وعلق المواطنون لأكثر من 5 ساعات في زحمة سير خانقة، حيث لم يتمكنوا، صباح أمس (الجمعة)، من الوصول إلى مراكز عملهم، ولا من اللحاق بمواعيد إقلاع طائراتهم، أو إيصال مرضاهم إلى المستشفيات. وساهمت أحوال الطقس العاصف في تعقيد الأزمة، خصوصاً أنها تشكل وحدها سبباً لزحمة السير.
ورغم أن المديرية العامة لغرفة التحكم المروري قد حذرت المواطنين من زحمة السير التي يمكن أن تشهدها العاصمة اللبنانية، في بيان رسمي صدر عنها قبل نحو أسبوعين، فإن غالبية اللبنانيين لم يأخذوا علماً بالأمر، كما قالوا. واستغرق اجتياز المسافات بين مناطق الصفرا وجبيل وجونية وضبية، المؤدية إلى مداخل بيروت الغربية، نحو 4 ساعات، فيما تجاوزت الـ5 ساعات بالنسبة للمتوجهين إلى العاصمة انطلاقاً من مناطق جبلية كفاريا وصوفر وإهدن وغيرها. ونقلت إحدى شاشات التلفزة مشهد امرأة حامل شعرت بقرب الولادة وهي في منطقة الدورة، فبقيت عالقة وسط الطريق، بعدما تأخر وصول سيارات الإسعاف وقوى الأمن الداخلي لوقت طويل لتسهيل طريقها نحو المستشفى.
وينتظر اللبنانيون أزمة مشابهة يوم الاثنين المقبل، بسبب التدريبات التي تجريها وحدات الجيش للعرض العسكري. وراح اللبنانيون يخططون لاستبدال توقيت مشاريعهم بأخرى تسبق أيام التدريبات العسكرية بـ24 ساعة، أو تؤخرها يوماً كاملاً، تجنباً لمعاناة مشابهة. وتسببت زحمة السير أيضاً في تغيير البرامج التلفزيونية، واستبدالها بنقل مباشر من طرقات وشوارع تشهد زحمة خانقة استمرت حتى ساعات الظهر. ولم تتوانَ شريحة من اللبنانيين عن ركن سياراتها جانباً، والسير على الأقدام لكسب وقت إضافي من أجل الوصول إلى وجهتها. وإثر نقل واقع ما يعيشه اللبنانيون عبر شاشات التلفزة ووسائل الإعلام المسموعة، تحركت مديرية الأمن الداخلي، وعملت على فتح الطرقات، بعد أن تم وقف التدريبات التي كان يقوم بها عناصر الجيش اللبناني.
وأبدى عدد من التجار وأصحاب المحلات في مناطق الضبية وانطلياس والحمراء وغيرها خيبة أملهم، بعد أن خسروا توافد الزبائن إلى محلاتهم. فيوم أمس كان مخصصاً للحسومات وتخفيضات الأسعار ضمن «الجمعة السوداء» (بلاك فرايداي) لتحريك عجلة الشراء التي تشهد جموداً ملحوظاً. «لقد أطاحوا برزقنا وبأملنا في تحقيق بعض الربح في هذا اليوم، لا سيما أننا نعاني من جمود ملحوظ في الأسواق»، كما قالت رندة سركيس، صاحبة أحد محلات الثياب في منطقة جبيل، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، فيما أكدت نايلة سماحة، صاحبة محل مماثل في منطقة الزلقا، عن نيتها نقل الحسومات التي كانت مقررة أمس إلى اليوم التالي، كي لا تفوت عليها مصاريف الحملة الإعلانية التي خصصتها لـ«بلاك فرايداي»، وتقول: «سأجري اتصالات هاتفية بغالبية زبائني لأعلمهم عن قراري هذا، كي أحد من خسارتي المادية، فالأسواق بقيت مقفلة اليوم لغاية الواحدة ظهراً بسبب تعذر وصول أصحابها من زحمة السير». أما جانيت يازجي، التي من المقرر أن تسافر الاثنين المقبل ظهراً، فتقول: «سأنطلق نحو طريق المطار في الرابعة صباحاً، كي لا أفوت على نفسي موعد إقلاع الطائرة التي ستقلني إلى باريس».
وارتأى عدد من الشركات والأعمال الحرة إقفال مراكز العمل يومي الاثنين والأربعاء المقبلين لغاية الظهر، ليوفروا على الناس معاناة التنقل على الطرقات.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.