موسكو تنتقد الدور الاميركي في سوريا

اتهمت واشنطن بدعم متشددين في «الركبان» واستخدام الفوسفور في دير الزور

رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع في الجيش الروسي، ميخائيل ميزينتسوف في موسكو امس. ( أ ب)
رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع في الجيش الروسي، ميخائيل ميزينتسوف في موسكو امس. ( أ ب)
TT

موسكو تنتقد الدور الاميركي في سوريا

رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع في الجيش الروسي، ميخائيل ميزينتسوف في موسكو امس. ( أ ب)
رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع في الجيش الروسي، ميخائيل ميزينتسوف في موسكو امس. ( أ ب)

صعدت موسكو لهجتها ضد التحركات العسكرية الأميركية في سوريا. وشنت وزارتا الخارجية والدفاع الروسيتان هجوما قويا ومتزامنا على واشنطن، شمل اتهامات بالتستر على نشاط مجموعات مسلحة في مخيم الركبان، قالت موسكو إنها تقوم بـ«إرهاب المدنيين وابتزازهم»، بالتوازي مع تجديد الاتهام للعسكريين الأميركيين، باستخدام أسلحة محرمة خلال عمليات قصف استهدفت أخيرا مدينة دير الزور.
وقالت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا، إن القوات الأميركية «استأنفت مجددا في الفترة الماضية غاراتها على محافظة دير الزور شرق سوريا، باستخدام قنابل الفوسفور».
وأفادت في إيجاز صحافي أسبوعي، بأن هذه «ليست المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل استخدام أسلحة محرمة دوليا، من جانب قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن». وأشارت إلى معطيات حول قيام الطيران الأميركي في الأيام الأخيرة، باستخدام ذخائر محتوية على الفوسفور خلال عمليات قصف مكثف استهدفت مناطق يسيطر عليها تنظيم داعش. وذكَّرت الناطقة الروسية، بالشكوى التي قدمتها وزارة الخارجية السورية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، وطالبت فيها بوقف هذه الهجمات والتحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها.
وكانت موسكو قد أعلنت في وقت سابق أنها سجلت استخداما لقنابل عنقودية من جانب قوات التحالف الدولي.
تزامن ذلك، مع إطلاق وزارة الدفاع الروسية، اتهامات أخرى ضد واشنطن، في شأن التستر على «نشاط إرهابي» يقوم به مسلحون وصفتهم الوزارة بأنهم «موالون لواشنطن»، وزادت أنهم «ينشطون في ترهيب المدنيين، ويسرقون المساعدات الإنسانية، ويمارسون الابتزاز ضد النازحين في مخيم الركبان».
وأفاد بيان أصدرته الوزارة بأن «نحو 6 آلاف مسلح من مجموعة (مغاوير الثورة) الموالية لواشنطن، يوجدون في مخيم الركبان، وأن هؤلاء المسلحين في المخيم يسيطرون على المساعدات الإنسانية، ويفرضون على اللاجئين دفع مبالغ مالية مقابل السماح لهم بالوصول إلى العيادات الطبية».
وشددت الوزارة على مسؤولية واشنطن عن تدهور الوضع الإنساني في المخيم، ودعت واشنطن والبلدان الغربية إلى المساهمة في تخفيف حدة صعوبة الوضع بالنسبة إلى اللاجئين. علما بأن موسكو طالبت أكثر من مرة بتفكيك مخيم الركبان القريب من الحدود الأردنية. وعقد ممثلون عسكريون عن روسيا والولايات المتحدة والأردن اجتماعا لبحث هذا الملف، في عمان الأسبوع الماضي؛ لكن الأطراف لم تخرج باتفاق حول آليات تسوية المشكلة.
إلى ذلك، أفادت وزارة الدفاع الروسية بأن منظمات غير حكومية نرويجية، أعربت عن استعدادها للمشاركة في حل المسائل الإنسانية للاجئين السوريين العائدين إلى ديارهم، وذكرت أن وفدا من الخارجية النرويجية سيزور سوريا في يناير (كانون الثاني) المقبل لبحث هذا الملف.
في غضون ذلك، أعلن رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع في الجيش الروسي، ميخائيل ميزينتسوف أمام اجتماع مشترك لمركز تنسيق عودة اللاجئين السوريين، الذي أسسته موسكو قبل شهور، أن أكثر من 7.5 ألف سوري من اللاجئين، بما في ذلك ما يقرب من 6 آلاف من الخارج، عادوا خلال الأسبوع الماضي إلى أماكن إقامتهم قبل الحرب في سوريا، موضحا أن بينهم 5979 شخصاً من أراضي الدول الأجنبية و1641 شخصا من مختلف المناطق داخل البلاد.
وزاد أن «أكثر من مليون و528 ألف مواطن سوري عادوا إلى بلداتهم خلال الشهور الأخيرة، منهم أكثر من مليون و249 ألف نازح داخلي، وأكثر من 268 ألف لاجئ من الخارج».
وأكد المسؤول العسكري الروسي أن الحدود السورية - اللبنانية: «تسجل حركة نشطة لعودة المواطنين السوريين» وأن «الوضع مشابه لحركة عودة اللاجئين من الأردن؛ حيث تعبر مجموعات كبيرة يتجاوز عددها أكثر من ألف شخص في اليوم عبر معبر نصيب - جابر».



غروندبرغ يغادر صنعاء ويحض الحوثيين على خفض التصعيد وإطلاق المعتقلين

غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غروندبرغ يغادر صنعاء ويحض الحوثيين على خفض التصعيد وإطلاق المعتقلين

غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)

حض المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قادة الجماعة الحوثية على خفض التصعيد المحلي والإقليمي وإطلاق المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية، مؤكداً تصميمه على حماية التقدم المحرز في خريطة الطريق اليمنية التي تجمدت بعد تصعيد الجماعة البحري منذ نهاية 2023.

وجاءت تصريحات المبعوث غروندبرغ، الخميس، عقب اختتام زيارة إلى صنعاء هي الأولى له منذ منتصف 2023، وسط آمال أممية بأن تقود مساعيه إلى التوصل إلى إحلال السلام وطي صفحة الصراع المستمر منذ انقلاب الجماعة الحوثية على التوافق الوطني في سبتمبر (أيلول) 2014.

وقال غروندبرغ في بيان إنه أجرى مناقشات مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين لتجديد المشاركة في العملية السياسية، مع التركيز على معالجة التحديات واستكشاف إمكانيات تعزيز السلام في سياق المنطقة المعقد.

وأكد المبعوث الخاص غروندبرغ خلال اجتماعاتهِ مع قادة الحوثيين على أهمية خفض التصعيد الوطني والإقليمي لتعزيز بيئة مواتية للحوار. وحث -بحسب البيان- على ضرورة الاتفاق على إجراءات ملموسة لدفع الحوار إلى الأمام بعملية سياسية لتحقيق السلام والاستقرار المستدامين في جميع أنحاء اليمن.

المبعوث الأممي إلى اليمن بعد وصوله إلى صنعاء يستعد لاستقلال السيارة (رويترز)

كما سلطت المناقشات الضوء على أهمية اتخاذ تدابير لمعالجة التحديات الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية، وفي الوقت نفسه تعزيز الاستعدادات لوقف إطلاق النار، وهي مكونات أساسية لخريطة الطريق والتوصل إلى حل سياسي يلبي تطلعات اليمنيين.

وقال غروندبرغ: «أنا مصمِّم على حماية التقدم المحرز حتى الآن على خريطة الطريق والتركيز على آفاق السلام في اليمن».

وأوضح البيان أن المناقشات حول ملف المعتقلين المرتبطين بالصراع استندت إلى التقدم المحرز خلال المفاوضات التي عقدت في سلطنة عُمان في يوليو (تموز) 2024، حيث أكد المبعوث الخاص أن الملف حيوي لبناء الثقة بين الأطراف والمضي قدماً في تنفيذ الالتزامات السابقة.

وشدد على أهمية إعطاء الأولوية لهذه القضية الإنسانية كخطوة نحو تعزيز الثقة التي يمكن أن تساعد في تمكين اتفاقات أوسع نطاقاً وتظهر الالتزام بجهود السلام.

حماية المجتمع المدني

أفاد البيان الصادر عن مكتب غروندبرغ بأنه استهل زيارته إلى صنعاء بزيارة منزل عائلة أحد الموظفين في مكتبه كان الحوثيون اعتقلوه تعسفياً في يونيو (حزيران) 2024.

وأعرب المبعوث عن خالص تعاطفه ومواساته لما تكبدته عائلة الموظف في هذه الفترة العصيبة، عارضاً دعمه لهم. وأطلع غروندبرغ العائلة -بحسب البيان- على جهود الأمم المتحدة لإطلاق سراح جميع الموظفين المعتقلين تعسفياً. كما أعرب عن تضامنه مع عائلات المعتقلين الآخرين، مدركاً لمعاناتهم المشتركة والحاجة الملحة للإفراج عن أحبائهم.

سيارة أممية ضمن موكب المبعوث الأممي غروندبرغ في صنعاء (إ.ب.أ)

وفي جميع مناقشاته، أكد غروندبرغ أنه حث الحوثيين بشدة على إطلاق سراح الأفراد المعتقلين من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية فوراً ودون قيد أو شرط. وأكد أن الاعتقالات التعسفية غير مقبولة وتشكل انتهاكاً للقانون الدولي.

وشدد غروندبرغ بالقول «يتعين علينا حماية دور المجتمع المدني والعاملين في المجال الإنساني. فهم يقدمون مساهمات حيوية لتحقيق السلام وإعادة بناء اليمن».

وقبل زيارة صنعاء كان المبعوث اختتم نقاشات في مسقط مع مسؤولين عمانيين، ومع محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

أجندة الزيارة

في بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (إ.ب.أ)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحمّل مجلس القيادة الرئاسي اليمني الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».