تيريزا ماي قد تواجه اقتراع حجب الثقة الثلاثاء المقبل

ستواجه حكومة تيريزا ماي اقتراعا بسحب الثقة الأسبوع المقبل، إذ من المتوقع أن يقدم مشرعون من حزب المحافظين الخطابات المطلوبة لفتح باب المنافسة على القيادة وعددها 48 خطابا، أي 15 في المائة من عدد أعضاء الحزب في مجلس العموم. وقال كبير المحررين السياسيين لصحيفة «ديلي تلغراف» كريستوفر هوب على «تويتر» نقلا عن مصادر مطلعة على شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي، إن الاقتراع بسحب الثقة يمكن أن يجري يوم الثلاثاء. وكانت ماي التي وصلت إلى المنصب خلال الاضطراب الذي أعقب الاستفتاء الذي أجري في عام 2016 قد سعت إلى التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي يضمن أن تخرج بريطانيا من التكتل بأيسر طريقة ممكنة. لكن تسببت مسودة اتفاق الخروج في استقالة وزراء أساسيين في الحكومة وتمرد في حزبها. إذ استقال وزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دومينيك راب الخميس احتجاجا على مسودة الاتفاق مما تسبب في تراجع قيمة الجنيه الإسترليني. وسعى مشرعون متمردون داخل حزبها لتحدي قيادتها علنا وأبلغوها صراحة أن مسودة الاتفاق لن تحصل على موافقة البرلمان. وبعد مرور أكثر من عامين على موافقة البريطانيين في استفتاء عام على الخروج من التكتل لا يزال من غير الواضح كيف يتم الانسحاب ولا بأي شروط ولا حتى إن كانت بريطانيا ستخرج في الموعد المزمع وهو 29 مارس (آذار) عام 2019.
وكانت ماي قد تعهدت بالبقاء في منصبها في مناسبات مختلفة. وقال ديفيد ديفيز الوزير البريطاني السابق لشؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي أمس الجمعة، إن البرلمان سيصوت ضد مسودة اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي التي أعدتها ماي بحيث يتعين عليها العودة إلى الاتحاد الأوروبي لإبرام اتفاق مختلف. وقال ديفيز: «أعتقد أن مجلس العموم سيرفض السياسة التي يتعين أن نتعامل بها وبعدها سيكون على رئيسة الوزراء إيجاد بديل». وامتنع عن الحديث بشأن توقعاته لمستقبل ماي وقال إنه خارج المملكة المتحدة ومن غير اللائق التعليق.
ولا يزال الغموض يحيط بالنتيجة النهائية للأمر إذ تشمل السيناريوهات المحتملة التصديق على اتفاق ماي أو فقدانها لمنصبها أو خروج بريطانيا من التكتل دون اتفاق أو حتى إجراء استفتاء ثان. ومن المقرر أن يجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) للموافقة على اتفاق خروج بريطانيا.

ومن أجل الإطاحة بها يتعين أن تصوّت غالبية أعضاء الحزب وعددهم 315 ضد ماي. وأكد متحدث باسمها أنها ستناضل حتى النهاية. وإذا فشل ذلك، فلا يمكن إجراء تصويت جديد قبل عام. وسيعزز انتصارها موقفها وسيسمح لها بالمضي قدما في مشروع اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي في التاريخ المحدد في 29 مارس 2019. وإذا أطيح بها، فسيتمّ اختيار رئيس وزراء جديد من بين مرشحين اثنين يختارهما نواب الحزب. وستستغرق هذه العملية أسابيع أو أشهرا. وسيغيّر هذا السيناريو جدول بريكست الزمني إضافة إلى أن رئيس وزراء جديدا قد يرغب في إعادة استئناف مفاوضات بريكست مع بروكسل. ومن الممكن أن تنجو ماي من تصويت حجب الثقة وأن تنجح في النهاية بالحصول على موافقة البرلمان.
ويشغل المحافظون 315 مقعداً من أصل 650 في البرلمان. وبالتالي ستكون ماي بحاجة إلى دعم 10 نواب من الحزب الوحدوي الديمقراطي الآيرلندي الشمالي بالإضافة إلى عدد معيّن من الـ257 نائباً من حزب العمّال لتعويض النقص المتوقع من معسكرها. وينبغي على البرلمان فيما بعد المصادقة على الاتفاق في مطلع عام 2019 لتطبيق الخروج في مارس، تليه فترة انتقالية حتى نهاية عام 2020.
وفي حال رفض البرلمان الاتفاق، فيطلب النواب من تيريزا ماي إعادة التفاوض على الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، وهي فرضية يرفض الجانب الأوروبي تصوّرها لكن لا يمكن استبعادها، بحسب مصدر أوروبي. وفي حال رفض البرلمان مشروع الاتفاق أو رفض رئيس وزراء جديد إجراء مزيد من المحادثات مع الاتحاد الأوروبي، فستخرج بريطانيا من الاتحاد من دون اتفاق. إنه السيناريو الكارثي بالنسبة إلى الأوساط الاقتصادية والمالية البريطانية.
وتكتسب فكرة إجراء استفتاء جديد حول بريكست زخماً، إلا أن ماي تستبعدها بشكل قاطع. وفي حال حصل ذلك، فسيصوّت البريطانيون على مضمون الاتفاق الذي قدّمته ماي، أي أن ذلك سيطرح مسألة إلغاء بريكست. إلا أن احتساب الأصوات في البرلمان والوقت المحدود يشكلان عقبتين كبيرتين. فإجراء استفتاء جديد يتطلب موافقة غالبية النواب فيما مجمل المحافظين لا يؤيدون هذا الأمر وكذلك الحال بالنسبة لنواب حزب العمّال. ويحتاج ذلك إلى خمسة أشهر على الأقل، ما سيرجئ تاريخ الخروج من الاتحاد بشرط أن يكون الاتحاد الأوروبي موافقا على ذلك.