المالديف محطة أخرى في صراع النفوذ بين نيودلهي وبكين في المحيط الهندي

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مع نظيره الصيني لي كيغيانغ خلال قمة دول رابطة آسيان في سنغافورة (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مع نظيره الصيني لي كيغيانغ خلال قمة دول رابطة آسيان في سنغافورة (إ.ب.أ)
TT

المالديف محطة أخرى في صراع النفوذ بين نيودلهي وبكين في المحيط الهندي

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مع نظيره الصيني لي كيغيانغ خلال قمة دول رابطة آسيان في سنغافورة (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مع نظيره الصيني لي كيغيانغ خلال قمة دول رابطة آسيان في سنغافورة (إ.ب.أ)

تعتبر المالديف من الجزر التي تندرج على نحو استراتيجي ضمن نطاق الاختصاص الإقليمي الهندي، غير أن تدفق الأموال الصينية في الآونة الأخيرة قد أسفر عن تغير واضح في موازين القوى بهذه المنطقة. ولهذا تعيد الهند والمالديف النظر في علاقاتهما السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتي تتزامن مع ترتيبات الزيارة الأولى التي تبدأ اليوم لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الأرخبيل. وكان قد وصل في وقت سابق فريق دبلوماسي هندي إلى «ماليه» عاصمة المالديف بالفعل للتمهيد لزيارة مودي التي تبدأ اليوم لحضور مراسم تنصيب الرئيس الجديد إبراهيم محمد صلح رئيسا جديدا للبلاد. وجزر المالديف هي الدولة الوحيدة في جنوب آسيا التي لم تظهر على خريطة الرحلات الرسمية الخارجية لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال السنوات الأربع والنصف الماضية. وفي مارس (آذار) من عام 2015. ألغى مودي زيارته الرسمية إلى الجزر في اللحظات الأخيرة إثر سقوط البلاد في دوامة من الاضطرابات السياسية آنذاك.
وتعتبر جزر المالديف من الدول ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة في المحيط الهندي، حيث تستقر على رأس الممر البحري الدولي الذي يشرف على حركة المرور من قناة السويس ومضيق هرمز إلى الهند وجنوب وشرق آسيا. وتقع الجزر على مسافة تبلغ نحو 700 كيلومترا من السواحل الجنوبية الشرقية الهندية، وتقع كذلك على مسافة قريبة للغاية من الممرات البحرية الدولية التي تمر عليها ناقلات النفط والحاويات التجارية مختلفة الوجهات.

- فخ الديون الصينية
بالنسبة للدولة التي تحظى بالنذر اليسير من النفوذ الاقتصادي، فإن الموقع الجيوسياسي لجزر المالديف قد حاز مؤخرا على الكثير من الأهمية والزخم السياسي من أي وقت مضى. وهناك تأكيدات بأن جزر المالديف تلعب دورا حاسما في حالة التنافس الهندي الصيني الراهنة. لا سيما أن العلاقات الهندية مع المالديف قد مرت بصعوبات شتى إبان حكم الرئيس الأسبق عبد الله يامين حيث كانت بكين تهيمن على الأجواء السياسية والاقتصادية في البلاد.
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، تحولت جزر المالديف ذات الموقع الاستراتيجي المهم إلى نقطة جذب فائقة الأهمية بالنسبة للهند والصين على حد سواء. وتمكنت الصين، إثر تجاوز المصالح الهندية المعتبرة بالنظر إلى قرب موقعها جغرافيا من جزر المالديف، من ممارسة نفوذ كبير وهائل في البلاد من خلال ضخ بلايين الدولارات بغية تعميق تواجدها على الصُعُد السياسية والاقتصادية والاستراتيجية. وكانت كافة المشاريع الكبرى في البلاد تذهب بطبيعة الحال إلى الصين. وهناك ما يُقدر بنحو 1.3 مليار دولار مستحقات مالية على الجزر للصين، أي ما يساوي أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي للمالديف. وفي عام 2017. وعلى حساب المصالح الهندية كذلك، وقعت جزر المالديف على اتفاقية التجارة الحرة مع بكين. وثارت تكهنات بأن الصين تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية بحرية في البلاد، أي على مرمى حجر من البر الهندي الرئيسي. ومع ذلك، فقد أوضح الرئيس المنتخب إبراهيم صلح أنه لا يشعر بالارتياح للمستوى الراهن من التدخلات الصينية في شؤون البلاد، إلى جانب احتمال استغلال الصين لموقع الجزر كنقطة رصد مناسبة لمراقبة حركة ناقلات النفط وسفن الحاويات فضلا عن كونها نقطة انطلاق استراتيجية تخدم المخططات الصينية المستقبلية بشأن المحيط الهندي. ولم يفت الرئيس المنتخب الجديد الإشارة إلى «فخ الديون الصينية» حال وصفه لمشاريع التنمية الصينية في البلاد بأنها محاولة من محالات «الاستيلاء على أراضي الدولة».

- المكاسب الهندية
بيد أن الصبر والحكمة قد عادا بنتائج مثمرة على السياسات الهندية. فلقد أسفرت نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في البلاد عن حالة من الارتياح الكبير في مختلف الأوساط المعنية حيث تعتزم الهند الاضطلاع بدور مهم في عكس الأوضاع غير المواتية والعودة بنيودلهي إلى واجهة الأحداث هناك.
ومن شأن الانتخابات الأخيرة في المالديف أن تتيح للهند بسط قدر معتبر من النفوذ على الجزر ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى في مواجهة التواجد الصيني هناك مع استكمال الظهور الهندي مع زيارة مودي لـ«ماليه».
تقول سيما غوها، الصحافية البارزة ذات الخبرة الواسعة في شؤون السياسة الخارجية والدولية «تصبو الهند، من خلال زيارة مودي، إلى اتخاذ خطوات سريعة لضمان استعادة العلاقات التقليدية المعهودة مع المالديف وألا يتم إساءة استغلالها من قبل السياسات الصينية العدائية في الجزر التي تعتبر موقعا محوريا مهما للمصالح الهندية في المحيط الهندي». هذا وقد أوضح الرئيس إبراهيم صلح، في أعقاب الفوز التاريخي الذي حققه في الانتخابات مؤخرا، أنه يعتزم البدء في جولة جديدة من العلاقات الثنائية مع نيودلهي. وقالت الصحافية الهندية آرتي بيتغيري: «تأمل الهند في أن يحاول نظام الرئيس الجديد التراجع عن بعض مشاريع البنية التحتية ذات الصلة بالصين أو تجميدها لأجل غير مسمى. ومن شأن بكين أن تحاول مجددا إعادة بسط نفوذها في الجزر من خلال الضغط دبلوماسيا بورقة الديون المستحقة. وينبغي على الحكومة الهندية في هذا الصدد أن تطرح على «ماليه» خطة طويلة الأجل لتنمية البنية التحتية، وهو الأمر الذي سوف يقلل إلى حد كبير من الآثار السيئة للديون الصينية على اقتصاد البلاد». وقد صارت المالديف مؤخرا عضوا في «رابطة حافة المحيط الهندي» بعدما مارست الهند الضغوط لأجل انضمامها إلى الرابطة.

- التحديات القائمة
من الأهمية القصوى بالنسبة إلى سياسات الجوار الهندية وجود حكومة صديقة في جزر المالديف الأمر الذي سيعزز بشكل كبير من آفاق مستقبل منطقة الهند والمحيط الهادي.
وقال المعلق ديفيبورا ميترا «قد تتراجع الصين الشيء القليل ولكنها لن تغادر الأجواء بكل تأكيد. وهو الأمر الواضح بجلاء عبر المناورات الجارية بغية الاحتفاظ بنفوذها وفاعليتها في سريلانكا. ولكن يجب على الهند اتخاذ الخطوات الاستباقية هذه المرة لأجل الحيلولة دون تكرار ما حدث في سريلانكا مرة أخرى في المالديف».
وهناك أزمة دستورية باتت تتكشف في سريلانكا – الأمر الذي يثير قدرا من الشواغل لدى نيودلهي لأنها قد تسفر عن تمكن الصين من توسيع نفوذها في سريلانكا الواقعة قبالة العتبة الهندية الجنوبية. وبدأت الاضطرابات هناك عندما قام رئيس سريلانكا «مايتريبالا سيريسينا» بإقالة رئيس الوزراء الحالي رانيل ويكريمسينغي واستبداله بالرئيس الأسبق للبلاد ماهيندا راجاباكسا، الذي أشرف على إقامة العلاقات الوثيقة مع الصين حال توليه السلطة بين عامي 2005 و2015.
وقضت المحكمة العليا في سريلانكا بعدم دستورية قرار الرئيس مايتريبالا سيريسينا. وتولى رانيل ويكريمسينغي مهام منصبه في عام 2015، واعتمد سياسة خارجية للبلاد تهدف إلى إعادة التوازن للعلاقات مع الهند والغرب، والتي عانت من الاضطراب والتوتر خلال حكم النظام السابق.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.