معركة سياسية بشعارات مهنية في انتخابات نقابة المحامين

TT

معركة سياسية بشعارات مهنية في انتخابات نقابة المحامين

ينتخب محامو لبنان غداً الأحد، أربعة أعضاء جدد لمجلس نقابة المحامين في بيروت، بدلاً من الأربعة الذين انتهت ولايتهم. وتبدو المنافسة نقابية في الشكل، يتسابق فيها المرشحون على تسويق برامجهم، التي تغدق على المحامين وعود تحقيق النهوض بالمهنة وتعزيز حصانة المحامي ومكانته وأمنه الاجتماعي، لكنها في المضمون معركة سياسية بامتياز، تحاول القوى والأحزاب تحويلها استفتاء على خياراتها، وهي تخوض المعركة بمرشحين حزبيين أو موالين للأحزاب التي رشّحتهم.
وتكتسب انتخابات نقابة المحامين أهمية خاصّة، انطلاقاً من عاملين، الأول أنها إحدى أبرز النقابات النخبوية إلى جانب نقابتي الأطباء والمهندسين، والثاني العدد الكبير للمنضوين فيها، وتضع الأحزاب ثقلها لتثبيت حضورها واستثمار فوز مرشحيها في معركة الأحجام في لبنان، من دون إغفال الثقل الوازن للقوى المسيحية فيها، وخصوصاً التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية.
وقبل ساعات من توجه المحامين إلى صناديق الاقتراع التي تفتح عند التاسعة من صباح غدٍ الأحد في الباحة الداخلية لقصر العدل في بيروت، وتستمر عملية الاقتراع حتى الرابعة مساء، حسمت القوى والأحزاب تحالفاتها، بحيث تخوض «القوات اللبنانية» المعركة بمرشحها المحامي بيار الحشاش، إلى جانب تيّار «المستقبل» الذي يرشّح أمين سرّ النقابة الحالي جميل قمبريس، الذي يحقّ له الترشح لولاية ثانية تستمرّ ثلاث سنوات، فيما يخوض «التيار الوطني الحرّ» المواجهة بمرشحه الحزبي المحامي فادي حداد، مع حركة «أمل» التي رشّحت المحامي أسعد سعيد، وهما مدعومان من «حزب الله» وأحزاب قوى 8 آذار، فيما يخوض المرشحون المستقلون معركة تثبيت حضورهم رغم هيمنة الأحزاب التي تتنافس على استقطاب أصوات مئات المستقلين.
وعشية بدء العملية الانتخابية، وتحسس كلّ الأحزاب صعوبتها والحاجة إلى جهد كبير لتأتي النتائج لصالحها، شدد المحامي إيلي الحشاش، مرشّح «القوات اللبنانية» على الطابع النقابي للمعركة، وجدد التأكيد على «العمل من أجل إعادة الاعتبار لحصانة المحامي وكرامته وعدم التعرض لحياته»، معتبراً أن «العامل السياسي يبقى ثانوياً، لكن ذلك لا يلغي أن نقابة المحامين تؤدي دوراً وطنياً رائداً، وكلّ المحامين هم شركاء في هذا الدور».
وأكد الحشاش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «متانة التحالف انتخابياً مع تيّار المستقبل عبر مرشّحه المحامي جميل قمبريس، وهو التحالف السياسي الوحيد بيننا في هذه المعركة»، كاشفاً عن أنهما «يحظيان بدعم محامي الحزب التقدمي الاشتراكي» وحزب «الكتائب اللبنانية» وحزب «الوطنيين الأحرار» والكتلة الوطنية»، مشيراً إلى أن «الجهد الأساسي يتركز على التواصل مع المحامين المستقلين، لأن أصواتهم ترجّح الكفّة».
ويضمّ الجدول العام لنقابة المحامين نحو 11400 محام، لكنّ الذي يحقّ لهم الاقتراح لا يتعدى عددهم السبعة آلاف، ممن سددوا اشتراكاتهم السنوية قبل 31 مارس (آذار) الماضي، وفق ما ينصّ النظام الداخلي لنقابة المحامين، ويتوقّع أن يكون الإقبال مرتفعاً بسبب المنافسة الحامية بين المرشحين وأحزابهم.
ورغم محاولة مرشحين إبعاد الطابع السياسي عن المعركة، أوضح المحامي فادي الحداد، مرشّح التيار الوطني الحرّ، أنه «يخوض الانتخابات بلائحة تضمّه والمحامي أسعد سعيد مرشح حركة (أمل)، والمحامي إيلي بازرلي، وهو مستقلّ قريب من التيار الحرّ». ولم يخف الحداد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «انتخابات النقابة تحصل ضمن توجهات سياسية وتحالفات مدعومة من أحزاب وقوى سياسية مؤثرة، لكن العبرة تبقى في الممارسة بعد النتائج». وقال: «انطلاقاً من تجربتي السابقة في مجلس النقابة، أعاهد المحامين بأن أعمل بتجرّد بعد الفوز، وأن أمثّل جميع المحامين»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «التيار الوطني الحرّ له ثقله في نقابة المحامين تاريخياً، والانتخابات دائماً ما تترجم هذا الواقع ونتائج الأحد كفيلة بتثبيت هذه المعادلة».
وانطلاقاً من المصلحة النقابية والحزبية التي تخدم الطرفين، شدد مرشّح «المستقبل» المحامي جميل قمبريس، على متانة التحالف مع زميله إيلي الحشاش، الذي يأتي من ضمن التحالف السياسي بين «القوات اللبنانية» و«المستقبل»، مبدياً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ارتياحه لـ«الدعم الذي يتلقيانه من محامي (الكتائب) و(الوطنيين الأحرار) وعشرات المحامين المستقلين، الذين نعقد معهم لقاءات يومية». وقال إن «المعركة تمزج بين العناوين السياسية والأهداف النقابية، لكننا سنجيّر السياسة لخدمة النقابة، ولن نسمح بتجيير النقابة لخدمة الأهداف السياسية».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.