تلاقي «الاشتراكي» و«التيار» يطوي صفحة تشنج في الجبل

TT

تلاقي «الاشتراكي» و«التيار» يطوي صفحة تشنج في الجبل

عكست اللقاءات الأخيرة التي جمعت مسؤولين في «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«التيار الوطني الحر»، ارتياحاً في المشهد السياسي وفي أوساط جمهور الطرفين، بعدما بلغ الاحتقان مرحلة متقدمة إثر تنامي التباينات في المرحلة السابقة.
وأبدت أوساط «التيار الوطني الحر» ارتياحاً لتلك «الإيجابيات التي تحصل على صعيد الحوار والنقاش الدائرين بين «التيار» و«الاشتراكي»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحوار «بلغ مراحل إيجابية ومتقدمة خصوصاً لجهة التواصل والتنسيق الميداني في سائر قرى وبلدات الجبل وهذا من شأنه أن يترك ارتياحاً لدى الأهالي بعيداً عن التشنجات والحملات السياسية والإعلامية بينهما». وتضاعف الاحتقان على خلفية الانتخابات النيابية السابقة، وما تلاها من إصرار «الوطني الحر» على توزير النائب طلال أرسلان في الحكومة، وهو ما كان يعارضه جنبلاط. لكن سلسلة لقاءات ساهمت في تخفيف الاحتقان، كان آخرها اللقاء الذي جمع رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.
وحول نتائج اللقاء الأخير بعد العشاء الذي أقامه باسيل على شرف النائب تيمور جنبلاط، قالت مصادر الاشتراكي لـ«الشرق الأوسط» بأن اللقاء جاء بعد زيارة الوزير باسيل لدارة جنبلاط في كليمنصو بحضور رئيس اللقاء الديمقراطي ووزير الطاقة سيزار أبو خليل، ما يدل على ما بلغته هذه العلاقة من تقدم، لافتة إلى أن دعوة رئيس اللقاء تيمور جنبلاط والحزب الاشتراكي إلى العشاء المذكور اتسمت بالودّ والإيجابية والنقاش المستفيض حول كل ما يرسي ويدعم مصالحة الجبل ومن ثم التواصل حول كافة الملفات بروح إيجابية وإن كان هناك من تباين سياسي بينهما.
وإذ أكدت المصادر أن ذلك يمثل «المنحى الديمقراطي القائم بين سائر المكونات السياسية»، لفتت إلى أن «المرحلة الراهنة تقتضي تحصين الأوضاع في لبنان على كل المستويات لا سيما أن رئيس الحزب الاشتراكي قلق إلى درجة كبيرة من المسائل الاقتصادية المتردية والشأن الاجتماعي المخيف والبطالة والشأن المالي»، مشددة على أن «كل ذلك يستوجب إنقاذ البلد وهذا يحتاج أيضاً إلى استقرار سياسي وأمني». وأضافت: «تلك اللقاءات لا سيما مع التيار الوطني الحر تخفف إلى درجة كبيرة الاحتقان السياسي والاصطفافات وتسهم في حلحلة الأمور وتفتح الآفاق نحو معالجة كل القضايا في سياق مغاير للمرحلة السابقة حيث كانت الاختلافات ترفع من منسوب تردي الأزمات السياسية والاقتصادية وعلى كافة المستويات».
وكان توزير النائب طلال أرسلان يمثل عقبة أمام العلاقات بين الطرفين في الفترة السابقة قبل التوصل إلى تسوية تقضي باختيار شخصية درزية وسطية تحظى بتوافق الأطراف لتمثيل الدروز في المقعد الدرزي الثالث، على اعتبار أن المقعدين الأولين يشغلهما ممثلان عن «الحزب الاشتراكي».
وبصدد تأثير هذه العلاقة المستجدة والآخذة بالتطور بين الاشتراكي والتيار الوطني الحر على تحالف «التيار» مع النائب طلال أرسلان، أكدت أوساط «الوطني الحر» أنها غير موجهة لأي طرف سياسي أو حزبي أو لأي شخصية سياسية، لا سيما النائب أرسلان الذي تربطه بالتيار علاقة وطيدة وهما متحالفان منذ فترة بعيدة، داعياً إلى عدم قراءة هذا التقدم بالعلاقة مع الاشتراكي على أنه يصيب حليفه أرسلان. وقالت: «التواصل مع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني مستمر دائماً، وبالتالي النائب أرسلان في أجواء تواصلنا مع الاشتراكي لا سيما أن التيار الوطني الحر يلتقي ويتحاور مع جميع الأطراف والقوى السياسية على مختلف انتماءاتها، خاصة مع الحزب الاشتراكي الذي له دوره وحضوره»، لافتة إلى أن ما جرى في الآونة الأخيرة من تطور على صعيد علاقة الطرفين «ترك إيجابيات كبيرة في الجبل خصوصاً وعلى المستوى الوطني العام».
ويأتي التقارب بين «الاشتراكي» و«الوطني الحر» بموازاة المصالحات التي تتوسع في المشهد السياسي اللبناني، وكان آخرها المصالحة بين «القوات اللبنانية» و«تيار المردة».
لكن جنبلاط كان استبق تلك الأجواء الإيجابية عندما تدخل مع محازبيه ومناصريه لوقف الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي مع مناصري «التيار الوطني الحر»، وتأكيد حرصه على الحفاظ على مصالحة الجبل والاستقرار، وشروعه إلى تكليف القيادي في الحزب الاشتراكي هشام ناصر الدين بالقيام باتصالات وتنسيق مع «التيار» بغية التهدئة والتوصل لاحقاً إلى تقارب بين الطرفين وهذا ما حصل وأدى إلى نتائج إيجابية بعد سلسلة لقاءات بين قيادتي الاشتراكي والتيار الحر.
واستتبع ذلك الحراك بزيارة جنبلاط إلى قصر بعبدا ولقائه الرئيس ميشال عون، حيث تشير مصادر في اللقاء الديمقراطي لـ«الشرق الأوسط» أن هذا اللقاء اتسم بالإيجابية والودّ وكان هناك ارتياح من الرئيس عون للتواصل القائم بين الاشتراكي والتيار الوطني الحر.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.