عاد الهدوء صباح أمس إلى الحي الشعبي باب الواد في العاصمة الجزائرية، بعد ليل عاصف، ميزته مواجهات عنيفة بين المئات من أبناء الحي وقوات مكافحة الشغب، على خلفية مباراة في كرة القدم بين فريقي «اتحاد العاصمة» و«شباب قسنطينة». لكن تدخلت الشرطة بشكل حازم لإنهاء المواجهات مخافة أن تمتد رقعتها إلى مناطق أخرى، وأيضا بسبب مخاوف السلطات من تشويش هذه الأحداث على رئاسية 2019.
وجرى اعتقال العشرات من مشجعي «مولودية العاصمة»، الذين شاركوا في الأحداث احتجاجا على ضرب أحد رفاقهم من قبل عناصر الشرطة الاثنين الماضي بشكل مبرح. وحطم المشجعون مرافق عامة كمواقف الحافلات، وسارع بعض السكان إلى نقل سياراتهم لركنها بعيدا خوفا من تحطيمها. لكن قوات مكافحة الشغب كانت حريصة على تفادي تصعيد المواجهة مع المتظاهرين، تفاديا لتأجيج الوضع وإثارة مزيد من الغضب، خاصة أن حي باب الواد يشهد في الأصل غليانا منذ أشهر، وذلك بسبب إزالة السوق العشوائي في وسط المدينة، وهو ما ترتب عنه وقف أنشطة المئات من باعة الخضر والفواكه ومختلف الأنشطة الموازية. وقد رفض هؤلاء الانتقال إلى السوق الرسمي الجديد، بحجة أنه بعيد عن المدينة، ولن يقصده الزبائن للتبضع.
وقال وليد أحد مشجعي «الاتحاد» بعد نهاية المواجهة: «على عكس رفاقنا من أبناء الحي الذين يحبون المولودية، نرفض تحطيم مدينتنا، وقد كنا نتوقع أن يصدر عنهم رد فعل عنيف بعد الضرب المبرح الذي تعرض له أحدهم في مباراة الاثنين الماضي».
وكانت الأجواء داخل الحي الأكثر كثافة سكانية في العاصمة، مساء أول من أمس، مشحونة وتنذر بـ«انفجار شعبي»، ولذلك انتشر رجال الأمن بكثافة في الأزقة والأحياء، استعدادا لنهاية مباراة «الاتحاد» و«الشباب» (نادي بشرق البلاد).
وجاء في تقارير الاستعلامات، التابعة لشرطة محافظة العاصمة، أن مشجعي «مولودية الجزائر» سيستغلون مباراة الجار «الاتحاد» مع النادي القسنطيني لتفجير حالة احتقان شديدة، سببها صور فيديو انتشرت بمنصات التواصل الاجتماعي، يظهر فيها شرطيان بملعب «5 يوليو الأولمبي» بالعاصمة، وهما يضربان بالمدرجات أحد المشجعين بقسوة شديدة.
وأعلنت المديرية العامة للشرطة أنها فتحت تحقيقا في ظروف تعنيف الشاب، الذي لا يعرف مصيره. فيما كثف مسؤولو الأمن من التواصل مع وسائل الإعلام، والتنديد بـ«التجاوزات التي تقع في صفوف الشرطة»، في إشارة إلى أن الجهاز الأمني يتبرأ مما يعتبره «تصرفات معزولة لبعض أفراده». وسبق للجهاز أن عزل منتسبين له بعد أن تورطوا في مثل هذه الأحداث. وأظهرت فضائيات خاصة مدير الأمن العقيد لهبيري وهو يزور في المستشفى بعض عناصر الشرطة ممن أصيبوا خلال المواجهات.
وحسب عدد من المراقبين، فإن هذه التعليمات تحمل مضمونا سياسيا، تحرص على الأخذ به أعلى السلطات في البلاد، مخافة احتمال اتساع رقعة الغضب إلى باقي المناطق، وبذلك يتعرض «الاستقرار الذي تنعم به البلاد»، بحسب ما تردده الحكومة باستمرار، إلى التهديد.
وتضع السلطات نصب عينيها رئاسية 2019 المنتظرة بعد 5 أشهر، ولذلك تخشى من أي شيء يشوش على التحضير لهذا الموعد الهام.
الجزائر: اتساع العنف يثير مخاوف من التشويش على {رئاسية 2019}
الجزائر: اتساع العنف يثير مخاوف من التشويش على {رئاسية 2019}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة