روسيا تواجه تصعيداً قوياً للتهديدات الإرهابية داخلياً... وفي الجوار

لم تغد أكثر أمناً بعد مرور ثلاث سنوات على تدخلها العسكري في سوريا

روسيا تواجه تصعيداً قوياً للتهديدات الإرهابية داخلياً... وفي الجوار
TT

روسيا تواجه تصعيداً قوياً للتهديدات الإرهابية داخلياً... وفي الجوار

روسيا تواجه تصعيداً قوياً للتهديدات الإرهابية داخلياً... وفي الجوار

حذّرت جهات روسية مسؤولة، أخيراً، من خطر تصاعد التهديدات الإرهابية بشكل متواصل خلال السنوات الأخيرة، وامتدادها إلى رقعة جغرافية واسعة جداً؛ ما سيحولها إلى «الخطر الأكبر على بلدان العالم». ولقد أثارت التحذيرات التي جاءت من شخصيات مقربة من الكرملين، أسئلة كثيرة حول الإعلانات المتكررة من جانب موسكو وواشنطن، كل على حدة، في شأن تحقيق «نجاحات كبرى» بتقويض قدرات الإرهابيين في سوريا والعراق، وتقليص فرص التنظيمات الإرهابية في لملمة صفوفها واستئناف نشاطها.
وبدا المشهد في روسيا، بالذات، لافتاً؛ إذ تزامن إحياء الذكرى الثالثة لبدء التدخل العسكري المباشر في سوريا، قرب نهاية سبتمبر (أيلول) 2015، مع تفجّر جدل واسع حول تأثيراته وتداعياته الكثيرة المرتقبة. ومع المبالغة في المباهاة بأن الحملة العسكرية في سوريا وفّرت «فرصة تاريخية لا تعوض» لتعزيز قدرات الجيش الروسي واختبار أسلحته الحديثة، وأعادت روسيا إلى موقعها بين أبرز صنّاع القرار في العالم، فإن المشهد في مقلبه الآخر لا يبعث كثيراً على التفاؤل.

الكرملين الذي برّر أمام الشعب الروسي قرار إرسال الطائرات والسفن المحمّلة بالجنود إلى سوريا بحجة أنه «لا يجب أن ننتظر حتى يأتي الإرهاب إلى بلادنا»، يجد نفسه اليوم في مواجهة هذا المأزق تحديداً.
هذا ما تشير إليه المعطيات الرسمية الروسية التي أبرزت تصاعداً متواصلاً في معدلات التهديدات الإرهابية في روسيا خلال السنوات الثلاث الماضية، فضلاً عن انفلات ظاهرة العنف الداخلي، وخصوصاً بين فئات الشباب، وتحوّله إلى خطر جديد يزيد من توتر الوضع.
وعلى الصعيد الخارجي، لا يبدو الموقف أقل سوءاً؛ إذ تشكو موسكو من تدهور الوضع في الفضاء الأقرب إليها، أي آسيا الوسطى، وتعلو التحذيرات الجدية من تحوّل هذه المنطقة إلى قاعدة انطلاق جديدة للمجموعات المتشدّدة التي تعمل على لملمة صفوفها وإعادة تعزيز قدراتها.

- دعوة لمواجهة «الخطر الأكبر»
قرع قادة الأجهزة الأمنية الروسية ناقوس الخطر بقوّة، إبّان مؤتمر موسّع نُظّم في موسكو أخيراً، وحضره رؤساء أجهزة الاستخبارات والهياكل الأمنية من 80 بلداً. ودلّت النقاشات والتقارير التي قدّمها المشاركون أمام المؤتمر على تزايد المخاوف الروسية بشكل غير مسبوق - منذ انتهاء الحرب في الشيشان في بداية الألفية الثالثة - من تعاظم التهديدات الإرهابية، وتحوّلها إلى التحدي الأكبر على المستويين الداخلي والخارجي.
وترافقت التحذيرات مع إقرار بأن «النجاحات التي تحققت في سوريا والعراق خلال العامين الأخيرين لجهة تقويض نشاط التنظيمات الإرهابية» لم تنعكس إيجاباً على تقليص مساحة الخطر الإرهابي عموماً، بل على العكس من ذلك، «سرّعت تكيّف المتشددين وتأقلمهم مع الواقع الجديد» وفقاً لتعبير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. إذ قال لافروف: إن «الانتصارات على الإرهاب في البلدين قوبلت بجهود من جانب القوى المتشددة لإعادة حشد طاقاتها للتكييف مع الظروف الجديدة وإعادة الانتشار في مناطق مختلفة».
اللافت أن لافروف، الذي قرع ناقوس الخطر في المؤتمر الأمني، كان نفسه في عام 2015 قاسياً في توجيه انتقادات لاذعة إلى كل من يردّد مخاوف من أن يرتدّ الإرهاب الذي ذهبت روسيا لمحاربته في سوريا إلى عقر دارها. ويومها انتقد وزير الخارجية بقوة تلميحات ساسة ووسائل إعلام في روسيا رأت في حادثة تفجير الطائرة المدنية الروسية فوق سيناء في خريف 2015 مؤشراً سيئاً ونتيجة من نتائج التدخل المباشر في سوريا. في ذلك الوقت اعتبر لافروف أن من يربط تعرّض روسيا لهجوم إرهابي مع عملياتها العسكرية في سوريا «عديم الأخلاق»، نافياً بشدة وجود أي ارتدادات من هذا النوع.
غير أن لهجة لافروف، كما يبدو، تغيّرت أخيراً، وبات يرى أن روسيا والعالم لم يصبحا أكثر أمناً بعد الحملة في سوريا، بل على النقيض من ذلك، باعترافه بأن «الإرهاب الدولي بات يشكل الخطر الأكبر على كل المجتمع الدولي». بل إنه يضيف، أن الإرهابيين «يتكيّفون مع الوقائع المتغيرة، ويسعون لتنويع مصادر وقنوات الحصول على الدعم المالي واللوجيستي... بما في ذلك تعزيز روابطهم مع تجار المخدرات وزعماء الجريمة المنظمة».
هذا، وكانت موسكو حذّرت غير مرة خلال الشهور الأخيرة، من أن مقاتلي تنظيم داعش وبعض الفصائل المتشددة الأخرى في سوريا والعراق بدأوا ينشطون لإعادة توزيع قواتهم وتعزيز انتشارهم في مناطق أخرى، وبالأخص، في أفغانستان والمناطق المحاذية لها في جمهوريات آسيا الوسطى. ونبّهت الأجهزة الأمنية الروسية إلى أن ما وصفته بـ«المعايير المزدوجة» التي تتبعها واشنطن وبعض البلدان الغربية سهّلت عمليات نقل المقاتلين وإعادة تركيز القوات في مناطق جديدة، منها شمال أفريقيا وروسيا وبعض البلدان الأوروبية وآسيا الوسطى.

- «القاعدة» و«داعش»
لكن الأسوأ من ذلك، أن موسكو باتت مقتنعة أن وراء ظهور التهديدات الجديدة في آسيا الوسطى عمل منظم، يستهدف بالدرجة الأولى روسيا وحلفاءها في المنطقة. وهذا، على الأقل، ما أوحت به، تحذيرات مدير هيئة (وزارة) الأمن الفيدرالي الروسية ألكسندر بورتنيكوف من بروز «بوادر لتقارب بين تنظيمي داعش والقاعدة»، وتأكيده أن «دمج قدرات التنظيمين سيسفر عن مخاطر إضافية على صعيد تصاعد النشاط الإرهابي في العالم».
المسؤول الأمني الروسي تكلم عن «توجّه القوى المتشددة إلى توسيع رقعة وجودها في بلدان جديدة»، إضافة إلى نقل مسلحين إلى بلدان في أوروبا وشمال أفريقيا وجنوب شرقي آسيا، وأفغانستان. وتبدو المخاوف قوية لدى موسكو من مؤشرات إلى «الجمع المحتمل لقدرات تنظيمي القاعدة وداعش». ومع أن الأجهزة الروسية تقرّ بوجود فوارق كبرى في المنطلقات الفكرية والتنظيمية للتنظيمين الإرهابيين المتشددين دفعت إلى وقوع مواجهات بينهما في أماكن عدة، فإن المخاوف الحالية مرتبطة بقناعة وبمعطيات باتت متوافرة لديها عن توجّه المقاتلين لدى التنظيمين إلى التوحّد لمواجهة الواقع الجديد وتعزيز الانتشار.
أيضاً، ثمة خطر داهم تحدث عنه بورتنيكوف يقوم على أن التنظيمين الإرهابيين يجمعهما استخدام أساليب وسبل متشابهة للتأثير الإيديولوجي والإعلامي، ولديهما قاعدة جمهور تكون واحدة؛ ما يعني أنه - وفقاً للمسؤول الأمني - لا يمكن استبعاد إنشاء مجال إعلامي موحّد وظيفته التعامل مع القاعدة المشتركة من مستخدمي الإنترنت. وهذا يعني تعزيز القدرات على تجنيد خلايا إرهابية في مناطق مختلفة أو توسيع ظاهرة «الذئاب المنفردة» التي يتأثر أصحابها كثيراً بالدعاية الإرهابية المنتشرة على شبكات التواصل، وفي الفضاء الإلكتروني عموماً.
على هذه الخلفية، جاءت دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمة وجهها إلى المؤتمر الأمني، إلى «تعزيز الثقة المتبادلة بين الدول بهدف إنشاء آليات لتجفيف موارد تمويل الإرهابيين». وفي هذا الطرح تعديل على الفكرة التي كان بوتين طرحها في 2013 حول تأسيس «جبهة عالمية لمواجهة الإرهاب». يومذاك بدت الفكرة «خيالية»، وفقاً لتعليقات محللين روس؛ لأن الغرب «لا يثق بروسيا، كما أننا لا نثق بالغرب أبداً». ثم إنها هدفت في حينه إلى تعزيز أوراق روسيا كشريك أساسي في تسوية المشاكل الدولية، بمعنى أن أهدافها كانت دعائية أكثر من أن تكون واقعية. أما اليوم، فتُبرز اللهجة الجديدة لبوتين أن روسيا باتت تشعر بخطر داهم، وأنها مستعدة للتعامل بشكل أكثر واقعية مع المشكلة، ومع السبل المقترحة لحلها.
لذا؛ نبّه بوتين إلى أن «المنظمات الإرهابية الدولية تحاول توسيع نشاطها، بما في ذلك على صعيد النظم المعلوماتية؛ ما يفرض مهمات ملحة إضافية أمام أجهزة المخابرات وهيئات الأمن. كما تزداد ضرورة توحيد الجهود لمواجهة التحديات والتهديدات الأمنية الجديدة».

- أفغانستان... المعركة المقبلة
على صعيد متصل، كشف سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، أخيراً، عن توافر معطيات لدى روسيا تفيد بزيادة عدد مسلحي تنظيم داعش في شمال أفغانستان بشكل «يهدد جدياً أمن بلدان منطقة آسيا الوسطى». ورأى باتروشيف أن التنظيم «يسعى إلى تعزيز قاعدة خلفية له بعد هزيمته في سوريا والعراق، مستغلاً الغطاء الذي توفره واشنطن وعواصم غربية أخرى». ووفق معطيات الأجهزة الأمنية الروسية، فإن «داعش» نجح في نشر نحو ألفي مقاتل على الأقل في مناطق أفغانية محاذية للحدود مع جمهوريات آسيا الوسطى (السوفياتية سابقاً). وهذا الرقم يعكس حجم التحرك خلال الشهر الأخير وحده؛ ما يعني أنه يرسل إشارة تحذير قوية من أن النشاط الفعلي للمتشددين، ربما يكون وفقاً للمصادر الروسية أكبر بكثير.
من ناحية أخرى، أفاد جمعة خان غييسوف، نائب مدير اللجنة التنفيذية للهيئة الإقليمية لمحاربة الإرهاب في «منظمة شنغهاي للتعاون»، بأن «داعش» لم يكتف بنقل مقاتلين فقط إلى أفغانستان وجمهوريات آسيا الوسطى، مشيراً إلى تسجيل حالات مماثلة في روسيا ودول أوروبا وجنوب شرقي آسيا.
اللافت أن لافروف كان اتهم واشنطن في وقت سابق بـ«التواطؤ» في عمليات نقل مسلحين من سوريا والعراق إلى أفغانستان، ورأى يومذاك أن هذا التحرك يدخل في إطار «سياسة واشنطن الهادفة إلى استخدام الإرهابيين في تحقيق أغراض سياسية». لكن التطورات الجديدة توحي بأن المخاوف الروسية من احتمالات تطور الوضع في أفغانستان دخلت مرحلة جدية. ولذلك؛ كان هذا الموضوع على جدول أعمال أكثر من لقاء عقد على مستوى المسؤولين الأمنيين في «منظمة شانغهاي للتعاون» خلال الأسابيع الأخيرة، وجرى إقرار «خريطة طريق» خلالها لتعزيز الجهود الأمنية وتبادل المعلومات، والقيام بتحركات مشتركة لحماية الحدود، وقطع الطريق أمام تطورات محتملة.
أضف إلى ما سبق، يبدو أن للمخاوف في الجمهوريات السوفياتية السابقة المنضوية في إطار «منظمة شانغهاي للتعاون» ما يقابلها لدى الصين، الطرف القوي الآخر في هذه المنظمة. إذ نوقشت أيضاً مسألة زيادة المخاطر التي تشكلها نشاطات بالذات جماعات الويغور المسلحة (منها «الجيش الإسلامي التركستاني») في إقليم سنكيانغ (تركستان الشرقية) الذاتي الحكم بغرب الصين. لكن التركيز الأساسي بات ينصب بالنسبة إلى موسكو على أفغانستان، التي يرى كثيرون من المحللين أن المواجهة المقبلة بين موسكو وواشنطن ستكون فيها، وإن بصورة غير مباشرة.

- الإرهاب يضرب روسيا... و«حديقتها الخلفية»
مع تصاعد التوتر والمخاوف من تزايد النشاط الإرهابي حول روسيا وفي مناطق تعد تقليدياً الحديقة الخلفية للروس، بدا أن سبب القلق الأكبر لدى صناع القرار الروس داخلي. إذ لا يكاد يمر يوم أو يومان حتى تعلن الأجهزة الأمنية اعتقال متشددين، أو إحباط نشاط خلايا إرهابية. الجزء الأكبر من هذه البلاغات لا يعرف مصيرها لاحقاً؛ إذ لم تعلن موسكو إطلاق محاكمات أو نتائج التحقيقات في عشرات القضايا المماثلة التي سبق الإعلان عنها منذ مطلع العام. وهذا ما أوحى بأن جزءاً منها يروّج له لأغراض دعائية لسياسات الكرملين، ولمواجهة الضغوط الداخلية المتصاعدة بسبب الأزمات والأوضاع المعيشية. لكن رغم ذلك، تبقى الأرقام التي تعلنها موسكو مفزعة لجهة تزايدها المطّرد، واتساع نطاقها الجغرافي حتى شملت كل الأراضي الروسية من الشرق إلى الغرب.
وبمقارنة سريعة بين حجم البلاغات عن وقوع تهديدات إرهابية خلال السنوات الثلاث الماضية، يلحظ المتابع تصاعدها المتواصل، وزيادة الخطر منها. ومقابل الإعلان عن أرقام العام الماضي وصلت إلى إحباط 25 هجوماً إرهابياً، واعتقال نحو 1300 متشدد، وكشف نشاط عشرات الخلايا في مناطق مختلفة معظمها في منطقة القوقاز وجمهورية تتارستان الذاتية الحكم ذات الغالبية المسلمة ومناطق في شرق البلاد، دلت حصيلة الشهور التسعة الأولى من هذا العام على إحباط 26 هجوماً وتفكيك 38 خلية ذكرت الأجهزة أنها تابعة لـ«داعش»، ناهيك من اعتقال أكثر من 1500 شخص.
واللافت في مجريات مواجهة التهديد الإرهابي في العام الحالي، أن نطاقه امتد إلى سيبيريا ومناطق الشرق الأقصى، كما أنه بات يتخذ شكلاً منظماً في عدد من المناطق، ولم يعد مقتصراً على خلايا صغيرة أو مجموعات منفردة. وهو ما دل عليه الإعلان عن تفكيك خلايا تابعة لـ«حزب التحرير الإسلامي» في تتارستان أخيراً.
هذا، وبرز تطور آخر على صعيد أداء الخلايا المتشددة بصرف النظر عن انتماءاتها أو درجة تنسيقها مع التنظيمات المتشددة في الخارج. وبعدما كان النشاط مقتصراً في الغالب على محاولة تفجير عبوات ناسفة يدوية الصنع أو مهاجمة دورية أمنية في القوقاز، فإنه اتخذ شكلاً أكثر اتساعاً وتنظيماً، وفقاً لبيانات الأجهزة الأمنية، مثل التخطيط لاستهداف منشآت حيوية ومراكز للصناعات العسكرية أو مناطق تجمع المواطنين.
وأشّرت تحركات قامت بها وزارة الدفاع إلى تزايد مخاوفها من تحوّل المنشآت العسكرية أو العسكريين الروس الذين قاتلوا في سوريا، أو في أوكرانيا أو مناطق أخرى. إذ قدمت الوزارة مشروع قانون أخيراً لإقراره في مجلس الدوما (أحد مجلسي البرلمان) يحظر الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بالعسكريين الروس أو نشاطاتهم أو معلومات عن حياتهم الشخصية، وقال نائب الوزير نيكولاي بانكوف: إن القانون الجديد يهدف إلى تعزيز حماية العسكريين الروس، وذكر أنه ينسحب على قطاع الخدمة الإلزامية أو المتعاقدين مع المؤسسة العسكرية.
القانون الجديد، وفقاً لرأي محللين روس، موجه بالدرجة الأولى لحماية العسكريين الروس الذين شاركوا بشكل أو بآخر في الحرب الأوكرانية - وخصوصاً من المتعاقدين - من عمليات انتقامية محتملة. وللعلم، نشرت بعض القوى الأوكرانية «لوائح سوداء» في أوقات مختلفة تضم أسماء أشخاص ادعت أنهم لعبوا أدواراً في تأجيج الوضع في شرق أوكرانيا. لكن الأكيد أن القانون بشكله الراهن يضع أساساً قانونياً كذلك لمنع تعقب أي عسكريين يمكن أن يلاحقوا من جانب تشكيلات متشدّدة في سوريا أو غيرها من المناطق.

- «عنف الشباب»... ظاهرة جديدة تؤرق روسيا
بالتوازي مع تعاظم الخطر الإرهابي داخل روسيا وحولها، حملت سلسلة من الحوادث التي وقعت أخيراً، تنبيهاً جدياً بتحول خطر داخل المجتمع الروسي خلال العامين الأخيرين، نحو العنف على خلفية الوضع المعيشي المتدهور، وتأجيج المواجهة الروسية مع الغرب، فضلا عن تشديد القبضة الأمنية في الداخل.
وشكلت حادثة إقدام فتى عمره 17 سنة قبل أسابيع على تفجير قنبلة يدوية الصنع في مدخل جهاز الأمن الفيدرالي في مدينة ارخانغيلسك، بأقصى شمال غربي روسيا، علامة فارقة في هذا التحوّل. إذ لم يقتصر الأمر على أن الفتى ليس مرتبطاً بتنظيمات متشددة مموّلة أو مدعومة من خارج البلاد، بل تعدى ذلك إلى أن هجومه مرتبط بحال تمرّد على السلطة.
الفتى كتب على شبكات التواصل الاجتماعي قبل 7 دقائق من تفجير نفسه عبارة لافتة هي «بعد قليل سأكون في مبنى الاستخبارات، سأفجره. أنا المسؤول الوحيد عن تصرفي. هؤلاء (أفراد الاستخبارات) يلفقون التهم للناس ويعذبون المواطنين في السجون». وهكذا دلّت العبارات إلى تحول حال التذمر الداخلية في المجتمع الروسي إلى موجة عنف إرهابي، لكن المفارقة أن السلطات الروسية عتّمت على الموضوع، ولم تتناول كبريات الصحف ومؤسسات التلفزيون الرسالة رسالة الفتى بالتحليل، بل اكتفت بإشارة إلى أن «الأجهزة الأمنية تدرس ارتباطاته الخارجية».
قبل هذا الحادث بشهر واحد، أطلق فتى في العمر ذاته تقريباً النار على زملائه في معهد دراسي بمدينة كيرتش، التي تربط القرم بروسيا، وقتل 21 منهم قبل أن ينتحر. وتبين أن الفتى أحرق ممتلكاته قبل تنفيذ العملية وخطط لإيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا.
في العام الماضي، أيضاً، وقع حادث مشابه، في مبنى أمني في مدينة خاباروفسك، بأقصى شرق سيبيريا، حيث أسفر إطلاق نار من جانب شاب عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين.
ودفع تكرار هذه الحوادث إلى التعامل مع الأمر بصفته «ظاهرة آخذة في الاتساع»، كما قال مدير هيئة الأمن الفيدرالي ألكسندر بورتنيكوف. ونبّه إلى أن «ظهور مجموعات أو أفراد من الشبان الذين يستخدمون العنف المفرط ضد هياكل السلطة وضد المجتمع يتخذ منحى خطراً ولا بد من مواجهة هذه الظاهرة».
كذلك قال بورتنيكوف: إن الهدف الذي جمع غالبية الهجمات المماثلة هو «مواجهة السلطة» مع أن المنطلقات الفكرية مختلفة. وأوضح أن بعض منفذي الهجمات من الشبان الذين «يرفعون إعلام وشعارات «داعش»، أو يرفعون شعارات يسارية أو قومية أو فوضويين، في كل الأحوال هم يشكلون ظاهرة خطرة للغاية وعلينا أن نضع آليات لمواجهتها».



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».