القطاع العقاري الأقل تأثرا بالاضطرابات السياسية في مصر

القطاع العقاري الأقل تأثرا بالاضطرابات السياسية في مصر
TT

القطاع العقاري الأقل تأثرا بالاضطرابات السياسية في مصر

القطاع العقاري الأقل تأثرا بالاضطرابات السياسية في مصر

تتطلع شركة «سوديك» العقارية التوسع في السوق العقارية المصرية خلال الفترة المقبلة وضخ سيولة جديدة لشراء أراض وتطوير مشاريعها. فرغم الاضطرابات التي تمر بها البلاد والتي انعكست على النشاط الاقتصادي بشكل عام، فإن هذا القطاع كان الأقل تأثرا، بحسب ما قاله مسؤول بالشركة.
وقال أحمد بدراوي العضو المنتدب بشركة «سوديك» في لقاء مع الصحافيين، إن أداء شركته كان متميزا خلال العامين الماضيين بعد ثورة 25 يناير رغم الاضطرابات التي تمر بها البلاد منذ ذلك الوقت، إلا أن أداء الشركة بدأ يتحسن بشكل كبير خلال العام الجاري، وتابع: «قيمة مبيعات الشركة خلال النصف الأول من العام الجاري بلغت 1.65 مليار جنيه (235 مليون دولار)، وتعادل تلك القيمة مبيعات عام 2012 كله، وهذا مؤشر يجعلنا متفائلين بمستقبل القطاع في مصر».
وتمر مصر منذ عام 2011 وحتى الآن بحالة من التباطؤ الاقتصادي بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية، وهو ما أثر على معدلات النمو التي تساوت تقريبا مع معدل النمو السكاني فأصبح النمو غير ملموسا. وخلال التسعة أشهر الأولى من العام المالي الماضي، بلغ معدل النمو الاقتصادي نحو 2.3%، وبلغ معدل النمو في مجال التشييد والبناء نحو 6.6%، وبلغ معدل نمو الأنشطة العقارية نحو 4.2%.
وتابع بدراوي الذي تعتبر شركته من كبرى الشركات في مصر وتركز أعمالها على الإسكان الفاخر: «تأثرت بعض خططنا بعد ثورة 2011 خاصة أن تطلعاتنا كانت كبيرة جدا قبل هذا العام، وأجلنا بعض أعمالنا، وكنا قلقين من مستقبل السوق، وهو ما جعلنا نبحث فرص الوجود في الأسواق الخارجية، إلا أن الأداء غير المتوقع للسوق في مصر جعلنا نصرف النظر عن أي توجه للخارج».
ويرى بدراوي الذي تركز شركته في الاستثمار العقاري بالقاهرة، إن المحافظات لديها أيضا فرص كبيرة للنمو، فلدى الشركة مشروع لإنشاء مجمع تجاري بمدينة المنصورة (دلتا مصر)، إلا أنها لم تتسلم أرض المشروع حتى الآن.
وتابع: لدينا محفظة أراض حاليا تكفينا لمدة ثلاث سنوات، ولكن إذا ظهرت أي فرص أو قامت الدولة بطرح أراض الآن سنتقدم للحصول عليها، لدينا سيولة كافية لذلك، توسعنا مرهون بقيام الحكومة بطرح أراض جديدة.
وأضاف بدراوي أن شركته تحاول أيضا رفع حجم محفظتها الائتمانية، فـ«إجمالي القروض التي حصلنا عليها من البنوك حاليا يتراوح ما بين 300 إلى 350 مليون جنيه، نتفاوض مع عدة بنوك للوصل بإجمالي القروض إلى 900 مليون جنيه (128.5 مليون دولار)».
وتابع: «متفائلون بالسوق العقارية في مصر جدا، ما حدث خلال العامين الماضيين يؤكد أن الطلب لا يزال موجودا، كما أن هناك شريحة من المشترين تستثمر في العقارات بعد ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض سعر العملة المحلية».
ويقل المعروض السكني في مصر عن الطلب الحقيقي بما يتراوح ما بين 800 ألف إلى مليون وحدة سكنية لتحتل مصر المرتبة الأولى عربيا في ذلك النقص، ويزيد من حدة الأزمة وجود نصف مليون حالة زواج سنويا.
وتابع: «العميل ينظر إلى جدية الشركات في تنفيذ المشاريع، هذا ما يميز كل شركة عن الأخرى، نطرح المشاريع وتباع وحداته على الفور. من المخطط أن نقوم بتسليم نحو 600 وحدة خلال العام الجاري، وسلمنا نصفهم تقريبا خلال النصف الأول من العام الجاري».
وارتفعت تكاليف مواد البناء في مصر خلال الفترة الماضية، وهو ما أثر على القطاع العقاري بشكل عام وعلى أسعار الوحدات، لكن بدراوي يقول: «ركود سوق المقاولات ساعدنا كثيرا على الاتفاق مع مقاولين بسعر مقبول لتنفيذ أعمال البناء، وهو ما عوض كثيرا من الارتفاع في أسعار مواد البناء».
وحصلت الشركة مؤخرا على تراخيص المراحل الأولى من مشروع ايستاون بالقاهرة الجديدة (شرق العاصمة)، وسيتم البدء في الأعمال الإنشائية للمشروع خلال الشهر الحالي. وتخطط الشركة أن يكون هذا المشروع هو وسط مدينة متكامل للقاهرة الجديدة.
وأطلقت الشركة أولى مراحل المشروع في مايو (أيار) الماضي، ويبلغ حجم استثمارات المشروع أكثر من 3 مليارات جنيه (428 مليون دولار) خلال السنوات الثلاث المقبلة، كما يتيح المشروع نحو 4000 فرصة عمل جديدة للمواطنين.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».