سيارة محملة بمتفجرات وراء هجوم المنصورة

عشرات الآلاف من المصريين يشيعون ضحايا التفجير الذي وقع في المنصورة أمس (أ.ب)
عشرات الآلاف من المصريين يشيعون ضحايا التفجير الذي وقع في المنصورة أمس (أ.ب)
TT

سيارة محملة بمتفجرات وراء هجوم المنصورة

عشرات الآلاف من المصريين يشيعون ضحايا التفجير الذي وقع في المنصورة أمس (أ.ب)
عشرات الآلاف من المصريين يشيعون ضحايا التفجير الذي وقع في المنصورة أمس (أ.ب)

خلف انفجار مروع استهدف مديرية أمن الدقهلية بمدينة المنصورة (شمالي القاهرة)، في الساعات الأولى من يوم أمس (الثلاثاء)، 15 قتيلا ونحو 105 مصابا، وحالة من العداء والاستنفار تجاه أنصار جماعة الإخوان المسلمين، التي وجهت لها أصابع الاتهام، في ظل أجواء سياسية مشحونة، وتخبط حكومي بشأن إعلان الإخوان «جماعة إرهابية».
وبينما توالت ردود الفعل الرسمية والدولية المنددة بالحادث، أدانت جماعة الإخوان «العمل الإرهابي»، وحملت السلطات الحالية المسؤولية عنه. ويلقي التفجير المروع بظلال كثيفة على المشهد السياسي في بلد يعاني من عدم استقرار أمني منذ ثلاث سنوات.
وقال اللواء أحمد صالح، سكرتير عام محافظة الدقهلية، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن التقديرات المبدئية ترجح استهداف مبنى مديرية الأمن بسيارة مفخخة، نافيا ما تردد عن وجود عبوة ناسفة أخرى أبطل مفعولها.
وأكد صالح سقوط 15 قتيلا معظمهم من ضباط وأفراد الشرطة في الحادث الذي وصفه بـ«الجبان»، لافتا إلى أن من بين 105 مصابا لا يزال 38 يتلقون العلاج داخل المستشفيات بينهم ستة استدعت حالاتهم نقلهم إلى مستشفى المعادي العسكري في القاهرة، بينهم مدير أمن الدقهلية.
ونعت رئاسة الجمهورية ضحايا حادث التفجير. وقالت في بيان لها أمس إن «مثل تلك العمليات الإرهابية تزيد الدولة تصميما على اجتثاث الإرهاب من كافة ربوع البلاد، وإصرارا على تنفيذ خارطة مستقبل الشعب المصري وإرادته».
وبدا الارتباك الحكومي واضحا بعد أن نقلت وكالة الأنباء الرسمية تصريحات على لسان المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء قال فيها إن رئيس الحكومة الدكتور حازم الببلاوي أعلن جماعة الإخوان «جماعة إرهابية»، وهو التصريح الذي صححه رئيس الوزراء قائلا إنه «أيا كان من يقف خلف الحادث فهو إرهابي سواء كانوا أفرادا أو جماعة».
ولمح رئيس الوزراء إلى إمكانية صدور قرار من مجلس الوزراء المقرر أن ينعقد اليوم (الأربعاء) باعتبار جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، مشيرا إلى أنه صدرت أحكام قضائية بحظر نشاطات الجماعة، مؤكدا أن الدولة تعمل على تنفيذ تلك الأحكام بصرامة.
وتصف جماعة الإخوان عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو (تموز) الماضي، بـ«الانقلاب العسكري»، وتتعهد بمقاومة السلطات القائمة، لكنها تحرص على تأكيد سلمية احتجاجاتها.
وقضت محكمة مصرية في سبتمبر (أيلول) الماضي بحظر أنشطة جمعية الإخوان المسلمين، وجماعة الإخوان المنبثقة عنها وأي مؤسسة متفرعة منها أو تابعة إليها أو منشأة بأموالها أو تتلقى منها أي نوع من أنواع الدعم، والتحفظ على أموالها (العقارية والسائلة والمنقولة) والأموال المملوكة للأشخاص المنتمين إليها.
وانتُقد الببلاوي الشهر الماضي بسبب تصريحات قال فيها إنه لا يوجد في القانون المصري تعريف للإرهاب أو التنظيم الإرهابي، ما أجبر الحكومة على تصحيح تصريحاته قائلة إن رئيس الوزراء قصد أنه لا بد من صدور حكم قضائي.
وشيع عشرات الآلاف جثامين قتلى التفجير الإرهابي أمس، في جنازة مهيبة، وسط حالة من الغضب والاستنفار تجاه أنصار جماعة الإخوان، وهتف المشيعون «الشعب يريد إعدام الإخوان»، فيما تظاهر المئات أمام مبنى مديرية الأمن مرددين هتافات مناوئة للجماعة أيضا.
وبدأت أمس عمليات انتقامية من أهالي محافظة الدقهلية ضد ممتلكات لأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين بالمحافظة.. وسط مخاوف من امتداد موجة العنف تلك إلى مدن أخرى في البلاد.
وعكست آثار الدمار حجم القوة التدميرية المستخدمة في الانفجار، وقال شهود عيان إن دويه سمع في أرجاء مدينة المنصورة. وتحطمت واجهات محال تبعد مئات الأمتار عن موقع الحادث. وتطابقت روايات شهود عيان بشأن مشاهدتهم شابا يقود شاحنة صغيرة، قالوا إنه اقتحم بها المكان المخصص لسيارات الشرطة المكلفة بتأمين مقر مديرية الأمن. واستهدف قسم شرطة خلف مديرية الأمن في شهر يوليو (تموز) الماضي بقنبلة بدائية الصنع قتلت مجندا وأصابت 17 آخرين.
ووقف العميد عصام عبد السميع الضابط في مديرية أمن الدقهلية أمس ينظر إلى غرفته التي تهدمت جدرانها غير مصدق، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لو لم يكن يوم أمس يوم عطلتي لكنت من بين ضحايا الحادث الجبان».
وقالت نهى أبو الحديد وهي من سكان مدينة المنصورة لـ«الشرق الأوسط» «سمعنا دويا قويا جدا رغم أننا نسكن على بعد عدة كيلومترات من موقع الانفجار، نسكن بالقرب من أحد معسكرات الأمن المركزي لذلك تصورنا أن الانفجار قريب، لكن سكان المناطق المجاورة لموقع الحادث شعروا بهزة قوية، تسببت في تحطيم زجاج النوافذ».
وتشهد مدينة المنصورة التي تبعد نحو 120 كيلومترا عن العاصمة القاهرة، اشتباكات مستمرة بين أنصار الإخوان ومعارضيهم. وقتل الأسبوع الماضي سائق مؤيد لثورة 30 يونيو خلال مروره بجوار مسيرة إخوانية، على يد المتظاهرين الذين اتهموه بمحاولة دهس إحدى المتظاهرات.
ونعى الجيش قتلى التفجير الإرهابي، وقال العقيد أحمد محمد علي المتحدث العسكري في بيان له أمس إن «مثل هذه العمليات الجبانة، التي تقوم بها فئة ضالة، خرجت عن الجماعة الوطنية المصرية وانتهجت العنف والغدر واستحلت دماء المصريين، تزيدنا عزما وإصرارا على تطهير أرض الوطن من خفافيش الظلام، وأنصار التنظيمات المتطرفة، التي تحاول بين الحين والآخر العبث بأمن مصر القومي، وإثارة الفزع بين المواطنين، خلال تلك المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد».
من جانبه، قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف «إن الحادث الإرهابي الآثم الذي وقع في مدينة المنصورة أصاب مصر في فلذات أكبادها وأبنائها الأوفياء، وجنودها الأبرار، فأودى بحياة بعضهم وأصاب الكثير من البعض الآخر»، داعيا الشعب المصري بجميع أطيافه إلى أن يتكاتفوا ويتحدوا في دعم مؤسسات الدولة للحفاظ على أمن مصر واستقرارها ضد التصرفات الإرهابية الحمقاء.
وتابع شيخ الأزهر، في بيان له أمس، أن «مثل هذه الأعمال التخريبية التي تتسبب في ترويع الآمنين، وتخل بأمن المجتمع أمر يحرمه الشرع وتنبذه الأعراف والقوانين»، مشددا على أن الدم المصري كله حرام، لافتا إلى ضرورة تعقب المتسببين في الحادث والقصاص منهم عبر محاكمة عاجلة. وأدانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية «الاعتداء الإرهابي الغاشم»، وقالت في بيان للقمص بولس حليم المتحدث باسمها إن الكنيسة المصرية «ترفع صلوات يومية من أجل أن يحفظ الله بلادنا العزيزة مصر بكل أبنائها ومقدراتها ومنشآتها العامة، واثقين أن الله سيحفظ مصر من كل شر ويصونها من كل سوء».
وتوالت ردود الفعل العربية والدولية المنددة بالحادث، وأدانت دولة الإمارات العربية المتحدة بشدة حادث التفجير الإرهابي، وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان لها إن «دولة الإمارات تدين بشدة هذا العمل الإرهابي والإجرامي الجبان الذي يستهدف زعزعة أمن واستقرار مصر الشقيقة ويتنافى مع كل القيم والمبادئ الدينية والإنسانية.. وتجدد تضامنها ووقوفها إلى جانب الأشقاء في مصر قيادة وحكومة وشعبا»، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام).
من جانبه، بعث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمس ببرقية عزاء إلى الرئيس عدلي منصور في ضحايا حادث التفجير الإرهابي الجبان، ووفقا لبيان صادر عن الديوان الملكي الهاشمي، وأعرب العاهل الأردني في برقيته عن إدانته لمثل هذه الأعمال الإجرامية.. مؤكدا تضامن ووقوف الأردن إلى جانب مصر الشقيقة لتجاوز آثار هذا المصاب الأليم والمفجع والتصدي للإرهاب بجميع صوره وأشكاله.
وأدان وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور بشدة الانفجار الإرهابي الذي استهدف مبنى مديرية أمن الدقهلية بمدينة المنصورة الليلة الماضية، معربا عن تضامن لبنان الكامل مع الشعب المصري.
وقال وزير الخارجية اللبناني، في تصريح بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أمس «إننا ندين أي عمل إرهابي يقع في أي مكان العالم، ومشاعرنا مع الإخوة في مصر»، مضيفا أن هذا العمل الإرهابي الآثم يستهدف تقويض الاستقرار في البلاد، مطالبا بضرورة التضامن والتعاون للتصدي لهذه الموجة الإرهابية الخطيرة التي تشكل خطرا على دول المنطقة.
وعلى الصعيد الدولي، أدان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمس الحادث الإرهابي، قائلا في بيان صحافي له أمس «إنني أدين بشدة الحادث الإرهابي»، مضيفا «قلوبنا مع عائلات الذين قتلوا والمصابين والذين تأثروا من هذا الحادث»، مشيرا إلى أن الشعب المصري مصمم على بناء دولة مستقرة ورخاء لأنفسهم ونحن نقف معهم في هذه الأوقات الصعبة.
بدورها، استنكرت فرنسا بالهجوم الإرهابي، وقال فانسان فلورياني المتحدث المساعد باسم وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان صحافي أمس إن باريس تستنكر التفجير الذي استهدف مبنى مديرية الأمن بمدينة المنصورة مخلفا الكثير من القتلى والجرحى، مضيفا أن بلاده تعرب عن تعازيها لأسر الضحايا وتعبر عن تضامنها مع الشعب المصري.
وأصدرت السفارة الأميركية في القاهرة بيانا أمس قالت فيه إن القائم بالأعمال بسفارة الولايات المتحدة يشجب بأشد العبارات الممكنة الهجوم الإرهابي، مضيفا أن بلاده تؤيد جهود الحكومة المصرية لتقديم المسؤولين عن الهجوم إلى العدالة.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».