جيفري يحدد أهداف أميركا في سوريا: هزيمة «داعش» وإخراج الإيرانيين

قال إن على نظام الأسد مطالبة طهران بالخروج

السفير جيمس جيفري على يمين الصورة (رويترز)
السفير جيمس جيفري على يمين الصورة (رويترز)
TT

جيفري يحدد أهداف أميركا في سوريا: هزيمة «داعش» وإخراج الإيرانيين

السفير جيمس جيفري على يمين الصورة (رويترز)
السفير جيمس جيفري على يمين الصورة (رويترز)

كرر المبعوث الأميركي إلى سوريا، جيمس جيفري، أهداف الإدارة الأميركية من وجودها في سوريا، وهي هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، وإخراج القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها من الأراضي السورية، معتبراً أن ذلك الهدف الأول الذي تم التأكيد عليه بصراحة واضحة من قبل الرئيس دونالد ترمب أكثر من مرة، وأخيراً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، سبتمبر (أيلول) الماضي، إضافة إلى الأهداف الأخرى التي تتضمن وقف إطلاق النار، وتكوين لجنة دستورية للمرحلة المقبلة.
وقال جيفري في مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية الأميركية في العاصمة واشنطن، أول من أمس، إن العملية السياسية التي يعمل عليها المبعوث الدولي لإنهاء الصراع في سوريا، ستيفان دي مستورا، عملية متجددة لا رجعة فيها، وتضع قيادة الشعب السوري في تحديد المصير، وتسهيلها من قبل الأمم المتحدة، وذلك لتخفيف حدة الصراع الذي يشمل إخراج جميع القوات التي يقودها الإيرانيون بأكملها من سوريا.
ولم يوضح جيفري ما الطريقة التي سيتم بها إجبار الميليشيات الإيرانية على الخروج من سوريا؛ لكنه قال إن النظام السوري سيضغط على إيران لإخراج قواتها من سوريا، وهو ما تم التفاهم عليه مع روسيا، بزيارة جون بولتون لموسكو الشهر الماضي، واللقاء الذي جمع الرئيسين ترمب وبوتين في هلسنكي الصيف الماضي. ولن تتواجه القوات الأميركية مع القوات الإيرانية بشكل مباشر في الأراضي السورية، متوقعاً أن تساهم العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران في اتخاذ هذا القرار.
وفيما يخص التساهل مع نظام بشار الأسد، أو مشاركته في الحلول المستقبلية لسوريا، قال جيفري، إن واشنطن لا تريد تغيير النظام؛ بل هي تريد تغيير سلوك الحكومة والدولة، مضيفاً: «وهذه ليست مجرد وجهة نظرنا. هذا هو الرأي في سلسلة كاملة من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بسوريا منذ عام 2012، وبلغت ذروتها في القرار 2254، والروس هم من يريدون إعادة دور الأسد لاعباً في البلاد، وإرسال مندوبين للدول المجاورة وحول العالم بقبول النظام، وإعادة اللاجئين، وإعادة الأسد إلى جامعة الدول العربية».
وأضاف: «بخلاف القتال الذي نؤديه مع حلفائنا (قوات سوريا الديمقراطية) على طول نهر الفرات ضد (داعش)، هناك وقف إطلاق نار نسبي في سوريا اليوم؛ لكن الصراع للأسف لم ينته، ولا تزال هناك أخطار. وبالنظر إلى القوات الموجودة في سوريا، هناك خمس قوى خارجية: القوات الأميركية، والإيرانية، والتركية، والروسية، وفي بعض الأحيان وحدات سلاح الجو الإسرائيلي، التي تشارك في سوريا لأهميتها، أو في كثير من الحالات لمصالح وجودية، بيد أن خطر التصعيد يأتي من مختلف الجهات، بما في ذلك مجموعات شديدة الخطورة، مثل (حزب الله)، و(داعش)، وتنظيم القاعدة، و(تحرير الشام) أو (النصرة)».
ويرى جيفري أن الحكومة السورية تدّعي في اتصالاتها الدبلوماسية أنها تربح؛ لكنها لا تسيطر على كامل الأراضي السورية، فقط أكثر من نصف أراضي البلاد، فقد فرّ نصف السكان من حكمها، إما كمشردين داخليين وإما لاجئين عبر الحدود. وعلى الصعيد الدولي، فإن التعامل مع النظام السوري يتم على أنه منبوذ. مؤكداً: «لن تتدفق أموال إعادة الإعمار، سواء منّا أو من معظم بقية المجتمع الدولي الذي يوفر عادة أموال إعادة الإعمار، حتى نرى تقدماً كبيراً في جدول الأعمال لحل الأزمة السورية».
وأشار إلى أن الوجود العسكري الأميركي في سوريا لمهمة واحدة، هي هزيمة «داعش»، ويدعم بشكل غير مباشر مع شركاء أميركا التأثير على الأنشطة الإيرانية التي وصفها بـ«الخبيثة»؛ لإخراجها من سوريا دون اشتباك عسكري مباشر، موضحاً أن واشنطن تعتقد أيضاً أنه لا يمكن تحقيق هزيمة دائمة لـ«داعش» حتى يتم تغيير أساسي في النظام السوري، والتغيير الأساسي في دور إيران في سوريا.
وأضاف: «هدفنا الثاني هو إزالة الصراع، بناء على وقف إطلاق النار في الوقت الحالي. ومن المهم بشكل خاص الاتفاق الذي توصل إليه الأتراك مع الروس خلال فترة إدلب في نهاية سبتمبر الماضي؛ حيث قام الروس مرة أخرى في اجتماع مع قادة فرنسا وتركيا وألمانيا، في 27 أكتوبر (تشرين الأول)، بالاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار، وسنحاول عقد الروس على كلماتهم. وهذا أمر مهم للغاية؛ لأنه من خلال هذه المعاهدات فإن القدرة على وقف إطلاق النار هو هدف قرار الأمم المتحدة رقم 2254، الصادر في ديسمبر (كانون الأول) 2015، والذي يدعو في نهاية المطاف إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، كخطوة مهمة نحو السلام».
وفيما يخص سياسة سوريا حول اللاجئين والمهاجرين السوريين، وانتشارهم حول العالم، قال جيفري إن قرار عودة اللاجئين، هم من يتخذونه بأنفسهم، إذ لم تحث الحكومة الأميركية اللاجئين على عدم العودة، كما أننا لم نحث الحكومات على محاولة منع استقبالهم أو منعهم من العودة، مؤكداً أن الموقف الأميركي هو أن اللاجئين يتخذون هذا القرار بأنفسهم، ويجب أن يكون طوعياً، وأن تكون عودتهم آمنة في ظروف كريمة.
وبيّن أن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين توفر كثيراً من المعلومات المتاحة للاجئين ومنظمات اللاجئين. أما من حيث الادعاءات الروسية، فلا أساس لها من الصحة، إذ إن أميركا لا تحاول منع أي شخص من العودة، متسائلاً: «من الذي يوقف هؤلاء اللاجئين عن العودة، وهم نحو ستة ملايين؟ إنه النظام السوري، إنه السلوك المروع لهذا النظام مع سكانه، ويريد استعادة نفوذه من خلال استعادة اللاجئين، ولن يعيدهم ما لم تقم البلدان فعلياً بإجبارهم على العودة، وهذا ما سنعارضه بشدة».
وأفصح جيمس جيفري، السفير والمبعوث الأميركي إلى سوريا، عن العمل الأميركي في إنجاح مساعي المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا، بعقد لجنة تحت رعاية الأمم المتحدة للشروع في العمل على الدستور السوري، إذ إن هذه خطوة حاسمة نحو إعادة تنشيط العملية السياسية، موضحاً أن هدف واشنطن الذي دعمته روسيا وفرنسا وألمانيا وتركيا مرة أخرى، وتم الاتفاق عليه في بيان إسطنبول في 27 أكتوبر، هو تأسيس هذه اللجنة الدستورية بحلول نهاية العام الجاري، وسوف تحاسب أميركا روسيا على التزامها بعقد اجتماع للجنة الدستورية بحلول ذلك الوقت، متوقعاً أن تستخدم موسكو نفوذها لجعل نظام دمشق على الطاولة.
ويأمل جيفري بناء على العناصر الثلاثة التي ترغب في تطبيقها واشنطن، والتي تتضمن هزيمة «داعش»، وإخراج إيران من سوريا، واستمرار وقف إطلاق النار في كافة البلاد، وتشكيل لجنة دستورية، أن تمضي الجهود الدولية قدماً لتشجيع جميع الجهات الفاعلة في سوريا، من أجل تحقيق نظام أمن أساسي، ينهي القتال بشكل دائم، ويؤَمِّن ضمانات مرضية لجميع اللاعبين في سوريا وحولها، وينتج نظاماً سورياً «غير سام مثل النظام الحالي» على حد قوله.
وقال: «كان لهذا الصراع كما تعلمون جميعاً منذ عام 2011 نتائج مروعة أولاً للشعب السوري، إذ قَدَّر المبعوث الخاص للأمم المتحدة عدد القتلى بما يتجاوز 400 ألف قتيل، ونحو 200 ألف سجين، و100 ألف تقريباً اختفوا بشكل أو بآخر، وعُذّب عشرات الآلاف. كما أدى الصراع إلى ظهور (داعش) وموجة العنف الضخمة على العراق وسوريا، وفي تركيا وأوروبا، كما أدى إلى تدفق اللاجئين بأعداد ضخمة أثرت على ثلاثة بلدان مجاورة بشكل كبير، هي تركيا ولبنان والأردن، وكانت له آثار سياسية سلبية مهمة على أوروبا وكل العالم. هذا هو الصراع الذي يجب علينا بذل كل جهد ممكن لحل كثير من أسبابه، وهذا ما تلتزم به هذه الإدارة».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».