تركيا وأميركا تسيّران ثالث دورية مشتركة في منبج

TT

تركيا وأميركا تسيّران ثالث دورية مشتركة في منبج

سيّرت القوات التركية والأميركية الدورية الثالثة المشتركة في منبج السورية بموجب اتفاق خريطة الطريق الموقّع بين أنقرة وواشنطن في 4 يونيو (حزيران) الماضي.
وقالت مصادر عسكرية تركية، أمس (الأربعاء)، إن القوات التركية والأميركية سيّرت الدورية المشتركة الثالثة قرب نهر الساجور الفاصل بين خط الجبهة بـ«منبج» الخاضعة لوحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من واشنطن ومدينة «جرابلس» الواقعة بمنطقة عملية «درع الفرات»، الواقعة تحت سيطرة الجيش التركي وفصائل موالية له من الجيش السوري الحر.
وأطلقت القوات التركية والأميركية الدوريات المشتركة في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وسيّرت الدورية الثانية في 8 نوفمبر بعد أكثر من 60 دورية منفصلة ومنسّقة بين الجانبين، منذ بدء تطبيق اتفاق خريطة الطريق في منبج منذ 18 يونيو، حيث اتهمت أنقرة الولايات المتحدة بالتباطؤ في تنفيذ الاتفاق الذي كان مقرراً أن ينفّذ في مدى زمني 90 يوماً.
ويقضي الاتفاق بإخراج مسلحي الوحدات الكردية من المدينة، والإشراف التركي الأميركي المشترك على تحقيق الأمن والاستقرار فيها إلى حين تشكيل مجلس لإدارتها من سكانها المحليين.
وفي 2 نوفمبر الجاري، أطلقت القوات الأميركية بالتوازي دوريات مشتركة مع تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الذي تشكِّل الوحدات الكردية عموده الفقري، على طول الحدود الشمالية الشرقية لسوريا.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنه من المستحيل أن تقبل بلاده بالدوريات المشتركة بين الولايات المتحدة و«قسد»، التي جاءت بعد تبادل القصف المدفعي بين الميليشيا الكردية وتركيا، بينما أعلنت واشنطن أن هذه الدوريات أسهمت في خفض التصعيد في المنطقة.
في السياق ذاته، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن تعامل بلاده مع الوحدات الكردية التي تعتبرها تركيا امتداداً لحزب العمال الكردستاني (المحظور) في سوريا، هو تعامل تكتيكي.
وحسب وسائل إعلام تركية، قال المصدر لمجموعة من الصحافيين الأتراك، شريطة عدم ذكر اسمه، إن الولايات المتحدة تتفهم مخاوف تركيا حيال الأوضاع في الشمال السوري، ولن تسمح بإقامة «دولة مصغرة» في تلك المناطق.
ولفت إلى أن رصد الولايات المتحدة مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عن قادة حزب العمال الكردستاني، يشير بشكل واضح إلى دعم واشنطن لكفاح تركيا ضد ما سماه «التنظيمات الإرهابية».
وبالنسبة إلى خريطة الطريق حول مدينة منبج السورية، أشار المسؤول الأميركي إلى أن تسيير الدوريات المشتركة بين الجانبين بدأ، وأن كلا الطرفين يعمل على إنجاز هذه الخطة بنجاح.
وعن قيام الجيش الأميركي بتسيير دوريات مشتركة مع عناصر «قسد» في شرق الفرات، قال المسؤول الأميركي إن «هذه الخطوة لا تستهدف تركيا، بل هي ضرورية من أجل إحلال الاستقرار في الشمال الشرقي من سوريا».
من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمام البرلمان التركي، مساء أول من أمس، إن النظام السوري أرسل «المقاتلين الإرهابيين» إلى إدلب، للتذرع بهم من أجل الهجوم على المنطقة، مؤكداً أن هذه المكيدة تم إحباطها عبر اتفاق سوتشي الخاص بإدلب، الموقّع بين تركيا وروسيا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.