صناعة السعادة... أو كيف بيعت لنا الرفاهية

قد يوحي عنوان الكتاب بأن مؤلفه البريطاني ويليام ديفيز يتنبى موقفا معاديا من السعادة، لكنه في الحقيقة يسعى إلى الكشف عن أسباب عدم الارتياح للطريقة التي تبنّى بها صناع القرار السياسي والاقتصاديون مفهومي السعادة والرفاهية والدعوة إلى تصميم وتنفيذ أشكال بديلة للتنظيم السياسي والاقتصادي تقوم على التشاور والحوار بعيدا عن محاولات السيطرة السيكولوجية.
في الحقيقة يسلط الكتاب الصادر مؤخرا عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، بترجمة مجدي عبد المجيد خاطر، الضوء على مشروع فكري مضلل بدأ منذ مائتي عام تقريبا اقتحمت من خلاله صناعة السعادة قلعة إدارة الاقتصاد العالمي، وغدت جبهة قتاله الجديدة، بحيث بات مستقبل الرأسمالية متوقفاً على قدرتنا على التصدي للضغوط النفسية والبؤس والمرض. ويسعى هذا المشروع الذي تنفق عليه الحكومات والشركات ووكالات الإعلان الآن عشرات المليارات إلى رصد أقل التقلبات التي تطرأ على عقولنا ومشاعرنا وأدمغتنا ومعالجتها والتنبؤ بها، بذريعة مزعومة هي جعل البشر أكثر سعادة وتحسين المجتمعات، وذلك من خلال فهم علمي لكنه يستهدف في حقيقته التلاعب السلوكي بالبشر، وإخضاعهم لمجموعة من التصورات النفعية والبيولوجية والسلوكية التي صارت اليوم هي التصورات الوجيهة الوحيدة تقريبا.
يتحدث الكتاب كيف يُزج بانفعالاتنا ورفاهيتنا إلى قلب حسابات الكفاءة الاقتصادية الأوسع، إذ يشير تقدير لمؤسسة غالوب لعام 2013 إلى أن عدم إحساس الموظفين بالسعادة يكلف اقتصاد الولايات المتحدة نصف تريليون دولار سنويا بسبب تدني الإنتاجية والإيرادات الضريبية وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية.
الكتاب كان قد صدر قبل ثلاث سنوات عن دار فيرسو التي تعد أوسع دور النشر المستقلة باللغة الإنجليزية انتشارا وتتمركز بين الولايات المتحدة وبريطانيا؟