الانتقادات متواصلة ضد «المركزي العراقي»... والصدر يطالب بمحاسبة المقصرين

موجة غضب جديدة تطال رئيس البرلمان لدفاعه عن «امتياز بدل الإيجار» للنواب

رئيس الوزراء العراقي ورئيس البرلمان لدى وصولهما إلى مقر مجلس النواب في بغداد (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي ورئيس البرلمان لدى وصولهما إلى مقر مجلس النواب في بغداد (رويترز)
TT

الانتقادات متواصلة ضد «المركزي العراقي»... والصدر يطالب بمحاسبة المقصرين

رئيس الوزراء العراقي ورئيس البرلمان لدى وصولهما إلى مقر مجلس النواب في بغداد (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي ورئيس البرلمان لدى وصولهما إلى مقر مجلس النواب في بغداد (رويترز)

تتواصل موجة الانتقادات الشعبية ضد محافظ البنك المركزي العراقي، على خلفية إعلانه أمام مجلس النواب، الاثنين الماضي، عن إتلاف 7 مليارات دينار عراقي (6 ملايين دولار) نتيجة غرق مبنى «مصرف الرافدين» في مياه الأمطار، وأطلق ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي وسم «غرّق فلوسك» قاموا خلاله بوضع فئات من العملة العراقية في كأس ممتلئة بالماء للدلالة على أن المياه لا تتلف النقود، كما أظهر فيديو انتشر على نطاق واسع، مواطناً عراقياً، وهو يقوم بغسل وفرك ورقة نقدية (فئة 250 ديناراً) دون أن تتعرَّض للتلف هي الأخرى.
والتحق زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أمس، بموجة الانتقادات الموجَّهة لـ«البنك المركزي» ومحافظه علي العلاق، وطالب القضاء بمحاسبة المقصرين. وقال الصدر في تغريدة على «تويتر»: «ما 7 مليارات إلا نقطة صغيرة في بحر الفساد والمفسدين، وما أعذارهم إلا فند، وما بقاؤهم إلا عدد، إذا ما الشعب فضحهم».
وأضاف «أهيب بالقضاء (النزيه)، (القوسان حول النزيه وضعهما الصدر في تغريدته) محاسبتهم بإصدار أمر باعتقالهم فوراً، والتحقيق معهم ومع أمثالهم من العوائل المشهورة في الفساد، والرذيلة والتعدي على قوت الشعب بغير حق».
وبدا أن حملة الانتقادات الواسعة ضد «المركزي العراقي» حرَّكت بعض الأوساط النيابية ودعتها إلى الإعلان عن عزم البرلمان «تحديد قناعته بأجوبة محافظ البنك المركزي حول تَلَف العملة في الجلسة المقبلة».
وقال عضو اللجنة المالية أحمد حمه رشيد في تصريحات، إن مجلس النواب «طالب محافظ البنك المركزي علي العلاق بجلب جميع البيانات والمستمسَكات التي تؤيد كلامه بتلف الأوراق النقدية»، معبراً عن قناعته بأن «العملات النقدية لا تُتلَف عند وضعها في المياه أو غسلها، وإنما تكون أفضل من السابق».
من جهتها، أصدرت مديرة «مصرف الرافدين» خولة الأسدي توضيحاً قالت فيه إن «ما حصل عام 2013 من تخسُّفات في شارع الرشيد، نتيجة الأمطار الغزيرة أدى إلى تشقق بعض جدران الخزائن، وعجز شبكة تصريف مياه الأمطار أدى إلى دخول المياه من أبواب الخزائن والجدران ومن خلال شبكات تصريف المياه»، مشيرة إلى أن «الأوراق النقدية التي تعرضت للمياه في حينه هي أوراق نقدية تالفة كانت معدَّة للاستبدال لدى (المركزي)».
وفي سياق موازٍ لحملة الانتقادات ضد البنك المركزي ومحافِظِه علي العلاق، بدا أن «شهر العسل» وفترة الهدوء النسبي التي تمتع بها البرلمان العراقي ورئيسه محمد الحلبوسي انتهت بالنسبة للنشطاء والمواطنين العاديين الناقمين والمنتقدين لعمل مجلس النواب منذ سنوات كثيرة. ويظهر أن التصريحات التي أطلقها رئيس البرلمان الحلبوسي، أثناء زيارته إلى محافظة كربلاء، أول من أمس، بشأن امتياز بدل الإيجار الذي يتمتع به أعضاء مجلس النواب، خصوصاً القادمين من محافظات العراق المختلفة، أعاد موضوع عدم الرضا الشعبي بشكل عام على مجلس النواب إلى الواجهة من جديد.
وكان الحلبوسي أجاب عن سؤال حول امتيازات أعضاء البرلمان والمبلغ المخصص لبدل سكن كل نائب بالقول: «أي استهداف للمؤسسة التشريعية أمر مرفوض وينطلق من عدم معرفة واقع الحال».
وأضاف متسائلاً: «إذا جاء نائب من البصرة إلى بغداد لأداء مهامه التشريعية فأين يسكن؟». غير أن إجابة الحلبوسي أثارت موجة انتقادات شديدة، حيث ترى كثير من الفعاليات الاجتماعية العراقية أن الدولة غير ملزَمة بتوفير بدل إيجار للنائب بقيمة 3 ملايين دينار عراقي (الدولار يساوي 1191 ديناراً)، هذا غير الامتيازات الأخرى التي يحصل عليها النواب والمرتبات الضخمة التي تتجاوز الـ10 ملايين دينار عراقي، فيما لا تحصل قطاعات واسعة من العراقيين إلا على الحد الأدنى من مرتب الرعاية الاجتماعية البالغ نحو 300 ألف دينار فقط.
مدرِّس مادة الفلسفة في الجامعة المستنصرية ستار عواد ناشد تحالف «سائرون» الذي يدعمه مقتدى الصدر، والذي رفع شعار الإصلاح في حملته الانتخابية الماضية، إلى الوقوف بقوة ضد امتياز بدل الإيجار وبقية الامتيازات التي يتمتع بها النواب والمسؤولون في الدولة بشكل عام.
ويقول عواد لـ«الشرق الأوسط»: «تحالف (سائرون) اليوم أمام تحدي إثبات شعارات الإصلاح التي رفعها سابقاً، وعليه أن يثبت جدية في التصدي لهذا النوع من التصرفات في البرلمان وغيره».
ويرى عواد أن «اعتياد الجماعة السياسية على الامتيازات غير المحقة، جعلها تفكر وكأن تلك الامتيازات طبيعية وحكر على أصحاب السلطة فقط، فيما آلاف العوائل العراقية لا تجد قوت يومها».
وغالباً ما اتهم البرلمان العراقي في أغلب دوراته السابقة بالسعي الحثيث لتكريس وشرعنة امتياز نوابه، في مقابل عدم حماسه وفتوره حيال إقرار القوانين والتشريعات المرتبطة بحياة المواطنين العاديين. وتسببت علاقة «التوتر» القائمة من سنوات بين ممثلي الشعب والشعب ذاته في أزمات كثيرة بين الطرفين بلغت ذروتها في مايو (أيار) 2016، حين اقتحم المتظاهرون مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء واعتدوا بالضرب على بعض النواب.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.