الحكومة اللبنانية عالقة عند «أبواب الحلّ المفتوحة»

TT

الحكومة اللبنانية عالقة عند «أبواب الحلّ المفتوحة»

ينتظر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ما سيُطرح عليه من حلول أو أفكار بعدما قال موقفه النهائي الرافض قطعياً لتوزير أحد نواب سُنة «8 آذار»، فيما ردّ «حزب الله» بتأكيد أن الرئيس المكلف أعاد الكرة إلى ملعب الحزب «لأنه لا يجيد اللعب بالسياسة»، حسب ما نقلت عن مصادره «وكالة الأنباء المركزية».
في المقابل، اتفق كل من رئيس البرلمان نبيه بري، ووزير الخارجية جبران باسيل، على اعتبار أن الفريقين، أي رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، تركا الباب مفتوحاً أمام إمكانية الحل، وهو ما لفتت إليه كذلك مصادر الحزب، واصفةً مواقف الحريري بـ«غير التصعيدية التي تركت الباب مفتوحاً أمام حل العُقدة السنّية، وهذا أمر إيجابي».
لكن لا يبدو أن هذا الحلّ بات ناضجاً أو سلك طريقاً جدّياً بين الأطراف المعنية، وذلك وفق مصادر قيادية في «تيار المستقبل» وأخرى متابعة لحراك باسيل، مشيرةً إلى أن الجهود تتركّز على تأليف حكومة ذات تركيبة متينة. في المقابل، أعلن بري أنه أبلغ باسيل موقفه تجاه الأفكار التي يمكن أن يُبنى عليها، آملاً في أن تنجح الجهود والمساعي لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، للضرورات الوطنية على المستويات كافة.
ورجّحت المصادر المواكبة أن تظهر مؤشرات جديدة حول نتائج الحراك في بداية الأسبوع المقبل، مع تأكيدها أن الحلّ لن يكون بتوزير الرئيس أحد هؤلاء النواب من حصته، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الرأي الأهم في هذه العُقدة الخاصة بتمثيل (سُنة 8 آذار) يعود للحريري، وبالتالي ما يقوم به باسيل هو العمل على جعل التركيبة الحكومية مفيدة وقادرة على العمل والاستمرار من دون أن يظهر أي طرف بمظهر المنكسر»، وهو ما كان لافتاً في كلام باسيل، أمس، حين قال: «نريد رئيس حكومة قوياً». في المقابل، تبدو مصادر «المستقبل» متأكّدة من أن الحل لم يعد مرتبطاً بعُقدة سنيّة ومطلب من «حزب الله» بقدر ما هو قرار خارجي ينتظر الضوء الأخضر الإيراني، مشيرةً إلى أن «الحريري قال ما عنده وينتظر من الآخرين تقديم ما عندهم». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الحريري قدّم حل توزير شخصية من قبل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، وهو ما كان مقرّراً حتى قبل طرح العُقدة الأخيرة، وبالتالي إذا كانت حجة «حزب الله» عدم حصر التمثيل السني في الحريري فعليهم القبول بهذا الأمر، سائلةً: «كتلة (حزب الله) لم تسمِّ الحريري لرئاسة الحكومة وبالتالي لماذا لا يبقى الحزب خارج الحكومة ويمارس دور المعارضة؟
وسجّلت أمس زيارة قام بها باسيل لمفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، حيث قال من دار الفتوى: «لدينا قواعد للحل، حتى لا يكون عشوائياً. وإذا اقتنع الجميع بهذه المبادئ فإننا ندخل إلى نقاش الأفكار». وقال: «نحن بحاجة إلى توجيهات المفتي للذهاب إلى حل عقلاني لحل المشكلة»، واصفاً الوضع اليوم بأنه «أزمة وطنية».
وشدّد: «نريد حكومة قوية ورئيس حكومة قوياً، وما يمس برئيس الحكومة يمس بالعهد. والموضوع ليس موضوع صلاحيات رئيس حكومة أو طائف، بل هناك مشكلة في التمثيل، والمفتي لديه دوره لأنه إذا كان الرئيس الحريري (أب السنة) السياسي فالمفتي هو (أب السنة) الروحي. ومن واجبنا أن نجمع الكل، وعدم ترك أي ثغرة يدخل منها المتربصون بالبلد».
وقال: «كل فريق قال كلمته ورفع السقف ومع ذلك يرتفع منسوب التفاؤل، وحان الوقت للكلام بين أربعة جدران من أجل إيجاد الحل. أنا متفائل بأننا ذاهبون إلى مرحلة الحل المبني على العدالة وصحة التمثيل والوفاق الوطني لحل العقدة الأخيرة في تأليف الحكومة، مبني على صحة التمثيل لا على الإكراه والفرض».
وفي هذا الإطار، رأى النائب في «التيار الوطني الحر» ماريو عون، أن «العرقلة تأخذ من رصيد (العهد) الذي يجب أن ينجح»، وطالب «بعدم وضع العصيّ في الدواليب، وعلى الجميع التنازل»، وقال: «نحن محكومون بالتفاهم وإلا سنكون أمام انهيار كامل للبلد».
وأضاف: «العقدة السنية واحدة من العقد التي واجهتنا، والمخرج قد يكون بأن يكون الوزير السني مستقلاً من حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون».
وإذ أشار إلى أن «المبادرة أخذها الوزير جبران باسيل على عاتقه لحلحلة هذه العقدة»، رفض مقولة «إن العرقلة من جهة (حزب الله)»، معتبراً أن الحزب «يريد الوقوف إلى جانب حلفائه».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.