بريطانيا تطالب نجوم الكرة بدور مجتمعي للتخلص من أسلحة الشوارع

دعتهم إلى تخصيص بعض الوقت والمجهود لإقناع المراهقين بالتخلي عن العنف

ماركو لاعب ويستهام خلال حملة ضد العنف
ماركو لاعب ويستهام خلال حملة ضد العنف
TT

بريطانيا تطالب نجوم الكرة بدور مجتمعي للتخلص من أسلحة الشوارع

ماركو لاعب ويستهام خلال حملة ضد العنف
ماركو لاعب ويستهام خلال حملة ضد العنف

مثلما الكثير من الصبية الذين لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات بمختلف أرجاء بريطانيا في العام 2000 كان داميلولا تايلور من مشجعي نادي «مانشستر يونايتد»، وكان يشعر بسعادة لمؤازرة الفريق الذي يضم بين صفوفه ريان غيغز وديفيد بيكام وآندي كول. كما كان يعشق لعب الكرة. اليوم، يمر 18 عاماً على اليوم الذي نزف تايلور خلاله حتى الموت على سلالم بمنطقة بيكام السكنية، ولا يزال اسمه موجوداً في مركز الشباب الذي مارس داخل جنباته مهاراته الكروية.
كان تايلور قد غادر لاغوس برفقة والدته وشقيقته المصابة بالصرع والتي كانت بحاجة لعلاج متخصص قبل ذلك بأشهر قليلة وانتقل إلى جنوب لندن. وكان عشقه لكرة القدم واحدا من الأشياء القليلة التي جرى استخدامها لرسم صورة له عندما هيمنت أنباء مقتله على العناوين الرئيسية للأخبار في بريطانيا وشعرت البلاد جميعها بصدمة بالغة إزاء إقدام أطفال على قتل بعضهم البعض.
اليوم، أصبح ذكر كرة القدم من العناصر المتكررة في التقارير التي تشير إلى مقتل صبية بسبب العنف في الشوارع. ورغم أن موسيقى الراب غالباً ما يرد ذكرها هي الأخرى، فإن الاهتمام بكرة القدم وما يعكسه من شعور الضحايا بطموحات وتطلعات نحو المستقبل، كثيراً ما يمنحنا وسيلة للتعرف عليهم عن قرب أكبر. وتكرر الأمر من جديد الأسبوع الماضي عندما تعرض جون أوغونجوبي، 16 عاماً، للطعن حتى الموت في تولس هيل، منطقة أخرى بجنوب لندن. كان جون يلعب في صفوف فريق محلي يدعى نادي «سانت ماثيوز»، الذي بدأ منذ 14 عاماً كمجرد تجمع لأصدقاء للعب الكرة، والآن يعمل مع وكالات محلية لتوفير الدعم والترفيه للصبية في محاولة لإبقائهم بعيدين عن العصابات وعالم الجريمة. وقال أحد أصدقاء جون: «كان لاعب كرة قدم بارعا. كان نجماً حقيقياً».
خلال العام الجاري، لقي ما يزيد على 40 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً مصرعهم بسبب أعمال عنف داخل العاصمة حتى هذه اللحظة، لكن اللافت أن ظاهرة طعن المراهقين تمتد لمختلف أرجاء البلاد. في الواقع، يبدو الأمر أشبه بوباء، وكان من شأن إجراءات تقليص النفقات الحكومية ـ خاصة فيما يتعلق بالشرطة والرعاية الاجتماعية ـ إبرازه على نحو أكبر. وكثيراً ما تجري الإشارة إلى المحاولة الناجحة لتقليص جرائم السكاكين في غلاسغو باعتبارها نموذجاً إيجابياً، لكن لا يخفى على أحد أن الكثير من أعمال القتل التي تقع في لندن ومناطق أخرى في إنجلترا يكون القاتل والمقتول من أبناء البشرة السمراء. وينتمي الضحايا والجناة على حد سواء إلى أحفاد مواطني المستعمرات السابقة الذين جرى توجيه الدعوة لهم للعمل داخل هذه البلاد، وبعد ذلك وجراء انهيار القطاع الصناعي، يبحث أبناؤهم وأحفادهم دونما طائل عن توظيف بالمعنى الحقيقي واسع النطاق أو الشعور بالانتماء إلى هيكل اجتماعي. ولا عجب أن الفتيان يبحثون عن سبل ـ على رأسها موسيقى الراب وكرة القدم ـ للفرار من الفخ الذي نصبته سياسات مارغريت ثاتشر وعززه فرض جورج أوزبورن لإجراءات التقشف الاقتصادي.
إذن، من أين تأتي كرة القدم؟ في الواقع، يوجد أبطال كثيرون من الشباب الذين يحملون السكاكين معهم إلى المدرسة، من أمثال رحيم سترلينغ وماركوس راشفورد ـ أي أنهم أولئك الذين تمكنوا من الفرار من وضع اقتصادي واجتماعي ضيق ويتقاضون اليوم رواتب أسبوعية تبلغ عدة أضعاف المتوسط السنوي للأجر على الصعيد الوطني. وفي يومنا هذا، فإن من نجحوا في الفرار يشعرون بامتنان بالغ عندما ينظرون إلى الوراء ويرون ما حل برفاقهم الذين لم يتمكنوا من الفرار.
من جانبه، لطالما تحدث ريو فرديناند، الذي نشأ في منطقة بيكام، باستفاضة عن هذه القضية. ومن أبناء الجيل الحالي، عقدت صحيفة «ذي صنداي تايمز» مقابلة مع أندري غراي، مهاجم نادي «واتفورد»، في وقت قريب تحدث خلالها عن نشأته الصعبة في وولفرهامبتون.
وأشار غراي إلى ندبة في رقبته تسببت فيها سكينة وجهت إليه في خضم مشاجرة بين أفراد عصابات إجرامية في أحد أعياد الكريسماس، وتحدث عن أصدقاء له انتهى بهم الحال بالتورط مع العصابات ودخول السجن. وقال إن التحذيرات التي كانت توجه لمثل هؤلاء الفتيان عادة ما كانوا يصمون أذانهم عنها. وقال: «الشباب اليوم لم يعودوا يبدون احتراماً تجاه الكثيرين. إنهم عادة ما يقولون لمن ينصحهم: (أنت لا تفهم حقيقة الوضع)».
الملاحظ أن الصبية يشعرون وكأنهم يعرفون سترلينغ وراشفورد بصورة شخصية، ويتطلعون نحوهما كمثل أعلى. ورغم أنه ليس جميع لاعبي الكرة من أبناء البشرة السمراء جاءوا من خلفيات اجتماعية اتسمت بظروف عصيبة، فإنهم جميعاً يعرفون جيداً الظروف التي يعايشها أمثال هؤلاء الصبية. إذن، لماذا لا نحاول استغلال هذا الشعور بالانتماء والقرب لتوصيل رسالة إلى الشباب المراهق من خلال صوت قد ينصتون له؟ ولا ينبغي الاستعانة في هذه المهمة بلاعبين من أبناء البشرة السمراء فحسب، وإنما ينبغي الحرص على الاستعانة بنجوم من مختلف الأعراق ليقفوا معاً صفاً واحداً خلف الرسالة المنشود توصيلها.
هنا، بمقدور مسؤولي الدوري الممتاز واتحاد الكرة الاضطلاع بدور القيادة، خاصة أن المؤسستين تعتمدان على مدارس تعاني نقص التمويل وملاعب لا تحظى بالعناية اللازمة على مستوى إنجلترا لتعزيز الكثير من المواهب التي تجتذب اهتمام عاشقي كرة القدم بمختلف أرجاء العالم، لتجني المؤسستان بذلك أرباحاً ضخمة. وحال تولي مسؤولي الدوري الممتاز واتحاد الكرة مسؤولية قيادة هذه المبادرة وإطلاقهم حملة تقوم على فكرة الصوت الواحد، فإن هذا ربما يخلق أمامها إمكانية للنجاح.
ومن الممكن تخصيص عطلة نهاية أسبوع، أو شهر، أو حتى موسم بأكمله لتوصيل رسالة مفادها: «اترك السكين ـ وأنقذ حياة»، مثلاً. وإن كان باستطاعة أي مسؤول صياغة إعلانات تطوير هذه الرسالة، ربما لتصبح «اترك السكين ـ وأنقذ حياتك». ربما تكون هذه الصيغة الأخيرة أفضل بالنظر إلى المعلومات التي تكشفت الأسبوع الماضي حول أن أكثر عن نصف الضحايا الشباب قتلوا بسكاكين تخصهم كانوا يمسكون بها وأخذت من أيديهم عنوة أثناء مشاجرة. ومن الممكن تنظيم حملة على المستوى الوطني يجري اللاعبون في إطارها زيارات لمدارس وأماكن أخرى تشكل بالفعل جزءًا من البرامج الاجتماعية لبعض الأندية المحترفة.
ومع هذا، يتعين التأكيد هنا أنه ليس بإمكان كرة القدم وحدها حل المشكلات التي تدفع الأطفال ـ سواء بدافع الخوف أو استعراض الشجاعة ـ لمغادرة منازلهم حاملين معهم سكاكين.
وليس بمقدور الكرة توفير فرص عمل مناسبة لأبناء جيل بأكمله. كما ليس بإمكانها القضاء على العصابات التي تقنع أطفالاً يقفون بالكاد على أعتاب المراهقة بنقل مخدرات حول مختلف جنبات البلاد، وتمنحهم مالاً وشعوراً بالانتماء. ومع هذا، تبقى كرة القدم قادرة على ممارسة بعض النفوذ الإيجابي على الفتيان. وفي خضم مأساة الفتيان الذين ينزفون حتى الموت، ربما تلوح في الأفق فرصة أمام كرة القدم لتحقيق بعض الخير الحقيقي للمجتمع.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».