قصة مثيرة مغزولة بأنعم أنواع الصوف في العالم

«لورو بيانا» تلعب على وتر التفرد والندرة في دبي

جانب من المعرض تظهر فيه كرات الصوف مثل السحب
جانب من المعرض تظهر فيه كرات الصوف مثل السحب
TT

قصة مثيرة مغزولة بأنعم أنواع الصوف في العالم

جانب من المعرض تظهر فيه كرات الصوف مثل السحب
جانب من المعرض تظهر فيه كرات الصوف مثل السحب

عندما تقرر دار عالمية مثل «لورو بيانا» أن تفتح محلا رئيسيا في أجواء احتفالية في دبي، لن نفاجأ إن استغرب البعض هذه الخطوة. السبب بسيط وهو أن طقس المنطقة الدافئ، إن لم نقل الحار، لا يشجع على أزياء صوفية سميكة، وهو ما تعرفه كل بيوت الأزياء العالمية. فأرقام المبيعات في المنطقة تؤكد أن خطوط الكروز هي الأكثر انتعاشا مقارنة بخطوط الخريف والشتاء للسبب نفسه.
لكن من يعرف «لورو بيانا» يعرف أن صوفها ليس عاديا. إنه بخفة الريش. ومع ذلك لا بد أن الدار لم تتخذ هذه الخطوة اعتباطا وبأنها فكرت طويلا كيف يمكن أن تُسوقه لمنطقة تعرف جيدا أنها تُقدر الترف بأي ثمن. الجواب الذي توصلت إليه تلخص فيما أسمته «هدية الملوك»: نوع من الصوف النادر الذي تم غزله بطرق غير مسبوقة تجعله خفيفا للغاية. ففي عام 1997 أطلقت الدار الإيطالية جائزة تُحفز مزارعي الغنم في أستراليا ونيوزيلندا، لإنتاج الأكثر جمالا وخفة.
وخلال الـ21 عاما من إطلاق هذه الجائزة، فإن ألياف صوف المورينو شهدت تطورات كثيرة وخضعت لعمليات تنعيم يمكن القول إنها جعلته أنعم من الكثير من أنواع الكشمير. وتفخر «لورو بيانا» أنها ومنذ إطلاقها المسابقة تم تنعيم الصوف بنحو 3 ميكرونات، وهو ما يعتبر إنجازا مهما. وتجدر الإشارة إلى أن الصوف الفائز في المسابقة تُطلق عليه الدار اسم «هدية الملوك»، وتحتفظ به لنفسها. تتباهى به أمام العالم بترحالها به، ولا تستعمله حتى يُحطم فائز آخر الرقم القياسي. في هذه الحالة فقط، تبدأ في إنتاجه لتُقدمه لزبائن يبحثون عن التميز بأي ثمن في انتظار رقم قياسي آخر يحطم الـ10.3ميكرون للقطر، الذي حققه كل من روبرت وباميلا ساندلانت من أستراليا في عام 2014 ولم يستطع أحد أن يطيح بهما لحد الآن. وهذا ما استعرضته «لورو بيانا» في دبي في بداية الشهر الحالي. فقد احتلت الدار جزءا كبيرا من حديقة دار الأوبرا نصبت عليه قاعة زينتها ريشة الفنان التونسي الأصل إل سيد بالخط العربي، فيما تناثرت بداخلها كُبب ونُدف الصوف تدعو الحضور إلى لمس أليافها للتأكد من ملمسها الحريري، الذي تشير اللوحات الإيضاحية إلى أنه كان نتيجة تعاون طويل وخاص جداً مع رعاة الغنم في كل من أستراليا ونيوزيلندا. إنه كما تقول الدار كنز لا يتوفر لدى الكثيرين، لأنه وحتى بقياس 12 ميكروناً فقط في القطر يعتبر نادراً جداً ولا تنتج منه سوى كميات قليلة جداً، تجعله من نصيب النخبة فحسب، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن قياس 19.5 ميكرون يُدخله ضمن الأنواع الفاخرة. من بعيد تبدو ندف الصوف وكأنها سُحب تغطي السقف أو جوانب قاعة تدلف منها إلى قاعات أخرى وكأنك في رحلة تتبع فيها تطور صناعته من بدايته، كخامة إلى نهايته عندما يتحول إلى قماش يحمل توقيع الدار.
حسب فابيو دانجيل أنطونيو، الرئيس التنفيذي فإن «ذي غيفت أوف كينغز» أي هدية الملوك هاته «رحلة تميُز تعبر عن مدى احترامنا لعالم الطبيعة والجمال الذي يولد من رحمها». لم يكن من الممكن أن تتم هذه الفعالية من دون مساهمة الفنان إل سيد الذي رسم جدران القاعة من الخارج بأحرف عربية تضج بالفنية. والأهم من هذا احترام «لورو بيانا» أو بالأحرى فهمها للشرق الأوسط، كمنطقة تريد كل ما هو متميز وفريد.
> صوف المارينو لم يكتسب سمعته أو مكانته حديثا. فحتى 1700 كان تصدير صوف غنم المارينو، أحد سلالات الغنم لإنتاج الصوف، محظوراً، ويعتبر جريمة عقابها الموت لمن تسول له نفسه استعماله من العامة. كان حتى ذلك الوقت حُكرا على الملوك، يلبسونه أو يُهدونه لبعض قبل أن تأتي الثورة الفرنسية على هذا التقليد. لكن لمن يُقدرون الموضة فإن هذا الصوف لا يزال يُدغدغ الخيال كونه من أنبل الخامات، إذ إن من أهم ميزاته أنه يمنح الدفء في الشتاء والانتعاش في الصيف، وهو ما لا يتوفر في كل الخامات.
الآن تعود تسميته بـ«هدية الملوك»، ليس لأنه يقتصر على الملوك بل لنُدرته، إذ لا يتم إنتاج سوى ألفين أو 3 آلاف كيلو منه في السنة، مقارنة بـ500 مليون كيلو من أليافه التي تُطرح للبيع في مزادات الصوف في كل من نيوزيلندا وأستراليا سنويا.
> رغم أن أغنام المارينو نشأت أصلاً في إسبانيا فإنها انتشرت مع الوقت في بلدان أخرى. الآن أصبح نوعها المتواجد في أستراليا ونيوزيلندا الأفضل عالميا، حيت يتميز بلون أبيض ناصع وخصلات الصوف عريضة وقلة الدهون المفرزة على الصوف، مما يجعله نظيفا ومثاليا.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)
ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)
TT

الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)
ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)

اهتمام الملك تشارلز الثالث بالموضة، وبكل ما يتعلق بالبيئة، أمر يعرفه الجميع منذ أن كان ولياً للعهد. لهذا لم يكن غريباً أن يستقبل في قصر سانت جيمس حديثاً مؤتمراً نظّمه «تحالف الاقتصاد الحيوي الدائري (CBA)»، ليؤكد أنه لا يزال متمسكاً بمبادئه. فالمشروع الذي نُظّم المؤتمر من أجله يستهدف تسريع التحوّل نحو اقتصاد مستدام، وتعزيز التقدّم في المشروع الإنساني.

وتُعدّ هذه دورته الثانية، التي جاءت تحت عنوان «مختبر الأزياء المتجددة في جبال الهيمالايا»، علماً بأن من يقف وراءه أسماء مهمة في عالم المال والأعمال ومجال الإبداع على حد سواء، نذكر منها جيورجيو أرماني وبرونيللو كوتشينللي.

ريكاردو ستيفانيللي مع الملك تشارلز الثالث في المؤتمر (برونيللو كوتشينللي)

المشروع ثمرة تعاون بين فرق معنيّة بالموضة، في إطار «مبادرة الأسواق المستدامة»، التي أطلقها الملك تشارلز الثالث -عندما كان ولياً للعهد- وشركة «برونيللو كوتشينللي (S.p.A)» و«تحالف الاقتصاد الحيوي الدائري». وتأسس لدعم القضايا المرتبطة بالمناخ العالمي وغيرها من المسائل الحيوية التي تُؤثّر على البشرية. وهي قضايا يشدد الملك تشارلز الثالث على أنها تحتاج إلى تكاثف كل القوى لإنجاحها.

حضر المؤتمر باحثون وعلماء وروّاد أعمال وقادة مجتمعات محلية (برونيللو كوتشينللي)

حضر المؤتمر، إلى جانب الملك البريطاني، نحو 100 مشارك، من بينهم باحثون وعلماء وروّاد أعمال، ومستثمرون، وقادة مجتمعات محلية.

كان للموضة نصيب الأسد في هذا المؤتمر، إذ شارك فيه فيديريكو ماركيتي، رئيس فرقة العمل المعنيّة بالموضة، وجوزيبي مارسوتشي، ممثل عن دار «جورجيو أرماني»، وبرونيللو كوتشينللي، الرئيس التنفيذي لشركة «برونيللو كوتشينللي». وتحدَّث هذا الأخير عن التقدّم الذي أحرزته الشركة الإيطالية حتى الآن في إطار دعم قيم الاقتصاد الدائري، وحماية البيئة، فضلاً عن تعزيز مفاهيم الأزياء والسياحة المستدامة، مستشهداً بدفعات أولية من «باشمينا»، استخدمت فيها مواد خام من مناطق واقعة في جبال الهيمالايا.

ويُعدّ مشروع الهيمالايا، الذي وُلد من رؤية مشتركة بين «برونيللو كوتشينللي» و«فيديريكو ماركيتي»، من المشروعات التي تحرص على ضمان إنتاج يُعنى برفاهية الإنسان، من دون أي تأثيرات سلبية على الطبيعة والبيئة. وحتى الآن يُحقق المشروع نتائج إيجابية مهمة، لكن دعم الملك تشارلز الثالث له يُضفي عليه زخماً لا يستهان به.