حداد وطني في الجزائر على ضحايا تحطم الطائرة الجزائرية

وزيرة فرنسية قالت إنه لا يوجد أي مشتبه به ضمن الركاب

حداد وطني في الجزائر على ضحايا تحطم الطائرة الجزائرية
TT

حداد وطني في الجزائر على ضحايا تحطم الطائرة الجزائرية

حداد وطني في الجزائر على ضحايا تحطم الطائرة الجزائرية

قرر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام، ابتداء من أمس، إثر حادث سقوط طائرة الخطوط الجوية الجزائرية أول من أمس في مالي ومقتل ركابها البالغ عددهم 118. أثناء قيامها برحلة من واغادوغو إلى الجزائر.
وإثر ذلك أمر رئيس الوزراء عبد المالك سلال بتنكيس الأعلام فوق المؤسسات والهيئات الحكومية.
وقضى ستة جزائريين في حادث الطائرة المستأجرة من شركة «سويفت اير» الإسبانية، من بينهم طيار في الخطوط الجوية الجزائرية، ورئيس مضيفين، كانا في مهمة عمل في واغادوغو.
وجرى العثور على حطام الطائرة على بعد 61 كيلومترا عن قرية غوسي شمال مالي، بحسب ما أعلن عمار غول، وزير النقل الجزائري، رئيس خلية الأزمة.
وكانت قناة «ميدي 1 تي في» المغربية قد أفادت مبكرا، أول من أمس، أن الطائرة تحطمت في منطقة أمغيليس على بعد 110 كيلومتر شمال شرق كيدال في مالي، واستندت القناة التي تبث من طنجة (شمال المغرب) في خبرها الى مصادر موثوقة في الرباط، أكد لها شاهد عيان في عين المكان تحطم الطائرة.
وأكد غول في مؤتمر صحافي أن المكان يقع على بعد 804 كيلومترات من باماكو، و324 كيلومترا من واغادوغو «ما يجعل الوصول إليه والعثور على الجثث عملية صعبة جدا». وتنقل غول مع أعضاء من خلية الأزمة إلى باماكو من أجل المعاينة الميدانية لهذه الكارثة ومتابعة الملف عن قرب.
ورجح غول تسبب سوء الأحوال الجوية في تحطم الطائرة، وقال في مؤتمر صحافي أمس «السبب الرئيسي للحادث لا يمكن معرفته إلا بعد الانتهاء من التحقيق. لا يمكن لأي شخص الحديث عن السبب الرئيسي. وكل المعطيات ستسلم إلى لجنة التحقيق، من بين الأسباب المطروحة هناك مشكلة الطقس، إنها فرضية جدية ومهمة، لكن كل الفرضيات سيجري دراستها. والمعلومات والتحليلات الحالية ترجح هذه الفرضية لكن لا يوجد شيء رسمي حتى الآن». وكشف الوزير الجزائري أن الطائرة كانت على علو 900 متر أثناء اختفائها، وقال: إن الطائرة تملك كل التراخيص، وإنها خضعت للصيانة بمدينة مارسيليا الفرنسية وحصلت على الرخصة المطلوبة.
وعن مسار التحقيق، قال غول إن القانون في مثل هذه الحالات يخول لدولة مالي التي سقطت الطائرة في أجوائها قيادة التحقيقات، موضحا أن الجزائر وبوركينا فاسو وفرنسا وإسبانيا معنية بها.
من جهتها، أعلنت فلور بيلوران، وزيرة الدولة المكلفة شؤون الفرنسيين في الخارج، أمس، في واغادوغو أنه لم يكن هناك «أي شخص مشبوه» على متن الطائرة الجزائرية. وقالت الوزيرة في ختام اجتماع لخلية الأزمة التي أنشئت في بوركينا فاسو «وفقا للتحقيقات التي أجريت مع سلطات بوركينا فاسو ولما نعرفه من الجانب الفرنسي لم يكن هناك أي شخص مشبوه بين المسافرين. لكن للتأكد علينا أن ننتظر بدء التحقيق على الأرض».
وأعلن مسؤولون فرنسيون أنه جرى العثور، أمس، وسط حطام الطائرة، على أحد الصندوقين الأسودين الذي يؤمل أن يساعد في تحديد أسباب سقوطها.
وفي ظل الغموض الذي يلف حادثة تحطم الطائرة الجزائرية أثار وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس موضوع «سوء الأحوال الجوية» وربطه بتحطم الطائرة الجزائرية من دون استثناء الاحتمالات الأخرى؛ وقال فابيوس في حديث مع قناة إخبارية فرنسية أمس إن «الشيء الوحيد الذي نحن متأكدون منه هو التحذير المناخي»؛ وأشار في هذا السياق إلى أن قبطان الطائرة قبل أن ينقطع الاتصال به قال مخاطبا الركاب: «بالنظر إلى الظروف المناخية السيئة، فإننا سنغير الاتجاه»، وأضاف فابيوس: «انطلاقا من كلام الطيار لدينا عدة فرضيات.. إنه فصل مناخي صعب جدا في تلك المنطقة؛ وهذا قد يكون بكل تأكيد سببا في الكارثة، ولكن هنالك أيضا فرضيات أخرى».
وبالحديث عن الظروف المناخية الصعبة في هذه الفترة من العام في منطقة الساحل الأفريقي وخاصة دولة بوركينا فاسو التي أقلعت منها الطائرة ودولة مالي التي تحطمت داخل أراضيها، قال مدير التنبؤات في الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية بنواكشوط، سيدي محمد ولد محمد الأمين، لـ«الشرق الأوسط»: «نعرف جميعا أن المناخ في تلك المنطقة متقلب ما بين المداري الماطر والصحراوي الجاف، حيث يكون في الشتاء جافا، وماطرا في الصيف الذي يمتد من شهر يونيو (حزيران) وحتى سبتمبر (أيلول)».
وأضاف ولد محمد الأمين أن «هذه الفترة من العام تتزامن مع أوج موسم الأمطار في المنطقة التي تحطمت فيها الطائرة، وهو ما يعني تزايد العواصف الرعدية وسوء الأحوال الجوية، بالإضافة إلى عواصف رملية ورعدية قد تكون مزعجة في كثير من الأحيان للطائرات وحاجبة للرؤية»، وفق تعبيره.
من جهة أخرى، أفاد مصدر محلي بمدينة كيدال، أقصى شمال شرقي مالي، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن «الأحوال الجوية ليلة سقوط الطائرة كانت سيئة للغاية، لقد هبت عواصف رملية عنيفة على كيدال وخلفت عشرات المصابين وألحقت أضرارا بالممتلكات».
وبالعودة إلى الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية لمنطقة الساحل الأفريقية، وتحديدا للحدود الفاصلة بين مالي وبوركينا فاسو، ليلة تحطم الطائرة الجزائرية، لوحظ تشكل ما يسميه الخبراء «جبهة مدارية» على مسار الطائرة.
وفي هذا السياق قال جان كلود روميلهاك، وهو طيار سابق في الخطوط الجوية الفرنسية، في حديث مع صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، إن «الطائرة بناء على حديث الطيار قبل انقطاع الاتصال به، كانت عند ارتفاع يجعلها على نفس مستوى الجبهة المدارية، وهي منطقة خلايا رعدية عبارة عن سحب سوداء كبيرة، وهذه السحب قد تعلو في بعض الأحيان لارتفاع 18 ألف متر. وفي هذه الخلايا الرعدية توجد رياح تعلو وأخرى تنزل، بالإضافة إلى كتل من المطر والثلج، وكل هذا يشكل كابوسا للطيارين».
من جهتها أصدرت وكالة سلامة الطيران الأوروبية بيانا أكدت فيه أن «الطائرات تحصل على شهادات بقدرتها على اختراق أي نوع من العواصف؛ وأنها تخضع لاختبارات صارمة تستمر لسنوات قبل تسويقها»، ولكن ذلك لم يمنع الطيار الفرنسي السابق من القول إنه «حتى الطائرات الأكثر حداثة لم تصمم من أجل الخضوع لبعض الوضعيات».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.