في أعقاب التصعيد العسكري الكبير والقصف المتبادل ومئات الإصابات، لوحظ تغيير في لهجة الطرفين، حكومة إسرائيل وحكومة حماس، لمصلحة قبول العودة للتهدئة. وقال جنرال كبير متقاعد في الجيش الإسرائيلي، إن الطرفين ليسا معنيين بالتدهور نحو حرب شاملة. ويوجهان رسائل واضحة بهذا الخصوص الكل للآخر، ولكنهما يفتشان، حاليا، عما يسمى في لغة الحرب «توازن الردع»، وذلك على حساب آلاف الضحايا من المدنيين في قطاع غزة والبلدات الإسرائيلية المحيطة به، ممن يعيشون أجواء رعب بلا سبب مقنع.
وأكد رون بن يشاي، الناطق الرسمي الأسبق بلسان الجيش الإسرائيلي، أن الجيش الإسرائيلي وقوات حماس والجهاد وضعوا سقفا واضحا لعملياتهم، فعندما يرفع أحدهما السقف يقوم الآخر برفعه. لكن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، يتصرفان كمن يوصل الرسائل للآخر: «لن أفعل كذا ولن أفعل كذا». فعلى الرغم من التصعيد الكبير، لم تقصف حماس المدن الإسرائيلية البعيدة ولا مطار بن غوريون، مع أنها تمتلك صواريخ قادرة على ذلك، وإسرائيل لم تنفذ اغتيالات ولم تكسر كل القوالب. وعليه، فإن كلا منهما يقول للآخر: «هذا تصعيد محسوب».
وكانت الجولة الحربية الأخيرة، قد بدأت بعد ساعات قليلة من إعلان المصريين عن وقف إطلاق النار، إذ تسللت قوة كوماندوز إسرائيلية إلى مدينة خان يونس بعمق 3 كيلومترات، أفرادها متخفون بلباس عربي (اثنان منهم تخفيا بلباس نسائي)، ليضعوا أجهزة غامضة في نفق عسكري. فاكتشفتهم قوات حماس وتركتهم يتقدمون ونصبت لهم كمينا، وحاولت أسرهم. فهبت القيادتان السياسية والعسكري الإسرائيلية تعلن حالة الطوارئ، وقطع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو زيارته لباريس وعاد إلى البلاد، وتولى رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، بنفسه، إدارة المعركة، وتقرر عمل أي شيء حتى لا يتم أسر أي جندي أو حتى جثة. واستخدموا في ذلك طائرات مروحية ومقاتلة. وانتهت المعركة بعودة القوة الإسرائيلية، ومعها ضابط قتيل برتبة مقدم، بعد مقتل سبعة مقاتلين من حماس بينهم ضابط ميداني كبير.
وتوقعت إسرائيل أن ينتهي الأمر عند هذا الحد ويعود الطرفان إلى التهدئة، لكن حماس أطلقت صاروخا باتجاه حافلة ركاب للجنود فقتلت جنديا وأصابت ثانيا بجراح. وردت إسرائيل بقصف شديد. وردت حماس بقذف البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود بـ460 قذيفة، سقط معظمها في مناطق مفتوحة ولم تتسبب بالأذى، وسقطت نحو 70 منها، بفضل منظومة القبة الحديدة المضادة للصواريخ، فيما تمكن بعضها من الوصول إلى البلدات الإسرائيلية وأصابت ممتلكات ومواطنين، مسجلة 50 إصابة، بينها قتيل، اتضح أنه فلسطيني من منطقة الخليل. وبالمقابل، أعلنت إسرائيل أنها قصفت 160 هدفا نوعيا في القطاع.
ولكن القصف بدأ بالتراجع صباح أمس، مع تجدد الوساطة المصرية. فعقد نتنياهو اجتماعا للكابنيت (المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في الحكومة)، وسط حملة انتقادات هجومية عليه من اليمين واليسار. ففي اليمين راحوا يطالبون برد حازم أكثر: «يجعل حماس تركع على الركبتين وهي ترجو وقف النار». وطالب المتطرفون باجتياح غزة. وطالب آخرون بتفعيل سلاح الاغتيالات. وفي المعارضة الوسطية واليسارية، راحوا يطالبون نتنياهو بقطع علاقاته مع حماس، وإلغاء اتفاق التهدئة، والعودة إلى مفاوضة السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، على تسليمه قطاع غزة وتوقيع اتفاق سلام.
وانتهت الجلسة بعد مداولات دامت خمس ساعات، بقرار يعطي الجيش حرية مواصلة العمليات في قطاع غزة «ما دام تطلب الأمر ذلك». وأكدت مصادر مقربة من نتنياهو، أن وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، ووزيرة القضاء، أييلت شاكيد، ووزير التعليم، نفتالي بينيت، صوتوا جميعاً مع اقتراح وقف إطلاق النار، مع أنهم في التصريحات العلنية يطالبون باستمرار توجيه الضربات القاسية لتركيع حماس.
وأكدت مصادر مطلعة، أن نتنياهو نقل توجها مصريا بضرورة وقف النار والعودة إلى اتفاق التهدئة، خصوصا بعد أن حقق كل من طرفه ما يعتبره «توازن الرعب»، حيث إن كل طرف يعرف ما يريد وما يغيظ الطرف الآخر. وقالت تقارير إن وفدا أمنيا مصريا سوف يصل إلى إسرائيل، اليوم الأربعاء، لمناقشة جهود وشروط التهدئة، التي جرى التوصل إليها فعليا، بعد ظهر أمس.
إسرائيل و{حماس} تنافسان على «توازن الردع»
50 إصابة فيها والحكومة المصغرة تقرر الغارات «حسب الحاجة»
إسرائيل و{حماس} تنافسان على «توازن الردع»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة